في زمن الطفولة المبكرة ، كنت المطلوب رقم واحد عند "وحّامات" الحارة، الشعر أسود وناعم ، الوجه مستدير ، والأخلاق رفيعة نوعاً ما .. لذا كانت كلما صادفتني إحداهن وأنا أطارد احد القطط الشرسة بالحجارة والكنادر، أو أهمّ بقطع الشارع لشراء باكيت "سيرف" للحجة ، توقفني لحظة ثم تقرصني في "نيعي" وتتوعّدني أنها ســ"تتوحّم " عليّ ثم ترسل سلاماً حارّاً لأمي.
في المدرسة كانت تؤخّرني صاحبة الدكانة القريبة عمداً..وأحياناً تجبرني أن أقابلها على "السدر" أمام الدكان وأقوم بتلقيط ملوخية معها ، كضرورة من ضرورات "الوحام"..ثم تعطيني بمصروفي بسكويت "دبل ويل" وأجرة "التوحيم" 3 قطع سوس ، وأخرى كانت تقول كلما رأتني "ان الله راد ..بدي أتوحّم عليك" مع ان هذه الأخيرة كان عمرها آنذاك يناهز الخامسة والستين عاماً ، على اية حال..بقيت "دونجوان الوحام"..حتى وصلت الصف السادس..بمعنى آخر عندما بدأت أفهم الحياة قليلاً، حيث تجعّد الشعر وخشن، واستطال الوجه و أصبح كالمسطرين، والأخلاق صارت تقريباً "سيس" ،عندها "بطّلت" الوحّامات "تلــدّ في زقمي" على الإطلاق..
وعلى سيرة الوحام، وما دام الحاج فايز الطروانة طلب من الكتل البرلمانية ..تحديد"مواصفات" الرئيس وليس "اسماً "محددّاً، فمسألة اختيار رئيس الوزراء القادم من وجهة نظره تشبه تماماً سلوك الوحام (تمنّي لا تحديد) ...ولأن الصفات الحميدة بالغالب نسبية ، فــ"الأخلاق" مصطلح مطاط، و"الوطنية" بتمط أكثر من كنافة حبيبة ، والولاية العامة عبارة عن "علكة" ، والنزاهة مثل "مغّيط السراويل"..وبما أن المسموح لنا فقط الحديث عن مواصفات ومقاييس وليست أسماء أشخاص فأنا أقترح أن يتم توزيع صورة "رجب طيب اردوغان" على أعضاء الكتل البرلمانية وهم في "الكوسترات" بطريقهم الى الديوان .. ليتوحّموا على تاريخ هذا الرجل المشرف منذ كان رئيس بلدية اسطنبول ، إلى أن حمل تركيا على كتفيه وأكتاف حزبه لتصبح أكبر وأقوى دولة في المنطقة ، فقط توحّموا على الصفات الوطنية لدى هذا الرجل ، واتركوا "لون" العينين وطول القامة وصفاء البشرة و"استقامة" الأنف.. ماذا يريد الشعب برئيس أنفه مستقيم وسلوكه "اعوج"؟؟؟..
تعريف متأخر للوحام "البيولوجي" و"السياسي": (( بعد أن يكون المولود قد تكوّن ،واكتملت أطرافه ، وثبتت جيناته، تحاول الأم تسلية نفسها من اعباء "الحمل" بمطالعة الوجوه لحين موعد الولادة))..
وإن شاء الله نقوم بالسلامة..
أحمد حسن الزعبي
ساحة النقاش