يلا نتوب صح (فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له)
يقولُ الله تعالى:(إن الله يُحِبُّ التوّابين ويُحِبُّ المُتَطهرين) ، ويقولُ أيضاً:(وَتُوبُوا إلى اللهِ جَمِيعاً أيها المؤمنون لعلكم تُفلِحُون).
· وقد يسأل سائلٌ ويقول: ماذا أفعَلُ إذا أذنبت؟
يقولُ رسولُ الله صَلّى الله عليه وسلم: (ما مِن رَجُلٍ يُذنِبُ ذنباً فيتوضأ ويُحْسِنُ الوُضوء ثم يُصَلي ركعتين ، فيَستغفرُ اللهَ عزّ وجلّ الا غَفَرَ له) ،
- فلذلك ينبغي على العبد إذا أذنَبَ ذنباً أن يتوضأ ويُصلي ركعتينِ توبةً إلى اللهِ تعالى ، ثم يستغفرُ اللهَ وَهُوَ شديدُ الندَم والخوف على ما فرّط في حَقِ الله ، وكذلك يكونُ شديدَ الرجاءِ في مغفرةِ الله له ، كما قالى تعالى :(يَرْجُونَ رَحْمَتَه ويَخافونَ عذابَه) ،
- فالمؤمن يَطِيرُ إلى الله بجناحَيْنِ وهما:(الخوف والرجاء) ، فهُوَ يُؤمِنُ بِقوْلِ اللهِ تعالى: (نبئ عبادي أنى أنا الغفورُ الرحيم) كما يُؤمِنُ بقولِهِ تعالى:(وأن عذابي هوَ العذابُ الأليم)
- فعندما يستغفرُ العبدُ ربَه لابد أن يستشعرَ قولَ الله تعالى :)ومَن يَعملْ سُوءاً أو يَظلِمْ نفسَهُ ثم يَستغفرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غفوراً رحيماً) ، ويستشعر قولَهُ تعالى :(فقلتُ استغفروا ربَكُم إنه كان غفاراً).
- أتَخشَى ألا يغفرَ اللهُ لك؟!! أقبِلْ على ربك فإنه سبحانه الغنيُ عن عذابك ، فقد قال تعالى: (مايفعلُ اللهُ بعذابكم إن شَكَرتُم وآمَنتُم) يعني (ماذا يستفيدُ اللهُ بتعذيبكم إن شكرتم وآمنتم)
وهو القائل سبحانه: (ورَحمَتِي وَسِعَت كلَ شيئ) ، وأنت شيئ فلا تقنَط ، وأقبِلْ ولا تَخَفْ.
· احذر من قلبك حالَ ارتكابك للمَعصِيَة.
تَخيّلْ لو أن شَخصَاً دَخَلَ حُجْرَتَهُ وأغْلَقَ البابَ على نَفسِهِ لِيَرَى شيئاً مُحَرَمَاً على الإنترنِت (مثلاً) ، فوَجَدَ أن الكهرباء مُنقطِعَة ، فحَزِنَ على فَوَاتِ المَعصِيَة (هذا الحُزن يكونُ أكبَرُ من المَعصِيَةِ نفسها) ، ثم فوجِئَ بعدَ قليل بأن التيار الكهربائي قد جاءَ مرةً أخرَى ففرحَ لأنه سَيَفعَلُ المَعصِيَة (هذا الفرَح يكونُ أكبرُ من المعصيةِ نفسها) ، ثم فوجئ أثناء فِعلِ المَعصِيَة بوالده يفتحُ الباب عليه فاهتز وخاف أن يراه والدُه في هذه الحالة (هذا الخوف يكون أكبرُ من المَعصِيَةِ نفسها).
فإذا كنتَ قد وَقعْتَ في شيءٍ من ذلك فاندَم واستغفرِ اللهَ على ما حَدَثَ في قلبِِكَ ساعتَها.
