الطب النبوي الوقائي
الوقاية خير من العلاج
هذا الشعار القديم الحديث نجد أنه مؤصل في الطب النبوي.
فالطب النبوي في الأساس طب وقائي يهدف إلى منع المرض قبل وقوعه ، والأخذ بأسباب الوقاية من الأمراض بمختلف أنواعها ، ومن الشرور بمختلف مصادرها (من الإنس أو الجن أو بعض الهوام والحيوانات والحشرات،أو غير ذلك) . والوقاية من العدوى ومنع انتشارها بصفة خاصة.
مع اعتقادنا بأنه لا ينفع حذر من قدر ، وفيه دائماً نسأل الله العافية. مع صيانة دائمة للبدن والروح ،والعمل على تحسين صحة الإنسان وحالته الجسمانية والنفسية والعقلية والروحية.
وهكذا فيه المحافظة على الفرد والأسرة والمجتمع في أحسن حالة صحية.
ويكشف لنا الطب الحديث كل يوم عن عادات سيئة وسلوكيات خاطئة تؤثر سلباً على صحة الإنسان فيحذرنا منها ، ونجد أن هذه المحاذير قد نبهنا إلى أصولها نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي لم يترك شيئاً فيه ضرر لنا إلا وحذرنا منه صلى الله عليه وسلم ، فالمسلم الطائع لله والذي ينتهي عما نهانا الله عنه ... قد وقى نفسه وحفظها – بإذن الله - من الأضرار الجسمانية والنفسية قبل أن يعرف بعضاً من ذلك الذي أتانا به العلم الحديث أي قبل أكثر من 1400 سنة .... فالخالق هو الحافظ ( فالله خيرُُ حافظاً وهو أرحم الراحمين ) ، وهو الذي أرشد عباده إلى أسباب حفظهم وسعادتهم وصحتهم وشفائهم ... له الحمد وله الشكر وله الثناء الحسن ... وحده لا شريك له.
c أمثلة عامة للطب النبوي الوقائي :
* الوقاية من العدوى.
مع علمنا واعتقادنا الجازم أنه لا عدوى بذاتها ، وإنما بقدر الله ومشيئته ، وهذا هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم:
( لا عدوى ولا طيره ... ) رواه البخاري ومسلم.
----------------------------
- عن أبي هريرةرضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا تُورِدُوا الْمُمْرِضَ عَلَى الْمُصِحِّ )رواه البخاري ومسلم.
- وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
( اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثلاثة الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ ) رواه أبو داوود.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فر من المجذوم فرارك من الأسد ) رواه البخاري ومسلم.
ومن الملفت للنظر في هذا الحديث النبوي ، أن هناك طورا من أطوار مرض الجذام يبدو فيه المصاب بوجه ذي سحنة تشبه وجه الأسد ولذلك دعيت حديثا (السحنة الأسدية leonine face في النوع المسمى Lepromatous Leprosy).وقد وُجد أن صاحب هذه السحنة في هذا المرض تكون فيه العدوى نشيطة وهو في هذه الحالة مُعد حتى بالنفس ، فنفسه والرذاذ المتطاير منه يحتوي على بكتريا الجذام بكثرة لهذا نفر منه فرارنا من الأسد بعكس النوع الآخر ( TUBERCLOID Leprosy) .
كما أن المنهج الوقائي للطب النبوي قدم لنا ما يطلق عليه بلغة العصر الحديث الآن الحجر الصحي ، قبل أن تعرفه البشرية كلها بمئات السنين .
ففي الصحيحين عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؟ فقال أسامة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . (الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، وعلى من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه).
وقد رأينا أن الفاروق عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه_ لم يدخل الشام عندما كان بها الطاعون فلما قالوا له ::أتفر من قدر الله؟؟؟ قال أفر من قدر الله إلى قدر الله....
* الوقاية من التلوث البيئي
والذي فيه تحذير للناس من السلوكيات الخاطئة ومن كسبهم السيئ.
قال تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) الروم 41.
* الوقاية من العادات الضارة والسلوكيات الخاطئة :
قال الله تبارك وتعالى : (... وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ...... (195)البقرة.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) رواه ابن ماجة وأحمد.
