لكم وطنكم الذي قال لي ارحل، ولي وطني الذي يهتف باسمي حبا وكرامة.

قالها مرسي ـ أمس ـ بثبات وصدق ولا غرابة، فقد عاشها ـ معنًا ـ منذ انتمى إلى "الجماعة المسلمة" ليفارق "المجتمع الجاهلي"، أما وقد خرج الأخير ينادي بسقوطه، فهي الحرب الأهلية التي أطلق نفيرها بخطابه، يحسب أن "جماعته المسلمة" تعصمه من دون الشعب "الجاهلي" الذي هدر كالطوفان على طول مصر وعرضها يردد كلمة واحدة، ارحل.

خطب الرجل فيهم لا فينا، ناشدهم أن يقاتلوا حتى النهاية لاستبقاء شرعيته ـ المزعومة ـ عليه، يتدثر بها اتقاءا غضب الشعب الذي ما برح الميادين والشوارع يرعد بكلمة واحدة، ارحل.

خطب فيهم لا فينا، وكأن ميادين مصر وشوارعها لم تضق بكارهي حكمه الساخطين عليه وعلى جماعته، ولم تخرق أصواتهم السماء، فتُسمع أهلها وأهل الأرض جميعا، ليصم هو أذنه عنها.

ثرثر الرجل كعادته، فلم نفد منه غير كلمة واحدة، لو اكتفى بها لم ينقص خطابه شيئا؛ الشرعية. أوليس الشعب صاحبها؟!، يؤتها من يشاء وينزعها ممن يشاء، وقد قالها بليغة تفوق في بلاغتها كلمات المتنبي، فأسمعت كل من به صمم؛ ارحل.

كأن الرجل لم يدرك وجماعته بعدُ، أن الشعب قد تعلم من دفن شهدائه كيف يستنبت الدم فيُنبت له الحرية، وكيف يزرع الدمع فيثمر له العزم، لتخضع الطبائع بجملتها لحساب الضمير الوطني، فإيعازه قدره لا راد له، وها هو أملى الخروج، والنداء بكلمة وحيدة؛ ارحل.

لا غرو إذن أن يهرع الشعب في ذعر لإنقاذ سفينة الوطن التي تصارع الأمواج وهي بدون دفة ولا شراع، أما ربانها فمغيب مسكين لا قدرة له على شئ، وأما ميناؤها فكهف تسكنه الغيلان القراصنة.

لم يعد للحديث معنى، فالفعل قائم يسعى، وما هي إلا سويعات وتنفذ إرادة الشعب حقيقة واقعة.

محمد السيد الطناوي

[email protected]

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 345 مشاهدة

ساحة النقاش

tulipe

tulipe
IDB »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

306,461