معجزة الماء والرقية الشرعية
-دكتور/ دسوقي احمد محمد عبد الحليم
في الأعوام الأخيرة استقر رأي العلماء وخبراء الماء في المجتمع العلمي على أن الماء يحمل ذاكرة كالتي نحملها نحن في أدمغتنا وربما اكبر وأوسع، وأصبح العلماء مقتنعون أكثر من أي وقت مضي بأن جزيئات الماء تحمل من المعلومات ما قد لا يوجد في اكبر مكتبات العالم وأجهزتها الالكترونية المعقدة وأن الماء يحتفظ بالمعلومات حتى بعد عمليات التنقية الصارمة بالترشيح، وهذا بالضبط ما أطلق عليه العلماء "بصمة الطاقة المائية".
ولقد ثبت علمياً أن الأفكار والأصوات تؤثر كلياً على الماء في جسم الإنسان وفي الكائنات الحية التي تتأثر تماما بتتابع ترددات الطاقة الكامنة بنفس الطريقة التي تتأثر بها هذه الكائنات فيزيقياً. ماذا يعني هذا وما هي الطاقة الكامنة وراء الكلمات التي نبثها للماء فيتغير مع حالتنا المزاجية إن كان فرحا وسعادة تشكلت جزيئات الماء بما يؤكد إحساسها بنا وبسعادتنا وإن كان مزاجنا ليس على ما يرام اختلف مزاج جزيئات الماء بالسلب. يا لهذه الأبحاث العلمية إنها كل يوم تؤكد حقائق جديدة قديمة،
أليس الكثير من الصالحين الثقاة (ولا أقول الدجالين والمشعوذين) يعالجون الأمراض العضوية والنفسية والروحية بقراءة آيات من القرآن على الماء ثم يشربها المريض أو يغتسل بها فيشفى، ومن منطلق علمي وبناءا علي ما توفر لدينا من معلومات عن الماء فانه ومن خلال هذا البحث سنقوم بالإجابة علي الأسئلة الآتية:
هل الماء عنصر معجز؟، هل الماء مقدس؟،
هل الماء يحس ويشعر ويحب ويكره؟،
هل يتأثر الماء بالطاقة المحيطة؟،
هل يمكن استخدام الماء كعلاج من غير قراءة القرآن عليه؟،
ماذا تضيف قراءة القرآن علي الماء؟،
كيف نتعامل مع الماء؟، هل الماء كائن حي؟.
كل شيء خلق من ماء
الماء من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، فهو أغلى ما يملكه الإنسان على الأرض لاستمرار حياته بإذن الله ويدرك ذلك كل الناس كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، فلا يستطيع أن يستغني عن الماء إنسان أو حيوان أو نبات أو أي شكل أخر من أشكال الحياة التي نراها أو التي لم يأذن الله لنا بعد بالكشف عنها، فلا شراب إلا بالماء ولا طعام إلا بالماء ولا نظافة إلا بالماء ولا دواء إلا بالماء ولا زراعة إلا بالماء ولا صناعة إلا بالماء.
والماء لم تنقص قيمته على مر العصور سواء بتقدم البشرية أو بتأخرها، بل قد زادت حتى صار الحديث متكررا عن الأمن المائي والصراع على موارده. و الماء هو في الحقيقة المؤكدة عماد اقتصاد الدول ومصدر رخائها، فبتوافره تتقدم وتزدهر البشرية وبنضوبه وشح موارده تحل الكوارث والنكبات. فالماء هو أصل الحياة ومنبتها على الأرض وقد قال الله تعالى: ?وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ? (الأنبياء 30)، ويقول جل شأنه: ?والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير? (النور 45).
و في تفسير بن كثير عن أبي هريرة أنه قال يا نبي الله إذا رأيتك قرت عيني وطابت نفسي فأخبرنا عن كل شيء قال "كل شيء خلق من ماء". وقال الإمام أحمد في مسنده "حدثنا يزيد حدثنا همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال " كل شيء خلق من ماء ".
ما هو الماء؟
ولقد تباينت نظرة العلماء للماء أيما تباين، فعندما طلب تعريف دقيق للماء مع إيضاح أهميته جاءت الإجابات متباينة: فعلماء الزراعة يرون أن الماء هو الشيء الأساسي للحياة فإذا غاب لا تنبت البذور ولا الحبوب ولا الجراثيم ولا تنمو المزروعات ولا توجد الأنعام ويهلك الحي منها ويموت. أما الأطباء فيرون الماء من زاوية أهميته لحياة الناس وصحتهم الخاصة والعامة فجميع العمليات الحيوية في الجسم تحتاج إلى الماء حتى تتم، أما علماء التاريخ والجغرافيا البشرية فيربطون بين نشأة الحضارات والماء، فالحضارة المصرية ارتبطت بنهر النيل وحضارة سبأ ارتبطت بالمياه الموسمية وسد مأرب، وحضارة العرب ارتبطت ببئر زمزم وتفجر الماء العذب منه.