* الرضاعة الطبيعية :
وهى من الأسباب الوقائية الهامة للطفل وللأم أيضاً ، والتي حث عليها الإسلام :
قال تعالى :( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ...(233) )البقرة.
فالرضاعة الطبيعية من حليب الأم المعقم تقي الطفل - بإذن الله - من الكثير من الأمراض خاصة النزلات المعوية والتنفسية.
وهى هامة لسلامة نمو جهازه المناعي - الذي هو أساس الوقاية من الأمراض.
وكذلك تعمل على المحافظة على صحته النفسية والعصبية.
بل هى مفيدة أيضاً لصحـة الأم وسلامتها ولإعادة التوازن الهرموني والنفسي والعصبي والتناسلي لها.
----------------------------------------------------------------------
* ولاشك ولا ريب أن في منهج الله تعالى ( القرآن والسنة الصحيحة ) - الذي من مقاصده حفظ البدن بالإضافة إلى حفظ العقل والنفس والمال والعرض - الوقاية والحفظ للإنسان
الذي خلقه الله تعالى فسواه فعدله ، الإنسان الذي كرمه الله وخلقه في أحسن تقويم ، ثم بعد ذلك لم يتركه سُدى أو شيئاً مهملاً ، وإنما أنعم عليه ، ورزقه وعلمه ما لم يكن يعلم ، وهداه السبيل فبين له طريق الخير وحثه عليه ، وطريق الشر وحذره منه سبحانه وتعالى.
فعلينا إذن لكي نحفظ أنفسنا ونقيها من كل سوء أو شر أو مرض أو مكروه ... أن نتبع شرع ربنا ومنهجه الذي أنزله لنا ، فنفعل ما أمرنا به واستحبه لنا ، ونجتنب كل ما نهانا عنه وكرهه لنا.
فالحافظ هو الله الخالق سبحانه وتعالى ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الكهف 64
( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)الملك.
قال تعالى : ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) ) طه.
فعلينا وقاية أنفسنا وأهلينا في - الدنيا والآخرة - من عذاب الله وغضبه وعقابه باتباع شرعه ومنهجه ، وعلى مراده سبحانه وتعالى ، كما أمرنا بذلك ... فقال عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6)
فينبغي علينا أن ندعو الله أن يحفظنا من مخالفته ومعصيته وما يترتب على ذلك من مصائب ونسأل الله أن يحفظنا من :
كل الأمراض ( بمختلف أنواعها : عضوية أو غير عضوية ).
ومن كل الشــرور ( بمختلف مصادرها : من الإنس أو الجن أو بعض الهوام والحيوانات والحشرات ، أو غير ذلك ).
فنحن ضعفاء لاحول لنا ولا قوة إلا بالله ... أي لا تحول لنا عن معصية الله إلا بعون الله ، ولا قدرة لنا على طاعة الله إلا إذا أعاننا الله .... فعلينا أن ندعوه البر الرحيم وأن نخلص نوايانا لوجهه الكريم نبتغي مرضاته.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :( لا يرد القدر إلا الدعاء ) رواه الترمذي .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله متعوذاُ به من سوء القضاء فيقول :
(اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ، ودرك الشقاء وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء) رواه البخاري ومسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يطلب من الله الوقاية من شر القضاء فيقول : (اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني واصرف عني برحمتك شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت). رواه الترمذي والنسائي وأبو داوود.
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو ويدعو ويدعو ويلح في الدعاء للوقاية من كل شر وغير ذلك من الأدعية (باب الدعاء في الأسباب الشرعية).
قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم). رواه ابن ماجه.
وكان صلى الله عليه وسلم يسأل الله العفو العافية ويُعلمنا ذلك فيقول :
(اللهم إنى أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاني واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي). رواه أبو داوود وابن ماجة..
وطلب العفو من الله هام جداً فقد يصيب الإنسان بلاء أو مرض بذنب يصيبه ويدور على الأطباء للعلاج فلا يجد علاج ، ولكن الله يرفع عنه البلاء بالتوبة النصوح والاستغفار والكفارات .
* والصلاة تقي الإنسان من الهلع والجزع والبُخل والاضطرابات النفسية ، قال تعالى : ( إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) .... ) المعارج.
* والصدقة تطفئ غضب الرب وتقي من عذابه فضلاً عن أنها وسيلة هامة للتداوي ( داووا مرضاكم بالصدقة ).