· اعلَم أن الصَغِيرَة تَعْظُمُ عند الله بعدةِ أسباب منها :
1.الإصرار والمُوَاظبَة : والإصرار هو البَقاء على المُخَالََفة والعَزْم على المُعَاوَدَة (كأن يَنوِي شخصاً ما أن يفعلَ مَعصِيَةً مُعَيَنَة في الأسبوعِ القادِم) ،
يقول الله اللهُ تعالى في وَصْفِ عبادِهِ المتقين: (ولم يُصِرُوا على ما فعَلوا وَهم يَعلمُون) ،
ثم قال بعدها : (أولئك جَزَاؤهُم مَغفِرَة من رَبِهِم) ، فوَضَحَ سُبحَانَهُ وتعالى أن عدم إصرارِهِم كان من أحَد أسباب مغفرتِهِ لهم.
ولذلك فإني أنصَحُ أخي المُدَخِن بسرعةِ التوبة ، والإقلاعِ عن التدخين فوراً ، وذلك لأنه بِحَمْلِهِ لِعِلبَةِ السجائر في جَيْبِهِ يَكُونُ مُصِرّاً على مَعصِيَةِ رَبِه ، فتَعْظُمُ مَعصِيَتُهُ بذلك عند الله فيُفاجَأ في الآخرةِ بجبالٍ من السيئات تنتظِرُهُ وهُوَ لا يَدرِى شَيئَاً عنها ،
فنَجِد أنه عندَ حَمْلِهِ لِعِلبَةِ السجائر كان حَالُهُ يقول : (يارَب أنا عَصِيتَك دِلوَقتِي وهاعصِيك كَمَان رُبْع سَاعَة ، وهكذا حتى تنتهي العِلبَة ثم أشتري عِلبَِة أخرى أَعصِيكَ بِِها).
نعم هُوَ لا يقولَُ ذلك بلِسَانِهِ ولكن قلبُهُ وحالُهُ يقولانِ ذلك، فليَحْذرْ وليُسْرِِعْ بالرُجُوعِ إلى رَبِهِ الكريمِ الغفار، وليِستَعِنْ باللهِ، وَلْيَدْعُ بِصِدْقٍ ويقول:(يارب كَرَّهْنِي فِيها)، فإن قلبَهُ في يَدِ رَبِه.
2.استصغار المَعصِيَة : كأنْ يقول أحدُ الاشخاص إذا نصحتَهُ بالتوبة من معصيةٍ مُعَيّنَة: (ياعَمّ.. دة انا أحسَن من غِيرِي ، دة غِيرِي بيعمِل كذا وكذا) ،
وهو لا يعلم أنه بذلك القوْل تَعْظُمُ مَعصِيَتُهُ عند الله تعالى ، وذلك لأنه قد استصغرَ المَعصِيَة ، واللهُ تعالى يقول :(وتحسَبُونَهُ هَيّناً وهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيم) ،
فإذا رَأى العَبْدُ معصيتَهُ صغيرة فإنها تكونُ عندَ اللهِ عظيمة ، وتأمّلْ معي قوْلَ أحَدِ الصالحين :
(لا تنظُرْ إلى صِغَرِ المَعصِيَة ولكنِ انظر إلى عَظَمَةِ مَن عَصَيْت) ،
يَعنى:(مِشْ مُهِم المَعْصِيَة صُغَيّرَة ولا لأ ، المُهِم إنتَ عارف إنتَ عَصِيت مِين ؟؟؟ ).
· إياكَ وَالتَرَدُد...
تَخَيّلْ أنك فى يومٍ ما وجدتَ شيئاً يتحرك فى كِيس قِمامة فنظرتَ لتعرف ما هذا الشئ فوجدتَهُ طِفلاً رَضيعاً قد ألقاهُ أحد الأشخاص حتى يتخلصَ منه ، فأخذتَ هذا الطِفل وقمتَ بِتَنظِيفِه ، وَرَبَيتَهُ مع أبنائِك ، وَأنفقتَ عليه حتى أتَمّ تَعليمَهُ ، ثم عَينْتَهُ في شَرِكَتِكَ الخاصة ، ثم اشتريتَ له مَنزِلاً وسيارة وأعطيتَهُ تكاليف زَوَاجِه.
