جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
فرض الضريبة لايكون الابأثر مباشر ولايجوز رجعيتها إلا إذا أملتها مصلحة اجتماعية لها وزنها
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الرابع عشرمن أكتوبر سنة 2012 م ؛ الموافق الثامن و العشرين من ذي القعدة سنة 1433 هـ.
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري ........................رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلي محمود منصور و أنور رشاد العاصي و عبد الوهاب عبد الرازق و الدكتور/ حنفي على جبالي و محمد عبد العزيز الشناوي و ماهر سامي يوسف . نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع .............. ...........امين الســــر
أصدرت الحكم الآتي :
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 79 لسنة 22 قضائية " دستورية " .
المقامة من
شركة نادي البحر الأبيض المتوسط ( كلوب ميدتيرانية ) .
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية .
2- السيد رئيس مجلس الشعب .
3- السيد رئيس مجلس الوزراء .
4- السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات .
5- السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من أبريل سنة 2000 ، أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبة في ختامها الحكم بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادربالقانون رقم 11 لسنة 1991 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها ، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
وبعد الاطلاع على الأوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة و سائر الأوراق – في أن الشركة المدعية أقامت ضد المدعى عليه الرابع و آخرين الدعوى رقم 51 لسنة 1997 أمام محكمة الجيزة الابتدائية " الدائرة 88 ضرائب " بطلب الحكم ببراءة ذمتها من مبلغ 147238 جنيهاً و 86 قرشاً قيمة الضرائب الإضافية التي تطالبها بها مصلحة الضرائب على المبيعات ، و عدم احقية المصلحة في تحصيل مبلغ 165452 جنيهاً و 45 قرشاً كضريبة مبيعات على المخزون السلعي من المشروبات الروحية و الكحولية و الخمور لدى فندق " منيل بالاس " الذي تديره الشركة المدعية ، بالإضافة إلى مبلغ 2568 جنيهاً و 65 قرشاً كضريبة إضافية عن هذا المبلغ الأخير، و إلزام المصلحة برد هذين المبلغين للشركة المدعية ، وبجلسة 21/2/1999 قضت تلك المحكمة – منعقدة بهيئة تجارية – بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى ، و بإحالتها إلى محكمة الجيزة الاتبدائية ، لتحديد إحدى دوائرها المدنية المختصة لنظرها بجلسة 8/3/1999 ، و نفاذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى الدائرة (12 حكومة ) بالمحكمة المذكورة و قيدت أمامها برقم 1494 لسنة 1999 حيث قضت بجلسة 26/10/1999 برفضها ، فطعنت الشركة المدعية على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة و قيد الاستئناف برقم 15539 لسنة 116 قضائية ، و أثناء نظر الاستئناف دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصاد ربالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، و إذ قدرت المحكمة بجلسة 27/1/2000 جدية الدفع و صرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد اقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن " يكون سعر الضريبة على السلع 10% ، و ذلك عدا السلع المبينة في الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها .
ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات .
ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة و تعديل سعر الضريبة على بعض السلع .
كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمي (1) و (2) المرافقين ".
وحيث إن الجدول رقم (1) المشار إليه قد تضمن المسلسلين رقمي (4) و (7) ، و جاء نص المسلسل رقم (4) على النحو التالي : " الجعة ( البيرة ) : و وحدة تحصيلها هي الهيكتولتر" ، و فئة الضريبة المستحقة عليها 125 جنيهاً للمستورد و 100 جنيه للمحلي ".
كما جاء نص المسلسل رقم (7) على النحو التالي :
" (أ) كحول إثيلي نقي غير محول تبلغ درجته الكحولية 80 درجة فأكثر ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، و فئة الضريبة ثلاثة جنيهات لكل من المستورد و المحلي .
(ب) كحول إثيلي نقي غير محول تبلغ درجته الكحولية 80 درجة فأكثر ( يستخدم في صناعة العطور و الكولونيا ... ) ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، و فئة الضريبة ثلاثة جنيهات لكل من المستورد و المحلي .
(ج) كحول إثيلي غير محول تبلغ درجته الكحولية 80 درجة فأكثر للأغراض الطبية ( بشرط أنه يتم توزيعه تحت إشراف وزارة الصحة ) ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، و فئة الضريبة 750 ر . جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(د) كحول محول من أي درجة للوقود ، و وحدة تحصيله " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة 500ر17 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(هـ) نبيذ عنب طازج و عصير عنب أوقف اختماره بإضافة الكحول : 1- فوار 2- أباركة 3- كوكانيللي 4- عادة 5- فرموت 6- غيره ، و وحدة تحصيله " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة 215ر1 جنيه من المستورد و المحلي .
