2 بسم الله الرحمن الرحيم( والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون * وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين * وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم * ) الحجر ( 19-21) ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) صدق الله العظيم الروم (41) مقدمة :- خلق الله تعالى مكونات الغلاف الجوي ( النايتروجين ، الأكسجين ، ثاني أكسيد الكربون ، بخار الماء ، .. الخ) بنسب متوازنة ( من كل شيء موزون ) تتناسق هذه النسب مع أدوار هذه المكونات في حفظ الحياة على الأرض . في السنوات الأخيرة شهدت ولاية الخرطوم تزايداً في معدلات التلوث خاصةً الهوائي الناجم عن ظاهرة الغبار والأعاصير الترابية المترتبة على العوامل الطبيعية و ازدياد معدلات التلوث الصناعي الناتج عن النمو المطّرد في القطاع الصناعي بسبب النفط وتدفق استثمارات تزداد خطورة التلوث الهوائي بولاية الخرطوم مع حدوث ظاهرة النزوح الكبيرة لأطراف المدن والمناطق شبه الحضرية . من المتوقع أن تتفاقم المشكلات البيئية بصفة عامة ومشكلة التلوث بصفة خاصة في المستقبل القريب كنتيجة للتطورات المختلفة لأوضاع التمدد السكاني والتلوث والذي تبدو بعض مؤشراته في :- - تطور استثمارات النفطية والتعدينية والصناعية ومناخ تشجيعها مع غض الطرف عن التزامها بمعالجة الغازات المنبعثة منها - التزايد المطرد لمحطات توليد الكهرباء وقربها للتجمعات السكنية . - التزايد المطرد للمولدات بالمصانع ، المؤسسات ، ... ، إلخ . - التزايد المطرد للشاحنات ، السيارات ، ... - إزالة الأشجار عن آلاف الأفدنة (الحزام الأخضر) للوفاء بمساحات للتمدد السكاني دون تشجير مساحات بديلة. - إدخال الركشات (Rickshaws) ذات المعدل العالمي لإطلاق الكربون والملوثات المصاحبة (Pollutants). - إنتشار الشكاوي من الحساسيات (الصدر ، الجيوب الأنفية ، العيون) بسبب الغبار ، الأدخنة والغازات ، حبوب اللقاح ،... إلخ. عالمية مشكلة التلوث والتغيير المناخي :- أدى إتلاف الإنسان للبيئات الطبيعية في أنحاء العالم المختلفة إلى اختلال التوازن البيئي الذي يمثل أحد نعم الله تعالى على عباده ، فقد ترتب على الإزالة الواسعة للأشجار والتوسع الكبير في الصناعة العالمية ( في ظل إهمال حساب المخاطر البيئية الناجمة عنهما ) إلى تغيير سلبي في المناخ العالمي ، وترتب على هذا الإهمال أيضاً عدم إتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على سلامة البيئة وعدم التحوط بمعالجة ضحايا التدهور البيئي . في العقدين الأخيرين تبنت الدول المتقدمة وعدد من دول العالم الثالث الرائدة صناعياً مناهج شاملة لتحليل المنافع والتكاليف (Cost Benefit Analysis) للمشروعات الإستثمارية بحيث أصبحت تتضمن أسعار الظل (Shadow Prices) لآثار مخاطر التلوث البيئي الناجم عن التلوث ( انظر الجدول المرفق ) . أنواع التلوث وتصنيف الملوثات :- بصفة عامة يضم التلوث مجموعتين مختلفتين :- * الضوضاء * 2تلوث الهواء ( الغلاف الجوي ) على الرغم من خطورة الضوضاء على سلامة البيئة وصحة الإنسان ، إلاّ أن الإهتمام الأكبر ظل موجهاً لتلوث الهواء بحسبانه الأكثر خطراً على صحة الإنسان والحيوان والنبات وستركز هذه الورقة على تلوث الهواء . يمكن تصنيف ملوثات الهواء (Air Pollutants) من حيث المنشأ إلى :- - ملوثات جيولوجية المصدر وتنتج عن تعرية وإنجراف التربة - ملوثات كيماوية المصدر وتشمل على سبيل المثال غازات الصوبة (Green House Gasses) إضافةً للعناصر والمركبات الكيماوية الناتجة عن التعدين والصناعة . - ملوثات حيوية المصدر وتشمل على سبيل المثال الكائنات الدقيقة ، حبوب اللقاح لبعض النباتات و مخلفات الوطواط. على الرغم من تعدّد أنواع ملوثات الهواء وتباينها من حيث التكوين ، المصدر ، الخواص ، والآثار الصحية