<!--
<!--<!--<!--
العولمة و مفاهيم ممجوجة
رحلة صيد فاشلة
ان ماهية الشيء هو ما يجعل من الشيء هو هو و ليس شئ اخر ابن رشيد
مفهوم العولمة : مع بداية سقوط الاتحاد السفياتي بدء يطالعنا هذا المصطلح الجديد ثم و بعد انتهاء الاتحاد السوفياتي اشتد استعمال هذا المصطلح في الاقتصاد و السياسة و غيرهما من مجالات الحياة الدولية و كل يقدم له مفهوما وفق ما يروقه الا الهامشيين فقد بدى لهم هذا المصطلح هو الحل أو لعله الدين الجديد الذي سينقض المجتمعات و يخرجها من الضلمات الى النور و من التشرذم بين قطبين الى التحرر و التاخي في ظل عولمة القرن الجديد . ان هذا المصطلح هو الاكثر زئبقية و تظليلا في تاريخ الانسانية حيث أنه يعبر على كل شيء في نفس الوقت و لكنه مع ذلك لا يقول شيء. كما يجمع المتناقضات و يظلل قدر الامكان و قد صدر هذا المصطلح لاول مرة من الولايات المتحدة الامريكية وطن البراقماتية أو النفعوية. أطلق هذا المصطلح فيلسوف المنهج النفعوية شتراوس. ليحاكي بذلك المصطلح الذي أطلقته الفلسفة الاوروبية ابان صعودها في القرن التاسع عشر الثقافوية و مفاد هذا المصطلح أن الثقافة الاوروبية تمتاز على غيرها بالمرونة و التقدم وأنها الارقى لذلك لا بد من تصديرها الى الشعوب البربرية المتخلفة في الضفة الجنوبية من الارض و بذلك كان للحضارة الاوروبية مبررالاستحواذ على الجنوب و احتلاله و تقسيمه انها جاءت للاعمار ( الاستعمار) جاءت لتخليص الانسان هنا من الجهل و التخلف و قدمت له حضارة أخرى أرقى و أفضل.
ان الفلسفة الجديدة أرست التعدد و الاختلاف و التنوع مما جعل أوروبا تنكفىء و تعيدها الشعوب المدافعة على ارثها الى خلف البحر حيث غربها الذي بات عليه أن يصنع دين جديد يروج له. فما العولمة اذن ؟ بعد تعريف الثقافوية لا أحد يستطيع أن ينكر بأن هذه بنت تلك و لا أحد يمكنه أيضا أن يقول بأنهما ليسا وجهان لعملة واحدة و عادات و تقاليد و ايديولوجيا و اقتصاد و سياسة واحدة موحدة. ان العولمة تعني في ما تعنيه أن الالة الاعلامية الامريكية ستقوم بهضم الانسان ثم تعيد انتاجه من جديد. هذا المنتج الهليودي الجديد هو الذي يؤسس الحضارة الجديدة ذات الشعار الموحد “ العولمة “ . انه ماركة مسجلة. مثالها بطل هوليود انه انسان خير طيع جميل قوي و لكنه لا يحسن السياسة و لا يحسن قول لا و هو كائن استهلاكي تحت الطلب هذا هو انسان القرن الجديد أو حضارة العولمة . لان الذين يحسنون السياسة هم أشخاص مشاكسون خارجون عن القانون ، أما الذين يقولون لا فهم أشرار . اننا لا ننخرط في العولمة من تلقاء أنفسنا و لكنا نجد أنفسنا داخل سياج العولمة و قد أتت علينا الالة العجيبة ثم أعادت رسكلتنا تماما كالبلاستيك و البلور . ان الحديث عن العولمة منافي تماما للحديث عن التعدد و التميز و الاختلاف . و هو مانجده واضحا في قول بوش كل من ليس معنا فهو ضدنا . انه يطالبنا بأن نكون جميعا على شاكلة هذا المنتج الجديد الذي سيغيب في عضره كل من الادييولوجيا و الدولة لصالح شركات تدير كل شيء و تصنع كل شيء و تستولي على كل شيء مثل البلاك وواتران هذا المنتج الجديد مختلف عن الانسان تماما رغم اشتراكه مع الانسان في كل شيء انه بلا فكر و لا عقيدة ولا دولة الشركة حلت مكان كل هذا و العولمة هي الفكر الجديد و العقيدة الارقى أما الشركة فنمط جديد بديل عن الدولة و من خلفه العديد من الالتباسات الغير مسموح بالتفكير فيها.
