<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} table.MsoTableGrid {mso-style-name:"شبكة جدول"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; border:solid windowtext 1.0pt; mso-border-alt:solid windowtext .5pt; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-border-insideh:.5pt solid windowtext; mso-border-insidev:.5pt solid windowtext; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

مقال تربوي بعنوان (المعلم وخلق الصبر ) 

( دكتور وحيد حامد عبد الرشيد)

إن رسالة التدريس هي أجل وأسمى وأنبل مما نتصوره ، حيث إن القاعدة التي تنطلق منها هي الإسلام الذي نزل أول ما نزل من كتاب الله الكريم قوله تعالى : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ( العلق : 3-5)  فقد ذكرت في هذه الآية الكريمة أدوات التعلم ومفتاح التدريس هو القراءة ثم عقب سبحانه وتعالى بالقلم ، والقلم من أدوات العلم وهذا يدل على أهمية العلم وعظمته ، حيث أول ما نزل الوحي ذكر هذه الأدوات . ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: ( َاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) (محمد : 19) فبدأ بالعلم قبل القول والعمل ، وهذا يدل على فضل العلم والتدريس والتعليم .ويقول تعالى :( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (الزمر : 9) فهذه إشارة إلى طلاب العلم والمعلمين والمدرسين الذين ساروا على الصراط المستقيم . ويقول تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران:18) فهنا قرن شهادة أهل العلم بشهادة الله سبحانه وتعالى وبشهادة الملائكة فهذا يدل على فضل العلم والمعلمين الذين أرادوا بتدريسهم وجه الله تعالى والدار الآخرة . فهذه بعض الأدلة التي تبين فضل العلم والتعلم وفضل المعلم في القرآن الكريم

أما ما ورد في السنة المطهرة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معلماً وكان يشيد بالعلم وأهله .

- فقد دخل صلى الله عليه وسلم ذات مرة المسجد فوجد فرقتين إحداهما تتعلم والأخرى تتعبد فجلس صلى الله عليه وسلم مع الفرقة التي تتعلم وقال عبارته المشهورة " إنما بعثت معلماً " فهذا دليل صريح على فضل العلم والمعلم على غيره من سائر الناس لأن المعلم ينفع نفسه وينفع غيره بخلاف المتعبد ، فالمتعبد لا ينفع إلا نفسه ،

- كذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعوا له) فالشاهد من الحديث أو علم ينتفع به ، فتصور أنك إذا مت وانتقلت من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة لا يبقى لك إلا هذه الأشياء صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، كتعليم نشرته ، أو كتاب ألفته أو شريط سجلته ، أو نحو ذلك مما يتعلق بنشر العلم، أو ولد صالح يدعو له .

- كذلك ما روي عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )

أخلاق المعلم:

إن تحلي المعلم بالأخلاق الفاضلة أمر واجب و ضرورة شرعية من جانبين:

أ. فلا يمكن تصور المعلم بدون أخلاق، إذ كيف يستقيم الحديث عن تشبع المتعلمين بالقيم الايجابية ومعلمهم فاقد إليها؟

ب. ولا يمكن بناء علاقات تربوية سليمة بين المعلم والمتعلمين في غياب المعلم القدوة المتخلق بأخلاق العلم.

وبديهي أن تستمد  الأمم والمجتمعات أخلاقيات المهنة من قيمها ومقوماتها . ونحن بفضل الله تعالى نستمد أخلاقيات مهنة التدريس من عقيدتنا الإسلامية المقررة في القرآن الكريم والسنة المطهرة . ورسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا ومعلمنا في هذا الشأن فهو خير معلم للبشرة جمعاء ، قال الله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ( الأحزاب :21)

وهناك كثير من القيم والصفات الخلقية التي يجب أن يتمسك بها المعلم ، وسوف يتناول حديثنا واحدة من أهم تلك الصفات ، وهى صفة الصبر

خلق الصبر :

ويعد الصبر من أهم هذه  الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم ، فمن المفروض أن يكون المعلم  كالطبيب يحلم ويصبر ويتحمل ويرفق بمرضاه ، وهكذا يجب أن يكون المعلم مع أبنائه وطلابه ، فرسولنا الكريم يقول ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ) .

