القاديانية تخترق الأزهر بكتاب يبطل الجهاد
فى مسابقة تعد الأولى من نوعها وتؤكد تحولاً خطيراً فى أتجاهات شيوخ الأزهر الفكرية حصلت " الأسبوع " على نسخة من كتاب لأحد القادة الاوائل للقاديانية بعنوان ( التعاليم الخالدة الموحى بها إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ) ، ( محمد على ) أحد تلاميذ ميرزا غلام أحمد مؤسس القاديانية .
وهى مذهب دينى ظهر فى أواخر القرن 19 فى قاديان بالهند ، يدعى مؤسسه أنه المسيح الموعود الذى بعثه الله من جديد لتخليص العالم من ألامه وشروره ليعلن عام 1900 النبوة المستقلة ، وقال : " إننى صادق كموسى وعيسى وداود ومحمد ، وقد عين الانبياء زمن بعثتى وذلك هو عصرنا هذا " .
وانشأ مسجداً جعله قبلة للحج لأتباعه بدلاً من الحج إلى مكة وأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والمفاجأة أن الكتب يحتوى على صورة زنكوغرافية من موافقة مجمع البحوث الإسلامية وهى الجهة المنوط بها فحص الكتب والدراسات والتأكد من مطابقتها للشريعة الإسلامية .
ليس هذا فحسب .. بل إن ادارة الوعظ والارشاد بالأزهر فى منطقة وعظ بورسعيد وزعت الكتاب مجاناً على علماء ووعاظ الأزهر لقراءته وهو ما يثير شكوكاً حول اختراق القاديانية للأزهر وفرعها " الأحمدية " ، ومما يزيد من الشكوك أيضاً ان كتاب ( التعاليم الخالدة ) احتوى بين دفتيه سيرة ذاتية للمؤلف تؤكد انتماءه العقائدى والفكرى للقاديانية .
وكنوع من الترويج للقاديانية داخل الأزهر احتوى الكتاب فى اخره على صفحتين بأرقام التليفونات وعناوين المراسلة عبر البريد الالكترونى والفاكس للحصول على معلومات ومراجع ومنشورات مجانية عن الإسلام من خلال دار النشر التنى تتولى طباعة كتب القاديانية وهى الدار الإسلامية للنشر بالولايات المتحدة الأمريكية الحاضنة الثانية للقاديانية بعد " إسرائيل " ، اما المطبعة التى طبعت الكتاب داخل مصر فهى دار السعادة للطباعة صاحبة امتياز كتب البهائية فى مصر .
وعلى افتراض أن موافقة مجمع البحوث الإسلامية على الكتاب جاءت من قبيل أن الكتاب ليس به ما يمس العقيدة الإسلامية أو يخالف أهل السنة والجماعة فإن الكتاب تناول قضية " الجهاد فى الإسلام " من منظور مؤسس القاديانية الأول غلام أحمد القاديانى المولود عام 1839 فى قرية قاديان وهى إحدى قرى مقاطعة " البنجاب " بالهند وهو مدع للنبوة وكان يقول إنه هو المسيح وأنكر فريضة الجهاد فى الأسلام .
حين سألنا الشيخ " ضياء الدين محمد " المسئول عن إدارة البحوث والترجمة بمجمع البحوث ، كيف تخرج هذه الموافقة على طبع وتداول كتاب لأحد تلاميذ مؤسس القاديانية أجابنا قائلاً : " ليس معنى أن مؤلف الكتاب ينتمى للأحمدية القاديانية أنه كافر أو خرج عن العقيدة نحن لا ننظر لأسم المؤلف .. بل ننظر إلى محتوى الكتاب ولا يمكن أن تخرج موافقة الأزهر على هذا الكتاب إلا إذا كان صحيحاً ويوافق السنة والقرآن الكريم .
ويضيف الشيخ ضياء متسائلاً : هل الأحمدية كلها كفر؟ ويجيب : لا ليس صحيحاً نحن لا ننظر إلى النصف الفارغ من الكوب .. بل ننظر إلى النصف المملوء .. فقد يكون الكتاب سليماً من الناحية العقائدية ، كما أن الأحمدية ليس جميعها كفراً او مخالفاً للعقيدة ، ومما يدل على اننا فى الأزهر ننظر بموضوعية للأمور ووسطية ، اانا سبق أن رفضنا لنفس المؤلف وهو العلامة محمد على ترجمة للقرآن الكريم لأننا وجدنا فيها أخطاء ولو تم تصحيح هذه الأخطاء لأجزناها .
