البعد الاقتصادي للأمن الغذائي ودور صناعة
الدواجن في تحقيقه
د. جاسم قاسم مناتي
إن
التخطيط الاقتصادي السليم لأي دولة يهدف إلى عمل موازنة بين العائدات
المالية المتأتية من الصادرات المختلفة (النفط ، المعادن ، محاصيل زراعة ،
مواد صناعية ... ) مع حجم الإنفاق المتمثل بالأموال المصروفة على
الاستيرادات والمشاريع الإنمائية والخدمية في الداخل . ويشترط في هذا
المجال أن يكون حجم الانفاق اقل من حجم العائدات ليحتفظ البلد برصيد جيد من
العملة الصعبة التي تسهم في رفع قيمة العملة النقدية وتزيد من
الثقل الاقتصادي لذلك البلد . فلكي يحتفظ البلد بموقع اقتصادي مرموق
واقتصاد متين عليه أن يضغط على حجم الأموال المصروفة للاستيرادات من جهة
وان يستغل ثروته الوطنية في المشاريع التنموية ذات المردود الاقتصادي
السريع والتي ستساهم في وقت لاحق في تقليل الاستيرادات الخارجية . وفي هذا
المجال تظهر أهمية المشاريع الزراعية باختلاف نشاطاتها (النباتية
والحيوانية) كمشاريع تنموية ذات مردود سريع يمكنها بوقت قصير أن تقلل حاجة
البلد للاستيرادات من جهة وقد تفتح له باب الصادرات للحصول على المزيد من
العملة الصعب من جهة أخرى . هذا بالإضافة إلى إن الغذاء سيصبح موفوراً
وبشكل يسير ورخيص أمام كافة طبقات الشعب ( المستهلكين ) . وبهذا ستتطور
الزراعة وان هذا التطور سيدفع إلى ضرورة تصنيع بعض المنتجات الزراعية
فيتحرك الجانب الصناعي ويندفع الاقتصاد الوطني لاي بلد شيئاً فشيئاً إلى
الأمام . هذا هو الأسلوب الأمثل للتقدم والرقي وهو الأسلوب الذي اتبعته
معظم دول العالم المتقدمة .إن التركيز على توسيع مشاريع الدواجن بالوقت
الحاضر سوف يضمن تحقيق هدفين رئيسيين وهما : -
1.تعتبر مشاريع الدواجن من المشاريع التنموية ذات المردود
الاقتصادي السريع فهي سوف تقلل حاجة اي بلد لاستيرادات الأغذية وبشكل سريع .
2.ضمان تحقيق الحد الأدنى من الأمن الغذائي (Food
security) للشعب لكي لا يبقى هذا الشعب مهدداً
بلقمة عيشه . ولقد عرف المختصين مصطلح الأمن الغذائي على انه قدرة الدولة
على توفير ما يكفي من الأغذية لسد حاجة الشعب منها وذلك عبر إنتاجها محلياً
وتوفير عائدات مالية كافية لاستيرادات ما يلزم لجعل الغذاء متوفر للشعب
وعلى الدوام . فصناعة الدواجن ستوفر للمواطن نوعين من أهم المنتجات
الغذائية وهما اللحم والبيض . فهاتين المادتين لا غنى عنها في السلة
الغذائية للعائلة . وان توفير هاتين المادتين محلياً سيقلل من حجم الإنفاق
على الاستيرادات وبالتالي تقليل حجم التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد
العربي . هذا علاوة على تشغيل مئات الآلاف من الأيادي العاملة الشابة والتي
ستدير كفة العمل بهذه الصناعة المتعددة الفروع .
ساحة النقاش