* ( والصوم جُنة ) (وقاية).
* وذِكر الله يُقوي البدن ومناعته ، وهو الحصن الحصين الذي يقي الإنسان من الشيطان. (.......وإن العبد أحصن من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل ... ). هذا فضلاً عن اطمئنان القلب بذكر الله ... قال تعالى ( الَّذِينَآمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِتَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) سورة الرعد آية 28
ولولا هذه الروحانيات والأخلاقيات – التي جعلها الله لنا ديناً وحفظاً ... وارتضاها لنا ... فقال تعالى :(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ...)(المائدة:3) - لكان الناس بين منتحر ومنهار (وإن تظاهر بغير ذلك) نتيجة مكابدة الإنسان صراعات هذه الحياة الدنيا ... قال تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ) (البلد:4).
وهكذا فالحفظ كله والوقاية كلها في إتباع شرع الله نبتغي مرضاته.
* (احفظ الله يحفظك ... ) كما قال صلى الله عليه وسلم
( فَاللَّهُخَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الكهف 64
والمحفوظ هو من حفظه الله .
ولا نتقاعس أبداً في الأخذ بالأسباب جميعها سواء كانت حسية مادية أم شرعية روحية ... بإحكام وإتقان ... في الوقابة والعلاج وفي كل أمورنا لأن الله أمرنا بذلك.
ونتوكل على الله حق توكله.
-------------------------------------------------------------
c أمثلة للطب النبوي الوقائي في:
1- الطعام والشراب
* بالإضافة إلى ما سبق ذكره من أمثلة للأغذية الوقائية والعلاجية الواردة في الطب النبوي ( العسل ومنتجات النحل ،الحبة السوداء ، التمر ، واللحوم سواء لحوم البر أو البحر) ، هناك - أيضاً - توجيهات شرعية وقائية وعلاجية في مجال الطعام والشراب ... منها :
* قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31))الأعراف.
لأن الإسراف فيهما من أشر الأمور على الإنسان في بدنه ونفسه.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما ملأ آدمي وعاءًا شراً من بطنــه بحســب ابن آدم لقيمات يقمن صلبــه فإن كان لابــــد فاعلا : فثــلث لطعامه وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) رواه ابن ماجه والترمذي.
ونقلاً عن موقع المختصر- بتاريخ الثلاثاء11/03/1429 الموافق 18/03/2008- عن باب / أكدت دراسةأمريكية حديثة أن الإفراط في الأكل يعطل شبكات كاملةمن الجينات بالجسمفيسبب .. ليس فقط البدانة ، ولكن البول السكري وأمراض القلب.
وحدد الباحثون شبكات تضم المئات من الجينات بدت وكأنها خرجت عن القاعدة عندما تم إطعام فئرانبوجبة غنية بالدهون.
ويأمل فريق الدراسةالذي طور طريقة جديدةلتحليل الحامض النووي (دي إن إيه) في دراسة هذه الشبكات وتحديد الجيناتالتي تسبب المرض.
وكان فريق البحث قد حللقاعدة بيانات عن أناس من أيسلندا تجريعليهم مؤسسة (ديكودجيناتكس أنكوربورشن) دراسات ، ووجد الفريق أن الأشخاص لديهم نفسالشبكات.
وأعد الفريق دراسةمفصلة عن ألف عينة دم وقرابة 700 نسيج دهني من نفس المتطوعين الأيسلنديين.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الأشخاص الذي سجلوا درجاتمرتفعة على مؤشر كتلة الجسم (لقياس البدانة) أظهروا أنماطا مميزة لنشاط جيناتبأنسجتهم الدهنية لمتظهر باختبار الحامض النووي المأخوذ من الدم.
وقال إيريك سخادت - المديرالتنفيذي لقسم (علم الوراثة) بـ (معاهد ميريك للأبحاث- : "إن البدانة ليست مرضاينجم عن تغير فردي في جين واحد فحسب .. وإنما هي محصلة تغييرشبكات كاملة منالجينات" .
وأضاف: "اهتزت هذه الشبكة بالكامل نتيجة تعرضهالوجبة على النمط الغربيغنية بالدهون " .
وأوضح سخادت: "إن الأشكالالمشتركة لهذه الأمراضمعقدة للغاية ، كما أن الاختبارات الجينية البسيطة لا يمكنهاالكشف عن هذهالشبكات " .
