الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

المهارة – على وجه العموم – أداء يتميز بالسرعة والكفاءة في عمل معين، أو نمط سلوكي يتكرر في مناسبات مختلفة.

أما المهارة اللغوية فهي : أداء لغوي صوتي أو غير صوتي، يتميز بالسرعة والدقة، والكفاءة، والفهم، ومراعاة القواعد اللغوية المنطوقة والمكتوبة. وهي بذلك مجموعة من المهارات لا واحدة، إذا تشمل جميع فروع اللغة من قراءة ، وتعبير شفوي، ونصوص أدبية، ونحو ، وخط ..إلخ.

والنصوص الأدبية وعاء التراث الأدبي الجيد، قديمه وحديثه، ومادته التي يمكن من خلالها تنمية مهارات الطلاب اللغوية الأدبية، تنمية مبنية على التعمق والإحاطة، والاستنباط والتأمل لمعرفة مواطن الجمال في الفكرة والخيال والعاطفة والأسلوب، واستنباط الخصائص والمميزات والتعليل لها، والوقوف على العوامل المؤثرة والظروف الموجهة، والموازنة بين المتشابهات منها.

إن هذه المهارات لازمة لكل من أراد دراسة النصوص الأدبية دراسة صحيحة، تؤتي أُكلها، وتحقق أهدافها المنشودة، ورغم ما يوجد بين هذه المهارات من التداخل - بعض الشيء – إلا أنه يمكن تقسيمها إلى مهارات التحليل، ومهارات النقد، ومهارات التذوق. وفيما يلي بيان لهذه المهارات:

أ - مهارات تحليل النصوص الأدبية:

·     قراءة النص قراءة صحيحة متمثلة.

·     تحديد الأهداف المتضمنة في النص الأدبي، والتركيز عليها في أثناء التحليل.

·     فهم المعنى العام للنص.

·     تحليل النص الأدبي، طبقاً لطبيعته الخاصة، وما يحمله من دلالات متعددة.

·     تحديد التيار الفكري السائد في النص، ومدى ارتباطه بشخصية صاحبه.

·     تحديد مستوى الأداء في اللفظ، والفكر، والعاطفة، والخيال.

·     إبراز الحكم والأمثال، التي صدرت عن الأديب، وعلاقتها به وبالحياة.

·     إبراز المثل والفضائل الإنسانية، التي يركز عليها النص، وعلاقتها بالأديب.

·     تقسيم النص لوحدات فكرية، وبيان مدى الارتباط بينها.

·     تحديد نوع التجربة الوجدانية التي أملت على الأديب أفكاره.

·     تحديد الموسيقى الداخلية والخارجية في النص الأدبي.

·     تمييز المعايير الثابتة في الحكم على النص الأدبي من المعايير المتغيرة.

·     موازنة النص بغيره من النصوص الأدبية، موازنة موضوعية بعيدة عن التحيز.

·     الحكم على مدى تقدم الأديب أو تأخره بالنسبة لنفسه، ولغيره في الأداء.

·     توظيف ملامح صاحب النص، لصالح التحليل، والربط بين النص وصاحبه.

·     تحديد ملامح البيئة التي قيل فيها النص: زماناً ومكاناً وثقافة.

·     استنباط الوسط الثقافي، الذي عاش فيه الأديب.

·     تعرف الدوافع الداخلية والخارجية، التي أسهمت في إبداع العمل الأدبي.

·     تعرف خصائص الفن، الذي أنتجه الأديب من خلال آراء النقاد فيه.

·     تحديد مدى الإفادة من النص في الحياة.

ب - مهارات نقد النصوص الأدبية:

·     التمييز بين أجناس الأدب الشعرية.

·     استنتاج تطور مفهوم الشعر، ونشأته قديماً وحديثاً.

·     بيان أغراض الشعر المختلفة، وخصائص كل منها.

·     تمييز اختلاف أساليب الشعر باختلاف فنونه وأغراضه.

·     تحديد مفهوم التجربة الشعرية، وعناصرها.

·     تمييز الوحدة العضوية للقصيدة.

·     استنتاج معنى الخيال، وأثره في العمل الأدبي.

·     تمييز موسيقى الشعر.

·     تحديد معنى الالتزام في الشعر.

·     استخلاص قيمة الوجوه البلاغية.

جـ - مهارات تذوق النصوص الأدبية:

·     تمثل القارئ للحركة النفسية في النص الأدبي.

·     إدراك الوحدة العضوية في النص الأدبي.

·     إدراك الترابط بين أجزاء القالب الأدبي.

