التليفزيون العربى.. ذاكرة وطن

تسمرت فى مقعدى وأنا أتابع " بروموهات " برامج وفقرات وحفلات أحدث مولود فضائى مصرى ، وهى قناة التليفزيون العربى، فى مناسبة ذكرى مرور خمسين عاما على إنشاء  " التليفزيون العربى " ، والاحتفال باليوبيل الذهبى على انطلاقه.

الفكرة فى حد ذاتها يجب أن توجه تحية الاحترام والتقدير لمن فكر فيها، وعلى المستوى الشخصى كنت كثيرا ما أسعى للتفتيش عن مواد تليفزيونية من زمن الابيض والاسود، وادعو بناتى لمشاهدتها؛  بوصفها جزء من الذاكرة الجمعية للمصريين، ومن حق تلك الاجيال التالية لنا ان تستمتع بما استمتعنا به، وان تنل قسطا من ثقافتنا، فضلا عن وقوفها عند جذورنا و رموزنا الفنية والثقافية.

وقد عرف القائمون على شئون قناة التليفزيون العربى، كيف يستفيدون من كنوز مكتبة التليفزيون المصرى العامرة التى لا ينافسها احد فيما تملكه من كنوز ولآلئ، وقد كان هاجس مارد يجعلنا طوال العقود الماضية، نضع ايدينا على قلوبنا خوفا من أن تكون يد الاهمال قد طالتها أو أن ينالها عبث العابثين، والحمد لله أن عادت الينا الطمأنينة بعد أن صافحت وجوهنا وجوه رموز الزمن الجميل .. مع عدم تنكرنا لوجود بعض مظاهر الجمال فى هذا الزمن السعيد، حتى أن بعض المواد الفنية التى بثتها القناة، يراها جيلى للمرة الأولى ان لم تكن الذاكرة قد علاها بعض الصدأ.

ومما أشرف به كثيرا، ولا أطالب بتدوينه ولا توثيقه، أن العبد لله سبق وأن أطلق هذه الدعوة مرارا، وقلت أنه مجال لا ينافسنا فيه أحد، مؤكدا أن مصر تنافس بكنوزها و رموزها ـ مع عظيم التقدير والتبجيل لمبدعى كل الاجيال السابقة واللاحقة، وان كانت رموز الستينيات لها كاريزما وبريق خاص معجونة بذاكرة وذكريات اجيال ما فوق العقد الرابع من العمر.

ولازلت مؤمنا بأن فى مصر تراثا لا نظير له ـ لم يستغل الاستغلال الأمثل ـ وخاصة تراث الأبيض والأسود الفنى، وسط حالة كان ينبغى رصدها من الاهتمام غير المسبوق بفنون هذه الحقبة؛ بما فيها الصور الفوتوغرافية القديمة وأفيشات سينما الابيض و الاسود التى لاقت تجارة هائلة بين كثير من المولعين بها والدارسين ومراكز البحث.

وكان لابد ان تنطلق هذه القناة التى تجسد ذاكرة شعب ـ وتراث وطن؛ خاصة انها تمتلئ بالرموز الفكرية والفنية والسياسية، وهى تختلف تماما عن قنوات تمتلئ بها الساحة تعرض بضاعتنا السينمائية والغنائية، بعد أن فرطنا فيها فى غفلة من الزمن..واذا كانت مثل هذه القنوات قوامها حفنة من الافلام والحفلات ـ رغم اعترافنا بندرة بعضها ـ ولكن يجب أن تبقى مصر دائما متفوقة بتراثها الذى يضم ايضا انتاج نجوم العرب على ارضها الذين احتضنتهم مصر ونهلوا من نهر حضارتها.

