جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
وجوب اجراء تحقيق عن سبب وفاة المجند والا اعتبرت الوفاة بسبب الخدمة العسكرية
قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" و من حيث إنه من المستقر عليه أن مناط مسئولية جهة الإدارة عن فعلها غير المشروع الموجب لإلزامها بالتعويض هو اكتمال أركان المسئولية التقصيرية في جانبها من خطأ و ضرر وعلاقة سببية بينهما .
ومن حيث إن المادة السابعة من قانون الخدمة العسكرية و الوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 تنص على أنه : أولاً " يعفى من الخدمة العسكرية و الوطنية نهائياً :
(أ) من لا تتوافر فيه اللياقة الطبية لتلك الخدمة .
(ب) ...............................................
وتنص المادة (12) من ذات القانون على أن " يلحق بكل منطقة تجنيد و تعبئة مجلس طبي عسكري يؤلف من أخصائيين متنوعين لا يقل عددهم عن خمسة يقوم بعد استبعاد من تقرر إعفاءهم نهائياً أو استثناؤهم بالكشف الطبي عل الأفراد المطلوبين للتجنيد لتقرير مدى لياقتهم للخدمة العسكرية و تحديد مستواهم الطبي ...... و يتم ذلك وفقاً للشروط التي يحددها وزير الدفاع بقرار منه ....... .
ويجوز لمدير إدارة التجنيد بناء على اقتراح رئيس الفرع الطبي بإدارة التجنيد بعد فحصه الحالة أن يأمر بتوقيع الكشف الطبي مرة ثانية على الأفراد اللائقين طبياً قبل تسليمهم لسلاحهم الذي ألحقوا عليه و ذلك بعرضهم على اللجنة الطبية العليا المذكورة لتقدير مدى لياقته للخدمة العسكرية ........... ".
وحيث إنه يتضح من هذه النصوص أن المشرع رسم في القانون رقم 127 لسنة1980 المشار إليه الطريق الذي يتبع لتقرير مستوى اللياقة الطبية للمتقدم لأداء الخدمة العسكرية ، و ذلك بعرضه على المجلس الطبي العسكري بمنطقة التجنيد الذي يؤلف من أخصائيين متنوعين لا يقل عددهم عن خمسة ، و أجاز لمديرإدارة التجنيد بناء على اقتراح رئيس الفرع الطبي بإدارة التجنيد أن يأمر بتوقيع الكشف الطبي مرة ثانية على الأفراد اللائقين طبياً قبل تسليمهم لسلاحهم و ذلك بعرضهم على اللجنة الطبية العليا بمنطقة التجنيد التي تشكل من اطباء لم يسبق لهم توقيع الكشف الطبي على الأفراد اللائقين طبياً ، و من ثم فإنه إذا ما قرر المجلس الطبي العسكري ابتداءً توفر اللياقة الطبية للمتقدم للخدمة العسكرية أو بقرار من اللجنة الطبية العليا عند عرض أمره عليها بأمر من مدير إدارة التجنيد أو لم يعرض أمره على تلك اللجنة فإنه يكتسب بذلك صفة المجند الذي ثبت توفر اللياقة الطبية في شأنه على النحو الذي استلزمه قانون الخدمة العسكرية و اللوائح الصادرة تنفيذاً لأحكامه و ينخرط في سلك المجندين و يدخل من ثم في عداد المخاطبين باحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 .
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رق 90 لسنة 1975 بشأن التقاعد و التامين و المعاشات للقوات المسلحة تنص على ان " تسري أاحكام هذا القانون على المنتفعين الآتي بيانهم :
(أ) ........... (ب) ......................... (ج) .....................................
(د) الضباط و ضباط الصف و الجنود الاحتياط المستدعون بالقوات المسلحة .