وخلصتالدراسة إلى أهمية صنع أدوية جديدة تستهدفأنشطتها (الجينات)،وفي هذا الإطار يمكن للشركات أيضا الاستفادة من اختبارات للكشفعن نموذج خاص لدى كلشخص ومخاطر الأمراض المحتملة المعرض لها نتيجة الإفراط فيالأكل
-----------------------------------------------------------------------------------------
وفي تأثير قلة الطعام وكثرته قال ابن القيم ( رحمه الله) :
( ... فقلة الطعام توجب رقة القلب ، وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى ، وكثرة الطعام تحرك الجوارح إلى المعاصي وتثقلها عن الطاعات والعبادات ولأن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم من العروق فإن الصوم يُضيق عليه مسالكه ).
* وقال تعالى : ( فلينظر الإنسان إلى طعامه (24) ) عبس.
فعلى الإنسان أن ينظر إلى طعامه :
- ليســتشعر عظـمة اللـه وقـدرته ومَنِّه وكرمه ونعمته عليه.
- وليرى كيف ومتى يكون طعامه غذاءً ودواءً له فيُقبل عليه ، ومتى يكون داءً فيتجنبـه ويبتـعد عنه.
----------------------------------------------------------------
* وقد حرًَم الله في الإسلام بعض المأكولات الضارة والخمر :
X فحرَّم الميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ، حيث تتكاثر فيها الجراثيم مُحدثه فيها التحلل والتعفن فتصبح سامة مضرة مهلكة.
X وحرَّم الدم لسرعة تلفه وتلوثه بالجراثيم الفتاكة وتحلله وتخمره وتعفنه داخل الجهاز الهضمي وماينتج عن ذلك من سموم قاتلة.
X وحرَّم لحم الخنزير الذي ثبت أن له أضراراً كثيرة والتي من أشهرها الإصابة بالدودة الشريطية ، وهى تختلف عن الدودة الشريطية التي تنتقل من حيوان آخر ( كالبقرة مثلا فدودتها لا تمتلك القدرة على السياحة والتجوال بيرقاتها في جسم الإنسان ) فهى تتسرب بيرقاتها دائماً إلى مجرى الدم فتستقر في أحد أعضاء الجسم كالقلب والكبد والعين ثم تتحوصل فيه ، وفي المخ - الذي هو مكانها المفضل - فتسبب مرض الصرع.
كما أثبتت البحوث العلمية مؤخراً أن دهون الخنزير وراء الإصابة بالعديد من أنواع السرطانات مثل سرطان القولون والمستقيم والثدي وأمراض القلب وزيادة الدهون ، والتهاب الزائدة والمرارة ، وتعفنات الأمعاء الغليظة ، ومرض التيفوس والقرحة المعدية ، وبعض الأمراض الجلدية.
كما ثبت أن للخنزير دوراً كبيراً في نقل العديد من الأمراض الفيروسية.
قال تعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173))البقرة.
وقال سبحانه : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ... (3) )المائدة.
وقال عز وجل : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115))النحل.
X وحرَّم الخمر التي تُذهب العقل ، وتُضعف المناعة وتؤثر سلبياً على الكبد ، وعلى أجهزة الجسم المختلفة.
·قال سبحانه وتعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90))المائدة. ( والاجتناب هنا أقوى في التحريم ).
وسواء علمنا سبباً ظاهراً لما حرمه الله أم لم نعلم فعلينا أن نمتثل لأمر الله
وننفذ ونقول سمعنا وأطعنا.
--------------------------------------------------------------------------
2- النوم والاستيقاظ
قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61))غافر.
فجعل الله الليل راحة للإنسان وجعل النهار انتشاراً لطلب الرزق.
قال تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورً (47) ) الفرقان.
وقال الله سبحانه وتعالى : ( وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(73))القصص .
فهذا من فضل الله علينا ورحمته بنا سبحانه وتعالي الرحمن الرحيم.
فعلينا إذن أن نحرص على :
* النوم المبكر :
وعدم السهر بعد العِشاء إلا لضرورة فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا سمر إلا لمصل أو مسافر) رواه الترمذي وأحمد.