تعليق الشيخ ضياء مدير البحوث والتأليف والترجمة بالأزهر يتناقض مع فتاوى كبار علماء الأزهر قديما وحديثا التى اعتبرت جميع عقائد القاديانية والأحمدية باطلة وخارجة عن الإسلام وأخرها فتوى د.على جمعة مفتى الجمهورية التى تقول إن مؤسس القاديانية وهو غلام أحمد القاديانى ادعى أنه المهدى وأنه المسيح الموعود ، وكان يقول : " أنا المسيح وأنا كليم الله وأنا محمد وأحمد معاً " ، ولذلك كان يدعى أنه أفضل من جميع الأنبياء ومات غلام أحمد فى مدينة لاهور ، وحينما بدأ القاديانى دعوته لم يجاهر بعداوة الإسلام ، ولم يصرح بالخروج عليه بل بدأ بمظهر التجديد والتطوير ثم انتقل إلى فكرة المهدوية ثم انتقل إلى إدعاء أنه يوحى إليه لا على أنه نبى مستقل مرسل .. بل على أنه نبى متابع كهارون بالنسبة لموسى عليهما السلام .
ويؤكد د.على جمعة فى فتواه أخذ مؤسس القاديانية فى تأويل نصوص القرآن الكريم تأويلا منحرفاً فاسداً لتحقيق مأرب لديه ثم تعاون مع المحتلين وأصدر فتواه الأثيمة بأن الجهاد قد انتهى وأصبح منسوخاً ولذلك لا يجوز رفع السلاح من المسلمين ضد الانجليز المحتلين للهند بحجة أنهم خلفاء الله فى الأرض .
وهو نفس ما جاء فى كتاب تلميذه محمد على الذى وافق عليه الأزهر .. ولكن بشكل غير مباشر حين يتعرض الكتاب لفريضة الجهاد مقتبساً آيات الجهاد التى وردت فى القرآن الكريم خارج سياقها ليخرج لنا بخلاصة ان الوحى ابلغ النبى محمد صلى الله عليه وسلم ألا يخرج للقتال ولا يحمل السلاح إلا للدفاع عن النفس وإذا اضطهده العدو بسبب الدين فقط ، وأنه صلى الله عليه وسلم كان مطالبا أيضا بالتوقف عن القتال إذا عرض العدو السلام .
وهو هنا " اى المؤلف " بأنتقاء آيات الجهاد واخراجها من سياقها وأسباب نزولها دون توضيح كما جاء فى أمهات كتب التفسير يروج لنفس عقيدة مؤسس القاديانية فى نفى فريضة الجهاد ضد المحتل ، ولهذا فإن " إسرائيل " تحتضن القاديانين وتعتبر اسلامهم اسلاماً جديداً ، وهو ما غاب عن علماء الأزهر حينما وافقوا على الكتاب .
وللجماعة الأحمدية القاديانية التى كان يتزعمها ميرزا محمد على مؤلف الكتاب مركز كبير فى مدينة " كبابير " بحيفا فى " إسرائيل " حيث تحتفى صحف الكيان الصهيونى بالطائفة الأحمدية القاديانية وتقول عنهم أن هناك تيارات دينية تدعو للسلام والتصالح بين الأديان والتسامح ، ومن هذه التيارات الجماعة الإسلامية الأحمدية التى ينتشر أتباعها فى " إسرائيل " ومؤخراً عقد أتباع هذا التيار مؤتمرهم السنوى فى " إسرائيل " لمناقشة مستقبل نشاطهم فى المنطقة .
وقالت صحيفة معاريف أن تلك الطائفة لديها نحو 150 مليوناً من الأتباع حول العالم وهم يرون انهم المسلمون الحقيقيون ويحاربون الإسلام السنى ، أما زعيم الطائفة الأحمدية القاديانية فى " إسرائيل " فهو محمد شريف عودة الذى يسعى وبقوة منذ عدة سنوات لتقريب الفلسطينيين فى الضفة الغربية وقطاع غزة من معتقدات الطائفة ودفعهم للإيمان بها ونقلت معاريف عنه القول : إن هناك اهتماماً كبيراً من قبل الفلسطينيين بالتعرف على ما يدعو إليه منهج الطائفة الأحمدية رغم حملات المطاردة الشرسة التى نتعرض لها فى فلسطين .
