أثقل البشر على محيطات العالم، وأنزلوا بها أضراراً منها التلوث والاحتباس الحراري، وأكثر هذه الأضرار فداحة ذلك الناجم عن الصيد الصناعي. ولا يلحق الضرر بنضوب الأسماك والبيئة فحسب، بل يشمل عامة الناس من الذين يعتمدون في غذائهم ودخلهم على السمك. وهذه حال الصيادين في أفريقيا. فأساطيل صيد ميكانيكية أوروبية وروسية وصينية سطت على الثروات السمكية في المياه المشاطئة للسنغال وغيرها من دول شمال غربي أفريقيا. واليوم، الصين هي القوة المفترسة الأبرز في مياه أفريقيا.

وساهم الصيد المفرط في المياه الصينية في شبه نضوبها من الحياة السمكية، فاضطرت بكين الى التنقيب في مياه بعيدة لإطعام شعبها، وأسطولها اليوم مؤلف من 2600 مركب صيد، وهو أسطول ضخم يفوق مراكب الأسطول الأميركي بعشرة أضعاف، ويرى زهانغ هونغزخو من جامعة «نانيانغ للتكنولوجيا» في سنغافورة، أن إمداد السوق الصينية بالمنتجات السمكية ليس مسألة اقتصادية فحسب، بل مسألة وثيقة الصلة بالاستقرار الاجتماعي والمشروعية السياسية في الصين.

فالحكومة الصينية تنتزع الأسماك من شباك الصياديين الفقراء في أفريقيا، وتنقلها الى موائد الصينيين. وخلصت دراسة نشرتها مجلة «فرونتييرز إن مارين سيانس» الى أن شطراً راجحاً من السفن الصينية بالغ الضخامة، وأن السفن هذه تغرف كميات من السمك في أسبوع واحد توازي ما تصطاده المراكب السنغالية في سنة، وتكبّد اقتصادات غرب أفريقيا خسائر قيمتها 2 بليون دولار. وسفن صينية كثيرة تنتهك القانون الدولي للنزول على ارتفاع الطلب على السمك في الصين. ففي 2015، رصدت «غرينبيس» حالات كثيرة من الصيد غير المشروع في مياه غرب أفريقيا بادرت إليه سفن صينية تلاعبت بإحداثياتها وبحمولتها من السمك. لكن السنغال تجبه معضلة كبيرة تعوق قدرتها على تقييد الانتهاكات الصينية. فبكين تضخ 60 بليون دولار في التنمية الأفريقية. «ومن العسير معارضة الصين في وقت تشق طرقنا»، يقول مسؤول سنغالي.

وليست الصين اللاعب اليتيم في هذه المأساة. فالاتحاد الأوروبي يبرم اتفاقات صيد مع دول أفريقية من أجل النزول على حركة الطلب المعولمة والشاملة، وهذه لم يعد في الإمكان تلبيتها من طريق أسماك المياه الأوروبية. والشركات الأميركية تشتري الأسماك من سفن صينية وغيرها من تلك التي تصطاد في مياه بعيدة من السواحل الأميركية التي بدأ مخزونها من السمك يتعافى، إثر تقييد الصيد فيها. وتلجأ الشركات الأميركية الى تحويل هذه الأسماك الى غذاء للحيوانات الأليفة. وتقطف كذلك روسيا واليابان الثروات السمكية في العالم. وبعض الأمم التي ترى أن مياهها مهددة تتمرد وتبدأ بالرد على الانتهاكات الصينية. فإندونيسيا صادرت مراكب صينية كثيرة بعد القبض عليها وهي تصطاد في مياهها خلسة، وأغرقت الأرجنتين سفينة صينية بعد أن سعت الى صدم سفينة حرس سواحل. واندلعت اشتباكات بين صيادين صينيين وحرس السواحل في جنوب كوريا. والتزمت الصين تقليص دعم إمداد أسطولها من مراكب الصيد بالوقود 60 في المئة من اليوم الى 2019. وقال ليو شينزهونغ، نائب مدير مكتب الصيد في بكين، «انقضى عهد الصيد كيفما اشتهى المرء، وحيثما شاء». وأعلنت وزارة الزراعة الصينية إجراءات ترمي الى حماية الثروة السمكية الصينية، وتقييد كميات الصيد.

 

اعداد / منال محي الدين 

المصدر: الحياة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 254 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2017 بواسطة wfish

الثروة السمكية فى العالم

wfish
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

200,140