وفى يوم من الأيام كان يَمُرّ مِن أمامِكَ بسيارته (التى اشتريتَها له) فأشرتَ له بالوُقوف فوجدتَهُ قد تَرَدَد هل يقف أم لا ؟
كَوْنُهُ تَرَدّد-حتى وإن وَقف بعد ذلك- فهذه جَريمة (هُوّ مش عارف انتَ جَايْبُه منين)!!
وهذا هو حالُكَ مع الله – وللهِ المَثلُ الأعلَى – عندما تتردد فى تَرك مَعصِيَة مُعَينَة :
(أتركها وأتوب أم أنتظر قليلا؟) ، أو تتردد فى الذهاب للصلاة فى المسجد (أذهَبُ أم لا؟)
لازم تفتكر:(إنتَ كنت إيه أصلاً؟!) وربنا هو اللي خلقك وسَوّاك وعَدَلَك.
فلابد أن تُسرع دون تردد فى تلبية أمرِ الله ، وأن تُسرِع بالتوبةِ إليه وتركِ المعصية ،
فَكَم جريمة ترَدََُد مُثبَتَة عليك فى صحيفتك... قل الآن من قلبك : (أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه).
· ماذا أفعل إذا راوَدَتنِي نفسى على فِعل مَعصِيَة ؟
لابد أن تُذَكِرْها بحديث النبى صلى الله عليه وسلم : )إياك والمَعصِيَة فإنها تُحِلّ (أي تَجلِب) سَخَطَ الله) فتقول لها : (أنا مِش قَدّ غَضَب ربِنا).
وكذلك لابد أن تتذكر أنك قد تموتُ الآن وأنت تَعصى فَتُبعَثُ على هذه المَعصِيَة ، ولا تستبعد ذلك أبداً فهناك من دَخَلَتْ عليه والدتُه وهو في حُجرَتِهِ فوَجَدَتْهُ قد ماتَ فجأة (أي بالسَكتة القلبية) وهو يشاهدُ شيئاً مُحَرمَاً على جهاز الكُمبيوتر(فنعوذ بالله من سُوء الخاتمة).
فلذلك تَجد أن أسْهَل طريق للنجاة مِن المَعصِيَة - بعد الاعتصامُ بالله- هو أن تَربُطهَا بِمَوْتِ الفَجْأة ، بمعنى أنك إذا راودَتْكَ نفسُكَ على فِعلِ مَعصِيَة فلابد أن تقول لها :
(لو مُتّ دِلوَقتى هاقول لِرَبِنا إيه؟!).
· انتبه... تُب الآن ولا تقل:(سوف أتوب).
يقولُ اللهُ تعالى : (ومَنْ لم يَتُبْ فأولئك هُمُ الظالمون) .
فقسّمَ اللهُ بذلك العِباد الى قِسْمَيْن :إما تائب وإما ظالم ، فإذا لم تكن تائباً من الذنوب والمعاصى فأنت ظالم ، فاحذر أن يأتيَكَ مَلَكُ المَوْتِ الآن وأنت في هذه الغفلة فتموتَ ظالماً عياذاً بالله (نسأل الله العافية وحُسنَ الخاتمة لنا ولجميع المسلمين) ، فلابد أن تنتبه ولا تقل:
(سوف أتوبُ غداً أو فى رمضان القادم) فأنت لا تدري متى يأتيك المَوت ،
ولذلك لابد أن تُسَارَع الآن بالتوبة من أى مَعصِيَة تُغضِبُ الله وأن تكثر من الندم والاستغفار على ما فات من الذنوب حتى تكون مُستعداً فى أي لحظة للقاء ربك وحبيبك وأنت نظيف (اللهم أيقظنا من غفلتنا وَتُبْ علينا توبة نَصُوحَاً تَرضَى بها عنا لا نعودُ بعدَها إلى أي مَعصِيَةٍ أبداً).