ومن حيث إن القانون رقم 90 لسنة 1975 سالف البيان قد أوجب إجراء تحقيق في كل إصابة تحدث للمجند ينشأ عنها جرح أو عاهة أووفاة بواسطة الجهات العسكرية المختصة ، و ذلك بغرض إثبات الإصابة أو العاهة أو المرض أو الوفاة و بعد إجراء التحقيق يجري إثبات الإصابة كذلك بواسطة المجلس الطبي العسكري المختص و تصدق هيئة أو شعبة التنظيم و الإدارة المختصة على إجراءات مجلس التحقيق و كلها إجراءات جوهرية كفالة لحقوق المجندين في إثبات إصابتهم أو مرضهم و ما ينشأ عنهامن عجز أو وفاة و ما يترتب على ذلك من حقوق تأمينية و تعويضية و معاشية مستحقة عن الإصابة أو العجز أو الوفاة التي تحدث بسبب الخدمة ، ذلك من جهة و حماية للخزانة العامة تتمثل في عدم صرف مبالغ لغير المستحقين لها من جهة اخرى ، وتقوم بهذه الإجراءات الجهات المختصة بالقوات المسلحة .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن نجل مورث الطاعنين السيد / ..... جند كضابط احتياط بتاريخ 26/1/1994 حيث كان حاصلاً على مؤهل عال و يعمل مدرساً بمدرسة الحبالصة الإعدادية مركز القوصية محافظة أسيوط ، و لم يتحقق له ذلك إلا بعد ثبوت لياقته الطبية للخدمة العسكرية و استمرت خدمته العسكرية حتى أصيب بمرض لوكيميا حادة بالدم و نقل إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي للعلاج التي شخصت حالته بأنه يعاني من لوكيميا حادة بالدم و يعالج بواسطة العقاقير الكيماوية و تحتاج حالته إلى عمل زرع نخاع عظمي من متبرع ( أحد أخوته ) مما يتطلب استمرار علاجه بقسم أمراض الدم لمدةعام وفقاً للثابت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى القوات المسلحة بالمعادي المؤرخ 10/6/1996 المودع ضمن حافظة مستندات مورث الطاعنين امام محكمة أول درجة بجلسة 17/2/1999 ، و الثابت كذلك من التقرير الطبي المؤرخ 8/2/1998 من ذات المستشفى المودع حافظة مستندات مورث الطاعنين امام محكمة أول درجة بذات الجلسة (17/2/1999 ) أن نجل مورث قبل إجراء عملية زرع نخاع عظمي له .
ومن حيث إنه لتحديد سبب الإصابة بالمرض يتعين إجراء تحقيق على النحو الذي تطلبته المادة (82) من القانون رقم 90 لسنة 1975 السالفة الذكر.
ولما كان نجل مورث الطاعنين قد توافرت فيه بيقين اللياقة الطبية اللازمة للخدمة العسكرية عند التحاقه بها في 26/1/1994 و أثناء خدمته العسكرية حتى أصيب بمرض أثناء خدمته العسكرية و شخص مرضه على أنه الوكيميا حادة بالدم إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 17/6/1996 و بغير أن تجري جهة الإدارة التحقيق المشار إليه لتحديد سبب الإصابة بالمرض ، ومن ثم فإنه لم يثبت من الأوراق انه قد انتفت بعد التحقيق و البحث و الفحص مسئولية الإدارة العسكرية عن إصابة نجل مورث الطاعنين بالمرض بسبب الخدمة العسكرية و ما نتج عنها من مضاعفات إلا أن ذلك كان بالضرورة نتيجة لعدم إجراء التحقيق و البحث و الفحص الذي أوجبه القانون في مثل هذه الحالة و بالمخالفة لأحكامه و بتقصير من الإدارة العسكرية المختصة الذي يخضع نجل مورث الطاعنين تماماً لسلطتها خلال خدمته العسكرية و وقت مرضه و علاجه ، فإنه لا يسوغ بتقصير الإدارة العسكرية المذكورة إهدار حق نجل موروث الطاعنين الذي ثبت من الأوراق سلامة تجنيده صحياً ووقوع الإصابة بالمرض أثناء هذه الخدمة و باعتبار أن قبوله كضابط احتياط كان بسبب أنه لائق للخدمة العسكرية طبياً ، فإن مرضه يكون قد حدث حتماً أثناء الخدمة و وجود نجل مورث الطاعنين تحت سيطرة الإدارة العسكرية خلالها في جميع ما يتعلق بحياته و في تنقيذه لواجيات أدائها متعرضاً للأخطار التي تتفق مع طبيعة الخدمة العسكرية و كيفية ادائها و أماكن تنفيذ واجباتها ، و من ثم فإنه يتعين اعتبار ما وقع له قد تم أثناء و بسبب الخدمة .