سوف نتقبل غياب هذه القناة خلال العقود الماضية، وسوف نعتبر ان الامر مجرد سهو عن تراثنا، ونسيان لكنوزنا التى غطاها كثير من الغبار، ولكننا لن نتسامح أو نتهاون فى أن يفسد أحد فرحتنا بانطلاقة جديدة موفقة للتليفزيون العربى، ولذلك نرجوكم : ابتعدوا عن ضغوط المجاملات وكارت الواسطة الذى افسد كل شئ، والخوف كل الخوف أن تتسلل الى شاشة القناة مذيعات الدرجة التالتة ـ الترسو ـ ومخرجين غير اكفاء، وفنانات يبحثن عن مشاهدين..ايشى يقدم فقرة .. وايشى طالع يمسى ع المشاهدين، فتتوه معالم القناة المنارة التى يجب ان تظل مسلة مصرية شامخة مع الدعاء لها بالاستمرار ونتصور انه لا تنقصنا المواد التليفزيونية القادرة على دورانها لسنوات طويلة.

وما شاهدناه من مواد تليفزيونية ـ من الظلم لها ان نصفها بالندرة فقط ـ ولكنه تخطى كل تصوراتنا عنها، وجدد نشاط الذاكرة والانتماء لهذا البلدالمتفرد ثقافة وابداعا وتراثا متنوعا؛ كنت اشاهد فقرات من فوازير الثلاثى، وحفلات اضواء المدينة، ومسلسلات: عادات وتقاليد، القاهرة والناس، الرحايا، الضحية ( بالمناسبة هل لدى التليفزيون حلقات من المسلسل البوليسى الرائع البقية تأتى الذى كان يبث على جزئين كل يوم جمعة )  كنت أفتح فمى كالأبله المندهش، حريصا كل الحرص أن تكون الى جوارى أسرتى..هذا هو أصل الفن التليفزيونى فى المنطقة.. تلك هى ريادتنا، أشعر أننى فخور " بمصرى ".. وهؤلاء هم من شاركوا فى تشكيل وعى جيلى من الكبار فقط: ليلى رستم، سلوى حجازى، أمانى ناشد، فاطمة الكسبانى، همت مصطفى، طارق حبيب، دكتور مصطفى محمود، العالم الكبير دكتور حامد جوهر وبرنامجه الأشهر عالم البحار، هند أبو السعود ونافذتها المبهرة جولة الكاميرا، محمود سلطان وبرنامجه المدهش عالم الحيوان، فريال صالح ونجوى ابراهيم واخترنا لك، ماما نجوى و لقاءها مع اطفال مصر فى مساء الخير، طارق حبيب فى أوتوجراف و الحكم بعد المداولة،أحمد فراج ونور على نور، درية شرف الدين نادى السينما، سناء منصور، حمدية حمدى العالم يغنى، احمد سمير وبرنامجه الشهير نهاية الاسبوع ، سهير الاتربى ولو كنت المسئول،.. سمير صبرى و النادى الدولى و ملك اسماعيل وبرنامجها الجرئ سلوكيات.. ومن دواعى الشرف اننى " لحقت " بعضهم حيث اتيح لى الالتقاء والتحاور مع كثير من هذه الاسماء..فهل حقا سوف نرى هذه البرامج ونصافح وجوه صناعها مرة اخرى؟

مبروووك لمصر هذه القناة الواثقة..ولن أخص مسئولا بالتحية، حتى لايبدو الامر وكأنه وصلة نفاق.. تحية لكل مسئول سابق ولاحق على امتداد عمر التليفزيون  والإعلام المصرى الممتع المستنير !

المصدر: طاهر البهى روزاليوسف
taheralbahey

طاهر البهي الموقع الرسمي

ساحة النقاش

taheralbahey

شكرا لتعليقكم الكريم واثابك الله على حسن دعاؤك. تقبل اعتذارى عن التأخر فى الرد. واهلا بك صديقا عزيزا.

mkhaled
<p><strong><strong><strong><strong>جزاك الله خير الجزاء</strong> </strong> <br /> <strong><strong>وبارك الله فيك ونفع بك وأثابك الجنة</strong> </strong> </strong> </strong></p>
mkhaled فى 18 أغسطس 2010 شارك بالرد 0 ردود

طاهر البهى

taheralbahey
الكاتب الصحفى مقالات وتحقيقات واخبار وصور حصرية انفرادات في الفن والادب وشئون المرأة تحقيقات اجتماعية مصورة حوارات حصرية تحميل كتب الكاتب طاهر البهي pdf مجانا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

240,806