خفايا الصراع المصري الأثيوبي على مياه النيل والحرب الوشيكة

بقلم : د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الأمنية والإستراتيجية

بدأت تتكشف وبوضوح تام أبعاد المؤامرة على مصر فيما يتعلق بمياه النيل ، فقد أعلنت أثيوبيا عن افتتاح سد كبير على نهر النيل بعد أيام قليلة من التوقيع على اتفاقية دول حوض النيل والتي غابت عنها مصر والسودان .
والمثير في الموضوع أن أثيوبيا أعلنت أن تكاليف بناء السد بلغت 500 مليون دولار بدون أن تساهم في هذه التكاليف أي معونات خارجية واعتمدت أثيوبيا على إمكاناتها الذاتية .
طبعا من يقرأ هذه السطور يتوقع أن دبي هي التي قامت ببناء السد وليس أثيوبيا التي تعاني منذ سنوات طويلة من المجاعات والفقر المدقع ، وحتى لو أن مصر أرادت بناء سد تكاليفه 500 مليون دولار كانت ستعتمد على القروض الخارجية ، فكيف بأثيوبيا التي نزح ما لا يقل عن نصف مليون من سكانها إلى السودان فقط هربا من المجاعة .
وتزعم أثيوبيا أن السد مخصص لتوليد الكهرباء واستصلاح مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية . هذه أكذوبة أخرى تضاف إلى أكاذيب أثيوبيا ، حيث أن المنطقة المحيطة بالسد كلها منطقة صخرية ولا يوجد بها أراضي زراعية .
وفي التقرير الموسع الذي نشرته صحيفة دنيا الوطن حول تداعيات الأزمة بين مصر وأثيوبيا والمزاعم الأثيوبية نلاحظ أن أثيوبيا مصره على خوض الحروب بالوكالة كعادتها عندما اجتاحت الصومال وتورطها حتى أذنيها في تهجير يهود الفلاشا إلى إسرائيل مع الإشارة أن عدد كبير من المهاجرين الأثيوبيين لم يكونوا يهودا وإنما هاربين من المجاعات في أثيوبيا .
قصة الصراع على مياه النيل ليست جديدة ، بل بدأت منذ سنوات طويلة وبدأت بالدعم الإسرائيلي للانفصاليين في جنوب السودان بزعامة " جون قرنق " في حينها والتي ترافقت مع طلب إسرائيلي من مصر بان تحصل إسرائيل على حصة من مياه النيل .
منذ سنوات بحثت إسرائيل بشكل موسع مسألة الحصول على المياه من دول مثل تركيا وروسيا ولكن الدراسات أشارت إلى أن تكاليف نقل المياه إلى إسرائيل بالسفن سيكون مرتفعا جدا ، وكانت إحدى الأفكار التي طرحت أن يتم نقل جبال جليدية بالسفن من سيبريا في روسيا إلى إسرائيل واستبعدت كل هذه الأفكار بسبب التكاليف العالية ووجدت إسرائيل أن الحل الأمثل يتمثل في حصولها على قناة مياه من نهر النيل وتقدمت إلى مصر عدة مرات بطلبات للحصول على مياه النيل ورفضت مصر بشدة وقالت " مياه النيل ليست للبيع " .
رد الفعل الإسرائيلي على الرفض المصري كان دعم الانفصاليين في جنوب السودان بهدف انفصال جنوب السودان عن شماله حتى تقوم إسرائيل بالضغط على مصر من خلال بناء سد في جنوب السودان للمساومة في حال تم الانفصال . ولكن الرئيس السوداني عمر البشير افشل المخطط الإسرائيلي وحافظ على وحدة التراب السوداني .
وفجأة وبعد ثمانين عاما من اتفاقية دول حوض نهر النيل تكتشف هذه الدول أن الاتفاقية مجحفة وتجتمع وتوقع اتفاقا يستثني منه مصر والسودان بهدف إعادة توزيع الحصص المائية .
المؤامرة واضحة على مصر . وأثيوبيا تطوعت كرأس حربة لخدمة المخطط الإسرائيلي ، ومن الواضح أيضا أن تمويل السد الأثيوبي جاء بمساعدة إسرائيلية من خلال جهات دولية . فأثيوبيا عاجزة بإمكاناتها الذاتية عن بناء سد حتى لو كانت تكلفته عشرة مليون دولار ، فكيف بتكلفة يتحدثون عنها بنصف مليار دولار .
الرئيس مبارك يتعامل مع الأزمة منذ بدايتها بحكمة ويعطي الأولوية للحل السلمي والحوار على أمل أن تفهم أثيوبيا وتدرك أن مصالحها الحقيقية مع دول الجوار ومع مصر وليس مع إسرائيل . ولكن يبدو أن أثيوبيا أرادات أن تخوض الشوط حتى نهايته في تقدير خاطئ لرد الفعل المصري وتراهن على أن صبر المصريين سيطول على هذه المؤامرة التي تستهدف حياة 80 مليون مصري . ويبدو أن الرئيس الأثيوبي لم يسمع بالحكمة القائلة " اتقي شر الحليم إذا غضب " . وغضب المصريين لا تستطيع أثيوبيا احتماله ، وفي هذه الحالة لن تنفعهم إسرائيل .
فإسرائيل ليست مستعدة لإشعال حرب مع مصر من اجل أثيوبيا ، فأثيوبيا مجرد أداة استخدمت للضغط على مصر لا أكثر .
وقد حذر عبد الله الاشعل السفير المصري السابق من أن " ما فعلته أثيوبيا سيؤدي إلى اندلاع حرب بين مصر وأثيوبيا " .
وفي حال احتباس مياه النيل في مصر وهذه خطوة متوقعة بعد بناء السد الأثيوبي فان العد التنازلي للحرب سيبدأ وتدمير السد الأثيوبي لن يحتاج إلى معجزة عسكرية ، فمصر لديها قوة عسكرية ضخمة وهائلة ومدربة ، ويعتبر الجيش المصري من أفضل الجيوش في العالم الذي حقق معجزة الانتصار في حرب أكتوبر المجيدة بإمكانات اقل بمئات المرات من إمكانات الجيش المصري حاليا .
إن أثيوبيا ومعها الدول الإفريقية الموقعة للاتفاق لدول حوض النيل بغياب مصر والسودان تجر شعوبها إلى الهاوية وهي عاجزة تماما عن مواجهة غضب مصر في حال تعرضت هذه الدول لحقوق 80 مليون مصري في المياه . مع الإشارة إلى أن موازين القوى العسكرية بين مصر وأثيوبيا لا مجال للمقارنة أبدا ولكن نذكر أن سلاح الجو الأثيوبي لديه 50 طائرة فقط من النوع القديم .
المطلوب من جامعة الدول العربية محاصرة الأزمة وإيجاد الحلول ومساندة مصر مساندة كاملة على مستوى كافة الدول العربية ونتوقع من الرئيس الليبي رئيس القمة العربية أن يبادر إلى احتواء الأزمة .

المصدر: منقول
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 272 مشاهدة
نشرت فى 25 مايو 2010 بواسطة wwwaboqircom

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,086,122