من شروط صحة الصلاة استقبال القبلة ، ولا تصح الصلاة إلا به ، لأن الله تعالى أمر به وكرر الأمر به في القرآن الكريم ، قال الله تعالى : ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) البقرة/144 . أي : جهته .


إلا أنه يُستثنى من ذلك ثلاث مسائل :

المسألة الأولى : إذا كان عاجزاً ، كمريض وجهه إلى غير القبلة ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة ، فإن استقبال القبلة يسقط عنه في هذه الحال لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم ) التغابن/16 . وقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 . وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) .

المسألة الثانية : إذا كان في شدة الخوف كإنسان هارب من عدو ، أو هارب من سبع ، أو هارب من سيل يغرقه ، فهنا يصلي حيث كان وجهه ، ودليله قوله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) البقرة/239 . فإن قوله : ( فَإِنْ خِفْتُمْ ) عام يشمل أي خوف ، وقوله : ( فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) يدل على أن أي ذِكْرٍ تركه الإنسان من أجل الخوف فلا حرج عليه فيه ، ومن ذلك : استقبال القبلة .


المسألة الثالثة : في النافلة في السفر سواء كان على طائرة أو على سيارة ، أو على بعير فإنه يصلي حيث كان وجهه في صلاة النفل ، مثل : الوتر ، وصلاة الليل ، والضحى وما أشبه ذلك .

والمسافر ينبغي له أن يتنفل بجميع النوافل كالمقيم تماماً إلا في الرواتب ، كراتبة الظهر ، والمغرب ، والعشاء ، فالسنة تركها .

فإذا أراد أن يتنفل وهو مسافر فليتنفل حيث كان وجهه ، ذلك هو الثابت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 

فهذه ثلاث مسائل لا يجب فيها استقبال القبلة .

أما الجاهل فيجب عليه أن يستقبل القبلة ، لكن إذا اجتهد وتحرى ثم تبين له الخطأ بعد الاجتهاد فإنه لا إعادة عليه ، ولا نقول : إنه يسقط عنه الاستقبال بل يجب عليه الاستقبال ويتحرى بقدر استطاعته ، فإذا تحرى بقدر استطاعته ثم تبين له الخطأ فإنه لا يعيد صلاته ، ودليل ذلك أن الصحابة الذين لم يعلموا بتحويل القبلة إلى الكعبة كانوا يصلون ذات يوم صلاة الفجر في مسجد قباء فجاءهم رجل فقال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ ، فَاسْتَقْبِلُوهَا ، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ . رواه البخاري (403) ومسلم (526) .

بعد أن كانت الكعبة وراءهم جعلوها أمامهم ، فاستداروا واستمروا على صلاتهم ، وهذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن إنكار له فيكون ذلك مشروعاً ، يعني أن الإنسان إذا أخطأ في القبلة جاهلاً فإنه ليس عليه إعادة ، ولكن إذا تبين له ولو في أثناء الصلاة وجب عليه أن يستقبل القبلة .

استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة لا تصح الصلاة إلا به في المواضع الثلاثة ، وإلا إذا أخطأ الإنسان بعد الاجتهاد والتحري

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 4 يوليو 2019 بواسطة wshatnawi

ساحة النقاش

Wael Shatnawi

wshatnawi
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,251