أحياناً قد يأتيك أذى من الطالب لأنه جاهل ولو كان عالماً لما جاء ليتعلم عندك ، ولكنه جاهل ، جاهل جاء يريد أن يتعلم منك لذلك لا بد من الصبر واحتساب الأجر عند الله تبارك وتعالى .

فقد يحصل للمعلم أحياناً أذى فقد يسمع كلاماً أحياناً من بعض الطلاب أو شيئاً من هذا القبيل فلابد أن يتحمل ويصبر ويحتسب ما يأتيه إن شاء الله من الأجر والثواب من رب العالمين،  وكما تعلمون أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم مسكه رجل أعرابي جذبه حتى أثرت الجذبة في صفحة عنقه صلى الله عليه وسلم فقال له مر لي من مال الله فضحك رسول الله وأمر له . إنه معلم يعلم البشرية فحركاته صلى الله عليه وسلم وتصرفاته كلها تعليم ، فإذاً هو القدوة لنا ، ( إنما بعثت معلماً ).

لذا وجب على المعلم أن يعود نفسه على الصبر والتحمل وعدم الغضب وعدم الانفلات ببعض الكلمات النابية التي تخرج من المدرس أحياناً ليس لها أي مبرر ، وليس لها أي سند شرعي لا في كتاب الله ولا في سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فنجد بعض المدرسين أحياناً وهم قلة : يلعن الطالب أو يسبه أو يشتمه أو يقول له يا غبي أو يا حمار أو يقول يا كذا وكذا فهذا خطأ وغلط ، فهذه العبارات النابية مخالفة لكتاب الله ولسنة الرسول صلى الله عليه وسلم . وهذا يدل على أن هذا المعلم في الحقيقة أقرب ما يكون للفشل لأنه ليس عنده صبر وليس عنده تحمل ولا يستطيع أن يكظم غيظه ولا يستطيع أن يتفاعل بصورة إيجابية  مع قضايا الطلاب بحيث يمتص ما عندهم من غضب ويمتص ما عندهم من الأسئلة ويمتص ما عندهم من الضجر، الذي قد يكون  بسبب جفاف المادة الدراسية وعدم تناولها بطرق تربوية شيقة تجذب اهتمام وانتباه الطلاب ، أو بسبب مشكلات أسرية أو نفسية أو اجتماعية وهذا كله يتطلب الصبر والرفق وتقديم المساعدة له قد الإمكان لتخطى ما يواجهه من مشكلات تؤثر سلبا على علاقاته وسلوكياته وتحصيله الدراسي.

مكانة الصبر في الإسلام :

هو جواد لا يكبو، وصارم لا ينبو، وحصن حصين ودرع متين، امتدح الله من امتطاه، وأخبر أن يوفيه الأجر بغير حساب (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (الزمر: 10) . وأنه سبحانه وتعالى معهم (واصبروا إن الله مع الصابرين) (الأنفال: 46(
وجعل سبحانه وتعالى الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، فقال تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكان بآياتنا يوقنون) (السجدة: 24). وأخبر سبحانه بأن الصابرين المتقين هم المفلحون، فقال سبحانه: (يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل العمران: 200(

ويقول صلى الله عليم وسلم في الحديث المتفق عليه) : ومن يتصبر يصبرّه الله، وما أُعطي أحد عطاء خيراَ وأوسع من الصبر) ويقول صلى الله عليم وسلم: (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه (أي حبيبه) من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) (رواه البخاري(  . ويقول صلى الله عليم وسلم: (إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر عوّضته منهما الجنة) (رواه البخاري) ويقول صلى الله عليم وسلم: (ليس الشديد بالصُرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) (متفق عليه). وما أحوج الأساتذة والمعلمين إلى الصبر على الطلبة والمتعلمين، واحتمال الأذى في ذلك ؛ ليجنوا الثمار العظيمة في الدنيا والآخرة ، في الدنيا بالبركة في الرزق والعمر والصحة والعلم وحب الطلاب له ، وفى الآخرة بجنان عظيمة ورضى من الله تعالى :

