مثل من الأمثال الشامخة التى تمثل قمة الكمال فيما إذا عرفنا أين نتكلم وأين نمتنع عن الكلام وأين يصوننا لساننا وأين نذهب إلى الهاوية من جرائه . ولعل قيل هذا المثل لأن الشعوب المتخلفة وبدافع من أميتها تستعمل لسانها فى التعويض عن معارفها ، فتنسج القصص والأساطير والحكايات لإشغال وقت فراغها ، وهو مايؤدى إلى إيقاع الناس فى مشاكل ونزاعات كثيرة .
كثير الكلام كثير اللغط فلابد من أن تصون لسانك كما تصون حصانك . فطبيعة الناس الذين يقولون هذا المثل يتسمون بالحذر والتدقيق فيما يقولونه، فالكلمة لها معنى ودلالة وجزء من صياغ نفسى فعندما تخرج الكلمة تعبر عن السياق النفسى لديك . فقائلى المثل مدركين أن الكلمة لها ميزان،ففى وقت غضبك لا تتكلم لأنك ستغلط إذا تكلمت .
وبقدر مايصون الإنسان لسانه بقدر مايصل إلى السلامة ، سواء أكان ذلك فى المحيط الإجتماعى أم الأخلاقى أم الدينى ، فالاختيار الصواب وهو أكثر من أن يعد حكماً خاصاً بعد تفكير من الفرد فإنه ينطوى على مثل أعلى موضوعى.
وقد تعلم الإنسان أن السعادة والسلامة تأتى بالطيبة أكثر من الخبث ، وبالشجاعة أكثر من الجبن ، وبالإيثار أكثر من الأثرة . ولهذا فقد يجب على المسلك المهذب ، مع بقائه أمراً يتعلق بحكم الفرد ، أن يراعى فيما يحكم تجارب الإنسان المتراكمة كما يعبر عنها العرف الإجتماعى ، الذى يحذر المرء من الكلام الزائف ويرشده إلى ذلك الذى وجد أنه أهدى إلى السلامة سبيلاً .
ساحة النقاش