المدرسة المغربية الجديدة

بين الإشكالات المطروحة و الحلول المقترحة

        <!--

                                                          بقلم : الدكتور الوارث الحسن*

 

 

الجزء الأول

 

 

          تجسيدا لتوجه الوزارة الرامي إلى إشراك مختلف الفاعلين التربويين و الشركاء و المتدخلين ، و كل المهتمين بقضايا التعليم ، في النهوض بمنظومة التربية و التكوين و تحسين مردوديتها ،تأتي مشاركتنا في الكتابة عن مشروع المدرسة المغربية الجديدة الذي أنزلته الوزارة في أواخر شهر ماي من السنة الجارية خلال اللقاءات التشاورية و كذا في خضم تعيين الملك محمد السادس لأعضاء المجلس الأعلى للتعليم و عقد اجتماعها التواصلي . و ذلك إيمانا منا بضرورة المساهمة في هذه اللقاءات التشاورية و المنتديات التربوية التي سينفتح عليها  المجلس الأعلى للتعليم باعتبار ذلك محطة أساسية في سيرورة متكاملة لبلورة ، " مشروع تربوي جديد " ، يعكس مشروع المدرسة المغربية الجديدة .

  

      إن الوضع الحالي للمدرسة المغربية يفرض ضرورة القيام بتقييم علمي يسمح بالوقوف على مدى جدوانية و نجاعة كل ما أنجز و استشراف المستقبل ، عبر إجراء مشاورات مع كل الفاعلين التربويين و الشركاء ، و في تكامل تام مع هيئة التدريس خاصة و مكونات المنظومة التربوية بشكل عام ، في استحضار تام للهدف العام لهذه اللقاءات التشاورية ، و المتمثل في خلق فضاءات للتقاسم و التفاعل حول الإشكالات المطروحة أمام التعليم ببلادنا و حول النموذج المنشود ، بإشراك جميع المعنيين من متعلمين و أطر و شركاء اجتماعيين و فاعلين سياسيين و اقتصاديين ، و مجتمع مدني . من هنا ، فإن الهدف الخاص من عقد مشاورات لكفيل بوضع تحليل و اقتراح حلول عملية لتجاوز الإشكالات المطروحة قصد تأسيس مشروع تربوي يجسد طموح المجتمع المغربي .

   و قد شكلت تلك اللقاءات التشاورية ، فرصة للتداول حول القضايا التربوية ، حيث انبرى المشاركون في الخوض غمار قضايا لها ما يبررها ، تهم صورة المدرسة المغربية و أسسها المنشودة من خلال المواضيع الآتية :

   - محدودية المدرسة الحالية و أسس المدرسة المنشودة

   - الحياة المدرسية

   - استقلالية تدبير المؤسسات التعليمية

   - التعبئة

   - المنهاج

   - التكوين الأساس و المستمر للأستاذات و الأساتذة

 

 

-1- الموضوع الأول : محدودية المدرسة الحالية و أسس المدرسة المنشودة .

أ - الإشكالات المطروحة :

  

      لاشك ، أنه بعد أوراش الإصلاح التي نفذتها الوزارة الوصية ، و انفتح عليها البرنامج الاستعجالي بين 2009/2012 ، فإن المدرسة المغربية ظلت رغم ذلك ، تعاني الكثير من الاختلالات ، سواء على مستوى المردودية أو على مستوى تحسين جودة التعلمات . و من تم ،تظل المكتسبات المحرزة ، سلفا هشة تستلزم المزيد من الاهتمام و التتبع ، من قبيل :

-         تعميم التعليم

-         إرساء هندسة بيداغوجية جديدة

-         ضمان استقلالية التسيير الإداري و المالي للمؤسسات التعليمية

-         إصدار القوانين و مرجعيات اللا تمركز

-         الاهتمام أكثر بتحسين جودة البنيات التحتية و التوزيع المتكافئ للموارد البشرية بين المؤسسات.

