بروتوكولات حكماء صهيون هى واحد من أكبر الأدبيات المعادية للسامية في التاريخ، وهى وثيقة مزورة تتحدث عن خطة وهمية لغزو العالم اُنشِأت من قِبَل اليهود و الماسونيين و هى تتضمن 24 بروتوكولاً، يقول زعماء اليهود والباحثين الأكاديميين إنها أكبر عمليات التزوير السياسى فى العصر الحديث ، و من ناحية أخرى يدعي بعض المؤمنون بصحتها بإنها واحد من أكبر المؤامرات في التاريخ. فى عام 1901 كتَبَ هذه الوثيقة ماثيو جولوڤينسكى مُزَوِر و مُخبر من الشرطة السياسية القيصرية و كانت مُستوحاه من كتاب حوار فى الجحيم بين ميكافيل و مونتسكيو للمؤلف موريس چولى الذى يُشير فى كتابه الى وجود خطة زائفة و مُسبقة لغزو العالم من قِبَل نابليون الثالث و قد تم تطويرها من مجلس حكماء اليهود بهدف تدمير المسيحية و الهيمنة على العالم . يحتوى هذا الكتاب على عدّة تقارير مَزعومة تكشف خطة سرية للسيطرة على العالم ، تعتمد هذه الخطة على العنف والحِيَل والحروب والثورات و ترتَكز على التحديث الصناعى و الرأسمالية لتثبيت السلطة اليهودية. فى العشرينات من القرن الماضى واجهت ألمانيا صعوبات اقتصادية ، مما جعل ادولف هتلر يربط بينها و بين المخطط اليهود للسيطرة على العالم و الذى كان مستحوذاً على تفكيره آنذاك و قد تبين ذلك من خلال كتابه مين كامبف أو كفاحي الذى فسر فيه نظرية المؤامرة اليهودية من وجهة نظره فنَتَجَ عن ذلك المذابح التى تَعَرض لها اليهود فى المانيا النازية والمعروفة بإسم ليلة الكريستال وأصبح ذلك الكتاب فى يومنا هذا رمزاً لمعاداة السامية. و قد أصدر الباحث اليهودى نورمان كوهين كتابه إنذار بالإبادة الذى يُوُضّح فيه أن أسطورة الهيمنة العالمية هى فكرة فرنسية ظهرت خلال القرن التاسع عشر و لم تتضمن أى اشارة تُدين اليهود.
إن بروتوكولات حكماء صهيون و قد تُسمى أحياناً البرنامج اليهودى لغزو العالم ظهرت فى وقتين و نسختين متقاربتين : اولاً فى عام 1901 م : نُشِرَت لأول مرة فى روسيا بجريدة زناميا في مدينة سانت بطرسبرغ و قد طُبِعَت بناء على طلب من القيصر نيكولا الثاني و اوكرانا الشرطة السرية ل الإمبراطورية الروسية بهدف تعزيز السياسات المعادية للسامية.
ثانياً فى عام 1905 م : نُشِرَت فى نسخة كاملة بواسطة سيرج نيلوس.
و فى الخمس سنوات التالية دارت البروتوكولات فى دائرة مُقَيّدة بين الشرطة السرية والمعاديين للسامية فى روسيا ، ثم قامو بترجمتها إلى اللغة الألمانية منذ 1909 م ، و قُرِأَت فى اجتماع البرلمان فى فيينا.
و بعد إندلاع الثورة الروسية 1917 م و فرار الكثير من معارضين الثورة إلى أوروبا الغربية ، وَسِعَ مجال تأثير البروتوكولات ومع ذلك لم تصبح معروفة دولياً إلا فى عام 1920 م عندما انتشرت فى ألمانيا (فى يناير ) و تُرجِمت إلى عدّة لغات منها اللغة الانجليزية ( فى فبراير) ثم إلى اللغة الفرنسية.
نُشِرَت بروتوكولات حكماء صهيون فى نسختها الأمريكية على هيئة مقالات بجريدة ديربورن اندبندنت التى كان يمتلكها هنري فورد تحت بعنوان اليهودى العالمى ... أخطر مشكلة وذلك عام 1920 م ، ثم أعاد فورد نشرها فى كتاب وصل توزيعه الى 500,000 نسخة.
منذ أن طُرِحَت هذه البروتوكولات على الساحة العامة و هى فى موضِع الشكوك و قد كَثُرَت التساؤلات عن مدى صحتها... فى عددها الصادر يوم 8 مايو 1920 م قامت جريدة تايمز بلندن بكتابة مقال افتتاحى تحت عنوان "الخطر اليهودىى ..كُتُيِباً مزعجاً.. طُلب للتحقيق"، وصدر هذا المقال فى الوقت الذى كان مؤيدى السلطة فى روسيا على وشك خسارة الحرب الاهلية عام 1918 م و فى نفس الوقت الذى يخطط فيه رئيس الوزراء البريطانى لويد جورج للتفاوض مع البلاشفة ، فكان يتوجب على الثابتين من الحزب المحافظ أن يُشَوِهوا سُمعة رؤساء كرملين الجُدد ، وفى نفس العام نَشَرَت صحيفة لندن بوست 18 مقالاً عن المؤامرة اليهودية ، و قام ڤيكتور ماردسن " أحد الصحفيين بجريدة بوست" بترجمة البروتوكولات إلى اللغة الانجليزية وكتب مُقدمة تهاجم اليهود ووصفهم من وجهة نظره أنهم يشعلون الحروب والثورات بهدف الإستيلاء على السلطة خلال حالة الفوضى التى يعملون بدأب و إصرار كى تَعُم العالم.
و بعد عام أى يوم 17 اغسطس 1921 م ، أعلَنَت جريدة تايمز خطأها عن كتابة المقال ، و خاصة بعد إجراء تحقيق صحفي عام 1921 م حول مصداقية هذه الكتابات التى قامت به صحيفة التايمز اللندنية واستخلص إلى أن المقالات هي تزوير أدبي لكتاب فرنسي [1] و تم نشر سلسلة من المقالات التي وصفت عملية التزوير، و نشرت مقال آخر تحت عنوان " نهاية البروتوكولات " ، لكنها لم تستطيع إقناع الكثير من الناس ، بما أن الموضوعات التى تتضمن البروتوكولات استُأنفت على مدار السنوات التالية فى الكثير من الكتب ( العلوم الزائفة ، الجدلية أو الخيالية ) المعادية للسلام التى نُشِرَت فى جميع أنحاء أوروبا.
في نفس السنة -أي عام 1921 - تم طبع النص الكامل للبروتوكولات في الولايات المتحدة ، وفي عام 1934 قام الطبيب السويسري زاندر Dr. A. Zander بنشر سلسلة من المقالات يصف فيه البروتوكولات بأنها حقيقة تاريخية، و لكنه تعرض للمحاكمة لنشره تلك المقالات.
وخلال الثمانينات من القرن الماضى، عملت الجامعات الإسلامية على توزيع البروتوكولات فى كل مكان وعرضت للبيع فى المعارض الاسلامية باستوكهولم و فى مسجد بارك بلندن و قد أصبحت هذه البروتوكولات مصدراً كبيراً للدعاية ضد اليهود فى العالمين العربي و الإسلامي بشكل خاص.
نشرت فى 23 إبريل 2013
بواسطة themonster
علي غانم
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
33,595
ساحة النقاش