- يتسائل الكثيرُ منا ويقول: ما السبب أننا نتوب من المعاصي والذنوب ثم نعود إليها مرة أخرى؟
السبب أننا لم نتعلم كيف نتوب ، ولذلك...هيا بنا الآن لنتعرف على مَعنَى التوبةِ النَصُوح:
يقولُ اللهُ تعالى : (ياأيها الذين آمنوا تُوبُوا إلى اللهِ توبةً نَصوحاً) ،
قال ابنُ كَثِير رَحِمَهُ اللهُ: التوبة النَصوح هى توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من الذنوب.
وقال الحسن البصري رَحِمَهُ اللهُ: أن تُبغِضَ الذنبَ كما أحبَبتَه وأن تستغفرَ منه إذا ذكرتَه.
- وقد اشترط العلماء شروطاً للتوبة النصوح مأخوذة من الآيات والأحاديث وهى :
أولاً: الإقلاع عن المَعصِيَة:
وذلك بأن تهجر المَعصِيَة بجميع الأسباب التي أوقعتك فيها ، فمثلاً لابد أن تهجر المكان الذي عصيتَ اللهَ فيه إن استطعتَ ذلك ، وإن لم تستطع (كأن يكون هذا المكان في البيت مثلاً) فلابد أن تستغفر اللهَ فيه وأنت نادم على ما فعلته ، لأن هذا المكان سوف يَشهَدُ عليك يوم القيامة فاجعله يشهد لك أيضاً فتكون المُحَصِلَة: (صِفر)(أي: لا لك ولا عليك) ، وكذلك إن استطعتَ أن تستغفر اللهَ فى كل مكانٍ عصيتَهُ فيه فافعل لكن... بشرط ألا يكون هذا المكان سبباً لوقوعِك فى المَعصِيَة مرة أخرى.
ولابد أيضاً أن تهجر أصدقاء السُوء (الشِلّة) التى أعانتك على فِعل المَعصِيَة ، وهذه نقطة هامة جداً فإنك لن تستطيع الثبات على التوبةِ النَصوح دون تغيير هذه الصُحبَة الفاسدة واستبدالها بصُحبَةٍ صالحة تأخذ بيدِك وتعينُك على فِعل الطاعات واجتناب المعاصى ، ولتعلمْ جيداً أن هذه (الشِلّة) - إن لم تَتُبْ - فهى كفة ودينُكَ فى كفة فلابد أن تُرَجِحَ كفة الدين مهما كَلفكَ الأمر ،
فقد قال الله تعالى : (قل إنْ كان آباؤكُم وأبناؤكُم وإخوانُكُم وأزواجُكُم وعَشِيرَتُكُم وأموالٌ اقترَََفتُمُوها وتِجارةٌ تَخشَوْنَ كَسادَها ومَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أحَبَّ إليكم من اللهِ ورسولِهِ وجِهَادٍ فى سبيلِهِ فتَرَبَصُوا حتى يأتيَ اللهُ بأمرهِ واللهُ لا يَهدِى القومَ الفاسقين).
واعلم أنك لابد أن تقوم بإزالة أي مَعصِيَة مَوجُودَة عِندَكَ (يكونُ في استطاعتِكَ أن تُزيلَها)
مثل أن تقوم بمَسْح جميع الأفلام والأغاني الموجودة على الكمبيوتر الخاص بك ،
فإنك إن لم تفعل ذلك وزعمتَ أنك تائب فإنك تكون وَاهِمَاً لأن توبتك هنا تكونُ غيرَ صَحِيحَة ، حيث أنها فقدَتْ شرطَ الإقلاع ، بل ولابد أن تعلم أنك إنْ لم تَقمْ بمَسْح هذه الأشياء فإنك تكون مازلتَ مُصِرّاً على معصية ربك لأنك ستعودُ إليها حَتماً في يوم من الأيام فاحذر من ذلك واعلم أن الله لا يُغيِرُ ما بقومٍ حتى يُغيِرُوا ما بأنفسِهم وأن مَن ترَكَ شيئاً لله عَوّضَهُ اللهُ خيراً منه.
