عندما رفض الرئيس الأميريكي دونالد ترامب إتفاقية باريس للمناخ، كان فريق من الباحثين من معهد العلوم البيئية والتكنولوجيا وجامعة برشلونة المستقلة، قد أجرى دراساتٍ أثبت فيها  أن حموضة المياه في البحر الابيض المتوسط ( تنحصر درجة حموضة ماء البحر بالإجمال في نطاق بين 7,5 و 8,4) قد زادت بنسبة 10 في المائة منذ عام 1995 . وتوقع العلماء أن ترتفع الى 30 في المائة بحلول عام 2050 في حال استمرت معدلات إنبعاثات ثاني أكسيد الكاربون على ماهي عليه، فجاءت هذه النتائج كمفاجأة صادمة للباحثين في مجال علوم المحيطات. يشير الخبراء الى أن قدرة الأنواع البحرية على التأقلم مع هذا الإرتفاع في  الحموضة مجهولة حتى يومنا هذا، غير أن المعطيات المتوفرة تشير الى تضرر نسبة كبيرة منها. فيسبب إرتفاع نسبة حموضة مياه البحر ضعفاً في الأصداف ( المكونة من كاربونات الكالسيوم)  والواقية لبعض القشريات، و الأنواع البحرية الأخرى ذات الهيكل العظمي أو القواقع،  مثل بلح البحر(تتوقع الدراسة أن ينقرض بحلول عام 2100)، المحار، الكركند ،سرطان البحر، قنافذ البحر والرخويات الصغيرة، وبعض أنواع السمك التي بدأت تظهرعليه الاصابات، خاصة فى بعض أعضائها مثل البنكرياس والكبد والكلى، بسبب إرتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، المسبب الأساسي للحموضة.وليست الأعشاب البحرية، في منأى عن هذا الخطر، فمثلاً تهدد نسبة الحموضة المرتفعى عشبة  ” البوسيدونيا” Posidonia  وهي نبتة تعيش في البحر المتوسط منذ 60 مليون سنة، تنتج الأوكسجين الذي تحتاجه الأسماك للتنفس. في المقابل أكد الباحثون أن هناك أنواعاً معينة من قناديل البحر لا تتأثر بحموضة مياه البحر ستتكاثر بشكل كبير، الأمر الذي سيسبب اختلالاً وأضراراً في النظم الإيكولوجية البحرية. كما توصلت الدراسة إلى أن حموضة ودرجة حرارة المياه السطحية للبحر المتوسط عند سواحل فرنسا ترتفعان بوتيرة أسرع وبمعدل أكبر من أي مكان آخر على سطح الأرض”. وأوضح الخبراء أن هذا الارتفاع قد يمتد الى مناطق أخرى من البحر المتوسط مثل :إسبانيا، فرنسا، كورسيكا وسردينيا. هذا الأمر غير مستغرب عندما نعلم أن هناك 350 مليون إنسان يعيشون على ضفاف المتوسط ينتجون يومياً من خلال أنشطتهم، كمياتٍ هائلةٍ من الغازات الدفيئة وخصوصاً غاز ثاني أكسيد الكربونCO2، وأن ثُلث هذه الإنبعاثات، تمتصه المحيطات. وهذا يؤدي بالضرورة الى خفض مؤشر “الرقم الهيدروجيني” pH)) للمياه وبالتالي الى  تبدلات كيميائية عديدة تسمى مجازاً بارتفاع في الحموضة. وتشير دراسة أخرى نشرت في “مجلة نيتشر” Nature الى أن التبدل في نسب مؤشرات الرقم الهيدروجينيpH في المحيطات باتجاه نسبة أعلى من الحموضة وبهذا القدر، هو معدل لم تصل إليه منذ ألاف السنين. لا يوجد، حتى الآن، حل لمسألة إرتفاع نسبة الحموضة في مياه البحر المتوسط، إلا أن المهندسين الجيولوجيين اقترحوا طرح 300 بليون قدم مكعبة من الحجر الكلسي في البحار المحيطات. ولكن هذا المقترح ستكون تكلفته باهظة وتأثيراته السلبية المحتملة كبيرة فيما ستكون النتائج الإيجابية مؤقتة. وعليه يرى العلماء الأوروبيون أن التقليل من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، يبقى هوالحلّ الأفضل.

اعداد/ منال محي الدين



  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 361 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2017 بواسطة wfish

الثروة السمكية فى العالم

wfish
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

167,081