(و) مشروبات كحولية محلاة ، و معطرة ، و مشروبات كحولية أخرى ، و محضرات كحولية مركبة :
1- ويسكي وجن ، و وحدة تحصيله "اللتر السائل " ، و فئة الضريبة 800ر5 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
2- براندي و كونياك . 3- زبيب و أوزو . 4- روم . 5- عرق بلح . 6- ليكيرات من مقطرات طبيعية . 7- غيره من المقطرات الطبيعية ، و وحدة تحصيلها " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة ثلاثة جنيهات لكل من المستورد و المحلي .
(ز) مشروبات كحولية غير طبيعية ، يدخل في تصنيعها الكحول الإثيلي النقي مهما كانت نسبة الكحول الداخل في التصنيع و ذلك بالإضافة إلى الضريبة المقررة بالبند (أ) ، و وحدة تحصيلها " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة جنيه واحد لكل من المستورد و المحلي .
وإعمالاً للفقرتين الثالثة و الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ؛ صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 بتعديل الجدولين المرافقين للقانون المذكور ، و نصت المادة الأولى من هذا القرار على أن " يُعدل المسلسلان رقما (4، 7) من الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات ، وفقاً لما هو مبين بالكشف حرف (أ) المرفق بهذا القرار ".
وقد تضمن هذا الكشف – بالنسبة للمسلسل رقم (4) المشار إليه – ما يلي :
" الجعة ( البيرة ) : 1- الكحولية ، و وحدة تحصيلها " القيمة " و فئة الضريبة 100% بحد أدنى 200 جنيه عن " الهيكتولتر" لكل من المستورد و المحلي . 2- غير الكحولية ، و وحدة تحصيلها " القيمة " و فئة الضريبة 60% " لكل من المستورد و المحلي ".
أما بالنسبة للمسلسل رقم (7) المشار إليه ، فقد تضمن ما يلي :
(أ) كحول إثيلي نقي غير محول مهما بلغت درجته الكحولية ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، وفئة الضريبة 50ر7 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(ب) كحول محول من أي درجة للوقود ، و وحدة تحصيله " اللتر السائل " و فئة الضريبة 15ر0 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(ج) نبيذ عنب طازج وعصير عنب أوقف اختماره بإضافة الكحول ( بما في ذلك المستلا ) و فرموت و أنبذة أخرى ، و مشروبات مخمرة .
(د) مشروبات روحية و مشروبات كحولية محلاة ، و معطرة ، و مشروبات كحولية أخرى ، و محضرات كحولية مركبة ، و مقطورات طبيعية ، و وحدة تحصيلها " القيمة " و فئة الضريبة 100% بحد أدنى 50ر7 جنيه عن اللتر السائل لكل من المستورد و المحلي .
ثم صدر القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، و تنص المادة (3) منه على أنه :
" اعتباراً من 5/3/1992 :
أولاً : يُعدل المسلسلان رقما 4 و 7 من الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه وفقاً لما هو مبين بالجدول (د) المرافق لهذا القانون .
ثانياً : ......... ".
وقد ردد الجدول (د) المشار إليه ما تضمنه المسلسلان رقما 4 و 7 من الكشف (أ) المرفق بقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 المشار إليه .
وتنص المادة (11) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه على أن " تُلغى الفقرتان الثالثة و الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشارإليه ".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – و هي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية ، مؤثراً في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها و المطروحة على محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، و كان النزاع الموضوعي يدور حول براءة ذمة الشركة المدعية من قيمة الضريبة العامة على المبيعات و الضريبة الإضافية التي قامت مصلحة الضرائب على المبيعات بربطها على مخزون المشروبات الروحية و الخمور لدى فندق " منيل بالاس " الذي كانت تديره الشركة المدعية ، ورد ما سبق سداده منه ، و كانت هذه الشركة تبغي من دعواها الماثلة – مرتبطة بطلباتها الموضوعية السالفة البيان – الحكم بعدم دستورية ما تضمنه نص البند ( أولاً ) من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتباراً من 5/3/1992 ، و من ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للشركة تكون متحققة في الطعن على هذا النص في النطاق المشار إليه بحسبان أن الفصل في دستوريته سيكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية .
وحيث إن الشركة المدعية تنعي على النص المطعون فيه ، مخالفته لنصوص المواد 66 و 119 و 187 من دستور سنة 1971 ، على سند من أن هذا النص – بالرغم من طابعه الجزائي – قد تضمن فرض الضريبة العامة على المبيعات بأثر رجعي بالمخالفة لمبدأ عدم رجعية التشريعات الجنائية ، كما لم تتوافر له الأغلبية التي استلزمها الدستور للموافقة على القوانين رجعية الأثر ، فضلاً عن أن هذا النص ، إذ تبنى أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 المشارإليه ، يكون قد أعاد هذا القرار إلى الحياة في ثوب تشريعي ، و لا يقيله من هذه المخالفة موافقة السلطة التشريعية حال عرضه عليها .
وحيث إن الدعوى الموضوعية تدور حول طلب الشركة المدعية براءة ذمتها من مبالغ الضريبة العامة على المبيعات و استرداد ماسبق سداده منها ، و من ثم تكون دعوى مدنية لا مجال فيها لإعمال أي نصوص عقابية ، و كان الثابت من مضبطة مجس الشعب بجلسته الثالثة و العشرين المعقودة في 18/1/1997 أن القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه قد تمت موافقة المجلس عليه بالأغلبية الخاصة ؛ وهي أغلبية أعضائه طبقاً لنصي المادتين 66 و 187 من دستور سنة 1971 ، الذي يحكم الأوضاع الشكلية لإقرار هذا القانون بأثر رجعي في ظل العمل بأحكام الدستور المذكور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – و من ثم فإن نعي الشركة المدعية في هذا الشأن يكون في غير محله ، متعيناً الالتفات عنه .
وحيث إن استيفاء النص التشريعي المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر لا يعصمه من الخضوع للرقابة التي تباشرها على دستورية القوانين و اللوائح ، وذلك كلما كان هذا النص – في محتواه الموضوعي – منطوياً على إهدار لحق من الحقوق التي كفلها الدستور أويفرض قيوداً عليه تؤدي إلى الانتقاص منه ، مما مؤداه أنه لا يكفي لتقرير دستورية نص تشريعي معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور ، بل يتعين فوق هذا أن يكون محتواه ملتئماً مع قواعد الدستور الموضوعية التي تعكس مضامينها القيم و المثل التي بلورتها الإرادة الشعبية ، و كذلك الأسس التي تنتظم الجماعة و ضوابط حركتها .
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين ، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم و حمايته من الخروج على أحكامه ، و أن نصوص هذا الدستور تمثل دائماً القواعد و الأصول التي يقوم عليها نظام الحكم و لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها و إهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة .
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه من خلال أحكام الأعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011 باعتباره الوثيقة الدستورية التي تحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية و إلى أن يتم الانتهاء من إعداد الدستور الجديد و إقراره .
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة النص المطعون فيه لأحكام المادة (119) من دستور 1971 ، و كان نص هذه المادة يتطابق تماماً مع نص المادة (18) من الإعلان الدستوري المشار إليه من أن " إنشاء الضرائب العامة و تعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ، و لا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون ".
وحيث إن المادة (5) من الإعلان الدستوري المشار إليه تنص على أن " يقوم الاقتصاد في جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادي و العدالة الاجتماعية و كفالة الأشكال المختلفة للملكية و الحفاظ على حقوق العمال ".
وحيث إن الدستور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – قد أعلى من شأن الضريبة العامة ، و قدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار الاقتصادية التي ترتبها ، و مايز- ترتيباً على ذلك - بنص المادة (119) من دستور سنة 1971 المقابلة لنص المادة (18) من الإعلان الدستوري المشار إليه ، بين الضريبة العامة و غيرها من الفرائض المالية ، فنص على أن أولهما لا يجوز فرضها أوتعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، و أن ثانيتهما يجوز إنشاؤها في الحدود التي بينها القانون ، مما مؤداه أن السلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد نطاقها ، و على الأخص من خلال تحديد وعائها و أسس تقديرها ، و بيان مبلغها و الملتزمين أصلاً بأدائها ، و المسئولين عنها ، و قواعد ربطها و تحصيلها و توريدها ، و كيفية أدائها ، و غير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون ، و الأصل أن يتوخى المشرع ، بالضريبة التي يفرضها ، أمرين يكون إحداهما أصلاً مقصوداً منها ابتداءً ، و يتمثل في الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها ، لتعينها على مواجهة نفقاتها ، و يكون ثانيهما مطلوبا ًمنها بصفة عرضية أو جانبية أو غيرمباشرة كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية ، دالاً على التدخل بها لتغير بعض الأوضاع القائمة ، و بوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التي تتناولها ، أوحمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلي عن نشاطهم ، وعلى الأخص إذا كان مؤثماً جنائياً . و ينبغي أن تكون العدالة الاجتماعية مضموناً لمحتوى النظام الضريبي و غاية يتوخاها ، و يتعين – تبعاً لذلك – بالنظر إلى وطأة و خطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمناً عليها بمختلف صورها ؛ محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها . و لا ينال من دستورية الضريبة أن يكون هدفها الحصول أصلاً من المكلفين بها على مبلغها مع تنظيم نشاطهم عرضاً بما يجعل استمرارهم فيه مرهقاً .
