بسم الله
إنشاء عبد الحميد رميته , الجزائر
رقاة من طراز سيئ جدا
نعم هناك رقاة – في كل مكان- يعلمون الإسلام ويفقهون أمور الرقية ويخافون الله ويرقُـون بالطريقة الشرعية. وهؤلاء يجاهدون في سبيل الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر – فضلا عن مداواتهم للناس – من خلال اشتغالهم وممارستهم للعلاج بالقرآن الكريم . كلُّ هذا موجودٌ , وهو واقعٌ طيبٌ ومباركٌ بإذن الله , وهو كذلك ثمرة من ثمرات الصحوة الإسلامية المعصرة .
هذه هي الصفحة البيضاء , ولكن يوجد في مقابل هذه الصفحة البيضاء صفحةٌ أخرى سوداء , أنا أتحدث عنها من خلال هذه الرسالة البسيطة . ومنه فإن كل هذا الذي أذكره الآن في هذه الرسالة المتواضعة موجودٌ كذلك وواقعٌ وحقيقيٌّ ومُعاشٌ ومشهودٌ وملموسٌ و....
* هو ليس من الأساطير , ولكنه تصويرٌ لواقع سيئ جدا .
* هو ليس حكاية من حكايات "كان يا ما كان في قديم الزمان" , ولكنها قصصٌ حقيقيةٌ من هذا الزمان بالذاتِ .
* هو ليس منقولا عن مشعوذين دجالين كذابين كهنة وسحرة , ولكنهُ منقولٌ عن ناس يدعون ممارسة الرقية الشرعية , والرقيةُ الشرعيةُ منهم ومن أفعالهم وأقوالهم وممارساتهم براءٌ .
* هو ليس مأخوذا من أعداء الإسلام أو من فساق فجار , ولكنه كلامٌ منقولٌ عن ثِـقات وعُدول يحبون الإسلام ويخافون على حرماته من أن تُداسَ , كما أنهم يَذكرون هؤلاء الرقاة " السُّـقَّـاط " بما فيهم من سوء
(هم مُصِرُّون عليه) ليَحْذَرهُـم الناسُ .
*هو ليس متعلقا برقاة من بلاد بعيدة , ولكنه مُـتَـعَلِّـقٌ برقاة من بلادي " الجزائر" ومن مدن وقرى و... معروفة. وحتى أسماءُ وألقابُ هؤلاءِ الدخلاء على الرقية الشرعية معروفةٌ ومعروفٌ كلُّ ما تعلق بهم من معلومات .
* هو ليس كلاما متعلقا بانحرافات رقاة انتهى أمرهم في سنوات ماضية , ولكنه كلامٌ متعلقٌ بزلات رقاة وقعت خلال الشهور الأخيرة من السنة الحالية , وبعض الأحداث التي سأذكرها وقعت خلال السنتين الأخيرتين فقط , ومازال يقعُ مثلُها حتى اليوم .
* هو كلامٌ يُؤكدُ أن انحرافَ بعضِ الرقاةِ أصبحَ أمرا خطيرا جدا على الفردِ والمجتمعِ على حد سواء , يُغَـذيهِ جهلُ الناسِ وسكوتُ النظام الحاكم وكذا ازديادُ عدد الانتهازيين من رقاة سيئين من آخر طراز .
إنهم رقاةٌ من آخر طراز , وإنهم رُقاةٌ من أسوإ الناسِ , وإنهم رقاةٌ تكادُ لا تُصدِّقُ ما تسمعه عن انحرافاتهم وزلاتهم وكذبهم وزورهم وسرقاتهم وفسقهم وفجورهم و...فـإنا لله وإنا إليه راجعون .
1-الواحدُ من هؤلاء الرقاة يبيعُ الماءَ (الذي يقولُ عنه بأنه مرقي) ضمنَ صهاريجِ الماءِ ذات سعة ال 1000 لتر. ينقلُ الصهريجَ من خلالِ سيارة تـتـنـقلُ عبرَ الأحياء الشعبية في القرية أو المدينة . ويبيعُ الراقي الـ 1 لتر من ماءِ الصهريج المرقي بـ 200 دينار جزائري . هل هذا صحيح ؟. نعم وستين صحيح .
