إدارة الفصل بأسلوب التعلم التعاوني وأثره في تحصيل الطلاب الدراسي
د. هاشـم بكر حريـري
المقـدمة
يؤكد العديد من مفكري ورواد التربية والتعليم والإدارة على أهمية التعلم التعاوني من قبل المعلمين في معظم بلدان العالم المتقدمة وأنه مفهوم يعتمد على استراتيجية تستهدف تطوير العمل التربوي من خلال تحسين أداء المعلم المهني والقيادي ، حيث بدأ مع طلائع القرن التاسع عشر الميلادي التركيز على مفهوم التعلم التعاوني نظريّاً وتطبيقيّاً وبيان أثره على الارتقاء ببرامج النمو المهني للمعلمين ، بالإضافة إلى محاولة ترسيخ اقتناع المعلمين بأهمية ممارسة التعلم التعاوني كمدخل في تطوير أسلوب إدارة الفصل .
فقـد قـدم جونسـون وآخـرون ( 1995م ، ص 1-6 ) مدخلاً جديداً في التربية عن مفهوم التعلم التعاوني ، حيث يعمل الطـلاب معا في مجموعات صغيرة ، لإنجاز أهداف مشتركة ، إذ يقسم الطلاب إلى مجموعات مكونة من ( 2-5 ) أعضاء ، وبعد أن يتلقوا تعليمات من المعلم ، ثم يأخذون في الاشتغال بالعمل حتى ينجزه جميع أعضاء المجموعة بنجاح .
ووفقاً لاستراتيجية جونسون وزملائه عن التعلم التعاوني ، فإن العمل التعاوني ، بالمقارنة مع العمل التنافسي والعمل الفردي ، يؤدي إلى زيادة التحصيل والإنتاجية في أداء الطلاب ، والتأكيد على العلاقات الإيجابية بينهم ، وتحسن الصحة النفسية وتقدير الذات ، وأشار حجي ( 2000م ، ص 90 ) أنه يخدم التلاميذ كمصادر لتعلم بعضهم من بعض ويرجع ذلك إلى أن أداء أعضاء المجموعة أفراداً يعتمد على الأعضاء الآخرين للمجموعة ، ولذلك فإن الاعتماد المتداخل الإيجابي يزداد بين أعضائها.
من هنا تكتسب هذه الدراسة أهميتها ، لكونها تسعى إلى تأصيل مفهوم التعلم التعاوني كمدخل جديد في تطوير إدارة الفصل ، مـن حيث تحديـد الأساليب والمعايير التي يرتكز عليها ، ثم تسعى بعد ذلك للتعرف على حدود الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا النوع من التعلم التعاوني في تطوير الممارسة التربوية بصفة عامة ، من خلال تطوير أداء المعلم في إدارة الفصل .
مشكلة الدراسة :
أشارت بعض الدراسات ذات العلاقة بواقع التعليم الحالي إلى أن أكثر من 85% من الأعمال التي تتم في المدارس تقوم على أساس تنافسي فردي بين الطلاب ، وأن التعاون وبناء المهارات الاجتماعية لا يحظى بالاهتمام اللازم ، كما أثبتت دراسات أخرى أن أهم عنصر في فشل الأفراد في أداء وظائفهم لا يعود إلى نقص في قدراتهم ومهاراتهم العلمية ، ولكن إلى النقص في مهاراتهم التعاونية والاجتماعية ، نتيجة التغيير الحاصل في بيئة العائلة . ومنها العائلة العربية على وجه العموم ، والخليجية على وجه الخصوص ، من حيث الانتقال من العائلة الكبيرة والمستمرة إلى العائلة الصغيرة التي أصبح لها أثر سلبي على مهارة الطلاب الاجتماعية . وتشير دراسة جونسون وآخرين ( 1995م ، ص 1-5) حول مقدار الوقت الذي يقضيه الأب مع أطفاله ، إلى أن أطفالنا يقضـون معظم أوقاتهم أمام التلفزيون والفيديو والكمبيوتر ، أو مع الخادمة ، وأن الطالب في المرحلة الابتدائية يشاهد التلفزيون خمسين ضعف عدد المرات التي يتحدث فيها مع والده .
