🔆 عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله -ﷺ- : { مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ }.
📚 البخاري (٢٥٦ هـ)، صحيح البخاري (١٩٠٣)
♻️ شــرح الحــــــديـــث :
🔅 من حِكَم الصَّومِ ومقاصِده تحقيقُ التَّقوى، وكَسرُ الشَّهوةِ، وتَطويعُ النَّفسِ، وليس مقصودًا منه أن يَمتنِعَ المسلِمُ عنِ الطَّعامِ والشَّرابِ فَقطْ، بل يَمتنِعُ عن كُلِّ إثمٍ وشَرٍّ حتّى تَتحقَّقَ فائدَةُ الصَّومِ من تَهذيبِ النَّفسِ وصَلاحِها؛ ولذلك حَذَّرَ النَّبيُّ ﷺ مَن يَقتَصِرُ صيامُه على الامتناعِ عنِ الأكلِ والشُّربِ فقط، فقال : «مَنْ لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ والعَمَلَ به»، يَعنِي : مَن لم يَدَعِ الكَذِبَ والمَيلَ عنِ الحَقِّ والعَمَلَ بالباطِلِ والتُّهمَةِ، «فلَيْسَ للَّهِ حاجَةٌ في أن يَدَعَ طَعامَه وشَرابَه »، معناه : سُقوطُ الأجرِ، وليس مَعناه أن يُؤمَرَ بأن يَدَعَ صِيامَه، وإنَّما مَعناه التَّحذيرُ من قَولِ الزُّورِ أو العَمَلِ به؛ حيثُ إنَّه يكونُ سببًا في نُقصانِ أَجرِ عِبادَةٍ من أفضَلِ العِباداتِ، يَدَعُ الرَّجلُ طعامَه وشرابَه وشَهوتَه؛ ويَنقُصُ ثَوابَه قَولُ الزُّورِ والعَملُ به.
♦️ قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في إحدى لقاءاته الشَّهريَّة :
🔅 قال عليه الصَّلاة والسَّلام : «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, وَالْجَهْلَ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»[1].
يعني : أنَّ الله لا يريد منَّا أن ندع الطَّعام والشَّراب؛ وإنَّما يريد منَّا أن ندع قول الزُّور والعمل به، والجهل.
وقَوْل الزُّورِ هو : كلُّ قولٍ مُحرَّم.
والعَمَل بِالزُّورِ هو : كلُّ عملٍ مُحرَّم.
وَالْجَهْل هو : كلُّ عدوانٍ على النَّاس.
فالذي لا يترك هذه الأشياء لم يَصُمْ حقيقةً، فهو قد صَامَ عمَّا أحلَّ اللهَ، وفعل ما حرَّم الله.
🔅 ولهذا أقول : يجب علينا -ونحن صِيَام- أن تكون تقوانا لله -عزَّ وجلَّ- أكثر من تقوانا في الإفطار، وإن كانت التَّقوى يجب أن تكون في الإفطار والصِّيام؛ لكن يجب أن نعتني بالتَّقوى في حال الصوم أكثر.
وإني أظنُّ لو أن أحدًا من النَّاس أمسك عن المعاصي شهرًا كاملاً فسوف يتغيَّر منهجُه ومسلكُه؛ لأنَّه سيبقى شهرًا كاملاً لا يَعصِي اللهَ.
🔅 ومن رحمة الله -عزَّ وجلَّ- بِنا أنَّ شهر رمضان تُصفَّد فيه الشَّياطِين حتى لا تُسلَّط علينا بتحسِين المعاصِي في قلوبنا، وأنها تُغلَق فيه أبواب النِّيران، وتُفتَح فيه أبواب الجنَّة؛ حتى يَسهُل على الإنسان العمل بما يُباعده من النَّار ويُقرِّبه من الجنَّة، وهذه نعمة من الله -عزَّ وجلَّ-.
فهذا الشَّهر فيه ما يساعد الإنسان على التَّقوى. فاتَّقوا الله.
___________
[1] أخْرجهُ البخارى (5/2251)، رقم 5710)]
ساحة النقاش