2-وأما إن قرأ الراقي في قارورةِ الماءِ ذات سعة ال 1 لتر , ونوى الرقيةَ لشخص معين , أي إن كانت الرقيةُ أو إن كانت قراءةُ القرآن بناء على طلب الزبونِ فإن الراقي يبيع الـ 1 لتر من الماء المرقي بـ 20 ألف دينار ( أي ما يُعادل مُرتب شهر كامل لمواطن جزائري بسيط من أوسط الناسِ ) . هل هذا صحيح ؟ نعم وستين صحيح .
3- في باب الزوار بالجزائر العاصمة أَقـدمَ راقي ( هو في حقيقة أمره مشعوذٌ من الدرجة الأولى ) منذ عامين على إجبارِ طفل وأخته على شرب 20 لتر من الماء – للتخلص من سحر مزعوم -. وانتهت جلساتُ الرقية (!) بوفاة الطفلين . وتحولت حينها قضيةُ ذلك الراقي إلى قضية وطنية , بعدما دخلت أروقةَ العدالةِ . هل هذا صحيح ؟. نعم وستين صحيح .
4-أقدمَ من جهة أخرى أحدُ الرقاة على ملءِ بطن طفل صغير بكميات كبيرة من الماء المرقي . ولأنَّ الطفلَ لم يستطعْ ابتلاعَ كلِّ تلك الكمية من الماء , استعملَ الراقي قُمعا وأخذ – عن طريقه - يدفعُ بالماء ( وبالقوة ) إلى مَعدةِ الصغيرِ . وتمكنَ الطفلُ من الإفلاتِ من الراقي (!) والاختباءِ تحتَ طاولة لعدمِ احتماله ذلك الأسلوب من التعذيب , ولكن الراقي أمسكَ به وأخذَ يملأُ معدتَهُ بالمياهِ إلى أن ماتَ الصغيرُ بين يديهِ . هل هذا صحيح ؟. نعم وستين صحيح .
5- وأما من عُذِّبنَ من النساء بالكهرباءِ من طرف بعض الرقاةِ فكثيرات وكثيرات أنا شخصيا أعرفُ عددا لا بأسَ به منهنَّ .
6- وأما من ضُربنَ – من طرفِ بعضِ الرقاةِ (!) بالعصي وبأسلاك الكهرباء وبالأيدي والأرجل و... ( من أجل طرد الجن من جسد المريضة ) ضربا مُبرِّحا يتركُ جلَّ جسدِ المرأةِ أزرقا أو أسودا فهن كثيرات وكثيرات , ولقد أكدتْ لي ذلكَ أكثرُ من امرأة خلالَ السنواتِ القليلة الماضية .
7- ذكرت لي امرأةٌ منذ مدة قصيرة (جاءتني مع زوجها وأختها وأمها من أجل أن أرقيَها ) أن راقيا (!) طلبَ منها أمامَ أهلِـها – بعد أن ضربها ضربا مُبرِّحا – أن تسمعَ القرآن الكريم عن طريق السماعة بشكل دائم ومستمر بحيثُ لا تتوقفُ عن السماع إلا عند النوم فقط . وحتى عندَ الدخولِ إلى المرحاض يجبُ أن تبقى مع الاستماعِ للقرآن , بحيثُ يتم لها بذلك سماعُ القرآنِ الكريمِ كلِّـه مرة واحدة في اليوم الواحد (!) .
8-رقيةُ المنازلِ والبنايات والسيارات وخاصة " الفيلات" من العين والسحر والجن أصبحت مُكلِّـفة جدا عند بعض رقاة هذا الزمان , حيثُ أصبحَ الراقي (!) يُحدِّدُ ثمنَ رقيةِ منزل بالمتر المربع الواحد (صدِّقوا أو لا تُصدِّقوا). وعلى سبيل المثال هناك راقي يطلبُ على المتر المربع الواحد ألفَ دينار جزائري . وفي نفس السياقِ يحكي أحدُ الأغنياءِ أنه استقدمَ شابا متدينا تدينا مغشوشا ليرقيَ له ( من العين ) " الفيلا " التي انتهى من بنائها حديثا , فأخذ الشابُّ المترَ وبدأ يقيسُ طولَ وعرضَ كلِّ حجرة من حجرات الفيلا , وقال للثري " إعلم أن ثمن المتر المربع الواحد ألف دينار جزائري". وأمامَ كثرةِ المصاريفِ الناتجة عدلَ صاحبُ البيتِ عن رقيةِ الفيلا كلِّـها واكتفى بالصالونِ والمطبخِ اللذين تكثرُ فيهما حركةُ الزوارِ والضيوفِ . وبلغت في النهايةِ فاتورةُ رقيةِ الحجرتين فقط
12 مليون سنتيم ( قدرَ مرتب 6 شهور لمواطن جزائري عادي ) . هل هذا صحيح ؟. نعم وستين صحيح.
