الفـصل الأول
كان ذلك قبل سبع سنوات كنت في إحدى مدن المملكة عندما تم نقلي في بداية العام إلى مدينة بعيدة مما دفعني إلى نقل أهلي إلي مدينة جدة فقد قررت أن لا أخذهم معي .. نقلت أهلي إلي مدينة جدة خلال الاجازة وكانت الزوجة حامل في الشهر الأخير ثم ذهبت إلي أهلها لتكون قريبة منهم وقت الولادة في مدينة أخرى ... انشغلت أنا بنقل العفش إلي مدينة جدة ثم تم الاتصال بي من الأهل أن الزوجة قد رزقت بمولود فتركت الشقة وسافرت إلي الأهل .
منذ اللحظة الأولى ودخولي على زوجتي كان هناك شي قد حدث فلم تكن تلك الزوجة التي تزوجتها منذ 20 سنه... المقابلة باهتة والزوجة شاحبة ولهفتي عليهم لم تكن كما تعودت حتى أبني المولود لم اقبله فقط نظرت إليه نظرة خاطفة و كانت الزوجة تعانى من آلآم طارئة في الكلى مما دعاني إلي السفر والعودة بها إلى جدة لعمل الفحوصات وكان يبدو عليها انتفاخ في الجسم غير طبيعي .
كانت المفاجأة الأولى عندما أخبروني الأطباء بإصابتها بفشل كلوي.. نومت على أثرها بالمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة وكانت صدمة عاطفية قوية اختل فيها توازني و تركيزي...فشل كلوي لزوجتي بدون مقدمات.
اليوم الثالث أخبروني الأطباء بان غدا لا بد من عمل غسيل للكلى ليصبح الفشل أكيد وليس حلما كما كنت أتمنى وكانت صدمة أخرى لي ... ثم علمت زوجتي بالأمر وكان اطلاعها على الأمر الصدمة التي قصمت ظهري لحزني لحالتها في المساء جاء الاتصال الذي هزني ليعيد لي توازني المفقود وتفكيري من قريبة لنا عندما قالت لي يا ابني إن زوجتك بإذن الله بخير ولكن حاول أن تأخذ من جميع الأهل والمعارف لديكم في جدة ماء الوضوء وتغسل زوجتك .
لم أفكر كيف الطريقة وصعوبتها كان كل شي قد تبرمج فعلا في عقلي بسرعة عجيبة وفعلا تم وبسرعة دعوت الجميع للعشاء واشترطت على الجميع الحضور بعد صلاة المغرب لظروف مرض زوجتي مع استغراب الجميع لهذه الدعوة وفى توقيتها وخاصة أن الزوجة مازالت في المستشفى تنتظر قدرها المكتوب ...
توضئ الجميع لصلاة العشاء وبعد الصلاة تناول الجميع العشاء وغسلوا أيدهم وانصرفوا.. وكنت قد وضعت إناء تحت مغسلتي النساء والرجال بحجة خلل في السباكة أخذت الماء الناتج من الغسيل ثم وضعته في جالون واحد ثم أخذت انتظر الصباح حتى اذهب الي المستشفى لم يغمض لي جفن فكانت الأفكار قد آخذت تتصارع مع بعضها ...
الساعة الثامنة والنصف صباحا كنت قد وصلت مستشفى الملك عبدالعزيز وأنهيت الموضوع والمهمة وغسلت الزوجة بهذا الماء في دورة المياه في المستشفى تحت استغراب واندهاش الممرضات .. في التاسعة أخذوا من الزوجة دم للتحليل قبل عمل الغسيل للكلى العاشرة يدخل الطبيب وقد ظهر على وجهه ابتسامة وكلماته تسبقه وهو يقول مبروك الكلى اشتغلت وتقوم بعملها على أكمل وجه ..
لا أعلم ماذا قال بعهدها كل الذي اذكره أن نظراتنا أنا وزوجتي كانت قد تعانقت والدموع تنهمر .. اللهم لك الحمد ولك الشكر حتى ترضى.... ولك الحمد ولك الشكر إذا رضيت... ولك الحمد ولك الشكر بعد الرضي ..
ثم اتضح أن هذه النهاية السعيدة هي مجرد البداية في سلسلة من الأحداث التعيسة والمتتابعة وما إن تهدأ واحدة حتى تخرج الأخرى أقوى واشد .... دراما حقيقية عشتها وكان لها الأثر في نفسي وزوجتي وأبنائي وعلاقتي بالآخرين ... وتأثيرها على عملي وحياتي كلها.
نلتقى ان شاء الله مع الفصل الثاني
دمتم بخير وعافية