مقاصد العولمة:
ان للعولمة مقاصد متوازية في الظاهر و الباطن غير متساوية في الاهداف فظاهر لامر أن العولمة اقتصادية بالاساس لذلك نتحدث كثيرا عن الاسواق المفتوحة و الشركات الاقتصادية و البنوك الدولية و الاستثمارات العابرة للقارات و غيرها. غير أن ذلك ليس الا وسيلة لغاية . ذلك هو الظاهر تاخفي فهو اعادة صناعة الانسان الجديد ذو البعد و اللون و الفكر الواحد. الانسان ذو الماركة المسجلة عالميا و الذي لا نفرق بينه الا بشفرات خاصة لانه مجموعة من الارقام ( بطاقة هوية – هاتف جوال – سيت واب ) انه ليس الا شخصا من الارقام ستوحد في يوم من الايام هذه الارقام كلها في قرص ممغنط به يمكن أن نعرف شخصية كل واحد بواسطته ذلك القرص . بل ان التواصل اليوم و بفضل العولمة بدأ يغيب لتستفيد الالة بالانسان انه يتسوق من خلال الالة و يمارس الحب أيضا من خلال الالة . شكرا للالة التي عوضت كل شيء و في أسرع وقت. اننا و بواسطة أمام العولمة الثقافوية ذلك أن المسألة تتعدى الحديث عن الإنتاج الفكري الاستعماري الامريكي الى مفهوم جديد هو المنتج الاديولوجي الاستعماري الغربي. إن الغرب المتقدم اليوم والذي فصل الدين عن الدولة منذ قرون هو نفسه ونفس إديولوجيا القرون الوسطى هو غرب مسيحي متفوق ثقافيا لأنه كذلك (مسيحي) إن العولمة تتجلى اليوم في طرق نشرها وذلك بأن نجعل من الأخر موضعا قدر الإمكان نجرب فيه ما توصلنا إليه من تكنولوجيا الألة الفعالة التى تطوع كل من يقول >لا < لتهبه في ما بعد الحرية في أن يقول ولكن دائما >نعم <.
إن الفكر الغربي بشقيه الأمريكي والأوروبي بات اليوم عاجزا وهو يحاول بشتى الطرق نشر الفكر الثقافوي العولمي الذي يريد أن يقتنع الأخرين بأن هذا الفكر نتيجة تجارب وبحوث لأناس متقدمين/ متطورين سيخولهم اللحاق بهذا السوبرمان لذلك فإن هذا الفكر الجديد يدعوكم إلى التخلي عن أفكاركم وعاداتكم وتقاليدكم والانخراط في النموذج الثقافوي العولمي الجديد. لم يكن المفكر الغربي العجوز ولا السياسي القادم من خلف ألة ما والذي فقد كل أحاسيسه بفكر بأن ما وصل إليه وابهر به سيرفض. انه منتج مرفوض. إن مواجهات التسعينات بين الولايات المتحدة الأمريكية وشعب الصومال دليل على ذلك.
إن الشعب الصومالي يرفض تقدما هو حل منه تقدما ما لم يؤسس له بنفسه تقدما يلغي مبادئ الانسان الصومالي. لذلك رأينا نبي الحضارة والتكنولوجيا المشبه بالإنسان ذو البعد الواحد يجر في شوارع مقديشو خلف عربة يجرها حمار وهو لعبة يستسيغها أطفال مقديشو فهم يلعبون بجثث الأمريكان دون خوف ولكن جثة رجل صومالي تخيفهم فلا ينامون ولعل فهم هذه المفارقة هو ما سيجعلنا نفهم كل شيء. سيسيولوجيا هذا الجندي مختلف غاضب قوي وهو أيضا مرادف للقتل إنه السبب أيضا في موت الإنسان الصومالي الذي ستصبح جثته مخيفة للأطفال . إن هذه الجثة تشبهني كثيرا من حيث اللون والملامح والاسم واللباس والثقافة لذلك فإني أرى نفسي فيها، إنني لا أخشاها من حيث هي موضوع وإنما من حيث هي أيضا إن فكر المواطن الصومالي ذو تركيبة عائلية ثم قبلية ثم عشائرية. إنه ملتحم على هذه المستويات الثلاث حيث ادنى واعلى مستوى للإجتماع لذلك فإن الصراع في الصومال لا توقفه القوة كما يتصور الغرب وإنما يقف بمجرد الاجتماع على فكرة مهما كانت بسيطة إن المصلحة لا تعنيهم والأخرة الجحيم كما يقول سارتر، بمعنى أن الآخرة تعدى على الأرض والعرض ذلك ما يجهله الجندي المختلف > الاخر< أو >الجحيم<.
