<!--<!--
المقدمة
يقـول الله تعـالى فـي كتابـه:" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" (الأحزاب21 )، فكل مؤمـن بالله متبع لرسوله صلى الله عليه وسلم أمامه طريق واحد وقدوة واحدة.
ولأن مواطن القدوة في سيد البشرية كثيرة فإذا أراد العابد أو الزاهد أو المجاهد أن يقتدي، فأعظم قدوة له هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . وإن كان كل ما في رسول الله حسن يستوجب التأمل والتأسي فإن الكلمات التي تكلمت بها السيدة خديجة رضي الله عنها تحتاج منا إلى وقفه. لقد قالت له السيدة خديجة، وهي في معرض التسرية عنه - تخفيفا لألام التكذيب به والمعاندة لدعوته- قالت له (إنك لتصل الرحم, وتقري الضيف, وتحمل الكل, وتكسب المعدوم, وتعين على نوائب الدهر, والله لن يخزيك الله أبداً).
ولقد تناولنا في إصدار سابق الصفة الأولى وهي صلة الرحم، كيف نطبقها عملياً في إصدار خاص بها وهو صلة الأرحام، ونتناول في هذا الإصدار الصفة الثانية وهي تكسب المعدوم. وإكساب المعدوم هو تحويل الأيدي العاطلة إلى أيدي منتجة من خلال وسائل عديدة علمنا إياها الرسول الكريم إما بقوله أو بفعله ولقد اقتدى بهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم السابقون فأوجدوا مجتمعا غنيا عاملا لا مجتمعا فقيرا تأكل الحاجة عزته وكرامته حتى رأينا من ألجأته الحاجة إلى بيع دينه وشرفه.
إن مشكلة المشاكل التي أوجدها النظام غير الإسلامي الذي نعيشه هي البطالة ومهما حاولوا من خطوات لعلاج هذه المشكلة نجدها تبوء بالفشل لأن الله ( لا يصلح عمل المفسدين ) ولأن ( من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) لذلك على كل مسلم غيور على بلده ودينه أن يجتهد قدر استطاعته على إيجاد حل لهذه المشكلة ويكون رائده قول الله تعالى ( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ..... ) وقوله ( قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ).
إن كثيرا منا يتفقد مواطن القدرة في رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور الطاعة والعبادة، وكذا في مواطن الجهاد والسير، وما أحوجنا أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما وصفته السيدة خديجة قائلة ( إنك اتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الدهر، والله لن يخزيك أبداً) فعلينا أن نكسب المعدوم ولنتعرف على مواطن القدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ساحة النقاش