بقلم : الدكتور الوارث الحسن*
1- كتاب اللغة العربية من المقرر الوحيد إلى المتعدد:
من البديهي ، أن نجاح أي مشروع إصلاحي، رهين بمدى تعبئة و تجنيد الشروط المادية و المالية و الإمكانات المعرفية للانخراط الفعال في الإصلاح ، من خلال إعداد أطر تدبيرية و تدريسية كفأة و كافية تستجيب للمرحلة الراهنة و تفي بالغرض ، للتخلص النهائي من بعض العراقيل التي قد تعطل إنجاز المطلوب ، فضلا عن توفير الشروط البيداغوجية الملائمة و المساعدة على تحقيق جودة التعلمات لدى المتعلمين و تلبية حاجيات المدرسة من حيث الخدمات و البنيات و التجهيزات الحديثة و الجيدة التي يمكن لها أن تقدم مختلف الخدمات المدرسية ( التفتحية ، التثقيفية ، الترفيهية، الرياضية ، الصحية ) الداعمة للمتعلمين .
و إذا كان من الممكن إدخال تعبئة الكلفة المالية و التجهيزات و البنايات التحتية ، فيما هو لوجستيكي الذي يوفر الوسائل الضرورية لتحقيق أهداف الإصلاح التعليمي ، فإن التخطيط الجيد و المعقلن و التتبع و التقييم العلمي ، و الحكامة الجيدة ، هي كذلك وسائل و عمليات لوجستيكية ضرورية، و لها فعاليتها في تنفيذ و هندسة المشروع الإصلاحي و تجويد منظومة التربية و التكوين .
و بعد التعبئة البيداغوجية و البشرية و المعرفية ، تأتي الأهمية الحاسمة في تنفيذ و إنجاح الإصلاح ، و نخص هنا بالذكر ، الكتاب المدرسي باعتباره وسيلة تربوية أساسية لتحسين جودة التعليم ، إذ أنه أصبح اليوم ضمن الدعائم التي تستوجب التغيير و التجديد سواء من حيث نوعيته أو مضمونه، إذ لم ينظر إليه منذ مدة خلت ، و تجازه الزمن و معه المتعلم الحديث ... " نعم لدينا كتب مدرسية متنوعة –مع الاعتراف بحدوث تطور ملموس في التأليف و صناعة الكتب و تنويع بنائه الوثائقي – لكنها وضعت لبناء دروس لا للإستخدام داخل وضعيات تعليمية " (1) .
لقد تزامن تطبيق بيداغوجيا الكفايات و تنزيل مقتضيات الإصلاح وفق دعائم الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، مع تأليف و إنتاج كتب مدرسية جديدة تتميز بالتعددية في مختلف الأسلاك و المواد، و ضمنها مقرر اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي مسلك الآداب و العلوم الإنسانية . لكن اليوم و نحن على أعتاب نهاية أجرأة بنود الميثاق و مع صدور التقرير الوطني الأول حول حالة منظومة التربية و التكوين و آفاقها الذي صدر سنة 2008م ، من طرف المجلس الأعلى للتعليم ، الذي شدد على كون المضامين التعليمية الخاصة بالمقررات الدراسية ، تتميز بالتضخم ، مؤكدة في الوقت نفسه ، أنه كلما كانت التعلمات ذات دلالة ومعنى بالنسبة للمتعلم ، كانت مستويات التحصيل لديه مرتفعة . و من تم،فإن"تخفيف المضامين التعليمية أصبح ضرورة ملحة من لدن الفاعلين التربويين ، بينما تزداد الحاجة إلى التخفيف و التوحيد المعرفي في التعليم الثانوي الثانوي مطلبا آنيا ، بالنظر إلى أهميته في هذا الطور، ضمانا لتكافؤ الفرص و عدم الانسياق وراء التشتت البيداغوجي للمتعلمين في ظل الاختلاف و التباين الذي يطبع وضعياتهم الاجتماعية و الثقافية و محيطهم التربوي المعيش.
لهذه الأسباب و غيرها وجب التفكير من جديد ، في بلورة رؤية جديدة لمسألة تعدد المقررات الدراسية في هذه المادة و غيرها ، طلبا في التخفيف أولا و التوحيد ثانيا عوض الحشو العددي و الكمي للمضامين و المواد ، في أفق تحسين جودة التعليم من حيث المحتوى و المنهج ، و لأجل التبسيط و التكيف مع متطلبات المرحلة .
2- النموذج المأمول في الكتاب المدرسي لتدريس اللغة العربية في الطور الثانوي التأهيلي:
لهذه الأسباب و غيرها وجب التفكير من جديد ، في بلورة رؤية جديدة لمسألة تعدد المقررات الدراسية في هذه المادة و غيرها ، طلبا في التخفيف أولا و التوحيد ثانيا عوض الحشو العددي و الكمي للمضامين و المواد ، في أفق تحسين جودة التعليم من حيث المحتوى و المنهج ، و لأجل التبسيط و التكيف مع متطلبات المرحلة .
*- أستاذ باحث في الدراسات الأدبية و التربوية
-مراجع للاستئناس :
<!--مشكلات العلاقة البيداغوجية داخل المدرسة المغربية ، عبد الحق منصف ، ص : 36
ساحة النقاش