جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
ترك الخصومة والعدول عنه
قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" ومن حيث إن المادة (141) من قانون المرافعات تنص على أن ( يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة و إثباته في المحضر).
كما تنص المادة (142) من ذات القانون على أن ( لا يتم الترك بعد إبداء المدعي عليه طلباته إلا بقبوله ، و مع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان دفع بعدم اختصاص المحكمة ، أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى ، أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المصي في سماع الدعى ).
كما تنص المادة (143) منع على أن ( يترتب على الترك إلغاء جميع اجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى و الحكم على التارك بالمصاريف ، و لكن لايمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوى ).
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أنه لصاحب الدعوى الحق في النزول عن دعواه إلى ما قبل صدور حكم فاصل في النزاع إذا تحققت له مصلحة في التنازل ، على أن يتم ذلك بإحدى الطرق التي أوردتها المادة 141 على سبيل الحصر ، بشرط قبول خصمه إن جاء التنازل بعد إبدائه طلباته في الدعوى أو دون موافقته عند انتفاء مصلحته المشروعة في استمرار نظرها ، و يترتب على هذا التنازل إلغاء جميع إجراءات الخصومة و كافة الآثار المترتبة على قيامها .
ومن حيث إن المادة 408 من القانون المدني تنص على أن ( الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه ، و ذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة ).
ويبين من حكم هذه المادة أن الإقرار الذي يعتد به في مواجهة الصادر منه هذا الإقرار و الذي يستصحب معه حجية قاطعة هو الإقرار القضائي الصادر من هذا الشخص أمام المحكمة التي تنظر الدعوى التي تتعلق بها واقعة الإقرار ، أما الإقرار الذي يقع على خلاف ذلك فلا يعد إقراراً قضائياً و بالتالي فإنه يخضع لتقدير المحكمة .
ومن حيث إن ترك الخصومة في الدعوى هو تصرف إرادي يبطل إذا شابه عيب من العيوب المفسدة للرضاء ، و متى كان الإقرار المقدم من الطاعن بتاريخ 20/1/1989 بتنازله عن الدعوى رقم 1507 لسنة 43ق ، لا يعتبر في ضوء ما تقدم إقراراً قضائياً لعدم حصوله أمام المحكمة و بالتالي لا يحوز حجية قاطعة ، و من ثم فإنه يخضع لتقدير المحكمة التي لها أن تأخذ المدعي به أو أن تعرض عنه إذا ما تبين لها أن ثمة عيب من عيوب الرضا شاب إرادة المدعي عند التوقيع على هذا الإقرار .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قدمت بجلسة 7/4/1990 ( تحضير) أصل إقرار المدعي – الطاعن – بتنازله عن الدعوى رقم 1507 لسنة 43 ق – الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه – إلا أن الثابت من الأوراق أن المدعي حضر شخصياً بجلسة 1/6/1990 – ( تحضير) و أثبت في محضرها أن التنازل لا يعتد به و يعتبر ملغي و بجلسة 17/11/1990 – حضر المدعي شخصياً و قدم مذكرة تفيد عدوله عن التنازل حيث أنه أجبر على التوقيع عليه بالشهر العقاري ، و قرر بمحضر الجلسة المشار إليه رجوعه عن هذا التنازل المقدم منه للإدارة و استمراره في السير في الدعوى، و بجلسة 6/1/1992 حضر المدعي شخصياً أمام المحكمة و قرر بعدم ترك الدعوى .
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه إذا أبدى المدعي أمام هيئة مفوضي الدولة عدوله عن إقراره بترك الخصومة و استمراره في دعواه ، و شكك في انصراف إرادته إلى ترك الخصومة وجب على المحكمة أن تعتد بالإرادة الحقيقية المبداه أمامها و تطرح الإدعاء بترك الخصومة جانباً ، طالما لم يتأكد صدوره عن إرادة صريحة قاطعة .
ومن حيث إن الطاعن قد قرر بجلسة التحضير المعقودة بتاريخ 9/6/1991 بأنه قرر الرجوع عن التنازل المقدم منه و باستمراره في السير في الدعوى و قدم مذكرة بذلك ذكر فيها أن هذا الإقرار قد صدر منه بضغط التهديد بخصم الحوافز منه ، و من ثم يبين من ذلك إن إرادة المدعي – الطاعن – في التوقيع على التنازل عن دعواه لم تكن إرادة حرة صدرت عن رضاء صحيح ، بل إن هذه الإرداة قد اعتورها عيب من العيوب المفسدة للرضا وهو إكراه المدعي على توقيع هذا التنازل تحت وطأة التهديد بالحرمان من الحوافز.
ومن حيث إنه ترتيباً على كل ما تقدم فإن الإقرار الصادر من المدعي بتنازله عن دعواه باعتباره تصرفاً إرادياً ، يكون قد وقع باطلاً و ليس من شأنه بالتالي أن يرتب أي أثر قانوني ، و إذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع على نحو أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم فيما قضي به بإثبات ترك المدعي للخصومة و إلزامه المصروفات ".
( الطعن رقم 3020 لسنة 39 ق – جلسة 6/3/1999 )
ساحة النقاش