ولمن لا يعرف فإن القاديانية أو الأحمدية فرعين الفرقة الأولى تعتقد أن غلام أحمد نبى مرسل من الله تعالى ومسيح موعود ، والفرقة الثانية تعتبره مجدد القرن الرابع عشر الهجرى والمسيح الموعود ، والفرقة اللاهورية ويتزعمها " محمد على " مؤلف الكتاب المذكور وله أيضاً مؤلفات عديدة وتحريفات للآيات القرآنية وتأويلات فاسدة وهو يصرح بأن عيسى عليه السلام ابن يوسف النجار ، وتحرم القاديانية مناكحة المسلمينومصاهرتهم وقد حظر عليهم مؤسس الطائفة كل ارتباط بالمسلمين قائلاً : " إن المسلمين لبن فاسد ونحن اللبن الطازج " .
ومن أهم ضلالات مؤسس القاديانية وتلاميذه قوله : " أن روح المسيح قد حلت فيه ، وأن ما يلهمه هو كلام الله كالقرآن الكريم والتوراة والانجيل ، وأن قاديان هى البلدة المقدسة المكنى عنها فى القرآن بالمسجد الأقصى وأن الحج إلى قاديان فريضة وأنه قد أوحى إليه بما يربو على عشرة آلاف آية وأن من يكذبه كافر ، وأن القرآن و محمد وسائر الأنبياء قبله قد شهدوا له بالنبوة وعينوا زمن بعثته .
محاولات سابقة
الاختراق الأخير للقاديانية للأزهر عن طريق كتاب " محمد على " احد تلاميذ مؤسس الطائفة لم يكن الأول .. بل كانت هناك محاولة سابقة ولكنها باءت بالفشل حيث حظر الأزهر كتابا لزعيم القاديانية فى يوليو 2006 يحمل عنوان " كارثة الخليج والنظام العالمى الجديد " لأنه يروج للمذهب القاديانى ويتضمن خطباً صريحة لخليفة مؤسس هذا المذهب تسىء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم حيث صرح وقتها الشيخ ماهر حداد مدير ادارة البحوت والترجمة بالأزهر سابقاً بأن الكتاب الذى ألفه الخليفة الرابع للمذهب " ميرزا طاهر أحمد " يروج لأفكار للمذهب القاديانى ، وقد جاء من خارج مصر وطلب مراجعته من أجل النشر .
وأكد تقرير فحص الكتاب المرفوض الصادر عن المجمع " أن مصر تتعرض الأن لحملات مكثفة لمثل هذه الأفكار الهدامة التى تهدف إلى زعزعة العقيدة الإسلامية فى نفوس المسلمين وأدخالهم فى دائرة البلبلة وفقدان الهوية " ، ورغم تحذير تقرير مجمع البحوث الإسلامية من الترويج لهذه الكتب التى تدعو لأفكار وملل باطلة تهدف لزعزعة الإيمان الصحيح إلا أن الكتاب الأخير لميرزا محمد على تلميذ غلام أحمد يؤكد أن القاديانية اخترقت الأزهر ونجحت فى ذلك .
حيث يشير الشيخ ماهر حداد إلى ان مثل هذه الكتب تخالف نصوص القرآن كثيراً ، حيث يدعى زعماء القاديانية أو الأحمدية أنهم يتلقون الوحى من الله وأن الله شرفهم بكلامه ، ومن ضمن اقوالهم أن الله بشرهم بالعرب وألهم قادتهم أن ترى شعبوهم طريقهم لإصلاح شئونهم وهذا مخالف للإسلام لأنه لا وحى بعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ويؤكد الشيخ ماهر حداد أنه بعد فتوى الأزهر فى الستينيات التى اعتبرت المذهب القاديانى باطلاً وثورة على النبوة المحمدية والإسلامية ما زال أتباع هذا المذهب هذه الأيام يحاولون أن يعيدو فتح هذا الأمر ونشر مذهبه .
ساحة النقاش