9- قامت آنسة في ال 30 من عمرها في الأسابيع الماضيةِ بمحاولة سرقة مجوهرات من تاجر واستعانت على ذلك بغاز مُسيل للدموع . وعندما قُبضَ عليها ادعى أهلُـها أنها مُصابة بجن , وأتوا براق (!) زعمَ أمامَ البوليسِ بأن المرأةَ لم تركب الجريمةَ وإنما الذي أجرمَ هو الجنُّ الذي يسكنها !!!. وشرُّ البلية ما يُضحك أو يُبكي .
10- هذا هو حال الكثير الكثير من الرقاة عندنا في الجزائر ( قلت : الكثير ولم أقل : الكل ولا الأكثر ) . هم جاهلون , ويكذبون على الناس من أجل أكل أموالهم بالباطل , ويتدخلون فيالطب النفسي والعضوي وطب الأعشاب بدون علم , وينتهكون أعراض النساء جهارا نهارا , ويرتكبون من المخالفات الكثير الكثير مما لا يفعله حتى المشعوذون أنفسهم , ويقتلونبجهلهم البعض من المرضى بين الحين والآخر , ويرقون جماعيا ( كل 10 أو 15 أو 20 شخصامرة واحدة ) بطرق تجعل السليمَ يمرض وتجعل المريضَ يتضاعف مرضه , ويشتغلون بالحجامةبدون أيِّ رصيد من العلم أو التجربة أو التقوى , ويقترحون الرقية من أجل التخلص منأية مشكلة عضوية أو نفسية أو متعلقة بالقضاء والقدر , ويقترحون الرقيةَ للنجاح فيالامتحان أو العمل أو التجارة , والرقية للسيارة , والرقية للحصول على السكن , والرقية للحصول على الوظيفة , والرقية للظفر بالحظ الحسن , والرقية للفوز بالزوج فيأقرب الآجال , والرقية حتى يصلي من لا يصلي , والرقية حتى يستقيم من ليس مستقيما , والرقية حتى يحبَّ كلُّ زوج زوجتَـه , والرقية حتى يحبَّ الإخوةُ بعضَهم البعض , والرقية حتىتُدرَّ البقرةُ الكثيرَ من الحليب , والرقيةَ للبقرة وللكلب وللقط وللحمار حتى يُشفوا منمرضهم , والرقية من أجل البركة في الفلاحة , والرقيةَ من أجل الزيادة في محصول الخضروالفواكه , و... والرقية حتى لا ينتهي الماء بسرعة من خزان الماء في الحمام , و...الخ... هل كل هذا الكلام صحيحٌ ؟. نعم وستين صحيح .وهؤلاء لا يصلح معهم التشدد فقط , بل يلزمهمأكثرُ من التشدد , ويلزمهم تدخلُ السلطات من أجل إيقافهم عند حدهم ومن أجل زجرهم , ولكن السلطات نائمة عن مثل هذه الأمور نومة طويلة عريضة .كل هذا الذي قلتُ وذكرتُ موجودٌ في الجزائر , وأكثرُ منه بكثيرموجودٌ كذلك , وهو موجودٌ بكثرة ملفتة للإنتباه .
إنا لله وإنا إليه راجعون , ولا حول ولا قوة إلا بالله , ونفوض أمرنا إلى الله إن الله بصير بالعباد .
والله ورسوله أعلم , وهو وحده العاصم من كل سوء .
ملاحظة : أخذتُ بعض الأخبار الواردة في الرسالة من جريدة الشروق اليومي الجزائرية عدد يوم الإثنين 20 أوت 2007 م .
نشرت فى 29 إبريل 2012
بواسطة tebnabawie
سالم بنموسى
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,212,091