وفي المقابل وجد أن العديد من بلدان العالم أخذت بمفهوم التعلم التعاوني ، لتنفيذ الممارسات التربوية في مؤسساتها التربوية ، وبالتحديد في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، عندما بدأت بريطانيا باستخدام المجموعات التعليمية التعاونية ، ثم انتقلت الفكرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عندما افتتحت مدرسة تمارس هذا الأسلوب في مدينة نيويورك عام 1806م .
وفي أوائل القرن التاسع عشر كان هناك تركيز قوي على التعلم التعاوني في المدارس الأمريكية ، وإن كان على نطاق محدود ، في بعض الدول العربية ، وبخاصة في المملكة العربية السعوديـة ، حيث بدأ التعلم التعاوني عام 1991م عندما قامت مدارس الظهران الأهلية بترجمة كتابCooperation in Classroom إلى اللغة العربية ، وقدمته للهيئة التعليمية عبر عـدة دورات تدريبية ، وتابعت تطبيقات المعلمين الصفية للتعلم التعاوني .
كما أصبح الاتجاه الحديث يولي المدارس مسئولية مساعدة الطلاب على متابعة التعلم ، والاهتمام بتشجيعهم على الإقبال مع عملهم المدرسي وعلى أمور حياتهم بأساليب أكثر إبداعا ، ولذا وجهت الجهود التربوية إلى أهمية تتبع البيئة في إذكاء روح الابتكار والإبداع والقيادة والتواصل وبناء الثقة واتخاذ القرارات وإدارة الخلافات اللازمة ، لجعل المجموعات التعليمية مجموعات فاعلة ، حيث ذكر عبود (1995م ، ص 81) أن مشكلة المعلم الأساسية في الفصـل هي إظهار الصرامة ، ليظل الطلاب محافظين على النظام ، بل أصبح دور المعلم هو تطوير الأجواء التقليدية بهدف تنمية الإنسان وتعهده وفق المعايير التربوية السليمة ، بقصد زيادة الإنتاجية الداخلية ، التي تنطلق من ضرورة تحديد استراتيجيات أساليب إدارة الفصل ، لإعداد البيئة المناسبة لاستخدام الأساليب الحديثة لزيادة الإنتاجية داخل الفصل .
ولكل هذه الأسباب بات من الضروري أن يتعرف المعلمون على استراتيجية التعلم التعاوني ، ويتدربوا على استخداماتها الصفية ، لكونها واحدة من الاستراتيجيات التي تساعد الطلاب على زيادة تعلمهم وتواصلهم واكتسابهـم المهارات الاجتماعية اللازمة للنجاح في الحياة .
تحديد مشكلة الدراسة :
ويمكن تحديد مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس التالي :
ما أثر استخدام أسلوب التعلم التعاوني لإدارة الفصل في تحصيل الطلاب الدراسي ؟
أهداف الدراسة :
وللإجابة عن السؤال الرئيس لهذه الدراسة وضع الباحث الأهداف التالية :
- تأصيل الأساليب والمعايير التربوية التي يستند إليها مفهـوم التعلم التعاوني وإدارة الفصل نظريّاً .
- تحديد الدور الذي يمكن أن تسهم به ممارسة استراتيجيات التعلم التعاوني في تطوير إدارة الفصل ، وذلك من خلال دراسة تجريبية توضح درجة الفروق ذات الدلالة الإحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة ، في بعض المقررات الدراسية .