وحيث إن من المقرر ان الأصل في فرض الضريبة أن يكون بأثر مباشر و ألا يلجأ المشرع لتقرير رجعيتها إلا إذا أملتها مصلحة اجتماعية لها وزنها و ذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التي تحدثها الرجعية في محيط العلاقات القانونية وما يلابسها بوجه خاص في أغلب الأحوال و أعمها من إخلال بالاستقرار و إهدار للثقة المشروعة في التعامل و مساس بالحقوق ؛ إذ ينال من رجعية الضريبة – من زاوية دستورية – أن تركن الدولة إلى تقريرها إلى مصلحة غير مشروعة ، أو ان تتوخى – من خلال الأغراض التي تعمل الضريبة على بلوغها – تحقيق مصلحة مشروعة و لكن النصوص التشريعية التي تتدخل بها المشرع لاشباعها لا تربطها بها صلة منطقية ، مما يترتب عليه من تناقض بين فرض الضريبة في هذه الأحوال و مفهوم العدالة الاجتماعية الذي يقوم عليه النظام الضريبي .
وحيث إنه من المقرر كذلك – في قضاء هذه المحكمة – أن إقرار المشرع لضريبة تم فرضها بالمخالفة للدستور ولو بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ العمل بها ، لا يحييها و لا يزيل عوارها و لا يحيلها إلى عمل مشروع دستورياً ، و لا يدخل تشريعها في عداد القوانين التي تقرها السلطة التشريعية ، ذلك أن الضريبة التي تناقض أحكام الدستور يلحقها العدم منذ فرضها .
وحيث إنه لما كان ما تقدم ، و كان المشرع بتقريره النص المطعون فيه بأثر رجعي – على النحو السالف البيان – قد تغيا الحفاظ على مبالغ الضريبة التي سبق تحصيلها من قبل بمقتضى أداة تشريعية تتناقض و أحكام الدستور ؛ تتمثل في قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 بتعديل الجدولين المرافقين للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، وهو القرار الذي صدر إعمالاً للفقرتين الثالثة و الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، اللتين ألغاهما المشرع فيما بعد بنص المادة 12 من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه ، بعد أن ألغي بالمادة 11 منه قرار رئيس الجمهورية ذاته ؛ مستهدفاً بذلك تصحيح مخالفته لنص المادة (119) من دستور سنة 1971 ، التي تقابل المادة (18) من الإعلان الدستوري المشار إليه ، وهي المخالفة التي تمثلت في إهدار المشرع لاختصاصه بتعديل الضريبة ، و إسناده لرئيس الجمهورية ، بما يُعد في حقيقته إعراضاً من جانب المشرع عن مباشرة ولايته الأصيلة في تحديد نطاق هذه الضريبة و قواعد سريانها ، و نقل مسئولياته إلى السلطة التنفيذية و تفويضها في ذلك ، الأمر الذي يمس بنيان الضريبة التي فرضها
القانون ، و يشرك هذه السلطة في إنشائها و تغيير أحكامها ، وهو المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها بصريح نص الأحكام الدستورية السالف بيانها ، مما مؤداه توخي المشرع – في تقريره الأثر الأثر الرجعي للضريبة – تحقيق مصلحة غير مشروعة تتمثل في إضفاء الشرعية على المخالفة الدستورية السالف بيانها ، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه المتضمن النص المطعون فيه ، من تطابقه الكامل مع أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 المشار إليه ، - و تبعاً لذلك – يكون النص المطعون فيه قد أهدر الأسس الدستورية لفرض الضريبة و تعديل أحكامها و أخل بمبدأ العدالة الاجتماعية الذي يقوم عليه النظام الضريبي ؛ مخالفاً بذلك أحكام المادتين 5 و 18 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011 ، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه نص البند (أولاً ) من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتباراً من 5/3/1992 ، و ألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ساحة النقاش