مركز ابن عبد الله للدراسات والبحوث والمعلومات والاستشارات والتقنية:موقع المهندس النووي يوسف عبد الله محمد حمد النيل Yusuf Abdullah Muhammad Hamadunniel

هذا الموقع يراد له أن يكون غنيّاً مغنيّاً.

 

  جميع الاصدارات  الأهرام اليومى  الأهرام المسائى  الأهرام -الطبعة العربية  الأهرام -الطبعة الدولية  الأهرام  الإقتصادى  الأهرام  العربى  المجلة الزراعية   مجلة نصف الدنيا  الأهرام الرياضى  جريدة التعاون  الديمقراطية  مجلة الشباب  ديوان الأهرام  الاهرام بنكرز  معهد الاهرام الاقليمي للصحافة  بحث متقدمMore Sharing ServicesShare|Share on emailShare on printShare on facebookShare on twitterمارس 201416مياه البحر وعلوم الجينات. ثورة فى الزراعـة المصـريةالمصدر: الأهرام الإقتصادىبقلم:   نعمان الزياتى كان للارتفاعات الهائلة فى أسعار الغذاء بفعل تغير خريطة الغذاء العالمية، ودخول المستثمرين الجدد، وانعكاسات تغير المناخ على مناطق إنتاج الغذاء، والزيادة السريعة فى الطلب على اللحوم والألبان وارتفاع أسعار النفط، واستنفاد المخزون من الغذاء، واستخدام المزيد من المحاصيل الغذائية فى تصنيع الوقود الحيوى، والاستثمار غير الكافى فى العلوم والسياسات الحكومية غير الملائمة ثم أخيرا التهديدات الإثيوبية بشأن إقامة عدد من السدود التى سوف تؤثر على حصة مصر من مياه النيل، والتزايد السكانى. كل هذه العوامل لها أثر كبير فى تغيير خريطة الزراعة المصرية.أصبح من اليقين أن مصر ستقود ثورة زراعية قادمة مختلفة تماما عن النهج الذى سارت عليه الزراعة فى السابق، وستكون نقطة الانطلاق باستخدام كل التكنولوجيات والأبحاث الحديثة لتحويل الصحراء إلى جنة خضراء. ولقد طالبنا بضرورة التوسع فى إنشاء محطات تحلية المياه بالمحافظات الساحلية والنائية حتى لا تذهب مياه النيل إلى مناطق بعيدة تؤدى إلى إهدارها للحفاظ على مياه النيل، خاصة إذا ما علمنا أن الصحراء الغربية هى المرشحة للتوسع الزراعى مستقبلا خلال العقد القادم نتيجة لأربعة تطورات هامة، يتعلق التطور الأول بإمكانية زراعة بعض المحاصيل الهامة على مياه البحر مباشرة. وهناك تجارب بدأت تظهر نتائجها فى مراكز البحوث الغربية على هذه النوعية من المحاصيل، والأمر الثانى هو نجاح الهندسة الوراثية فى إنتاج محاصيل تتحمل الملوحة ويجرى تحسين الجيل الثالث منها، والأمر الثالث هو إعادة النظر فى استغلال المياه الجوفية بطريقة أكفأ من الماضى وسرعة اتخاذ بعض التدابير لحماية هذا الاستنزاف من قبل دول مجاورة. والأمر الأخير هو نجاح التكنولوجيات الغربية والروسية وخاصة الأخيرة فى إنتاج محطات لتحلية مياه البحر بتكلفة أقل من النصف مقارنة بتكاليف توصيل المياه العذبة إلى تلك المناطق. فلقد حققت روسيا تقدما كبيرا فى تحلية مياه البحر، حيث قطعت شوطا كبيرا تجاه التوسع فى هذا المجال من ناحية تخفيض التكلفة والتقنيات المستخدمة مع بساطة المعدات وتركيبها وصيانتها ونقلها من مكان لآخر. وقد تراكمت الخبرات الطويلة لدى مصممى محطات التحلية الضخمة مما يسمح لهم بحل أكثر المسائل تعقيدا مثل الحصول على المياه بدون أملاح من