أسئلة الدراسة :
ولتحقيق أهداف الدراسة وضع الباحث الأسئلة التالية :
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية ، الضابطة في المستوى التحصيلي للطلاب في مقرر العلوم ، نتيجة لاستخدام أسلوب التعلم التعاوني ؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة في المستوى التحصيلي للطلاب في مقرر اللغة الإنجليزية ، نتيجة لاستخدام أسلوب التعلم التعاوني ؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة في المستوى التحصيلي للطلاب في مقرر التاريخ ، نتيجة لاستخدام أسلوب التعلم التعاوني ؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة في المستوى التحصيلي للطلاب في مقرر الجغرافيا ، نتيجة لاستخدام أسلوب التعلم التعاوني ؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة في المستوى التحصيلي للطلاب في مقرر الإملاء ، نتيجة لاستخدام أسلوب التعلم التعاوني ؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة في المستوى التحصيلي للطلاب في مقرر القواعد ، نتيجة لاستخدام أسلوب التعلم التعاوني ؟
أهمية الدراسة :
تنبع أهمية هذه الدراسة من أنها :
- تتناول موضوعاً حيويّاً وجديداً يهم القائمين على العمل التربوي الميداني من معلمي ومديري مدارس ومشرفين تربويين ، ويهم كذلك صانعي القرارات التربوية ، من أجل رفع المستوى التربوي بشكل عام .
- تلقي الضوء على العناصر الأساسية المكونة لأسلوب التعلم التعاوني ، ومدى الاستفادة من تطوير أداء وتطوير إدارة الفصل من قبل المعلمين ، ومحاولة رتق الفجوة الناتجة عن الممارسات التعليمية التقليدية التي تعطى المعلم الدور الكامل في لغة الاتصال التربوي ، فهو المرسل فقط ، دون الاستفادة من العناصر التربوية الأخرى ، مثل : الطالب ، في المشاركة في تسيير دفة إدارة الفصل ، من أجل تعلم ، أفضل فهو حلقة اتصال تربوي فعال بين جميع أطراف العملية التعليمية .
- قد تكون الدراسة الأولى التي يتم فيها التركيز على مفهـومين جديدين في مجال الإدارة التربوية ، هما : أسلوب التعلم التعاوني باعتباره أسلوباً جديداً ، وتطوير أداء المعلمين لإدارة الفصل .
مصطلحات الدراسة
التعلم التعاوني :
يمكن تعريف التعلم التعاوني إجرائيّاً بأنه الأسلوب المتبع من قبل معلم الفصل في استخدام طريقة المجموعات الصغيرة داخل الفصل ، وإتاحة فرصة العصف الذهني بين الطلاب في داخل كل مجموعة ، حسب موضوع الدرس من المقرر .
إدارة الفصل :
إجرائيّاً ، هـو : تقسيم الوقت الزمني للحصة الدراسية على شكل مراحل ، يحددها المعلم في قيادة الفصل الدراسي ، وإتاحة الفرصة للطلاب بممارسة القيادة للمجموعات داخل الفصل ، والمشاركة في إدارة المجموعات ، وذلك بغرض زيادة إنتاجيتهم التحصيلية ، ورفع درجة المشاركة ، وتحمل المسئولية الجماعية بين الطلاب أنفسهم ..
المجموعة التجريبية :
إجرائيّاً ، هي التي تطبق أسلوب التعلم التعاوني في إدارة الفصل ، والمشاركة الجماعية بين الطلاب ، ويقصد بها هنا : طلاب الصف الأول المتوسط / 2 بمدرسة النصر الأهلية بمحافظة جدة التعليمية .
المجموعة الضابطة :
إجرائيّاً ، هي التي تطبق أسلوب التعلم التقليدي في إدارة الفصل ، ويقصد بها هنا : طلاب الصف الأول المتوسط / 1 بمدرسة النصر الأهلية بمحافظة جدة التعليمية .
المقررات الدراسية :
تم اختيار المقررات التالية لهذه التجربة : العلوم ، واللغة الإنجليزية ، والتاريخ ، والجغرافيا ، والإملاء ، والقواعد ، للصف الأول المتوسط 2،1 بمدرسة النصر الأهلية بمحافظة جدة التعليمية .