ثانياً :الندم على ما فات:
قال النبى صلى الله عليه وسلم: (الندَمُ توبة) ، وذلك لأنه أعظمُ أسبابها ، فلذلك تَجِد أنه إذا صَحّ ندمُك صَحّتْ توبتك حيث أنه كلما ازداد ندمك وخوفك من ضرر ذنوب الماضي..كلما ازداد اهتمامك بإزالتها من صحيفتك خوفاً من عقاب الله تعالى فتنشغل بذلك عن أي معصيةٍ أخرى.
- وعلامة صِدْقِ ندمِك أن تكرهَ نفسَكَ الأمّارة بالسُوء لأنها هي التي أوقعتك في الذنوب ، فتقول لها: (إنتي السبب..كِفايَة ذنوب كِدَة..هاتضيَعِينى..خلِينَا ننظف اللي فات بالاستغفار والبكاء) ،
كما قال النبى صلى الله عليه وسلم حِينمَا سُئِلَ عن النجاة: (وابْكِ على خطيئتِك).
فلابد أن تجعل الندم يُسَيطِرُ على قلبك بحيث أن قلبك إذا غفلَ عن الطاعة ، ووجدتَهُ يلتفت إلى المَعصِيَة من حينٍ لآخر ويتمنى فعلها مرة أخرى فلابد أولاً أن تعتصم بالله بصِدْقٍ فتقول:
(يارب لو سِبتِنِي هاضِيع..الحَقنِي..أعوذ بك من شر نفسي) ، ثم تتذكر أنك مازلتَ شديدَ الندم على ما فرطتَ فى حَق الله وعلى ما ضاعَ من عُمرِكَ فى المَعصِيَة وأنك مازلتَ لم تنتهِ بعد من
تنظيف ما فات فكيف تطمع فى معصيةٍ أخرى: (أنا ناقِص ذنوب تانى كِفايَة اللى عَندي).
ثالثاً: العَزم على عدم العَودة إلى المَعصِيَة: بعض الناس تجده يقول عندما يتوب : (أنا عارف..هاتوب دلوقتي وبَعدِين هارجَع تاني) ، فهذا لا تَصِحّ تَوبَتُه لأنها فقدَتْ شرطَ العَزم ، فلازم(عشان تتوب صح) إنك وانتَ بتعزم تكون متأكد 100% إنك مش هاتِرجَع للذنب دة تانى ، وذلك من كثرة ما ستأخذ بالأسباب فى مجاهدة نفسك ، والاعتصام بالله من النفس والشيطان واليَقظة التامة مِن كَيْدِهِمَا ، وإغلاق أي باب يَجُرُكَ الى المَعصِيَة ،
فتقول ساعتَها وأنت تتوب: (أنا مِش مُتخَيّل إنى ممكن أرجع للذنب دة تانى فى يوم من الأيام) ، لكن لابد أن تقول ذلك وأنت صادق فى عزيمتك حتى يقبلك الله تعالى ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم:(إنْ تَصْدُق اللهَ يَصْدُقكَ) ، ولنا فى قصةِ إسلام عمرو بن العاص عبرة فى صِدق توبته حينما جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم ليُسْلِمَ فقال للنبى صلى الله عليه وسلم:
(أردتُ أنْ أشترط أنْ يُغفَرَ لى) ، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: (أما علمتَ يا عمرو أن الإسلام يَهدِمُ ما قبله ، وأن الهجرة تهدِمُ ما قبلها ، وأن الحج يَهدِمُ ما قبله؟).
فيكفينا مِن صِدق توبته أن فتح اللهُ مصرَ على يديه فهو يأخذ مثل أجر كل مسلم يُولد فى مصر منذ أن فتحها ، فلحْظة صِدْق مع الله يَعمُرُ بها كلُ خَرَاب ، ويُتَدَاوَى بها كلُ تَفريط .