* نوم القيلولة :
لأنه يُعين على قيـــام الليل والقيــام لصلاة الفجــر ، وكأنه يُعيد شحن بطاريات أجهزة الجسم لتعمل باقي اليوم بكفاءة ونشاط.
وقد أثبتت الأبحاث الطبيـة الحديثــة الفائـدة العظيمة الجسمانية والنفسـية لمن ينام القيلولة ولمن يقوم الليل والفجر ولا يسهر، وأن هذا يتوافق مع إيقاع الساعة البيولوجية :وهذا التوافق هام جداً ومفيد جداً لأداء كل أجهزة الجسم وتقويتها على العمل خاصة الجهاز المناعي والهرموني والعصبي.
( والساعة البيولوجية هى ساعة طبيعية إلهية أودعها الله فى جسم الإنسان بحيث تنتظم حركات أجهزته ونشاطاتها مع إيقاع هذه الساعة التي تتوافق مع تعاقب الليل والنهار ).
وقد حثنا على هذا الأمر قبل ذلك بقرون عديدة ، من لا ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحى يوحى- نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
* تجنب فضول النوم :
فلا نكثر من النوم خاصة بالنهار ، بل نـنام بقدر ما يريح أجسامنا ، ويعيد لها النشاط ، ويعيــننا عـلى طاعة الله وعبادته.
* الاستيقاظ المبكر :
ففيه كل البركات وكل الخيرات ، وفيه الصحة والهمة والنشاط استجابة لدعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها ) رواه الترمذي وأبي داوود وابن ماجة وأحمد.
وإننا نجد أن التوصيات الطبية الحديثة تهتم بهذا الأمر وتحث عليه لما له من الفوائد والتأثيرات الإيجابية على الصحة العامة وعلى مناعة الجسم بصفة خاصة. وقد حثنا على هذا الأمر قبل ذلك بقرون عديدة ، من لا ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحى يوحى- نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه التوجيهات الصحية النبوية ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان ، والمسلمين يمتثلون لها التزاماً منهم بتعليمات دينهم يبتغون بذلك مرضاة الله سبحانه وتعالى ، موقنين بفائدتها العظيمة لهم في الدنيا والآخرة لأنهم متبعين لشرع الله وسواء اكتشف الطب التقليدي فائدتها أم لم يكتشف ذلك .
ومن هذه الإكتشافات الطبية الحديثة هذا الاكتشاف بتاربخ الثلاثاء23/12/1428 الموافق 01/01/2008نقلاً عن موقع المختصر/ عن الشرق الأوسط / من بحث تحت عنوان :
قلة النوم تؤدي إلىزيادة الإصابة بالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم
خلاصة نتائج ما سيتم عرضه من دراسات طب النوم، الصادرة في الأسابيع الماضية، أن علينا أن ننام ساعات كافية من الليل كي لا يرتفع وزن جسم أحدنا، ولا نُصاب بمرض السكري، ولنحمي أنفسنا من ارتفاع ضغط الدم، ولتتدنى لدينا الإصابات بأمراض شرايين القلب ومعدلات الوفيات بسببها.
* النوم لحياة أطول وما يقوله الباحثون من جامعة يونيفيرستي كولدج، في لندن، يُوضح ثمرة نشوء علاقة طبيعية بين الإنسان ونومه، وهي العيش لحياة أطول وأفضل. وفي دراستهم المنشورة في عدد ديسمبر (كانون الأول) من مجلة «النوم» الأميركية، الصادرة عن الرابطة الأميركية لطب النوم ومجمع أبحاث النوم، قال الباحثون البريطانيون إن مَن تعودوا على نوم ما بين 6 إلى 8 ساعات، ثم مع الوقت غيّروا من ذلك، إما بتقليل أو بزيادة ساعاته، فإن احتمالات وفاتهم ترتفع بالمقارنة مع مَن حافظوا منهم على «مدة» معتادة لنومهم.
وقالت الدكتورة جين فرّي، الباحثة الرئيسة في الدراسة: «في ما يختص بالوقاية، فإن نتائج دراستنا تشير بشكل واضح إلى أن نوم 7 أو 8 ساعات يومياً، وبالليل تحديداً، شيء مثالي للصحة». وهو مع يتفق ما إرشادات الأكاديمية الأميركية لطب النوم حول عدد ساعات نوم البالغين. وكانت الباحثة في دراستها قد تابعت، لمدة عشرين سنة، مجموعة شملت حوالي 8000 شخص ممن تراوحت أعمارهم ما بين 35 و 55 سنة.