ثمار الصبر :

أعلم أخي المعلم أن للصبر جملة عظيمة وكبيرة من الفوائد أعلم إنك على علم بها ولكن أود أن أذكرك فقط بها ، فالصبر مفتاح الفرج و هو مفتاح النصر كما قال صلي الله عليه وسلم : " واعلم أن النصر مع الصبر " ، فلن تحصل علي النصر علي النفس و علي العدو إلا بصبر ، و لا علي المصائب أيضا ، و انتصارك علي نفسك و علي عدوك و علي الأزمات ، و يحصل عليه بالصبر و قد عد الله الصبر في أكثر من موضع من كتابه الكريم ، وذلك لما لهذا الخلق الحميد من عظيم الأثر والعائد ، التي منها :

أولاً: إن المؤمن الصابر يحوز على محبة الله تعالى ومعيته له.

ثانياً: إن في الصبر دليلاً على كمال الإيمان وحسن الإسلام

ثالثاً: إن الصبر يورث هداية في القلب.

رابعاً: إن الصبر سبب للتمكين في الأرض والفوز بالجنة والنجاة من النار.

خامساً: إن الصبر مظهرُ من مظاهر القوة، وعلامة من علامات حسن الخاتمة.

 سادساً: في الصبر ضبط النفس عن السأم والملل والعجلة عن القيام بأعمال تتطلب الدأب والمثابرة والانتظار مدة مناسبة قد يراها المستعجل مدة طويلة.

سابعاً: في الصبر ضبط النفس عن الغضب والطيش عند حدوث مثيرات الغضب في النفس، مما قد ينتج عنه أمور لا تُحمد عقباها .

ثامناً: في الصبر ضبط النفس عن الاندفاع وراء الهوى والشهوات مما حذر منه الشرع الحكيم.

 

 

 

ولهذا نجد أن هذا الخلق هو خلق الأنبياء والرسل والعقلاء و الحكماء والفلاسفة ، الذين تحملوا الكثير والكثير في سبيل رسالاتهم ونشر النور للجهلاء ، فماتوا وظلت أسماؤهم ورسالاتهم حتى يوم الدين ، يشهد لهم الجميع ، وما أنت أخي المعلم إلا واحد منهم لكنك على هديهم اهتديت وبهم اقتديت وبرسالاتهم  عملت . فهذا هم أبناؤنا بين يديك أمانة يحتاجون إليك لتمحو ظلمات الجهل من عقولهم وتنير لهم الطريق وتعد منهم جيل صالح يعتز ما أشد حاجتنا إليه اليوم وفى الغد ، فلتتحملهم ولتصبر على جهلهم وهفواتهم ورويدا بهم نحو طريق النور ، فما جاءوك إلا محبين وما تقصيرهم إلا عن غفلة وجهل ، فعندما تنصح لهم بالصبر واللين سوف تجدهم عجينة لينة بين يدك ولن ينسوا لك هذا الفضل ولن ينساه لك الدهر ، وما يسعني في نهاية حديثي هذا إلا أن أقدم لك آيات الشكر وعرفانا بالجميل فما بنيت المجتمعات ونهض إلا على يديك .

المـــــــــراجع :

- المملكة العربية السعودية ، وزارة التربية والتعليم ، ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم ،1427هـ /  2006م

- " الصبر " ، 2006 ، متاح على

http://www.7ail.net/vb/thread41.html

- فهد العصيمي ،" صفات المعلم في الإسلام"، متاح على

http://www.edu.gov.sa/portal/newt/dhtml/k/1.htm

- محمد الناصري "أخلاقيات المعلم والمتعلم وآثارها في النجاح والتحصيل العلمي"، 2010، متاح على

http://www.arrabita.ma/almithaq/contenu.aspx?C=2871

 

مع تحيات دكتور /وحيد حامد عبد الرشيد

[email protected]

 

المصدر: تأليف
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 135 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2011 بواسطة waheednaza

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,478