رابعاً: رد المظالم إلى أهلها: يقول صلى الله عليه وسلم: (مَن كانت لأخيه عِندَهُ مَظلمَة مِن عِرضٍ أو مال فليَتَحَللهُ اليومَ قبل أنْ يُؤخَذَ منه يومَ لا دينار ولا دِرهَم ، فإنْ كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مَظلمتِه ، وإن لم يكن له عمل أخذ من سيئات صَاحبه فجُعِلت عليه).
فيَخرُجُ التائب من هذه المظالم بأدَائها إلى أصحابها أو أن يَطلب مُسامَحَتِهم(إذا لم يستطع رَدَّهَا) - ولكننا نجد مَن يقول: إننى أجدُ حَرَجَاً فى مُصارحة من أخذتُ منهم مالاً بغير حق فلا أستطيع أن أواجههم فماذا أفعل؟
مِن المُمكن أن ترسلَ حقوقهم مع شخصٍ آخر ، فيقول لهم: هذه أمانة كانت لكم عند شخصٍ ما وهو لا يريد أن يَذكُرَ اسمَه ، أو أن ترسلها بالبريد ، أو أن تضعها عندهم دون أن يشعروا.
- ونجد آخَرَاً يقول : إننى قد وقعتُ فى غِيبَة أشخاص واتهمتُ آخرين بأشياءَ هُم بَريئون منها فإذا طلبتُ مُسامَحتهم وأخبرتُهم بذلك قد يَغضَبون ، وقد يكون ذلك الإخبار سبباً لعداوة لا يَصفون لى بعدها أبداً فماذا أفعل؟
أولاً:لابد أن تثني بالخير على من اغتبتَهُ فى المجالس التى اغتبته فيها وأن تبرئه من أي اتهام اتهمته به ، ثانياً: سأعلمك دعاءً جامعاً تدعو به لكل من له عندك مظلمة فتقول:
(اللهم اغفر لكل مَن له عندى مَظلمَة مِن عِرضٍ أو مال ، أو تقول اللهم اغفر لكل خُصُومِي وغُرَمَائِى)، واعلم أنك إذا قلت :اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات فإنه سيكون لك بكل مؤمن ومؤمنة حَسَنة كما أخبر بذلك حبيبك صلى الله عليه وسلم.
وَمِسْكُ الخِتام...نصِيحَة غالية : أنصَحُكَ أخي الحبيب أن يكون لك رَصِيداً من الأعمال الصالحة يومياً حتى لا تترك لنفسك فراغاً تُذَكِّرُكَ فيه بمَعَاصِي المَاضي وتفاصيلها وأحداثها فتُزَينَ لك الرُجُوعَ إليها مرة أخرى ، فإن نفسَكَ إنْ لم تَشغلْها بالحَق شَغلتْكَ بالبَاطِل ، فلذلك لابد أن يكونَ لك وِرْداً ثابتاً من الطاعات (مثل قراءة جُزء من القرآن يومياً أو نِصف جُزء) ، وأنْ يَكُون لك عَدَدَاً ثابتاً من الركعات فى قِيام الليل وورداً مِن الاستغفار وأن تكثر مِن: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإن لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة ، وتكثر من(سبحان الله وَبحَمدِهِ سبحان الله العظيم) ، وكذلك صيام الاثنين والخميس و(13و14و15) من كل شهر عَرَبى وهكذا... فهذا يكونُ أقربُ إلى تثبيت الله لك على التوبة النصوح وتكفير كل ما مَضَى فقد قال الله تعالى: (إن الحَسَََنَاتِ يُذهِبْنَ السَيئَات) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (إن مثل الذى يَعمَلُ السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رَجُلٍ كانت عليهِ دِرْعٍ ضَيقة - (لِبَاس حَديد يرتديها المُقاتل)- قد خَنَقتْهُ ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ثم عمل أخرى فانفكت الأخرى حتى يخرج إلى الأرض).
وائل العدوى
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش