يقول احد المغتربين في بلد أوروبية كنت في زيارة لصديق ..

فقال لي صديقي :

توجد أسرة مُسلمة  تريدُ أن تجلس مع شخص يفهم في الدين، لأن عندهم أسئلة كثيرة وإشكالات وشكوك فهل ممكن أن تجلس معهم؟

قلت له: نعم بلاشك إن شاء الله ولكن  حدِّثني أكثرعن الأسرة .. فقال :

الزوجة  صغيرة 20 عام وهي من أصول عربية لكنها مولودة بأمريكا وعاشت أغلب عمرها هناك ..

الزوج عربي وحكى لي بعض التفاصيل تُساعدني في تصور الحال، لأُحدّد الطريقة المناسبة للحديث معهم ..

وعرفتُ من خلال كلامه عنهما  أن الرجل وزوجته فيهما حُب للإسلام وحب لله لكن عندهما وساوس وشبهات وحَيرة واضطراب.. 

ومن ضمن التفاصيل قال لي ايضا :

لكن فيه حاجة لازم تعرفها قبل مانروح .. قلت له : خير

قال: الزوجة تلبس ملابس ضيقة، وتكشف شعرها فهل هذا يضايقك ..؟

قلت له : طبعا يضايقني ، لكنه لا يمنعني من الذهاب إليهما إن شاء الله ولكن هل ممكن تتصل بهما وتتطلب ما أقوله لك ..

اطلب منها بلُطفٍ إذا دخلت ألّا تصافح، وأن تجلس في المكان الذي أحدده لها قبل أن تدخل ..

فقال لي : اتصلتُ بالعائلة  وهي موافقة

قلتُ : على بركة الله ..

أول ما دخلنا البيت وجدتُ التلفزيون شغّال على قناة قرآن 

قلت في نفسي : بداية زيّ العسل ..

دخل الرجل رحّب بي، وتعارفْنا ..

قال لي: هل ممكن تدخل زوجتي .. { وكانت هي على الباب من الخارج } 

قلت :على العين والرأس، تُشرّف .. 

فقلتُ له: هل ممكن تجلس زوجتك في هذا المكان ..

فدخلت المرأة، والتزمتْ بما اتفقنا عليها ..

فأثنَيتُ على المنزل وتنسيقه ونظافته وعلى صوت القرآن 

وقلت لهما: خير .. ايه المشكلة فتكلمت المرأة ثم الرجل ..

وخلاصة القصة : أنهما يرون أنفسهما غير مُسلمَين أو فُسّاق أو فُجّار ..

يعني شايفين إنهم بُعاد عن ربنا وعن الإسلام ..

فقلتُ لهما: ليه بس بتقولو كده ..

قالوا : احنا مبنصليش ، ومش بنقرأ قرآن

وقالت المرأة : وأنا بلبس ضيّق، وكاشفه شعري ..

احنا ناس مش كويسين

فقلت لهما : بالعكس دا انتو أسرة مُسلمة و محترمة جدا وزي الفُل

قالو: ازاي

حاولت في ذلك الوقت أن أُعدّد أعمال الخير وشُعب الإيمان التي ممكن أن تكون عندها ..

قلت لهم :  انتو مؤمنين بالله وبالإسلام بتحبّو ربنا .. بتحبّو الإسلام .. بتحبّو النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..؟

قالوا : طبعا هي دي عايزة سؤال

وذكرتُ أعمالَ قلوبٍ كثيرة مثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والخوف من الله والخوف من النار، وحب الجنة والشوق إليها .. إلخ)

وقلت : هل تشربون الخمر، هل تفعلون الفاحشة، هل تشهدون الزور .. هل عندكم عقوق الوالدين .. هل .. هل ..

كلُ ذلك يقولان: حاشا لله .. نعوذ بالله

قلت لماذا لا تفعلون هذه الأمور .. هل لأنها لبست متوفرة؟

قالا : يا دا الأمور دي مُتاحة وأسهل ما يكون بس احنا مبنعملهاش علشان هيّا حرام ..

قلت : ما شاء الله .. دا انتو أسرة مسلمة محترمة وزي الفُل .. 

نفسُ أن تطلبوا أحدا يجلس معكم لأمر دينكم فذلك خير عظيم ويدل على إيمان وحُب لله وحرص على الإسلام ..

وحينما  دخلت البيت وجدت القرآن شغال ..