السالبة ، إلا أن العديد من الدراسات أثبتت صعوبة عزل الأثر الصحي لها كل على حدة نظراً لتقلب المناخ ولأن الملوثات غالباً ما تتواجد مختلطة . في الآونة الأخيرة و بفعل النشاطات البشرية تزايدت نسبة ما يسمى بغازات الصوبة (GHG) والتي يشار إليها بإستمرار في دراسات التغيير المناخي والتلوث وتضم ثاني أكسيد الكربون ، الميثان ، أكسيد النايتروجين ، بخار الماء ، وما يسمى بغازات الكلوروفلورو كاربون ، ترتب على زيادة نسب هذه الغازات في الغلاف الجوي زيادة معدل درجات الحرارة كمثال يشير (Anon1989) أن معدل إنبعاث (GHG) ينبئ بزيادة درجات الحرارة بمعدل (0.2 إلى 0.5) درجة مئوية كل عشرة أعوام . إنصب التركيز في الآونة الأخيرة على تأثير ثاني أكسيد الكربون كملوث وكمساهم في ظاهرة الإحتباس الحراري وما يترتب عليها من سيول وكوارث طبيعية ومشكلات صحية حيث جاءت إتفاقية غازات الصوبة مؤتمر قمة الأرض في البرازيل (1992م) لتنادي بالآتي :- 1/ تخفيض إستخدام الوقود الأحفوري 2/ تخفيض معدل تدمير الغابات 3/ تخفيض إطلاق غازات الصوبة مع إن الغطاء الشجري يقوم بإمتصاص ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية التمثيل الضوئي (photosynthesis) إلاّ أن العالم أصبح في الآونة الأخيرة يطلقه في الغلاف الجوي (Atmosphere) بمعدل أعلى من معدل إمتصاصه بواسطة النباتات مما زاد من نسبة تركيزه في الغلاف الجوي مسبباً إحتجاز المزيد من الإشعاع الحراري الذي ترسله الأرض ، هذا الإشعاع الحراري المحتجز يعود إلى الأرض مسبباً إرتفاع درجة حرارتها . إن إرتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في تزايد مستمر ، وقد زادت نسبته ما بين 1860 و 1980 إلى 30% . بالإضافة لثاني أكسيد الكربون تمتص أوراق الأشجار عبر الثغور (Pores) غازات ملوثة (Pollutant Gasses) مثال الأوزون ، أول أكسيد الكربون ، ثاني أكسيد الكربون ، ثاني أكسيد النايتروجين ، ثاني أكسيد الكبريت . تضم الذرات الملوثة لهواء المدن (Particulate Matters) خليط معقد من مركبات وتنقسم إلى :- PM10 :- ذرات قطرها أكبر من 10.0 مايكرون ، وتنتج غالباً من ذرات التربة المعدنية المتفتتة كنتيجة لتعريتها من الغطاء النباتي وإنجرافها ، يتزايد التلوث بهذه الفئة في المناطق الحضرية بسبب الرياح الناتجة عن المباني وحركة السيارات . PM2.5:- ذرات قطرها ما بين 2.5 إلى 10.0 مايكرون وتنتج بصفة أساسية من إحتراق الوقود ويساعد صغر حجم ذراتها في جعلها عالقة في الهواء لفترات طويلة وهي أكثر خطراً من PM10 بسبب صغر حجمها الذي يمكنها من الوصول لأسفل الرئة ، كما أنها في الغالب عضوية محتويه على الكربون . الأثر الصحي لتلوث الهواء :- دارت معظم الأبحاث عن الأثر الصحي لملوثات الهواء حول :- 1/ العلاقة بين جودة ونقاء الهواء (Air quality) والربو (Asthma) 2/ الأثر المحدد للتلوث بالأوزون في طبقة التروبوسفير والتلوث بالذرات (PM) على وظائف الرئة (Pulmonary functions) 3/ أثر التلوث على وظائف القلب (Cardiac functions) من الأمثلة لنتائج الأبحاث الطبية ذات الصلة بالتلوث :- أثبت د. راشيل كابلان في دراسة سيكولوجية أن العمال في المواقع ذات المناظر الطبيعية للأشجار أظهروا رضاً أفضل بعملهم وصحة أفضل من نظرائهم في المواقع الخالية من المناظر الطبيعية . أخضع د. روبرت ألريش مرضي مستشفي (sub urban Pennsylvania) للدراسة ما بين عامي (1972- 1981) وأثبت تميز المرضى الذين تواجه نوافذهم مناظر طبيعية بفترات إقامة أقل بالمستشفى وحاجة أقل لأدوية إزالة الألم من نظرائهم المرضى الذين تواجه نوافذهم حوائط الطوب . أهمية الأشجار في البيئة الحضرية :- تندرج أهمية التشجير بصفة عامة تحت ثلاثة مجموعات حسب أهدافها :- - الهدف الإنتاج - الهدف الوقائي - الهدف الوقائي الإنتاجي بالنسبة للتشجير الحضري يعتبر