وعلى وجه الخصوص تابعت الباحثة، ما يحصل في المستقبل لمنْ كانوا منهم عند بدء الدراسة ينامون إما 6 أو 7 أو 8 ساعات في كل ليلة. وتبين أن مَن قللوا مع مرور السنوات عدد ساعات النوم تلك، ارتفعت في ما بينهم الوفيات، نتيجة لأمراض القلب، بنسبة 110%، وذلك بالمقارنة مع منْ حافظوا على عدد ساعات نومهم ليلياً. كما ارتفعت نسبة الوفيات بمقدار 110% في ما بين من زادوا عدد ساعات نومهم، عما كانوا عليه، أي ما بين 6 إلى 8 ساعات. لكن أسباب الوفيات هنا عند طول النوم، كانت مما لا علاقة له بأمراض القلب.
وقال الباحثون إن من المنطقي ان يتسبب تقليل عدد ساعات النوم بمضاعفة معدلات الوفيات بأمراض القلب، لأن النوم القليل يُؤدي إلى السمنة، وإلى نشوء حالة من زيادة ممانعة الجسم لتقبل مفعول هورمون الأنسولينInsulin Resistance، وإلى الإصابة بالنوع الثاني من السكري. هذا بالإضافة إلى أن تقليل عدد ساعات النوم يرفع من معدل وجود هورمون التوتر، كورتيسولCortisol، في الجسم، ويزيد من اضطراب إفراز هورمون النمو، ويتسبب في ارتفاع ضغط الدم. ومعلوم أن كل هذه أمور ترفع من معدلات الإصابة بأمراض شرايين القلب، وبالتالي من الوفيات بسببها حال إهمالها. إلا أن الباحثين اعترفوا بأنهم لا يستطيعون حتى اليوم، تبرير تسبب النوم الليلي الطويل في زيادة معدلات الوفيات بأمور لا علاقة لها بالقلب.
* النوم والسكري أما باحثو جامعة كولومبيا، في نيويورك، فيقولون إن الأشخاص الذين ينامون 5 ساعات أو أقل، أو الأشخاص الذين ينامون 9 ساعات أو أكثر، عُرضة بشكل أكبر للإصابة بمرض السكري، مقارنة بمن ينامون 7 ساعات. وأن تسبب قلة عدد ساعات النوم بمرض السكري مرتبطة بتسببها أيضاً في ارتفاع الإصابة بارتفاع ضغط الدم وبالسمنة.
وأوضح الباحثون أن ظهور الإصابة بمرض السكري مرتبطة في الغالب بتقليل المرء من نشاطه البدني وبالإكثار من تناول الأطعمة السريعة، إلا أن ثمة أدلة علمية متنامية الحجم تطرح عاملاً آخر في حياتنا المعاصرة، وهو قصر عدد ساعات النوم الليلي، ما قد يكون سبباً في حالة التفشي الوبائي لمرض السكري اليوم.
وتابع الباحثون في دراستهم حوالي 9000 شخص، لمدة حوالي عشرة أعوام، لمعرفة تأثير عدد ساعات النوم على احتمالات الإصابة بمرض السكري. وتراوحت أعمار المشاركين في الدراسة ما بين 32 إلى 86 سنة.
وأعاد الباحثون التأكيد على تلك العلاقة الوثيقة بين قلة عدد ساعات النوم، وزيادة وزن الجسم وارتفاع ضغط الدم وزيادة مقاومة الجسم لمفعول الأنسولين وارتفاع نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي وتقليل استهلاك الدماغ لسكر الغلوكوز. وأوضحوا أن كل هذه العناصر تضع عبئاً أكبر على البنكرياس في ضرورة إفراز المزيد من هورمون الأنسولين، ما ينتج عنه بالمحصلة ومع مرور الوقت، حالة ضعف وكسل البنكرياس عن إفراز الكميات اللازمة من الأنسولين لتلبية احتياجات الجسم. وهي الخطوة التي يتبعها ظهور ارتفاع نسبة سكر الدم وتشخيص الإصابة بمرض السكري.