الفصل المدرسي :
ويقصد به إجرائيّاً : المكان المخصص الذي يلتقى فيه مجموعـة من طلاب الفصل / 1 المتوسط أو طلاب الفصل / 2 المتوسط بمدرسة النصر الأهلية بمحافظة جدة التعليمية ، وعـدد كل فصل مدرسي هـو عشرون طالباً في الفصـل الدراسي الثاني للعـام الـدراسي 1420/1421هـ .
الإطار النظري
أولا ً: مفهوم التعلم التعاوني
المقدمة
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ، وخلق فيه صفات وسمات تميزه عن سائر المخلوقات الموجودة على سطح الأرض . ومع ذلك تظل قدرات الإنسان الجسدية والعقلية محدودة ، وغير مؤهلة لأن تحقق له كل ما يطمح إليه من رغبات واحتياجات ، ومن أجل ذلك كان لزاما عليه أن يتعاون مع الآخرين ، وبتعاون الآخرون معه من أجل تحقيق الأهـداف المشتركة . وهذه الرغبة لتحقيق الأهداف والرغبـات من خلال التعاون والعمل الكفء ليست مقصورة فقط على الإنسان الفرد ، لكنها أيضاً تمتد إلى المجموعات في أي مجتمع كان . وحين ينتظم عقد مجموعة من الأفراد من أجل تحقيق هدف معين فإنه يصبح من الضروري عندئذ أن تكون هناك إدارة تعمل على تهيئة الظروف ، وتنظم الجهود من أجل الوصول إلى الأهداف المشتركة المطلوبة ، وهذه الجهود تتمثل في قيام المعلم بدوره التربوي المهني في تنسيق الأنشطة الصفية وغير الصفية المختلفة لمجموعة الطلاب ، من خلال ممارسة استراتيجية التعلم التعاوني داخل هذه المجموعات ، وقـد استخدم كل مجتمع إنساني المجموعات لتحقيق أهدافـه . وفي المقابـل نجد أن جونسـون وزمـلاءه ( 1995م ، ص ص 1-1،2 ) أكدوا بأن نمط إهدار الفرص للإفادة من قوة عمل المجموعات في المؤسسات التربوية يعود إلى خمسة أسباب على الأقل :
1. عدم وضوح العناصر التي تجعل عمل المجموعات عملا ناجحا ، فمعظم المربين لا يعرفون الفرق بين مجموعات التعلم التعاوني ومجموعات العمل التقليدي .
2. عدم إدراك المربين أن العمل المعزول هو نظام غير طبيعي في العالم ، وأن الشخص الواحد لا يستطيع أن يبني سكناً له بمفرده .
3. عدم تحمل المسئولية في فكرة التطوير لدى مجموعة المتعلمين ، وبالتالي تصل إلى عدم تحمل المعلمين مسئولية تعليم الطلاب لأقرانهم داخل الفصل وخارجه .
4. هيمن على عقول المربين فكرة أن عمل اللجان والمجموعات غير ناجح ، وبالتالي يرددون قول القائل : إذا أردت أن تعيق موضوعا في العالم العـربي فإن ذلك يكون بإحالته إلى لجان لدراسته .
5. الرهبة وعدم توافر العزيمة ، بالنسبة للعديد من المربين ، في استخدام المجموعـات التعليمية التعاونية .
ولمحاولة القضاء على هذه الأسباب في تطبيق مفهوم التعلم التعاوني داخل المجموعات التعليمية في المدارس ، ذكر جونسون وزملاؤه ( 1995م، ص ص 1 ، 2 ) أنه يجب التغلب على المقاومة الشخصية لاستخدام المجموعات بطريقة منضبطة من خلال مراعاة المفاهيم التالية :
?أ. الفرق بين العمل التعاوني والعمل الفردي .
?ب. النتائج المتوقعة من العمل التعاوني في شكل مجموعات .
?ج. طريقة التطبيق الدقيق للعناصر الأساسية ( سوف يتم شرحها فيما بعد ) .
?د. نوعية التعلم التعاوني الذي يستخدم في المواقف التعليمية المختلفة .
هـ. بيئة تنظيمية في المدرسة ذات أداء مرتفع ، من أجل زيادة جودة التعليم .