أجل المولدات البخارية، وتحلية المياه المتضمنة للأملاح فى المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء. كما تسمح هذه الخبرات بتصميم أنظمة مغلقة لاستخدام المياه مع التقليل الكبير لاستهلاك الطاقة والمواد الكيميائية وبالتالى التأثير الإيجابى فى مجال حماية البيئة. واحتلت بعض الدول العربية مكانة عالمية فى تحلية ماء البحر، وقد مثلت القدرة الإجمالية لمحطات التحلية الخليجية فـى الوقـت الراهن فى منطقتنا العربية 60 من القدرة العالمية. وينتج عدد كبير من هذه المحطات المـاء بمعـدل يزيـد عـلى 100ألف م3 يوميا للمحطة الواحدة. وتقع المحطات الأوسع قدرة فى الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. أما بقية الدول فتنتج كميات محدودة من المياه المحلاة وذلك بشكل رئيسى من خـلال انخـراط القطاع الخاص فى قطاعى السياحة والصناعة للمناطق البعيدة. لقد مكنت الموارد المالية وإمدادات الطاقة المواتية معظم بلدان مجلس التعاون الخليجى من إنشاء مرافق تحلية كبيـرة لتلبية غالبية الطلبات الحضرية. ولا يزال عنصر التكلفة الرئيسى يتمثل باستثمار رأس المال الأولى لإنشاء المحطة (30 إلى 60 من إجمالى التكلفة). وتعتمد تكلفة الإنتاج الذى يستخدم عمليات تحلية مختلفة على العوامل التاليـة: التكنولوجيـا، حجم المحطة وعمرها الافتراضى وما إذا كانت المحطة مزدوجة الغرض (توليد الماء والطاقة الكهربائية) ونوعية ماء المصدر وموقع المحطة وسعر الفائدة وقطع الغيار والتكاليف الأخـرى المتعلقـة بالصيانة وتكلفة الطاقة وتكاليف اليد العاملة ومعامل تحميل المحطة. وتبـين تقـارير قريبة العهد للتكلفة تتعلق ب - 20محطة تحلية كبيرة فى المملكة العربية السعودية أن متوسط التكلفة يتراوح بـين 0، 50 و0، 75 دولار للمتر المكعب الواحد. وفى البحرين تبلغ نحو 0، 52 دولار. وسوف تقل التكلفة كثيرا بعد الانتهاء من إنشاء المحطة النووية بالضبعة التى ستغير وجه المنطقة بالكامل. وتعَد الزراعة بمياه البحر فكرة قديمة، وقد حظيت بالاهتمام الجدى لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية. واختبر عدد من الباحثين فى مراكز البحوث المتخصصة فى الخارج خاصة فى إسرائيل جدوى الزراعة باستعمال مياه البحر، فوجدوا أنها تصلح جدا فى التربة الرملية من البيئات الصحراوية. وتُعرَّف الزراعة بمياه البحر بأنها تنمية المحاصيل المتحملة للملوحة فى أراض تُستعمل فيها المياه المأخوذة من المحيطات بالضخ. ولكى تكون الزراعة بمياه البحر مجدية من حيث الكلفة، يتعين أن تحقق شرطين: أولهما، أن تنتج محاصيل مفيدة بمردود عال بما يكفى لتبرير تكاليف ضخ مياه الرى من البحر. وثانيهما، ضرورة تطوير تقانات زراعية لتنمية محاصيل مرويَّة بمياه البحر بطريقة مستدامة، ومن دون الإضرار بالبيئة. ولقد حاول بعض الباحثين إدخال صفة تحمُّل الملوحة إلى بعض المحاصيل التقليدية كالقمح والشعير. وفى تدجين نباتات برية متحملة للملوحة، تدعى النباتات الملحية، بقصد استعمالها محاصيل غذائية أو علفية أو زيتية. ومن ثم تم جمع بضع مئات من النباتات الملحية عبر العالم ثم تصنيفها حسب درجة تحملها للملوحة وكذلك