وعندكم كل شعب الإيمان هذه { وأذكر لهما آيات وأحاديث تُبين أن هذه الأعمال من شعب الإيمان ومن العمل الصالح }

قالو: بجد.. بجد

قلت نعم واللهِ ..

فقالت المرأة : طب ممكن بعد اذنك أنادي على أختي تجلس معانا

قلت لها :نعم وتجلس بجانبك .. لا مشكلة

فطال الكلام ُ في هذا الاتجاه .. أنهم ناس مسلمين محترمين .. مُحبين لله وللإسلام .. يطلبون الخير .. فلما وصلنا لتلك النقطة .. واستقرتْ

قلت لهم : إنتو عملتو الكتير والأصعب .. وباقي القليل الأسهل  باقي واجبات وفرائض يجب أن تعملوا بها ..

أولُها : الصلاة ..

وتكلمت عنها وعن حكمها ووجوبها وفضلها وتكفير السيئات بها وعقاب تارك الصلاة ..

والحجاب للمرأة ... وجوبه .. وفضله .. وثوابه وإثم تركه .. 

وبقيتُ أتكلم عن الصبر على الطاعة والصلاة والحجاب وإزاي إنه تكريم للمرأة وصيانة .. وهكذا وأعطيهم خطوات عملية للتطبيق .. وهكذا..

واللهِ إنهم كانوا سعداء جدا جدا .. هيطيروا من الفرحة ..

حسّو انهم مؤمنين مسلمين محترمين .. وشعروا أن فيهم خير كتير .. وحسّو إن الباقي قليل وممكن وسهل ..

وصار عندهم طاقة إيجابية كبيرة على فعل الخير.. والفضلُ لله تعالى فلا قوة إلا به .. وهو الهادي سبحان لا إله غيره ..

 

القصة دي فيها فوائد كتيرة جدا : بس أهمّها في نظري:

واللهُ في عون العبد ما كان في عون أخيه ..

وأعظم العَون: أن تُعينه في شأن دينه ..

من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل .. لا سيما في أمر يخص دينه ..

قلّل الفاسد ما استطعتَ .. ولا تترك أبواب الخير العظيمة لمفسدة قليلة بالنسبة لها ..

حُسن تصور الحال مهم لاختيار الطريقة المناسبة ..

قد يكون عند الإنسان كثير من الخير والإيجابيات وهو غافل عنها، كما يكون عنده نِعم لا تُحصى يتقلّبُ فيها، لكنه لا يرى سِوى المصائب و الابتلاء الذي نزل به ..! 

ابحث عن جوانب الخير في الشخص الذي تريد دعوته وأبدأ بها ..

أشعرْه أن الأصل فيه : الخير والإيمان، وأن الشر والمعصية طارئة عليه ..

افتح له أبواب الإيمان والعمل الصالح ..

اشرح له : لماذا شرع الله لنا كذا وكذا، لماذا أوجَب ولماذا حرّم .. ما حِكمُ ذلك .. وما فضلُه وما ثوابُه .. كلّمه عن الله .. عن الجنة .. عن النار .. كُل هذه مقدمات تشرح الصدر وتُمهّد الطريق للقبول ..

الدين واسع جدا، وشعب الإيمان كثيرة ومتنوعة .. وهي موجودة في كل مسلم بحسب إيمانه وتقواه .. لكن للأسف كثير من المسلمين ومن الدُّعاة حصروها في جزء منها وتغافلوا أو غفلوا عن أعمال ظاهرة وباطنة هي من أعظم شعب الإيمان

إذا شرح اللهُ صدر شخص لكلامك .. فاحمد لله .. فالفصل له .. لا لك ..

ولا تَدْعُ الناس إلى نفسك .. بل إلى الله .. وفرحُك يكون لأنهم أطاعوا الله .. لا لأنهم أطاعوك .. افهمْ هذا واعقلْه ..

وأخيرا: الدعوة إلى الله هي : فِقهُ الممكن بين ( إرادة ونيّة ورحمة وحرص وعلم وحكمة من الداعي .. مع المُستطاع في الواقع .. تقليلُ الشرّ وتكثيرُ الخير)

وهي قولُ النبي شعيب عليه السلام : إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله


منقول .

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 203 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2019 بواسطة wshatnawi

ساحة النقاش

Wael Shatnawi

wshatnawi
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

83,682