 

      و في خضم هذه الإشكالات ، يبدو الأمر أكثر تعقيدا عند الافتراض أن ثمة عوامل عديدة تكمن خلف المشكلات التعليمية التي تطل برأسها على المنظومة التعليمية الحديثة ، من حين لآخر ، أو مازالت طافية على سطح الواقع التعليمي ، و لم تختف بعد أو فشلت السياسات التربوية المتعاقبة في احتوائها ، بشكل فعلي . و منها :

- غياب تصور واضح عن مخرجات المدرسة المغربية .

- عدم العمل بتوجيهات الشركاء التي تظل حبرا على ورق

- غياب الجدية في الإصلاح أو عدم إتمام توصياته ( البرنامج الاستعجالي نموذجا)

- عدم إعطاء هامش أكبر في الإصلاح للسادة الأساتذة و الفاعلين التربويين

- الاعتماد على مقاربات إحصائية و مؤشرات مغلوطة

- عدم ربط المدرسة بسوق الشغل و المحيط الخارجي الهش

- الاكتظاظ و النقص المهول في الموارد البشرية الإدارية منها و التربوية

- الهدر المدرسي و الانقطاع المبكر للمتعلمين .

      إلى غير ذلك من النقائص المؤثرة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المستوى التعليمي ببلادنا و معه مستقبل المدرسة المغربية .

ب- الاقتراحات و الحلول :

 

      ما تزال المدرسة المغربية و في ظل هذه الإشكالات ، و غيرها كثير ، في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى ، إلى المزيد من الإقدام و الحسم في فتح بعض الأوراش الصعبة التي قد يحدث إطلاقها تحولا نوعيا في المنظومة التعليمية  إن على سبيل المثال لدى السادة الأساتذة ، و منها :

 

-         توفير ما يلزم من موارد بشرية و وسائل تعليمية و تجهيزات

-         التخلص من الاكتظاظ و الأقسام المتعددة و المستويات في الفصل الواحد

-         إشراك خبراء في علم النفس و علم الاجتماع للتخلص من بعض الظواهر اللامدنية التي تعاني منها المؤسسات خاصة التأهيلية ، والإعمال بالمقاربة الوقائية للتصدي لها .

-         ترسيخ ثقافة التدبير الجماعي لشؤون المؤسسة ، من خلال نهج مقاربة تشاركية ، تجمع بين كـل الفاعلين التربويين ( إعطاء دينامية جديدة للمجلس التربوي و مجلس التدبير مثلا ، تمتيع رئيس المؤسسة من صلاحيات تحكيمية و تحفيزية في الآن نفسه)

-         منح المدرسين فرصة متابعة الدراسة من خلال منظومة الإيداع ،بعيدا عن انتظارية الرخص التي تساهم في هدر المزيد من زمن التعلم

 

-2- الموضوع الثاني: الحياة المدرسية .

أ - الإشكالات المطروحة :

 

       باعتبار الأنشطة الصفية و المندمجة ، مجالا خصبا لتفعيل الحياة المدرسية ، و تنمية القدرات الفنية و الإبداعية للمتعلمين ، و صقل مواهبهم ، فإن الاهتمام بها و تفعيلها يظل مكتسبا يجب المحافظة عليه .  إلى ذلك ، فإنه في المقابل يلاحظ أن هذه الأنشطة أصبحت ثانوية و لا تلقى انخراطا فعليا من لدن الأساتذة ، في غياب أي حافز و اعتراف بالتميز ، كما يتعين أن تكون المؤسسة التعليمية ، باعتبارها فضاء مرشحا لاستقبال أعداد من التلاميذ ، مستعدة لرفع نصيبها من الإبداع و الابتكار ، غير أن تضافر عدة إشكالات ، تحول دون تحقيق هذه الطموحات في التفوق و الامتياز.

 

ب- الاقتراحات و الحلول :

 

-         أولا : إعطاء المؤسسات التعليمية المزيد من التحفيزات المادية و المعنوية

-         ثانيا : تعيين منشطين رسميين يعملون على تفعيل أنشطة الحياة المدرسية من خلال أحواض أو مقاطعات تعليمية

-         ثالثا : تخصيص حصص أسبوعية للأنشطة الموازية

-         رابعا: تعيين مرشدين و أخصائيين نفسانيين ، لضمان تواصل دائم مع التلاميذ للحد من بعض الظواهر اللاتربوية ( العنف/ الهدر المدرسي / المخدرات ...)