محتواها الغذائي. فهناك ما بين 2000 و3000 نوع من النباتات الملحية على شكل أعشاب أو شجيرات أو أشجار. لكن الزراعة بمياه البحر تتطلب تقانات زراعية تختلف عن الزراعة بالمياه العذبة. ولتحقيق المتطلب الأول لجدوى كلفة الزراعة بمياه البحر، كان يجب بحث إمكانية إحلال النباتات الملحية محل المحاصيل التقليدية من أجل استعمال معين، وعليه تم اختبار مدى صلاحية النباتات الملحية لتغذية الماشية، انطلاقا من أن توفير الكفاية من العلف لقطعان الماشية والأغنام والماعز يُعَدّ واحدا من أكثر المشكلات الزراعية تحديا فى الأراضى الجافة من العالم، ويتصف العديد من النباتات الملحية باحتوائها على مستويات عالية من البروتين والكربوهيدرات القابلة للهضم. وهناك تجربة تمت بإدخال النباتات الملحية جزءا من عليقة (خلطة غذائية) للماشية، بحيث تحل محل دريس العلف مكونة بذلك نسبة تتراوح بين 30 إلى 50 من الاستهلاك الغذائى الكلى للأغنام والماعز (وهذه النسب هى المستويات النموذجية للعلف المستعمل فى تسمين حيوانات الذبح) وجد أن الحيوانات التى أكلت النباتات الملحية قد حققت زيادة فى الوزن تماثل تلك التى حققتها الحيوانات التى اقتاتت علائق تحتوى على الدريس. وعلاوة على ذلك، فإن نوعية لحم حيوانات الاختبار لم تتأثر بتناولها عليقة غنية بالنباتات الملحية. وعلى النقيض من المخاوف الأولية، فإن الحيوانات لم تُبْدِ صدودا لتناول العلائق المخلوطة بالنباتات الملحية، بل إنها فى الواقع بدت منجذبة للمذاق الملحي. إن أكبر تكاليف الزراعة بمياه البحر تكمن فى ضخ المياه نفسها. وتتناسب نفقات الضخ هذه مع كميات المياه التى يتم ضخها والارتفاع اللازم صعودها إليه. ومع أن النباتات الملحية تحتاج إلى كميات من المياه تفوق حاجة المحاصيل التقليدية، فإن المزارع القريبة من مستوى البحر تتطلب رفعا للمياه يقل عما تحتاج إليه مزارع المحاصيل التقليدية، التى غالبا ما ترفع الماء من آبار يزيد عمقها على 100متر. ونظرا لأن ضخ مياه البحر عند مستوى البحر أرخص كلفة من ضخ المياه العذبة من الآبار، فلا بد أن تكون الزراعة بمياه البحر مجدية التكاليف فى المناطق الصحراوية. ويمكن التوسع فى زراعة القمح ومحاصيل الأعلاف فى الساحل الشمالى والصحراء الغربية باستخدام محطات تحلية المياه وباستخدام الرى بالتنقيط وبالضخ المباشر للمحاصيل الرعوية الملحية، وبالتالى يمكن أن نشهد تطبيقا تجاريا للزراعة بمياه البحر قريبا. وقد أنشأت عدة شركات مزارع اختبارية للنباتات الملحية فى كاليفورنيا والمكسيك والمملكة العربية السعودية ومصر وباكستان والهند، ولكن - على حد علمنا - لم يدخل أى منها حيِّز الإنتاج على نطاق واسع، لكن مع ارتفاع الأسعار وتغير الخريطة الغذائية واندماج تقنية الحاسب بعلوم الحياة (الأجنة)، وهذا الأمر عبارة عن تحول سريع غير عادى من الوقود الأحفورى إلى الجينات ومن خلال هذا التحكم الجينى سنشهد محاصيل تزرع بماء البحر مباشرة. فمنذ أن ابتدع البشر الزراعة، منذ أكثر من عشرة آلاف سنة مضت والمزارعون يحمون، ويدافعون عن التنوع البيولوجى. ولقد أنتجت أجيال كثيرة من المزارعين نباتات المحاصيل الرئيسية