يؤكد ذلك أنه إذا كان الدستور قد أوجب على كل قادرمن شباب هذه الأمة الانخراط في سلك الجندية دفاعاً عن حياة أفرادها و أموالهم و أعراضهم وصوناً لاستقلال الدولة و تحقيقاً لعزتها و كرامتها ، فإن الخزانة العامة يجب أن تتحمل عبء المخاطر التي يتعرضون لها أثناء الخدمة العسكرية و بسببها في كل الأحوال التي تثبت إصابتهم أو مرضهم أثناء الخدمة و بسببها ، أو التي يثبت وقوع المرض أو الإصابة أثناء الخدمة و بعد الالتحاق بها وا لتي لم يتم تحقيقها وفحصها وفقاً لما حدده القانون ليثبت أنها ليست بسبب الخدمة العسكرية ، و قد حدد القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه بالنسبة للعسكريين و منهم ضباط الاحتياط ، و نجل مورث الطاعنين احدهم ، كافة الحقوق و المزايا التي تستحق لمن يصاب أثناء الخدمة و بسببها على ما فصلته نصوص هذا القانون في هذا الشأن .
أما و قد ثبت أن مرض نجل مورث الطاعنين قد وقع أثناء خدمته العسكرية، ولم تثبت الإدارة العسكرية وفقاً للتحقيق الذي كان يتعين عليها إجراؤه أن ما وقع لنجل مورث الطاعنين ليس بسبب الخدمة العسكرية و قامت بتسوية كافة حقوقه على هذا الأساس ، أي بأن الوفاة حدثت أثناء الخدمة و ليست بسببها و دون إجراء التحقيق المطلوب ، وهوما يقطع في يقين المحكمة بثبوت خطأ جهة الإدارة في هذا الصدد ، و أنه مما لا ريب فيه أن ذلك الخطأ ترتب عليه ضرر للطاعنين بنوعيه ، حيث تمثل الضرر المادي فيما قامت به جهة الإدارة من تسوية كافة حقوق نجل مورثهم على أساس أن وفاته ليست بسبب الخدمة ، و التي تقل مادياً إذا كانت بسبب الخدمة ، بالإضافة إلى مصاريف التقاضي للحصول على حقوقهم ، و يتمثل الضرر الأدبي في احساسهم بالحزن و الأسى نتيجة عدم تحمل جهة الإدارة مخاطر مرض نجل مورثهم الذي تعرض له اثناء الخدمة العسكرية و بسببها و انتهى بوفاته ، و لما كانت الأضرار التي لحقت بالطاعنين هي نتيجة لخطأ جهة الإدارة ، و من ثم تكون قد تكاملت اركان مسئوليتها و تحققت بالتالي موجبات التعويض ، الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعويض الطاعنين عما لحقهم من اضرار بتعويض اجمالي تقدره المحكمة بمبلغ خمسين ألف جنيه عما أصابهم من أضرار " .
( الطعن رقم 15418 لسنة 53 ق – جلسة 17/3/2012 – مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الثاني – ابريل /يونية 2012 – ص 230 و ما بعدها )
ساحة النقاش