البيئة وحقوق الانسان
هناك ارتباط أساسي بين الجهود الرامية للحفاظ على البيئة والمضي قدما نحو تحقيق الاقتصاد الأخضر وما سيحققه من فوائد كثيرة فى مجالات الطاقة والغذاء والامن المائى للانسانية, وذلك بالارتباط مع الحفاظ على حقوق الانسان للوصول لتحقيق التنمية المتكاملة والاهداف الانمائية للالفية.
و يعتبر الإنسان أهم عامل مؤثر في إحداث التغيرات البيئية المختلفة ، فمنذ بدء الخليقة ووجود الانسان على الارض وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وبمرور الأعوام ازدادت سيطرة الانسان و تحكمهً في البيئة، وخاصة بعد أن التقدم العلمي والتكنولوجي الذى اتاح له المزيدً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لزيادة متطلباته من الغذاء والكساء , مما اضطر الانسان معه الى قطع الغابات ليحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، كما أفرط في استهلاك المراعي الطبيعية مما ادى لاندثارها فى مناطق كثيرة من العالم.
وقد اثرهذا التحول على البيئة بشكل مباشر تاثيرات مختلفة على حياة الكثيرمن البشر بالايجاب حيث ساهم في تحقيق مكاسب كبيرة لرفاهية الإنسان والتنمية الاقتصادية في العديد من مناطق العالم، ومن جهة اخرى فقد تدهورت الأوضاع المعيشية بالنسبة للكثيري فى مناطق اخرى من العالم .
" الاقتصاد الأخضر":
طبقا لتعريف برنامج الامم المتحدة للبيئة فانه "نظام اقتصادي " يعترف بالخصائص الإيكولوجية الصحية باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد و الرفاه الاجتماعي و كشرط مسبق للحد من الفقر".
ان التحول نحو اقتصاد أخضر يتطلب سياسات متماسكة لدمج ركائز التنمية المختلفة، والتي بدورها تتطلب التعاون بين مختلف الوزارات والتلاحم بين المنظمات و المؤسسات التي تتعامل مع مختلف جوانب التنمية على الصعيد الدولي والمستوى الإقليمي.
ولتحقيق الجهود لتشجيع التنمية المتكاملة يجب أن ندرك ان الضمان الاساسى لتحقيق بينة متوازنة وصحية هو العلاقة الصحيحة بين حقوق الإنسان وحماية البيئة.
حيث لا يمكن تحقيق الاقتصاد الأخضر بدون دمج حقوق الإنسان وحماية البيئة لتحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة.
ومنذ بدء الاهتمام بالمحافظة على البيئة فى أواخر ستينيات القرن الماضى تقريبا بدا تكون نظرة قوية لتاثير عملية حماية البيئة على حقوق الانسان.
لذا فانه ابتداءا من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة في ستوكهولم في عام 1972 فقد تم الربط بين الحفاظ على البيئة وحقوق الانسان, ونفس الحال فى مؤتمر قمة الأرض في ريو عام 1992, ومؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة لعام 2002, وصولا لمؤتمر قمة المناخ فى باريس 2015 حيث تم الاهتمام بقوة بمدى تاثر حقوق الانسان بالسعى للحفاظ على الاستدامة البيئة. كما نجد على الصعيد الإقليمي، ان هناك ارتباط واضح بين حقوق الإنسان والبيئة في الاتفاقيات الاقليمية فى كل منطقة، مثل الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، و الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ، و اتفاقية اللجنة الاقتصادية لأوروبا وذلك للوصول للمعلومات والمشاركة العامة في صنع القرار,للوصول لتحقيق العدالة فيما يتعلق بالبيئة فى طار ما يعرف " اتفاقية آرهوسAarhus” " .
ولذلك بدات دول العالم المختلفة تضمين دساتيرها احكام تشريعية ودستورية تتعلق بحماية البيئة وواجب الدولة في حماية البيئة أو الحق في الحصول على وصحية ومتوازنة بيئيا (أو غيرها من صفة ) بيئة آمنة سواءا بالتعديل او بسن قوانين جديدة ابتداءا من عام 1970 تقريبا.
كما تم صياغة العديد من الأحكام الدستورية و القانونية على مستوى الكثير من البلدان، والتي تنص على الحق في بيئة نظيفة، آمنة , وصحية، أو سليمة بيئيا.
ومع الاهتمام بتحقيق التنمية المستدامة للحفاظ على الكوكب للاجيال القادمة فقد حدث تشابك بين حماية البيئة والجهود الرامية لتعزيز حقوق الانسان, حيث يمثل الحفاظ على حقوق الانسان وحماية البيئة جزء اساسى من استراتيجية التنمية المستدامة,
وفى عام 2011 اعتمد Aarhus القرار 16/11 والذى صدر بعنوان "حقوق الإنسان والبيئة"، وبموجبه تقوم المفوضية السامية لحقوق الانسان باجراء دراسة تحليلية مفصلة، بشأن العلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة، وذلك بالتشاور مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة والهيئات الحكومية الدولية، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف ذات الصلة، والإجراءات الخاصة، وهيئات المعاهدات، وغيرها من الجهات صاحبة المصلحة.
لذا فان الحفاظ على البيئة يجب ان يتوافق مع الحفاظ على الحقوق الاساسية للانسان فى كافة ارجاء المعمورة لتلافى الاثار السلبية على المناطق الفقيرة والاقل نموا فى العالم.
د وليد ابوبطة
خبير التنمية المتكاملة
http://waleedabobatta.com/2016/06/09/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d8%a6%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86/
ساحة النقاش