·     التعبير عن فكرة الأديب وأحاسيسه.

·     فهم درجة التواؤم بين التجربة والصياغة.

·     تعرف الصور البلاغية ومدى توفيقها.

·     الإحساس بقيمة الكلمة التعبيرية في النص الأدبي.

·     استنباط القيم والاتجاهات الشائعة في النص.

·     إدراك الرمز، وتفسير مدلولاته.

·     القدرة على نقد أجزاء النص الأدبي.

·     الموازنة بين نصين أدبيين من نوع واحد.

·     تحديد المحسنات البديعية، وعلاقتها بالمعنى.

·     القراءة الجهرية المعبرة عن اتجاهات الأديب.

·     وضع النص الأدبي، وصاحبه بين التراث والأدباء.

القيمة التربوية لدراسة النصوص الأدبية :

تبدو أهمية الأدب في أنه يؤدي إلى فهم الإنسان للحياة، ويفتح أمامه أبواب المعرفة بها، ويهيئ نفسه لتقبل ما يحيط به من مظاهر السعادة والشقاء، ويجعله قادراً على التكيف معها. وهو يتيح الفرصة لأن يعرف الإنسان نفسه من خلال ما يقرأ عن الآخرين، كما أنه همزة الوصل بين الماضي والحاضر، ومهمته أن يأخذ من الماضي: قيمه وعاداته، وآدابه وكل ما يتصل بأساسيات هذا المجتمع ليعصره، ويقدمه للقارئ بما يضمن الحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه واستمراره.

وهو أداة مهمة من أدوات الغزو الفكري؛ فكل دولة تجتهد في نشر آدابها، وفي ترجمتها إلى لغات الشعوب الأخرى، وتشجيع أبناء تلك الشعوب على دراسته، بل وتغريهم بالمنح والجوائز والكراسي الجامعية والمؤتمرات الأدبية إلى آخر الوسائل الذكية، التي تضمن تسلل أدبها، وانتشاره في الشعوب الأخرى. فإذا تخلت تلك الشعوب عن طابعها الشخصي، ولونها المحلي، ولهثت وراء قيم مستوردة، تنازلت عن قسم من مقومات شخصيتها الأصيلة، وأصبحت أكثر استعداداً للتبعية وولاء لثقافة هذه أو تلك من الشعوب الأخرى، إن مهمة الأدب مواجهة التيارات العالمية، وتوظيفها لصالح مجتمعه، بل ومواجهة العولمة التي تستهدف القضاء على الخصوصية التي تميز الشعوب.

وتبدو أهمية الأدب أيضاً في أنه يتجاوز مرحلة الكشف عن الواقع والتبصير به إلى مرحلة التغيير، وما تجب إضافته من أبعاد جديدة لهذه المرحلة. إن مهمة الأدب ليست تقرير تصور الواقع كما هو، وإنما هي فكرية موجهة تمهد للتغيير، وتكشف عن الصعاب التي قد تعيق حركته، وتهيئ المواقف والخبرات التي تمكن الأمة من تشكيل حياتها، وبناء مستقبلها.

ويعني هذا أن الأدب يزود القارئ بالفكر، ويمده بالمعارف والمعلومات، وينمي القيم الروحية والخلقية والإنسانية، ويعرفه بقضايا أمته وعصره، ويوقفه على تراث أمته، مما يحفظ عليه أصالته، ويقدمه لعصره، كما أنه ينمي لغته، ويرفع تذوقه، ويحصنه ضد التيارات والغزوات الأدبية المناهضة لمجتمعه.

وعلى الرغم من هذه الأهمية إلا أن بعض الناس، بل بعض الطلاب ورجال التربية - على وجه الخصوص- يظنون أننا الآن في عصر التقدم العلمي المادي ، عصر الذرة والفضاءات المفتوحة والثورة التقنية والمعلوماتية، وأن للعلم وحده الكلمة الأولى في حياة الإنسان، ورسم مستقبل الإنسانية، وأن الأدب يعيش كمالياً على هامش الحياة، ولاشك أن هذا وهم، وغلو كبير، ولعل ذلك يتضح من بيان القيمة التربوية والتعليمة للأدب ونصوصه، وآثارهما في توجيه السلوك الإنساني، وتكوين الأجيال، وتنشئة الشعوب، وهو لذلك من أليق الدراسات بالطلاب في المرحلة الثانوية لعدة أسباب هي :

1 -  تشتد الحاجة لتعهد الجانب الوجداني لدى طلاب المرحلة الثانوية، كما وأن هؤلاء الطلاب يستجيبون لدراسة الأدب ونصوصه استجابة سريعة، ويشاركون فيها مشاركة نشطة، ويتفاعلون معها تفاعلاً قوياً، وغير خافٍ أن النصوص الأدبية مصدر ثري للقيم الروحية التي تربي الوجدان.

