النوم سلطان .. قانون الوجود
جزء 1
من الأشياء التى شغلتنى لفترة من عمرى المديد هى: النووووم..ولم يشغلنى فى البداية..السؤال الفلسفى المتعمق: لماذا ينام الانسان؟، بل كان شاغلى هو سؤال آخر لا يقل أهمية، هو: كيف ينام الانسان..ثم امتد ليشمل كائنات أخرى ـ على قدر مشاهداتى ـ مثل.. العصفور الوديع والببغاء الفصيح، والفيل الضخم..وبالمرة: هل تنام النملة والعنكبوت؟
مقتنيات
أرجو ملاحظة أن كل ما سبق هى لكائنات موجودة فى بيتنا ماعدا العنكبوت والفيل..طبعا ! الذى بسببه اقتضت الضرورة أن أتردد على حديقة الحيوان مع لحظة فتح أبوابه، بعد أن أخذت قرارا صارما بمراقبة تلك الكائنات الصديقة وهى نايمة كما اقتضت الأمانة العلمية أن ألاحظ بنفسى دون الاعتماد على الموسوعات العلمية وأقوال الصحف و..اليو تيوب!
اعترافات العصفور
وليس صحيحا أننى قد فعلت الشئ نفسه مع بعض مذيعات الجزيرة لمراقبتهن بعد انتهاء " الشفت " ! ..واستهوتنى النتائج: العصفور البرئ يعترف بضعفه عندما يغالبه النوم؛ فينكمش..ويهتز برفق..ثم يتمايل ضعفا وبردا قبل أن يغلق جفنيه فى وداعة " تقطع القلب " ثم ينام ليصحو، ويصحو لينام حتى يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود..وهكذا الحال مع الببغاء الثرثار..ينقطع لسانه عندما يزوره رسول النوم..ولكنه يكابر " بنفش ريشه " و " نطر الطفيليات العالقة بأجنحته "، وفى النهاية لا يجد مفرا من الاستسلام التام للنوم من الوضع واقفا..حتى الصباح المبكر..وكان من بين أشد ما استوقفنى، هو نوم كثير من الكائنات من الوضع واقفا!
كبرياء
حتى أن الكبرياء يمنع أضخم كائنات العصر على الاطلاق ـ بعد انقراض الديناصور، وهو الفيل أبو زلومة من الارتماء أرضا، على الرغم من أن الاسد الملك، لا يجد غضاضة فى التمرغ أرضا قبل أن ينقلب على أحد جانبيه ! أما الانسان فهو الكائن الحى الوحيد الذى ينام فى كل الحالات: مبسوطا ومقموصا، تعبانا ومرتاحا، واقفا وقاعدا ومضطجعا..ولكن هل راقبت أحد المقربين منك لحظة اصطياد النوم له؟
تعرف على صديقك النعسان !
لو فعلت لتمتعت بمتعة لا تدانيها متعة، فصاحبك يستفيض فى سرد حكاية قد تكون مشوقة، ولذيذة..ولكنه يبدأ فى تخفيض عدد الكلمات، ثم يتثائب، ثم يخرف فى الاسماء، ثم يغير مجرى الحوار.. ثم يتمطع .. ثم يتطوع بأن يحكى عن سهره طول الليل فى فرح، أو بسبب إصرار المدام على التنفيض ليلا..وهى فى معظمها أسباب غير حقيقية، ولكن غالبا فان صاحبك " خم نوم" ومعناها كثير النوم، ولو قابلته كل يوم سوف تتشابه اعتذراته وحججه، وان كانت من نصيحة فانى ادعوك لأن تطيل فى الحوار مع صاحب هذه الموهبة؛ سوف تقع من الضحك، خاصة عندما يستسلم ويسند على كتفك..وتبدأ التنغيمات..خ خ خ
تعسيلة !
عموما ليست هناك مشكلة، بعد أن أثبتت أحدث الدراسات الطبية، أن نوم القيلولة بعد الظهر مفيد للإنسان وليس كسلا أو خمولا..ولم يعد هناك ما يخجل فى تعسيلة الضهرية، خاصة عندما يشعر الفرد برغبة قوية للنوم بعد وجبة الغداء ـ أكثر من الكوارع والسمك التعبان لتعسيلة أشد ـ وتكون لديه القابلية للنوم ولو دقائق قليلة حتى لو كان جالسا على كرسي،و متكئا على حرف مكتب ـ بعد تناوله الطعام ثم يقوم ممتلئا بالنشاط والحيوية والنوم بعد الظهر مع كوي شاى صعيدى.
العلم يقول !
كان ذلك بصفة عامة يعتبر مظهرا غير حضارى فى المكاتب، وتعبيرا عن الكسل والخمول ، غير ان ما توصلت اليه الدراسات الحديثة في مراكز بحوث النوم في الدول المتقدمة اظهر فائدة مهمة لنوم القيلولة. فقد وجد ان الانسان لديه اصلا استعداد طبيعي للنوم مرتين في اليوم مرة لمدة قصيرة بعد الظهر، واخرى لمدة طويلة ليلا، كما توصل العلماء الى فائدة النوم ظهرا في زيادة نشاط الجسم وتحسين حالته المزاجية ليصبح اكثر انبساطا ومرحا وقدرة على العطاء بقية ساعات اليوم. الطريف ان الدول المتقدمة قوى مثل الصين واليابان ـ لم تغفل هذه النتائج، فعملت على تشجيع عادة النوم ظهرا لدرجة ان اليابان تنشئ صالات في بعض اماكن العمل يسمح فيها للعاملين بالنوم ظهرا لفترات قصيرة ـ. كما ان بعض اطباء الدول الاجنبية ينصح بالنوم ظهرا لفترة قصيرة لمن يشكو عادة من مشاكل الحموضة في المعدة. واذا كانت الدراسات العلمية تؤكد صحة النوم قليلا بعد الغداء فانها تتفق مع الحس الشعبى الجمعى الذي يقول اتغدا واتمدا "، واذا كان المثل الشعبى قد أعجبك، فأرجو أن توافق على بقية المثل الذى يقول: « اتعشا واتمشا، لان الجسم بعد تناول الطعام وامتلاء المعدة يكون متخما ويتسبب فى الشخير ـ والعياذ بالله ـ أثناء النومة الطويلة شوية.
النوم فى النكتة المصرية
ولم يترك الساخرين النوم والنويمة دون اطلاق سهام نكاتهم، فيحكى أن احد بلدياتنا كان يعانى من الارق ومش عارف ينام....قال له صاحبه عندي لك طريقة للنوم
مؤكدة...عد من واحد الى خمسميه... بلدياتنا مكدبش خبر... وأول ما الدنيا ليلت
راح للسرير وبدا يعد .. واحد .. اثنين .. ولما وصـل الى ميه وتسعة وتسعين ...
جـاه النوم … قـام غـسـل وشه ورجــع للـسـريـر يـكـمـل الـعـد.
من كتاب توك توك العاصمة لـ طاهر البهى
ساحة النقاش