الفرق بين مفهومي التعلم التعاوني والتعليم التعاوني :
إن التعلم التعاوني هو الخطوة الأولى من الطريقة التقليدية لعمليات التعليم في معظم البلدان العربية ، من حيث مرحلتي المعرفة والإدراك للمهارات الأساسية ، ومن خلال التعليم الفردي في داخل الفصل الدراسـي ، فالتعليم في غرفة الصف يحتاج إلى جهد تعاوني ، لأن التحصيل غير العادي لا يأتي من الجهود الفردية أو التنافسية للفرد المنعـــزل ، بل يأتي من خلال العمل على شكل مجموعة تعاونية.
أما التعليم التعاوني فهو الفعلي في ترجمة مفهوم التعلم التعاوني ، بما يتيحه من فرص عمل فعلية للطلاب في أثناء الدراسة ، تساعد على تحقيق المراحل المتقدمة في العملية التعليمية ، كما يسمونه : مرحلة التدريب الميداني لبعض التخصصات العلمية والنظرية في مراحل التعليم العالي والثانوي لكافة تخصصاته .
عـرف مجلس القـوى العاملـة ( 1995م ، ص 9 ، 10 ) بأن التعلم التعاوني بأنه البذرة الأولى ، وهو طريقة وأسلوب حديث في مجال تطوير أداء الطلاب الفعال ، من خلال الأداء المتميز من المعلمين ، وفي استخدام استراتيجيات التعلم التعاوني طريقة تدريبية حديثة من أجل تطوير إدارة الفصل للممارسات التربوية الصحيحة ، في شكل مجموعات تعاونية ، داخـل حجرة الفصل الدراسي .
وحتى نجعل العمل التعاوني ذا فعالية بين الطلاب ، أكدت دراسـة جونسون وزمـلائه ( 1995م ، ص ص 1-6 ، 1-7 ) على أن ذلك يتطلب فهما للعناصر التي تجعل العمل التعاوني عملا ناجحا ، وإتقان هذه العناصر الأساسية للتعاون يسمح للمعلمين أن يأخذوه بعين الاعتبار ، ولهذا يجب مراعاة النقاط التالية :
- يتناولـون دراستهم ومناهجهـم وقـراراتهم الموجودة يبغونها بشكل تعاوني .
- يكيفون دروس التعليم التعاوني طبقا لخصوصية حاجاتهم التعليمية ، وظروفهم ، ومناهجهم ، وموادهم ، وطلابهم .
- يشخصون المشاكل التي قد يواجهها الطلاب في أثناء عملهم معا ، ويتدخلون لزيادة فاعلية المجموعات التعليمية الطلابية .
الجذور النظرية للتعلم التعاوني :
ذكـر جونسون وزملاؤه ( 1995م ، ص ص 3-5 ، 3-6 ) التدرج التاريخي لجذور نظرية التعلم التعاوني على النحو التالي :
كانت بداية التعلم التعاوني عام 1900م على يد العالم كيرت كافكا Kurt Kafka أحد واضعي نظرية الجشتلت Gestalt في علم النفس ، الـذي أكـد على " أن المجموعات وحدات كاملة نشطة يختلف فيها الاعتماد المتبادل بين الأعضاء " ، وقد قام كيرت ليوين Kurt Lewin 1935-1984م بتطوير أفكار كافكا حول النقاط التالية :
- أساس المجموعة هو الاعتماد المتبادل بين الأعضاء .
- حالة التوتر الداخلي لدى الأعضاء تدفعهم إلى العمل على تحقيق الأهداف المشتركة المرغوبة .
وقد قام مورتين دويتش Morton Dentsch بصياغـة نظرية التعاون التنافسي في عام 1949-1962م ، وقام ديفيد جونسون Johnson David بتطوير أفكار دويتش لتصبح نظرية : الاعتماد المتبادل الاجتماعي ( 1970-1974م ) .
