أصدقاء على الورق

هؤلاء عرفتهم

عبدالرحمن الأبنودي

        عرفت (الخال) عبدالرحمن الأبنودي منذ كنت طالباً في المرحلة الثانوية عن طريق بعض الأصدقاء المشتركين، وبالصدفة تعرفت على الإعلامية الكبيرة نهال كمال رئيس التليفزيون المصري، في فترة ماقرابة قبل تعارفها وزواجها من الخال، لم أفقد انبهاري بشاعر مصر الكبير، الذي ظل محتفظاً باسمه وسمعته وتأثيره على مدى ستين عاماً من الحركة الشعرية والثقافية والفنية في مصر، وكلما سمح لي بالاقتراب أكثر بتواضعه وأدبه الجم لدرجة أن كان ينهض فجأة ويفاجئني بكوب شاي صعيدي من صنع يديه، كلما زاد انبهاري به أكثر، وكنت في منزله الذي يحمل الطابع الصعيدي النوبي المبهج، يوم أن كان يحتفل بمرور أسبوع على ميلاد كبرى ابنتيه (الشاعرة المعتزلة آية)، وهو اليوم الذي شهد – مصادفة – توقيعه على كتابة سيناريو أحد الأفلام السينمائية التي لم تر النور بسبب ظروف إنتاجية.

        بجوار الأبنودي عرفت الكثير من طقوس إبداعه، فهو يبدأ بكوب الشاي الساخن، وإلى جواره باقة منتقاة من أقلام الرصاص المعدة سابقاً، وأستكتين أو ثلاث، وقبل انطلاق قصيدة جديدة له، يكون متوتراً ، مشحوناً، محتشداً في ظل ارتباك مفاجئ، وحركة دائمة لا تهدأ.

        لا يكتب الأبنودي قصائده بيتاً بيتاً، ولكن تنطلق القصيدة كوابل من الرصاص الحي متدفقة دفعة واحدة، فهو ممتلئ، صادق، يكتب بدماءه الحارة، لا بأطراف أصابعه، وهو عاشق للحياة ولمصر النيل والنخيل، ولذلك فهو في بيته الريفي ومزرعته الأنيقة، دائم توجيه الدعوات لكل من يحب أو يتوسم فيه الصدق، لأن شاركه يوم أيامه، في حين ينطلق الخال محللآ ومباشراً ونذيراً كواحد من أفضل المتكلمين في بر المحروسة.. ويهدأ تماما في صحبة ابنتيه وزوجته في عطلة نهاية الأسبوع...

                                                                                        طاهر