من خلال عملية تطبيع مطولة تركت نباتات محاصيل كثيرة اليوم غير قادرة على البقاء فى الطبيعة، وأبقوا على نباتات لها قيمة. وأدت الجينات التى تم نسخها بعناية من جيل إلى آخر إلى استقرار فى استنساخ السمات المطلوبة، مما أدى إلى تحقيق الأمن للمزارعين الذين يمكنهم الاعتماد على تحقيق محاصيل ناجحة باستخدام بذور مختارة مزروعة من محاصيل سابقة. واعتبر المزارعون بذورهم أنها ذات قيمة وضمنوا مواصلة الابتكار فيها من خلال نقل البذور معهم خلال فترات قصيرة من الزراعة المتنقلة والهجرة الطويلة أو الدائمة. وبما أن البذور نقلت إلى مناطق جديدة، واجهت النباتات تحديات بيئية جديدة وقام المزارعون بادخار أو اختيار بذور من نباتات أو مجتمعات نباتية قد أدت أداء جيداً، وأنتجت المنتجات المحصولية المطلوبة. ومن ثم، تم ثبيت، بعض التغييرات الجينية، بينما تم اهمال المجموعات الجينية الأخرى التى لم تؤد أداء جيدا ولم تتكاثر، وهذه الظاهرة، المعروفة بالتكيف الجيني، هى أساس التنوع الواسع الذى نراه الآن وارتبطت تربية النبات أيضاً بتطور تكنولوجيات ونهوج تشكيل محاصيل لنظم زراعية مرتبطة برأس المال المكثف والمدخلات المشتراة مثل المغذيات ومبيدات الآفات. وأدت هذه التطورات فى النهاية إلى تغيرات جينية وإدارية وبيئية نتج عنها جميعاً نظم زراعية حديثة مثل الموجودة فى العالم الصناعي. وتم نقل النظم الزراعية هذه، وخاصة المرتبطة بالقمح والأرز، فيما بعد إلى بعض النظم الزراعية فى البلدان الأقل نمواً على هيئة ثورة خضراء. وطيلة السنوات الأربعين الأخيرة كنا جميعا نتابع تقنيتين كانتا تنتشران حول العالم، هما تقنيتا الحاسب والجينات أو علوم المعلومات وعلوم الحياة. وفى الأعوام الأخيرة باتت تقنيتا القرن الحادى والعشرين الناشئتان بالاندماج معا لخلق نموذج اقتصادى قوى لفترة جديدة من التاريخ الاقتصادى. وفى الآونة الأخيرة أخذنا نستخدم الحاسب بصورة متزايدة فى تحميله بالمعلومات المتعلقة بالجينات وفك رموزها والتحكم بها واستغلالها وتجميعها. وتعتبر الجينات المصدر الخام للقرن الحادى والعشرين، وهى تتمتع بالقوة ذاتها التى كان يتمتع بها الوقود الأحفورى فى القرنين التاسع عشر والعشرين. ولفهم ضخامة هذا التحول علينا إلقاء نظرة على أربع شركات كيماوية هى: مونسانتو Monsanto ودي - بونت Dupont ونوفارتيس Novartis وهويكست Hoechst حيث كانت هذه الشركات تعتبر من عمالقة الشركات الكيماوية فى القرن العشرين. وخلال السنوات الأخيرة، اتخذت كل واحدة من هذه الشركات قرارا ببيع أقسامها الكيماوية كلها لتتفرغ بشكل كامل لعلوم الجينات وبحوثها وتقنياتها وإنتاجها، وبالتالى تعتبر هذه الشركات شركات لعلوم الحياة. وهذا الأمر عبارة عن تحول سريع غير عادى من الوقود الأحفورى إلى الجينات. وتجرى معظم بحوث التكنولوجيا الحيوية على أيدى شركاتٍ خاصة تتخذ من البلدان الصناعية مقراً لها. وفى ذاته يعتبر ذلك تحوّلاً مثيراً عن مبادئ الثورة الخضراء التى أخذ القطاع العام بزمام أمورها لتسخير قدرات البحوث الزراعية خصيصاً من أجل العثور على حلول لمشكلات الجوع والفقر فى أرياف العالم النامي. إن هيمنة القطاع الخاص على التكنولوجيا الأحيائية الزراعية تثير دواعِى للقلق خشية ألاّ يتاح لمزارعى العالم النامى ولاسيّما أفقر الفقراء منهم، فرصة الإفادة من هذه التكنولوجيا، إمّا لغياب التقنيات الملائمة لاحتياجاتهم كليةً أو لكونها أبهظ سعراً من قدراتهم المادية. الثورة الجديدة تختلف كلية عن الثورات السابقة، هل نعتبر ثورة التقنية الحيوية امتدادا لما كنا نقوم به دائما؟ بالتأكيد لا. حيث يمكن القول بأن هناك تجارب أربع لم يقم أى من العاملين فى مجال التوليد والتهجين فى التاريخ بتحقيقها، فالتجربة الأولى، فى جامعة بنسلفانيا حيث أخذ العالم هارولد برينستر وفريقه العلمى جينة هرمون النمو البشرى وحقنوها فى أجنة فئران، فولدت الفئران وهى تحمل جينة بشرية تعمل فى كل خلية من خلايا أجسامها. ونمت هذه الفئران بمثل ضعفى الحجم الطبيعى وبسرعة توازن ضعفى سرعة نمو أى فأر فى التاريخ. لقد كانت تحمل جينة نمو بشرى فى شفرتها الوراثية، وقامت بنقلها إلى كل الأجيال اللاحقة. لذلك لدينا فئران تحمل مادة وراثية بشرية تتكرر فى جيل، ولا يمكننا القيام بذلك بعملية توليد تقليدية، غير أن عملية التهجين التقليدية لا يمكننا تهجين حمار أو حصان مع شجرة تفاح، أما الآن فيمكن تحقيق ذلك ويمكننا تجاوز كل الحدود الحيوية، فنستطيع أخذ جينات من الحيوانات ووضعها فى النبات أو أخذ جينات من النبات ووضعها فى الحيوانات أو جينات من الحيوانات ووضعها فى البشر. ويمكننا الآن تجاوز الحدود الحيوية والالتفاف عليها ونبدأ بتنظيم الحياة على مستوى البصمات الوراثية. والتجربة الثانية تتعلق بالذبابة المضيئة، فقد أخذ العلماء الجينة التى تبث الضوء فى هذه الحشرة وحقنوها فى نبات التبغ، وكانت حصيلة ذلك أن النبات المكتمل النمو كان مضيئا طيلة أربع وعشرين ساعة فى اليوم، ولا يمكننا القيام بذلك فى عملية التهجين التقليدية. والتجربة الثالثة تتعلق بالماعز والخراف، والنوعان غير قريبين أو هما فصيلتان مختلفتان، وبالتالى لا يمكن تهجينهما، لقد أخذ العلماء فى أدنبرة أجنة من الخروف وأخرى من الماعز وقاموا بإدماجهما فى المختبر، وكانت النتيجة حيوانا جديدا بالكامل أطلق عليه اسم جيب Geep (ماعز - خروف). وأخيرا النعجة دولي وكنا مهتمين بالنعجة دوللى ولم نهتم بالنعجة بولي. لقد كانت بولى أهم بكثير من دولي ولم يقرأ أحد عن بولي وهى مهمة لأن ما قام به العلماء فى أدنبرة هو أنهم أخذوا جينة بشرية وطوروها إلى خلية نعجة بالغة، ثم استنسخوا النعجة، وما أظهروه هو أنه من الممكن الآن تطوير إنتاج كبير لنسخ مماثلة للأصل الحى يتمتع بضوابط النوعية نفسها أى مبادئ التصميم الأساسية التى كانت تستخدم فى خطوط التجميع عند إنتاج المنتجات الكيماوية. ثمة سبب يجعلنا نطلق على ذلك اسم الهندسة الوراثية، إذ يتم تطبيق مبادئ الهندسة على البصمات الوراثية للحياة، وهذه هى السيرة الذاتية لكل شخص حيث بدأت الشركات الأمريكية تطلب البصمة الوراثية أو السيرة الذاتية للشخص عند التقدم لأى وظيفة. ومن ثم يمكن القول إن من يتحكم بالجينات يمكنه التحكم بالقرن الحادى والعشرين. إنها بمنزلة النفط فى القرنين التاسع عشر والعشرين