وقال الدكتور جيمس غانغويش، الباحث الرئيس في الدراسة، إذا كان نوم عدد قليل من الساعات يرفع من معدلات مقاومة الجسم للأنسولين ومن نسبة سكر الدم، فإن التدخل بطرق ما، لتحسين عدد ساعات نوم الإنسان، من المحتمل أن يخدم إما كوسيلة علاجية، لضبط نسبة سكر الدم، أو كإحدى وسائل الوقاية من الإصابات بمرض السكري. لكن لم يتمكن الباحثون من تعليل علاقة طول النوم بالتسبب بمرض السكري.
* سمنة الأطفال وقلة النوم واتجه الباحثون من أستراليا إلى الأطفال، في محاولة لاستكمال نتائج الدراسات السابقة التي توصلت إلى أن قلة نوم البالغين سبب في إصابتهم بالسمنة وبارتفاع احتمالات الوفاة. ووفق ما تم نشره في عدد 15 ديسمبر، من المجلة الأميركية لعلم الأوبئة، وجد، الباحث البنغالي الأصل، الدكتور عبد الله المؤمن، وزملاؤه الباحثون من جامعة كوينزلاند الأسترالية، أن معاناة الأطفال في سن ما بين 2 إلى 4 سنوات من «مشاكل في النوم»Sleeping problems، سبب في رفع معدلات الإصابة بالسمنة أو بزيادة الوزن في مرحلة العشرينات من العمر.
وشمل الباحثون الأستراليون في دراستهم حوالي 2500 طفل ممن وُلدوا في ما بين عام 1981 و1983. وقاموا بمتابعة طويلة لنوعية نوم هؤلاء الأطفال منذ مراحل مبكرة من عمرهم وحتى بلوغهم العشرينات من العمر. وتوصلوا إلى أن فرص احتمالات إصابة الطفل بالسمنة مع بلوغ العشرينات من العمر ترتفع إلى 90% حينما يُواجه «مشاكل في النوم» عند عمر ما بين 2 إلى 4 سنوات. وقال الباحثون إن تأثير عنصر «مشاكل النوم» بحد ذاته في السمنة، لم يكن ذا علاقة بعدد ساعات مشاهدة التلفزيون أو نوعية مكونات الوجبات الغذائية. وهما أمران من المعلوم أنهما يُؤثران أيضاً في ارتفاع احتمالات الإصابة بالسمنة.
وقال الباحثون إن نتائج الدراسة تُضيف المزيد من الأدلة على أن قلة النوم خلال مرحلة الطفولة ربما تكون سبباً في زيادة احتمالات السمنة عند بدايات الشباب، إلا أنه من غير الواضح هل العلاقة، التي تم التوصل إليها، هي بين مدة النوم أو نوعية أخرى من اضطرابات النوم.
وقال البروفيسور ستيفن شيلدن، مدير مركز طب النوم بالمستشفى التذكاري للأطفال في شيكاغو، إن على أطباء الأطفال وعلى الآباء والأمهات حقيقة أن يبدأوا بالاهتمام عن كثب لعادات النوم والاستيقاظ لأبنائهم. وأضاف «في هذا المجتمع نضع أولوية لكون المرء مستيقظاً، لكن هذه الأولوية قد تكون ضارة على المدى البعيد». وعلق بجملة مهمة للغاية في توضيح النظرة الطبية المتقدمة اليوم نحو النوم، حيث قال: «إن النوم ربما لا يقل أهمية عن تناول الطعام بالنسبة لصحتنا وعافيتنا».
وإذا كانت النصائح الطبية تتحدث عن ما بين 7 إلى 8 ساعات من النوم الليلي للبالغين، فإن الأمر مختلف تماماً لدى الأطفال. وحتى بين الأطفال تختلف المدة التي على الطفل نومها يومياً، وذلك بحسب عمره. وبشكل عام وتقريبي، تقل تلك المدة كلما زاد عمر الطفل. والطفل حديث الولادة يحتاج إلى نوم حوالي 18 ساعة يومياً. وبعد عمر شهر، حوالي 16 ساعة. وبين 3 إلى 6 أشهر، حوالي 15 ساعة. وبين 6 إلى 12 شهرا، حوالي 14 ساعة. وحتى بلوغ عمر سنتين، حوالي 13 ساعة. وبين الثالثة والخامسة من العمر، حوالي 12 ساعة. وفي السادسة والسابعة، حوالي 11 ساعة. وحتى سن التاسعة، حوالي 10 ساعات. وما بين العاشرة و17 سنة، حوالي 9 ساعات.
