بين الستينات والألفية الثالثة (1ـ3)
العيـــــــــد فرحـــــــــة
يا ليلة العيد أنستينا
و جددت الأمل فينا
يا ليلة العيد
هلالك هل لعينينا
فرحنا له وغنينا
و قلنا السعد حا يجينا
الفرق بين العيد فى الستينيات، وعيد الألفيد الثالثة.. هو نفسه الفارق بين القرية المصرية زمان والآن.. هو نفسه الفارق بين «البقال» و«الهايبر ماركت»..تليفون العمدة الذى كان املنا ان نمسكه بأيدينا، و " السايبر " الذى يبدأ عمر رواده من خمس سنوات و طالع.. أو بين تليفون العمدة و البلاك بيرى..
حنين
قد يجد شباب اليوم المقارنة محسومة، فهم بالطبع يقفون مع كل تطور جديد.. ونحن كذلك.. ولاشك فى هذا.. ولكن هذا لا يمنعنا من « لحظة حنين » إلى القرية المظلمة، ورف البقال على الحائط و.. كوز درة مشوى على " المنقد "، أو كوب شاى على الفحم القوالح..
إنها ذكريات يجب ألاتغادر الوجدان الجمعى للمصريين.
لست قروياً.. ولكن انبهارى بالقرية ليس له حدود.
ولدت فى المدينة.. وظل الحنين إلى القرية- جذور كل المصريين- يراودنى طيلة حياتى..
طعم الأعياد
وعرفت طعم الأعياد فى أحياء القاهرة الشعبية، التى تتشابه إلى حد بعيد، مع طقوس وعادات القرية المصرية.. ولكن بسمات مختلفة.
مرة واحدة قضيت فيها العيد فى قريتى- التى أصابتها ترقية حكومية فأصبحت مدينة. وجاء من أهل بلدتى من يهنئنى فوجدنى ساهماً حزيناً على فقدان بلدتى صفتها القروية.. وما علينا..
خربشة فى عقل طفل
ربما تداخلت عوامل نفسية فى عدم مغادرة تلك الذكرى لعقلى ووجدانى، حيث كانت الزيارة توافق سناً مبكرة للغاية وهو سن غالبية الذكريات لما تمثله من خربشة فى عقل طفل، كما كان العيد- هكذا أتصور الآن- هوأول عيد تعيه الذاكرة، ويعيه عقل طفل يتلمس الطريق «نحو إدراك ما يحدث فى عالمنا السعيد.
الغرفة المضيئة
وتحمل الغرفة المضيئة من ذاكرتى- التى أباهى بها الأمم بلا غرور- كثير من التفاصيل والمنمنمات الدقيقة للغاية، التى تبهجنى وتؤرقنى فى آن واحد!
تبهج بما صنعته فى الوجدان من فرحة تشرح القلب، وتثلج الصدر، وبمتعة الذكرى..
وتؤلم.. لأننى وأبناء جيلى- الذى أتصور أننا آخر جيل عاش كثيراً من العادات المصرية الأصيلة المتوارثة قبل أن تنقلب معظممها بداية من النصف الثانى من السبعينيات- بسبعينات الانفتاح والتليفزيون الملون والفيديو كاسيت، واللبان الأمريكانى!
ماذا حدث؟
نحن أبناء هذا الجيل نرى كثيراً من التحولات- قد تكون للأفضل والأجمل، ولكننا مازلنا نبحث عن طعم اللبان "الكورة" الملون، والمكرونة بالصلصة من عربية فقيرة أمام باب المدرسة مباشرة ـ خاصة فى الأعياد ـ التى تتحدى "البولونيز" والنابوليتان" واللازانيا"..
هل لهذا دخل بالعيد!
طبعاً..
المكرونة بالصلصة كنا نلتهمها التهاماً، على نواصى شوارعنا، وأمام الحدائق العامة، وعلى الرغم من انتشار أرقى المطاعم وأشهرها- التى هى فروع وتوكيلات من مطاعم أوروبا وأمريكا، إلا أن معظمنا يبحث عن الطعم الأصلى.. طعم زمان.
بل حنين
ليس هذا حنيناً إلى الماضى، ولا رغبة مستترة للعودة إلى الوراء، ولكنها ذكرى- أو إن شئت- حدوتة لجيل يصغرنا، ليتعرف على صفحة من عادات وتقاليد مصرية فى نهاية الستينات وبدايات السبعينات.
على قدومك يا ليلة العيد
جمعت الأنس على الخلان
ودار الكأس على الندمان
وغنى الطير على الأغصان
يحيى الفجر ليلة العيد
ساحة النقاش