إن مفهوم المصلحة لا يمكث أن يلتقي عند الشعب الصومالي مثلا مع مفهوم القيمة إن ما نجحت فيه المحاكم الشرعية من جمع وإجماع للشعب حولها في وقت سريع ودون دعم خارجي بل وفي ظل تربص خارجي كفيل بان يوضع الصورة مصلحة ≠ قيمة، الا اذا ما اصبحت المصلحة قيمة هي الاخرى وكذلك الشأن قي أفغانستان وغيرها ولكن لكل شعب خصوصياته التى تميزه فهذا القادم من حلف البحر مرفوض رغم أنه الأقوى والأغنى والأكثر تقدما علميا وتكنولوجيا، لا لشيء إلا أنه عاند مبادئ عقلية كونت ثقافتي وأراد أن يستبدلني بثوابت باتت عنده مقدسة بإتجاه المندس الذي هو عندي فتصبح القضية حينها قضية هوية ووجود إنني كإنسان لا يمكن أن أقبل التقدم المادي على حساب الثابت العقلي مهما كانت المرابيح والمصالح.
إن العولمة الثقافوية أو لنقل بلغة أفضل إن إن المطامع الغربية في استغلال الآخر والتعامل معه كموضوع لم تتوقف، فقد فهموا كل القوانين وطوعوا المادة وغزو الفضاء ولكنهم لم يفهموا هذا القانون "الإنسان" إنه كائن زئبقي منفلت له قوانينه الخاصة والمتعددة والمتميزة غنهم لا يستطيعون إنتاجه بالقوة رغم إنه قد ينخرط في هذه المنظومة الجديدة تلقائيا ولكن إلى حين مثلما هو الحال بالنسبة الى الشعوب العربية غير ان هذا الانخراط بدأ في التراجع خلال 2007 نتيجة لعديد العوامل أهمها الصور المسيئة لنبي الامة، تدنيس الكتاب المقدس ،الحرب السادسة حزب الله / اسرائيل 2006 ، فضائح أبو غريب، اعدام صدام حسين في يوم مقدس " عيد الاضحى 2006" . لقد نظر العرب الى هذه السلسلة من الأفعال كإهانات موجهة في صميم الهوية وإن لهذه الأشياء رمزيتها وبعيدا عن نظرية المؤامرة قد يكون الغرب قد تحرك خللا هذه الأفعال، اما بطرق فردية غير مسؤولة واما عن "حسن نية" ولكن الحقيقة أن صدام حسين كسب شعبية خلال التسعينات جعلت منه بطلا قوميا تجاه الأخر وخاصة اسرائيل "ليلة الصواريخ العشر 1992" والفرس والغرب ثم يفضح الاعلام جرائمه ويضخم بعضها فيسقط ذلك السرح الخيالي والبطل القومي ولكن تاريخ اعدامه حرك ما أسميه شخصيا بالذاكرة العربية المثقوبة ولكن الى حين. أما تمثيل الرسول كمقدس والذي لم يتجرأ عليه طيلة 15 قرن أي شخص فهم في نظري ناتج عن وعي بخطورة هذه الشخصية ، ثم إن تنزيلها من المجرد المقدس على المجسد المدنس سيخل يتقدسيتها وبذلك تفقد تاثيرها في المتقبل المسلم بها وكذلك بالنسبة للكتاب المقدس أما الحرب السادسة فقد أقامت مفارقة بل أقامت سوقا ومزادا اتضح من خلالها أن الإنسان العربي لا يساوي شيئا إنه مجرد رقم تناقله وسائل الاعلام، هكذا تعامل الغرب مع العرب دون أي اعتبار في حين وفي نفس الوقت أهتز الغرب لقضية فتاة فرنسية تم قتلها في احدى ضواحي باريس فأعدت أجلها البرامج التلفزية والتحقيقات الصحفية وتكلم في ذلك احدى أعضاء البرلمان الأوربي وقامت ولم تقعد، إن دم هذه الفتاة أغلى بكثير من أرواح كل اللبنانيين " أكثر من ألف ومئتي قتيل: أوب غريب هو الذي سيكلف من خلاله نظرية المؤامرة وعلاقة العولمة الحديثة بالثقافوية القديمة.
فتحي خميري
أبو معاذ
ساحة النقاش