 

-3- الموضوع الثالث: المنهاج .

 

أ - الإشكالات المطروحة :

     يعد الكتاب المدرسي صورة مصغرة لحالة البرامج الدراسية عامة ، باعتبار أهميته في المنظومة التعليمية ، و انطلاقا من كونه يعكس المستوى العلمي و المعرفي للحالة العامة للمدرسة العمومية ، فإن إصلاحه و مراجعة محتوياته ، تعد من العوامل الحاسمة في إعادة تأهيل المنظومة التربوية . و من شأن الإفصاح عن مكامن الخلل الذي يعاني منه تجاوز نقائصه و تعثراته من قبيل :

 

-         طول المقررات الدراسية

-         تعدد المناهج التي لا تولي العناية لوضعيات التعلم بقدر ما تقترب من هاجس الربح المادي

-         محدودية المسؤولين عن إنجاز المقررات الدراسية و قلة الأطر المختصة في المناهج

-         ضعف محتوى المصوغات التعليمية و اقتباسها من تجارب سابقة أو من بلدان أجنبية و اقتصار التجديد و التغيير فيها أحيانا على الغلاف الخارجي .

-         عدم تأهيل طرق التدريس و تحديث البرامج البيداغوجية

-         ضعف الأدوات الديداكتيكية الملائمة لمستوى المتعلم و خصوصياته المحلية

-         ضعف الوسائل التعليمية إن وجدت و عدم صيانة الفاسد منها و قدم بعضها و تجاهل استعمال المتوفر منها . 

-         النقص الحاصل في التجهيزات و الوسائط المعلوماتية

-         الاشتغال في الأقسام المكتظة و المتعددة المستويات تفتقر إلى أبسط شروط ممارسة المهنة

-         اختلالات في التقويم و الامتحانات الإشهادية

-         ضعف التحكم في الكفايات اللغوية لدى المتعلمين .

 

ب- الاقتراحات و الحلول :

-         اعتماد هيكلة جديدة لمسالك التعليم الثانوي التأهيلي تعتمد النظام الثلاثي ( السنة الأولى و السنة الثانية و السنة الثالثة )

-         تكييف المناهج و البرامج مع الحاجيات الجهوية و المحلية و ملاءمة العرض التربوي مع المحيط

-         تقسيم المقررات الدراسية إلى شق نظري و آخر تطبيقي في جميع المواد

-         تقليص عدد المصوغات في المقرر الدراسي

-         إشراك أطر التدريس في إنجاز المقرر الدراسي

-         الاعتماد على مقرر موحد جهويا يراعي خصوصيات محلية

-         تغيير فلسفة المواطنة في الكتاب المدرسي

-         مراجعة منظومة التقويم و الامتحانات من خلال الحذف النهائي للامتحان الجهوي الموحد في سلك الباكلوريا و الاقتصار على نقط المراقبة المستمرة للنجاح في الجذع المشترك ( السنة الاولى تأهيلي ) و الاولى باك ( السنة الثانية تأهيلي )

-         الاقتصار على 25% من نقطة المراقبة المستمرة و 75 % من نقطة الامتحان الوطني الموحد للنجاح في الباكلوريا

-         إجراء الامتحان  لنيل شهادة الباكلوريا في جميع المواد

-         إعادة مادة الفرنسية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة الباكلوريا

<!--بالمكافآت و الترقيات السريعة وفق الاستحقاق و العمل المتميز

<!--تقديم خدمات اجتماعية إضافية لنساء و رجال التعليم .

 

<!--                                                            + أستاذ باحث و عضو اتحاد العربي للصحافة الإلكتروينة

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 214 مشاهدة
نشرت فى 17 نوفمبر 2014 بواسطة yasloti

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

19,143