2 – يتميز درس الأدب بأنه الفترة التي تتخفف فيها أذهان الطلاب من أثقال الدراسة العقلية، وتتحرر فيها عقولهم من صرامة التعريفات والقوانين والتقاسيم العقلية، ونحو ذلك من مقومات الدراسة العلمية التي تستبد بالذهن، وتثقل الفكر.

3 – يُعد درس الأدب الفرصة المحببة، التي تستروح فيها عقول الطلاب نسمات الحرية في الرأي، والانطلاق في التفكير.

4 – يتميز الأدب بقدرته الفعالة في تربية الشعوب، وربما لا تنهض الأمة بما يتوافر لديها من القوى المادية، والثروات الضخمة، والآلات الصاخبة، بقدر ما تنهض بالمبادئ والمثل وألوان السلوك وأساليب التفكير، وللأدب آثار في التقويض والإنشاء، وفي الهدم والبناء قد تختلف عنها سائر القوى المادية في المجتمعات.

أهداف تدريس الأدب ونصوصه:

تتحدد الغايات والأهداف من درس الأدب والنصوص من حيث ثلاث نواح، وهي :

1 – أن درس الأدب عملية تعليم.

2 – أن الأدب مادة لغوية.

3 – أن الأدب مادة ثقافية إنسانية.

     ومع أن هذه النواحي فيها الشيء الكثير من التداخل إلا أنه يمكن تقسيم أهداف دراسة الأدب والنصوص في المرحلة الثانوية وفق هذه النواحي إلى ما يلي:

أ – الأهداف التعليمية:درس الأدب عملية من عمليات التعليم، التي يُؤخذ بها الطلاب؛ لإحداث تغيير ما فيهم؛ فالتعليم عملية تغيير في الكائن الحي، وهذا التغيير مختلف الأشكال والضروب، فقد يكون في الفكر، أو الخلق والطبع، أو في العادات، أو المعلومات، أو العقائد، وقد يكون في الصوت، أو الحركة، أو غير ذلك. والتعليم المثمر هو الذي يحدث في المتعلم هذا التغيير المطلوب. والأدب من حيث هو مادة تعليمية يحدث في القارئ والسامع هذا التغيير، وأهم الأبعاد الإنسانية التي يتناولها الأدب بهذا التأثير ما يلي:

1 –الإدراك:للأدب مشاركة جليلة في زيادة مدركات المتعلم، وفي إمداده بألوان جديدة من الخبرة والمعرفة، وتوسيع أفقه الثقافي بوجه عام؛ ففي كل نص أدبي زاد فكري يفتح الذهن، ويزود الطلاب بالمعلومات والمواقف وأنماط السلوك والحكم والمواعظ المباشرة وغير المباشرة بما احتواه بين سطوره من هذه الأمور.

2 –الانفعال:إن التعليم – كما يؤثر في إدراك المتعلم – يؤثر كذلك في شعوره وإحساسه، فكثير من الحقائق التي تشرق على ذهن الطالب، تثير وجدانه، وتؤثر في عاطفته تأثيراً يجعله يرضى أو يسخط، ويحب أو يكره، يؤمن أو ينكر، إلى غير ذلك من الانفعالات الوجدانية. ودرس الأدب يرمي إلى تعهد هذه الناحية وإثارتها في الطلاب.

3 – السلوك:إن التغيير الانفعالي الذي يحدثه الأدب في نفس المتلقي، قد يكون ليناً رفيقاً، تقف نتيجته عند الإيمان به، والتشيع له، وقد يشتد ويقوى؛ فينقلب إلى قوة محركة، تدفع إلى نوع من السلوك العملي، والتصرف الإيجابي، وتظهر نتائجه بارزة للعيان. وفي التاريخ أحداث كان الأدب سببها، والمحرك لها، ومن ذلك أن سيدنا عمر بن الخطاب t رفع إليه أن الحطيئة يهجو المسلمين، وينال بلسانه من أعراضهم؛ فزجره ونهاه، ولكن الحطيئة لم يزدجر؛ فأمر عمر t بقطع لسانه وذعر الحطيئة، وهالته تلك الحقيقة المروعة، فماذا يملك للتأثير في قلب عمر، واستثارته ، إلا أن يلجأ إلى هذه القوة السحرية؛ فينشد:

ماذا تقول لأفراخ بذي مـرخ زغب       الحواصل لا مــاء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعـر مظلمــة        فاغفر عليك سلام الله يا عمـر

ويسمع عمر " ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ"؛ فيبكي، ويعفو عن الحطيئة.

4 -  النقد: إن النصوص الأدبية أساس النقد الأدبي ولبابه، ومحركه، إذ لا نقد حيث لا نصوص أدبية، وهي بوصفها هذا قادرة على إحداث تغيير إيجابي في ملكة النقد لدى طلاب المرحلة الثانوية، ويمكن التدليل على ذلك من خلال أهداف كثيرة أهمها :

·  تدريب الطلاب على النقد والتحليل والربط بين أجزاء النص الواحد أو النصوص المختلفة، وتمييز معالم الجمال فيها من حيث الفكرة أو اللفظ أو الأسلوب أو الصور أو الجرس الموسيقي.

·     استنتاج الطلاب الأحكام الأدبية من النصوص والفنون الشعرية والنثرية بطريقة ذاتية تلقائية.

·     توعية الطلاب بالفنون والمدارس الأدبية الحديثة ومكان الأدب العربي منها.

ب– الأهداف اللغوية:

إن الأدب مادة لغوية، وهو – من هذه الناحية – له غايات كثيرة أهمها :

·  تنمية لغة الطلاب، وتزويدهم بالمفردات والتراكيب اللغوية التي تقدرهم على تصوير مشاعرهم ونقل أفكارهم بصورة دقيقة وصحيحة.

·  الارتقاء بتعبير الطلاب الفني عندما يدركون مواطن الجمال في النصوص، ويحاولون النسج على منوالها مما يساعدهم على الارتقاء بأسلوبهم ونتاجهم الأدبي.

·  تنمية الخيال لدى التلاميذ؛ حيث إن الأدب لا يكون أدباً إلا بخروج الكلمات عن دلالتها اللغوية، وشحنها ببعض الصور والأخيلة.

جـ – الأهداف الثقافية:الأدب مادة ثقافية إنسانية، وهو بهذه المثابة يستهدف غايات كثيرة منها :

·  وصل الطلاب بحياة الأدباء وصلاً، يستثير متعتهم وشغفهم بقراءة المزيد من تراثهم، مع الإطلاع على الظروف الخاصة والعامة التي أثرت في أدبهم، وأضفت عليه خصائصه المميزة.

·  توعيتهم بتطور الأدب، والوسائل التي ساعدت على رقيه، والأسباب التي أدت إلى ضعفه في بعض الفترات؛ لتعين هذه الثقافة على اتصالهم به، وإفادتهم من قراءته.

·     تعميق فهمهم لحياة الناس والمجتمع والطبيعة من حولهم.

·     مساعدتهم على اشتقاق معاني جديدة للحياة، وعلى تحسين حياتهم وتحملها.

·      زيادة معرفتهم بأنفسهم وفهمهم لها، بحيث يتمكنون من توجيه حياتهم توجيهاً رشيداً.

·     تعريفهم بالتراث الأدبي للغتهم، بما يشتمل عليه من قيم جمالية، واجتماعية، وخلقية، وظروف تاريخية مختلفة.

·     مساعدتهم على فهم مشكلات المجتمع، الذي يعيشون فيه، والدور الذي يجب أن يلعبوه في حل هذه المشكلات.

·  مساعدتهم على تكوين نظرة سليمة إزاء المشكلات الكبرى، التي مرت بها الإنسانية، والحلول التي اهتدت إليها في مختلف العصور.

·     تنمية ميلهم إلى القراءة الحرة، كوسيلة من أجمل، وأنفع وسائل قضاء وقت الفراغ.

 

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 6304 مشاهدة
نشرت فى 29 مايو 2011 بواسطة wageehelmorssi

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

wageehelmorssi
الايميل الحالي: [email protected] المؤهل العلمي: •دكتوراه الفلسفة في التربية جامعة عين شمس عام 2001م. •الوظيفة الحالية: أستاذ مناهج و طرق تدريس العلوم الشرعية والعربية بجامعتي الأزهر وطيبة بالمدينة المنورة. جمعيات علمية: 1-عضوية الجمعية المصرية للقراءة والمعرفة. 2-عضو الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس بالقاهرة. 3-عضو لجنة التطوير التكنولوجي بجامعة الأزهر. 4-عضور »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,796,133