* الجوع والشحوم والنوم لكن دراسة سابقة للباحثين من متشغن، نُشرت في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) من مجلة طب الأطفال الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، قد أكدت صراحة تلك العلاقة بين قلة عدد ساعات نوم الطفل، وسمنته. كما أكدت أن نتائج قلة عدد ساعات نوم الطفل لا تظهر على وزن الطفل إلا في مراحل تالية من العمر.
وقالت الدكتورة جولي لامنغ، الباحثة الرئيسة في دراسة مركز التطور والنمو البشري التابع لجامعة متشغن، إننا وجدنا بالمقارنة أن الأطفال الذين ينامون عدداً أقل من الساعات، هم أكثر عُرضة للإصابة بالسمنة.
ولدى حوالي 800 طفل من طلاب السنة الثالثة ابتدائي، نصفهم ذكور، تابع الباحثون معدل عدد ساعات نومهم حتى بلوغهم المرحلة السادسة. ولاحظ الباحثون أن منْ ينامون أقل من 8.5 ساعة بالليل فإن احتمالات إصابتهم بالسمنة هي 23%. أما مَن ينامون أكثر من 9.25 ساعة، فإن نسبة احتمالات إصابتهم بالسمنة لا تتجاوز 12%. بمعنى أن حرمان نوم حوالي 45 دقيقة تسبب بارتفاع واضح في نسبة احتمالات الإصابة بالسمنة. وأكد الباحثون أن العلاقة التي لاحظوها كانت حقيقية بغض النظر عن العوامل البيئية المنزلية والأسرية، أي مما له علاقة بمشاهدة التلفزيون أو المشاكل الأسرية أو غيرها. كما أن تسبب قلة النوم بزيادة الوزن حدث بغض النظر عن مقدار وزن الطفل في بداية دراسة المتابعة، أي في المرحلة الثالثة ابتدائي.
وحاولت الدكتورة لامنغ تعليل سبب تلك العلاقة بقولها إن ثمة عدة أسباب محتملة وراء تأثير النوم في وزن جسم الطفل. منها أن الأطفال الذين لا ينامون كفاية بالليل، سيكونون أقل نشاطاً بالنهار لممارسة الرياضة والحركة البدنية. ومنها أيضاً أن الأطفال حينما يكونون منهكين بالنهار، جراء قلة النوم بالليل، فإنهم سيكونون أكثر توتراً نفسياً وسيلجأون بسرعة إلى تناول «أطعمة خردة النفايات»Junk Foodلتعديل مزاجهم. إلا أنها قالت ربما ستكون الإجابة في ما يُمكن وصفه بـ «مجال ساخن للأبحاث في المستقبل»Hot Area For Future Researchحول الصلة المحتملة بين النوم وعمليات التحول الغذائي للشحومFat Metabolism. وأضافت ان الدراسات السابقة على البالغين أشارت إلى أن قلة النوم تُحدث اضطرابات في إفراز الجسم للهورمونات المُستخدمة في عمليات شهية الأكل والتمثيل الغذائي للسكريات والبروتينات والدهون، مثل هورمون ليبتن وهورمون غرلين وهورمون الأنسولين. ومعلوم أن هورمون ليبتن يكبح الرغبة في تناول الطعام، في حين أن هورمون غرلين يرفع من الإحساس بالجوع.
وما توصلت إليه الدراسات البريطانية السابقة من جامعة بريستول، أن أخذ قسط كاف من النوم، إحدى استراتيجيات مكافحة السمنة، لأن مَن ينامون خمس ساعات أو أقل يُحسون بجوع أكبر لارتفاع نسبة هورمون غرلين في أجسامهم وانخفاض نسبة هورمون ليبتن آنذاك، وذلك بالمقارنة مع مَن ينامون 8 ساعات.
* علاقة مترابطة بين طب القلب والنوم > عودة على بدء، كانت حتى سنوات قليلة مضت، علاقة أطباء القلب بالنوم لدى مرضاهم مقتصرة على مدى حصول نوبات من ضيق التنفس أثناء الاستلقاء على الظهر للنوم، أو الاستيقاظ من