أما الفيزيائيون والذين يخططون للمستقبل فيرون أن الماء هو مصدر الهيدروجين عنصر الطاقة الحيوية والإستراتيجية في المستقبل القريب. والجيولوجيون يرون نشأة الحياة وتكون التربة والحفريات وعناصر الطاقة ومصادرها القديمة والحديثة مرتبطة بالمياه ووجودها ودورتها في الحياة،
ولذلك ليس من العلم أو الحكمة أن نقول: أن الماء هو الماء، أو أن نعطي تعريفاً قاصراً للماء، وقيد قيل في الأمثال "فسر الماء بعد الجهد بالماء". والبيولوجيون يجمعون في نظرتهم بين نظرتي علماء الزراعة والأطباء ويزيدون عليها أن الحياة جميعاً هي الماء وأن التربة الزراعية والنبات والحيوان والإنسان والكائنات الحية الدقيقة تحتاج إلى الماء في كل مرحلة من مراحل حياتها.
لا شك في أن الماء ضروري لكل الوظائف الفسيولوجية والحيوية فهو يستخدم في عمليات الهضم والامتصاص ونقل المغذيات ووسيطاً لإتمام العمليات الكيميائية المختلفة، ومذيباً للمخلفات ومخفف لها من أجل التقليل من أثرها السام، كما يساعد في عملية طردها خارج جسم الكائن الحي، و يساعد الماء في تنظيم درجة حرارة الكائنات الحية بالإضافة إلى ذلك فإنه يوفر وسادة واقية للخلايا. والماء هو المادة الأساسية في تكوين دم الإنسان والإفرازات السائلة مثل اللعاب والدموع وعصائر المعدة والسائل الذي تفرزه أغشية المفاصل وسوائل أخرى عديدة والتي لها دور رئيسي في عملية تزيت الأعضاء والمفاصل الأخرى، بالإضافة إلى أن الماء يحافظ على نعومة الجلد، ويتعامل علماء الأرض والفضاء مع الماء كجهاز إنذار مبكر يكشف وجود الحياة في هذه البقعة أو تلك، وما البعثات الفضائية التي نسمع عنها إلا وأول أهدافها البحث عن ماء للدلالة على وجود الحياة على هذا الكوكب أو ذاك.
نسب الماء في الكائنات الحية
إحصائيا يشكل الماء 90% من مخ الإنسان و 70% من مكونات القلب و 86% من الرئتين والكبد، 83% من الكليتين، 75% من عضلات الجسم المختلفة و 83% من الدم. ويكون الماء حوالي 60-95% من أجسام الأحياء الراقية بما فيها الإنسان، كما يكون حوالي 90% من أجسام الكائنات الحية الدقيقة.
وفي عالم النبات نجد أن ثمار الطماطم تحتوي على 94% من وزنها ماء، والكرنب يحتوي على 93.5%، العنب 80%، البرتقال 85%، المانجو 86%، الزبيب 14.6%، الفول السوداني 9.2%، دقيق الشوفان 7.3%، الأرز 12.3%، الكرفس 94.5%، السبانخ 92.3%، الفراولة 90.4%، اللفت 98.6%، الخوخ 98.4%، الفول الأخضر98.2%، الجزر 88.2%، الخس 97.4%، التفاح 84.4%، البرقوق 87.4%، البطاطس 87.3%، الموز 75.3%. وفي الحيوانات نجد أن لحم الضأن يحتوي على 63% والكبد 70% والسمك 66% واللبن 87% وقنديل البحر 99% من وزنه ماء.
خصائص الماء الفريدة
الماء له قدرة عالية على إذابة عدد هائل من المواد الصلبة والسائلة والغازية ، وبناؤه الجزيئي ذو القطبية المزدوجة والمقاوم للتحلل والتأين حيث يتألف الماء من جزيئات متلاصقة متماسكة، يتكون الجزيء الواحد من ارتباط ذرة أوكسجين مع ذرتين من الهيدروجين، ويتم هذا الارتباط وفق رابطة تساهمية قوية ، ودرجتا التجمد والغليان المتميزتان، والحرارة النوعية المرتفعة، والحرارة الكامنة العالية ، واللزوجة والتوتر السطحي الفائقان ، وقلة كثافته عند التجمد ، وقدرته الكبيرة على الأكسدة والاختزال، وعلى التفاعل مع العديد من المركبات الكيميائية ، وعلى تصديع التربة وشقها لمساعدتها على الإنبات ، وبذلك هيأه الله "جل شأنه " للقيام بدوره الرئيسي في أجساد كل أنواع الحياة على الأرض.
والماء العادي يسمي بالماء الخفيف، ولكن في المقابل يوجد هناك ما يسمي بالماء الثقيل والذي تتعدد فوائدة ليس للإنسان أو الحيوان أو النبات، ولكن للأسف في أسلحة الدمار الشامل وبالتحديد في المفاعلات النووية. وتكمن أهمية الماء الثقيل في قدرته العالية على التحكم بطاقة النيوترونات المنطلقة من التفاعل الذري. كما انه يعمل كمبرد لقلب المفاعل وينقل الحرارة بفعالية لتحويلها إلى طاقة بخارية مفيدة. ورغم قدرة الماء العادي على لعب هذه الأدوار إلا أن الماء الثقيل أكثر منه سرعة وفعالية.