د. وفاء ابوهادي 

مستشارة إعلامية وكاتبة

مدرب معتمد

 

عندما نثق في شخص ما ..نُصاب بالعمى وتستمر حالتنا بالتدهور فلا نرى له عيب أو جُرم في حقنا ، وما أن يسقط قناع الإخلاص وتتبخر معه تلك الثقة حتى يحل محل العمى إبصارٌ حاد ..!!

وتدقيقٌ كبير في تفاصيل مضت وكذلك ما هي عليه وما سيأتي ، وبهذا نكون في ساحة المحاكمة فلا نغفر زلة ولا نسمع لعذر ولانسمح به ، ولذلك فجزاء من يخونون الثقة أقسى عقاب .

 

من يدخلون من بابها ويخرجون من باب الغدر لن يكون لهم حصانة أبداً من الإتهام 

ومن التوجس بكل أفعالهم والتنبوء بمستقبلهم الغادر ، ومن الصعب جداً بل من المستحيل أن يكون لهم حضور في ساحة حُسن النوايا ، فالجميع يعرف ماذا صنع وماذا خطط ونفذ ..!!

فحسن النية لا تأتي مع سوءها فكلاهما لا يجتمعان .

 

خائن الثقة ولو بالكلمة والوعد أشبه بمن بنيت له منزلاً أنيقاً وجهزت كامل التجهيزات التي يلزم توفيرها لراحة ساكنه، وجعلت له غرفة من الخيال ، من ينظر من نافذتها يجد الحدائق الغناء بكل ما لذ وطاب من الفاكهة وأجمل الزهور وذاك الجدول العذب من الماء ، فقام بتشويه كل ما بتلك الغرفة وتعطيلها ثم رمى مخلفاتها على تلك الحديقة والنهر فشوه كل شيء ، وهدر تعب من سعى جاهداً لراحته وصونه من كل ما يؤذيه بالإضافة إلى اختياره دون الغير لهذه المكانة.

 

فكيف يستحق بعدها أي فرصة مما سبق

فعندما تعطي أحدهم سلاحك ليحميك  فتدير له ظهرك ظناً منك أنه خلفك حامياً لا غادراً ، وأنت في أمان الله تشعر بذاك الخنجر يقطع أجزاء  تلك الثقة ويُفتتُ حصون الأمان ..

 

واستشهد بقصة اغتيال يوليوس قيصر ،  كانت عظيمة وبشعة في نفس الوقت 

فقد وصفها شكسبير بأنها أقبح عملية اغتيال فى التاريخ ، حين خانه كل من وثق بهم يوماً واجتمعوا وأتفقوا جميعاً أن يقتلوه .

ذلك الإجتماع حين انهال الكل عليه بالطعنات ، و قيصر ما زال واقفاً لم يسقط رغم كل الطعنات في جسده ، حتى رأى صديق عمره "بروتوس"  ، مشى يوليوس قيصر نحو صديقه وهو متخبطاً في دمائه وفي عينيه التمعت نظرة رجاء و ارتياح وثقة أنه سيحميه فصديق عمره ها هنا لينقذه.

وضع يده على كتفه ينتظر منه العون، فقام "بروتوس" هو الآخر بطعنه .. !!

هنا قال قيصر جملته الشهيرة :

 

 "حتى أنت يا بروتوس !! إذاً.. فليمت قيصر..." 

 

و سقط قيصر ميتاً، كانت طعنة "بروتوس" هي الطعنة القاتلة، بخلاف كل الطعنات الأخرى ، لم يطعنه في جسده، و إنما في شخصه ، طعنه في إرادته، في آماله وفي ثقته .

هنا فقط .. سقط قيصر راضياً بالسقوط معلنا  انهزامه ..!

وهذا ما يحدث لنا عندما لا تؤثر فينا طعنات وخداع من حولنا لكن ما يُسقطنا هو من وثقنا به ، من سلمناه مقاليد حياتنا ونحن على ثقة أنه سيحميها لا من تكون نهايتها على يديه ..!

المصدر: عبد الفتاح حامد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 626 مشاهدة
نشرت فى 5 ديسمبر 2021 بواسطة world

ساحة النقاش

world

دايما متألقة د وفاء

الشرق الأوسط والعالم

world
الموقع هو جريدة الكترونية الشرق الاوسط والعالم وهى جريدة شاملة ومتنوعة رئيس مجلس الادارة الاستاذ/عبد الفتاح حامد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

165,120