الهدف الوقائي هو الأساس بحسبان أن الدور الوقائي للغطاء النباتي بصفة عامة والأشجار بصفة خاصة يتزايد مع تزايد الكثافة السكانية ، تتضح العلاقة الطردية إذا علمنا أن الشجرة الواحدة تنتج في المتوسط حوالي 2.0 كيلوجرام من الأكسجين في الساعة وتمتص حوالي 2.0 كيلو جرام من الكربون بينما يحتاج الإنسان لحوالي 175 كيلوجرام من الأكسجين في العام ( السنجك وآخرين 2003م ) . يمكن تلخيص أهم المهام الوقائية للتشجير الحضري فيما يلي :- - تؤثر الأشجار على سرعة وإتجاه الرياح وكلما زادت كثافة الأشجار كلما زاد تأثيرها كمصدر واقي من الرياح (Wind Break) - تحسين معدل الرطوبة في المنطقة ( رطوبة التربة والرطوبة الجوية ) - تقليل معدل حدوث الصقيع في المناطق الباردة - تخفيف وإزالة ملوثات الهواء - تخفيف درجات الحرارة تحت وحول الأشجار تلعب الأشجار حول الطرق المسفلتة دوراً مزدوجاً من حيث تخفيف حدة التلوث ومن حيث تلطيف درجات الحرارة بإمتصاص درجات الحرارة المنعكسة (Reflected Heat) علماً بأن الشجرة تمتص حوالي "8000" سعر حراري في الساعة مما يؤدي إلى تفيض الحرارة بمعدل (4-6) درجات مئوية . يؤدي إرتفاع درجة الحرارة في الصيف إلى تقليل التلوث بثلاثة طرق :- 1- بتقليل معدل التفاعل الكيماوي في الغلاف الجوي ( تخفيف الحرارة يؤدي إلى تقليل معدل إنتاج الأوزون ) reduce ozone-precursor emission rates 2- بتقليل إنبعاث الهايدروكاربونات من المصادر الطبيعية و المنتجة بواسطة النشاط البشري 3- بتقليل إنبعاث الملوثات من توليد الطاقة الكهربية ( الحاجة الأقل لتشغيل مكيفات الهواء ) تعمل الأشجار كمصافي حيوية Biological filters لتنقية الهواء من الملوثات . تتمثل آلية الأشجار في إزالة الملوثات في :- - تخفيف نسبة التلوث ، حيث أن الملوث عند مروره بالمشاجر الواقية (Protective stands) يختلط بالهواء المؤكسد (Oxygenated) بواسطة الأشجار عبر عملية التمثيل الضوئي . - إلتقاط الملوثات من الهواء بالإستفادة من الشعيرات والرطوبة الموجودتين على سطح الأوراق . - تقليل سرعة الملوث مما يساعد على إلتقاط ذرات الملوثات (deposition) على الأوراق والأفرع والجذوع - إزالة (إمتصاص) الملوثات الغازية كثاني أكسيد الكربون ، ثاني أكسيد الكبريت ، أكاسيد النايتروجين ، ... إلخ بواسطة الأوراق عبر الثغور (stomata) أثبتت الدراسات الموجهة لقياس أثر الأشجار في تقليل التلوث وجود أربعة مصادر للتباين حول تخفيف التلوث :- * إختلاف الأنواع (Sapp) والعمليات التربوية للأشجار . * الإختلاف في حجم وشكل الأوراق وعمرها (Longevity) ومساحات سطحها . * الخواص الفسيولوجية للأشجار خاصةً قدرة الثغور على الإمتصاص (Stomata conductance) ،كميات حبوب اللقاح المنتجة وتأثيرها على مرضى الحساسيات. * موقع الأشجار مقارنة بمصدر الملوثات يؤثر على مقدرتها في الجذب والامتصاص capture & uptake لذلك فإن تكثيف التشجير قرب مصادر الملوثات تؤدي قطعاً إلى رفع كفاءتها. التوصيات :- 1/ لا بد من إعطاء الأهمية القصوى لقيام عدد من المستشفيات التخصصية لأمراض الصدر بالولاية للعناية بضحايا التلوث والذين يتوقع أن تتزايد أعدادهم بمعدلات كبيرة كنتيجة للنمو السكاني والتنمية الصناعية . 2/ بما أن مرتادي مستشفى أمراض الصدر بطبيعتهم أقل مقاومة للملوثات فمن واجب المجتمع عليهم أن يجعل التشجير النموذجي للمستشفى رئة ثالثة لهم ومن الأزهار باعثاً للأمل في شفائهم. 3/ لا بد من دعم الدولة للأبحاث فيما يتعلق بقياس أثر التوسع الصناعي والتعديني والنفطي على :- - صحة الإنسان - صحة الحيوان والنبات - مكونات البيئة المحلية |
|
|
|
معلومات عن شجرة النيم شجرة النيم كمصدر للمبيدات الطبيعية (غير الضارة) |
|
المصدر: arbaji.net/forum/showthread.php?p=50644
نشرت فى 10 أغسطس 2010
بواسطة tashger
ساحة النقاش