هذه قصة حقيقية وليست من خيال كاتب ولا مخرج أفلام الخيال والاساطير , بل هي قصة حدثت بالفعل 

على أرض الواقع ويرويها رجل يمني مقيم بالسعودية , حيث يقول :

أخذني كفيلي معه في سيارته "الرجل الذي أعمل عنده" لتوزيع زكاة ماله.

ذهبنا بمحاذاة طريق الساحل البحري حيث تنتشر القرى الفقيرة , وكانت اﻷموال موزعة في ظروف , كل ظرف فيه 5000 ريال 

وعندما خرجنا من إحدى القرى إلى طريق جدة – جيزان  , وإذا نحن برجل عجوز لكن منظره يوحي بشدته وبصحة قوية , وعمره 70 سنه أو أكثر وهو يمشي على الخط العام.

قال صديقي الذي أعمل معه  :

ما ذا يفعل هذا  العجوز في هذا المكان وفي هذا الوقت في الصحراء الحارة وحده؟

فرد سائق  سيارتنا بسخرية : أكيد واحد يمني داخل تهريب من دون تأشيرة.

وقفنا بجانب الرجل وسلّمنا عليه وسألناه :

من أين اﻷخ؟

قال : من اليمن

إلى أين تذهب ؟ قال : مشتاق إلى بيت الله الحرام

قلنا له : هل دخلت البلاد بطريقة شرعية؟

قال : ﻻ والله دخلت من غير أوراق يعني : عن طريق التهريب

لماذا لم تدخل بطريقة شرعية؟

قال :  لا بد أن أدفع مبلغ 2000 ريال تأمين وأنا لا أملك إﻻ 200 ريال , ركبت ب 100 ريال وباقي 100 ريال.

قال له صديقي : طيب يا عم

كم أمضيت من الوقت وأنت تمشي على قدميك في هذه الصحراء الحارقة وفي شهر رمضان ؟ قال : 6 أيام

سأله : أنت فاطر؟

قال : ﻻ بل أنا صائم

قال له صديقى : طيّب أنت الآن تجاوزت أكثر من 5 نقاط تفتيش أمنية ، كيف تجاوزتها؟

قال : والله الذي ﻻ اله إﻻ هو إني أمر من أمامهم وأحيانا من بينهم ولم يكلّمني احد منهم.

ثم سألته أنا : هل تحملت كل تلك المعاناة للحصول على عمل في السعودية؟

قال : ﻻ والله أنا فقط مشتاق إلى بيت الله الحرام

  أنا ذاهب الى مكة أريد العمرة في رمضان.

هنا سأله صديقي : الدوريات الكثيرة لم يقبضوا عليك وأنت تسير على الشارع العام؟

قال : قبل نصف ساعة من الآن قبضت عليّ إحدى الدوريات.

قبل مسافة 50 كلم تقريبا ثم سلمتني لمركز الشرطة على بعد 1 كلم من هنا لكن سألوني : ألى أين انت ذاهب؟

وحلفت لهم بالله أنى أريد بيت الله الحرام فأطلقوا سراحي.

 قلت في نفسي سبحان الله ربى هيّأ لك رجال اﻷمن فنقلوك بسرعة إلى هذا المكان حتى ييسر الله لك أمرك !!!

فقام صديقي وأعطاه ظرفين وقال :

خذ هذه زكاة المال , أخذها الرجل وقال : جزاكم الله خيرا.

طبعا هو لا يدري كم المبلغ الموجود في كل ظرف

فسألته : أنت تعرف العملة السعودية؟

قال : نعم

قلت طيب افتح الظرف وخبأ النقود في مكان آمن حتى لا تضيع.

فتح الظرفين وحين تأكد أن المبلغ 10000 ريال نظر الينا وقال : أكلّ هذا المال لي؟

قلنا : نعم هو لك

  سقط الرجل العجوز في السيارة في حاله إغماء شديد ربما من المفاجأة.

نزلنا من السيارة وجلسنا حوله نرشه بالماء.

وهو يصيح : "هذه الفلوس كلها لي"؟

هذه الفلوس كلها لي... وجلس يبكى بكاء, يبكي منه الحجر..

  قال صديقي صاحب المال : دعونا ناخذ معنا في السيارة الى أقرب مكان في اتجاهنا.

وبعد أن استراح الرجل قليلا سألته : يا عم لماذا هذا البكاء الشديد؟

 قال : أنا عندي بيت في اليمن وعندي قطعة أرض بجانب البيت وهبتها لله وبنينا عليها مسجد أنا وأولادي من الحجر والطين , المسجد اكتمل بناؤه لكن عجزنا عن فراشه وأشياء أخرى يحتاجها , وكنت يوما جالسا بعد انتهاء البناء أفكر كيف لي أن افرش هذا المسجد.

 صراحة كلنا بكينا بكاء عجيبا وتذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : 

من كان همّه اﻵخرة جلبت له الدنيا بحذافيرها.

وقوله صلى الله عليه وسلم :

 (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له)

عندها أشرت لصديقي أن يعطيه زيادة فأعطاه ظرفين آخرين

ليصبح المبلغ 20000 ريال 

وقبل أن ينزل الرجل من السيارة كان يتمتم ويدعو وهو يبكي.

 وتذكرت حديث الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير

تغدو خماصاً وتروح بطاناً

 إنه الصدق مع الله ، من أي باب تريد ومن أي باب تَصدُق , فمن صدقَ الله صدقهُ ويسر له طريقه من حيث لا يحتسب !

 قال ابن القيم –رحمه الله- :" ليس للعبد شيء أنفع من صدقه مع ربه في جميع أموره....،ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره"

 قال الحسن البصري رحمه الله: "قد أدركت أقواماً ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شيء منها أدبر، لهيّ كانت أهون في أعينهم من التراب فأين نحن منها الآن"

 هذا ما قاله الحسن البصري قبل أكثر من ألف سنة فأين نحن من هؤلاء الآن ونحن نحرص على الدنيا و كأننا مخلدون فيها !!!

إن لله عبادا فطنا ..... تركوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها فلما علموا ..... أنها ليست لحي وطنا

جعلوها لجة واتخذوا ..... صالح الأعمال

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 8 مايو 2019 بواسطة wshatnawi

ساحة النقاش

Wael Shatnawi

wshatnawi
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,573