لأنها تعتبر المواد الخام للعهد القديم وسوف تعمل بالتوازى مع النفط، وتعتبر الجينات صناعة استخراج كالنفط، لا يمكنك تحديد موقع الجينة فى المختبر أو إنتاجها مخبريا، بل يجب عليك العثور عليها فى الطبيعة، لذلك يتم العمل على وضع تسلسل لكل الجينات البالغ عددها 140 ألف جينة التى تشكل البصمة الوراثية للجنس البشرى وذلك فى المختبرات الحكومية ومختبرات الشركات. وفى كل مرة يتم العثور على واحدة من الجينات المسئولة عن مرض ما، تسجل إحدى الشركات براءة اختراع لها قائلة إنها بمنزلة اختراع، وهناك الآن آلاف الجينات المسجلة باعتبارها ملكية فكرية، الأمر الذى يعنى أنه فى غضون نهاية هذا العقد سوف تمتلك حفنة من الشركات العالمية البصمات الوراثية للجنس البشرى. ويشكل هذا سلطة تجارية غير مسبوقة على الحياة. وتوجد معظم الجينات النادرة فى النصف الجنوبى من الكرة الأرضية أى فى الدول النامية، حيث يوجد التنوع الحيوى البيولوجى للكرة الأرضية. وتبحث شركات علوم الحياه العالمية عن جينات أو كائنات عضوية أو نباتات أو حيوانات نادرة أو حتى إنسان وتطلق على ذلك اسم التنقيب البيولوجى biprospecting وعندما تكتشف جينة، فإنها تقوم بتسجيل براءة اختراع لها. ومن ثم بدأت الدول النامية تشكو من القرصنة البيولوجية وتقول إن هذه الجينات هى مواردها، تماما كالنفط بالنسبة لدول الشرق الأوسط، وهى تطالب بتعويضات مقابل ذلك. وترفض شركات الدول المتقدمة ذلك قائلة إنها أضافت لهذه الموارد قيمة فى عملية البحث والتطوير، ولذلك فإنها يجب أن تكافأ بمنحها براءة اختراع وحق الملكية. ومن ثم على الدول النامية أن تتحرك متكاتفة وأن تتضافر معها الهيئات والمنظمات غير الحكومية حيث إن الجينات ليست ملكا للحكومات ولا ملكا لأى شركة، لقد وجدت الجمعية الجينية على الأرض قبل وجود الدول والشركات وتعود ملكيتها لتراث من التطور، إنها ميراث إرثنا، إنها وديعة لأجيال المستقبل، وسوف تبقى الجينات بعد فترة طويلة من مجيء وزوال الحكومات واختفاء الشركات فى التاريخ. وإذا سمحنا أن تكون الجينات ملكية سياسية للحكومات أو ملكية فكرية للشركات، فسوف يشهد أبناؤنا حروب جينات فى هذا القرن. لقد خسرنا حروب القطن وحروب النفط فهل نخسر أيضا حروب الجينات؟ولكى نعرف حقيقة ما يحدث على ساحة الغذاء الآن من خلال عقد شركة مونسانتو حول البذور المعدلة والمهندسة جينيا، حيث إن شركتى مونسانتو ونوفارتيس تتمركزان فى العديد من الدول لتزودها بالذرة والصويا وغيرهما من المنتجات المعدلة جينيا، ونتيجة لذلك هناك جدل واسع وكبير فى ميدان التجارة العالمية، حيث يشتمل عقد شركة مونسانتو فيما يخص تلك البذور على نوع جديد من الأعمال التجارية ويطلق عليه اسم أعمال الشبكة وليس أعمال السوق، ففى السوق هناك بائع ومشتر ومبادلة للسلع، وهذه العملية هى تاريخ الرأسمالية. لقد أخذت الرأسمالية تنتقل من الأسواق إلى الشبكات، ومن البائعين والمشترين إلى المزودين والمستخدمين ومن الملكية إلى حرية الوصول والاستعمال. ويعد هذا من أعظم التغيرات التى تصيب الاقتصاد العالمى، إنها شكل جديد من أشكال الرأسمالية. ولكن ما هى الآلية التى تعمل بها شركة مونسانتو فى الزراعة؟ عندما تتعاقد الشركة مع المزارع مقابل البذور، لا يكون هناك بيع للبذور، فلا يوجد بيع ولا بائعون أو مشترون، ولا يوجد سوى تأجير بذور للمزارع وذلك لموسم واحد فقط، أى أن الشركة تقوم بعملية تأجير للحمض النووى الرايبوزى المنقوص الأكسجين (الدنا) لعام واحد، وعند بدء موسم الحصاد، لا يستطيع المزارع استخدامها لأنها ملكية فكرية للمزود، الذى لا يبيع البذور نهائيا. منذ أكثر من عشرة آلاف سنة مضت كان المزارعون يستخدمون البذور الجديدة عن طريق المقايضة والبيع أى أن الأساس الاقتصادى كله يكمن فى البذور. أما الآن فإنكم إذا حاولتم استخدام البذور الجديدة، فإن شركة مونسانتو تستطيع مقاضاة المزارعين أمام المحاكم. وبالطبع لا يمكن اقتياد كل المزارعين فى العالم إلى مراكز الشرطة. لذلك توصلت شركة مونسانتو ووزارة الزراعة الامريكية إلى فكرة تدعى المصفى وما قاموا به هو إغلاق المفتاح الجينى حيث إن البذور الجديدة تموت عند وصولها ولا يمكن استخدامها مرة أخرى. وهناك طريقة أخرى انتهجتها شركة مونسانتو تتمثل فى أنه بدلا من جعل البذور تموت عند وصولها، فإنه يمكن جعلها تصل حالة السكون (السبات) ثم عليكم أن تشتروا الشفرة التى تسمح لكم بفك شفرة المفتاح بحيث تنبت من جديد. وبالتالى لا يمكن لأى مزارع فى منطقتنا أو بلد آخر أن يتمكن من امتلاك البذور ثانية وإلى الأبد. لدلك يقع عبء كبير على مراكز البحث العلمي في بلدنا وعلى رجال الأعمال المصريين وخاصة أنهم يحاولون الآن إعادة التوازن للاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة الصعبة ودفعه للأمام، ومصر تفتخر بأنها تضم مجموعة مخلصة منهم أن يقودوا السفينة فى هده المرحلة أمثال نجيب ساويرس ومحمد فريد خميس ونادر رياض وغيرهم كثير، لدلك نحن على ثقة فى أنهم سيقودون الثورة الزراعية المصرية على غرار الثورة الخضراء فى المكسيك والبرازيل فى أواخر الستينيات من القرن الماضى. الاتجاه شرقا نحو النموذج الصينينجاح المشاريع الخاصة في تقديم الخدمات العامةمصر تنافس النمور بمشروع الشريفنحو نموذج مصرى للتنميةالحلم المصري في التصنيعالآثار الكاملة للأزمة العالمية لم تظهر بعد!ثورة يناير تغير الاقتصاد العالمي ولم تغير اقتصادناخطورة الاستثمار الأجنبي في الزراعة المصريةأحمد بهجت في حوار العمر: "1ـ2"بداية العصر البترولى.جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام 2014سياسة الخصوصية

yamhnd

وفوق كل ذي علم عليم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 75 مشاهدة
نشرت فى 1 مايو 2014 بواسطة yamhnd

ساحة النقاش

مركز ابن عبد الله للدراسات والبحوث والمعلومات والاستشارات والتقنية

yamhnd
هذا الموقع أنشئ في يوم الأربعاء الثامنِ من مايو عام أحدَ عشرَ وألفين. وهو يهدف -ضمن ما يهدف- لنشر العلم والمعرفة. ويؤمل أن يحوي أقساماً مختلفةً مؤتلفةً، فالأقسامُ وإنِ اختلفتْ وتنوعتْ فبعضُها يَمُتُّ إلى بعض بصلة، بل كل منها رديف صاحبه يأخذ منه ويعطيه. فنسأل الله العون والتوفيق والسداد. المهندس »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

100,399