ذكر جونسون ومورثون 1989م أن هناك أكثر من 600دراسة تجريبية على التعلم التنافسي والتعلم الفردي ، وأكثر من 100 دراسة ارتباطية أجريت على التعلم التعاوني من عام 1898م حتى الآن ، ويمكن تصنيف النتائج المتعددة التي تم الكشف عنها إلى ثلاث فئات رئيسة هي :
1. التحصيل والإنتاجية .
2. العلاقات الإيجابية .
3. الصحة النفسية .
وبالمقارنة مع العمل التنافسي والعمل الفردي ، فإن التعلم التعاوني يؤدي إلى زيادة في التحصيل والإنتاجية وقوة في الإيجابية واهتمام بالصحة النفسية ، من أجل رفع الكفاية الاجتماعية وتقدير الذات ، وهذا يؤدي إلى أن التعلم التعاوني من الأساليب التربوية الأكثر أهمية بالنسبة للمربين في مجال التربية والتعليم ، في تطوير أداء الفصل .
الجذور العملية للتعلم التعاوني :
حث القرآن الكريم على التعاون على البر ، حيث قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، " سورة المائدة ، الآيه :2 " ، كما نفهم أهمية التعاون من قول الرسول عليه الصلاة والسلام : " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " . رواه مسلم .
وقد ذكرت دراسة جونسون وزملائه ( 1995م ، ص ص 3-9 ، 3-10) أنه تم معرفة الجذور العملية للتعلم التعاوني على النحو التالي :
في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي تم استخدام المجموعات التعليمية التعاونيـة في بريطانيا على نطاق واسع ، ثم نقلت الفكرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، عندما افتتحت مدرسة تتبع هذا الأسلوب في مدينة نيويورك عام 1806م ، وفي أوائل القرن التاسع عشر كان هناك تركيز قوي على التعلم التعاوني في المدارس الأمريكية ، وقد طور فكرة التعليم التعاوني التطبيقي العالم باركر Parker ( 1875 – 1880م ) ، ثم تبعه جون ديوي John Dewey الذي عزز استخدام المجموعات التعليمية التعاونية حتى أصبح جزءاً من أسلوبه المشهور في التعلم .
المفهوم النظري للتعلم التعاوني :
بناء الدرس في التعلم التعاوني يشتمل على خمسة عناصر أساســــية ، حسب ما ذكـــرت دراسة جونســون وزملائه ( 1995م ، ص ص 1-6 ، 1-7 ) ، وهي على النحو التالي :
1. الاعتماد المتبادل الإيجابي :
يمكن بناؤه بشكل ناجح عندما يدرك أعضاء المجموعة أنهم مرتبطون مع بعضهم بعضاً بطريقة لا يستطيع فيها أن ينجح أي واحد منهم إلا إذا نجحوا جميعاً ، و إذا فشل فشلوا جميعاً .
ومن هنا تدرك المجموعة أن جهد كل فرد لا يفيده فحسب بل يفيد جميع أعضاء المجموعة وفي نفسه الوقت يمثل أساس استراتيجية التعلم التعاوني ، فإذا لم يكن هناك اعتماد متبادل إيجابي فلن يكون هناك تعاون .
2. المسئوليـة الفرديـة والمسئوليـة الجماعيـة :
هناك مستويان من مستويات المسئولية التي يجب أن تبنى في المجموعات التعليمية التعاونية على النحو التالي :
المجموعة يجب أن تكون مسئولة عن تحقيق أهدافها .
وكل عضو من أعضاء المجموعة يجب أن يكون مسئولاً عن الإسهام بنصيبه في العمل .
فالمسؤولية الفردية تتم من خلال تقييم المجموعة لأدائها لكل طالب ، وتعاد النتائج إلى المجموعة والفرد من أجل التأكد ممن هو في حاجة إلى مساعدة إضافية أو دعم أو تشجيع لإنهاء المهمة ، فهذا هو الهدف الأسمى لمفهوم التعلم ، بمعنى أن الطلاب يتعلمون معاً لكي يتمكنوا فيما بعد من تقديم أداء أفضل منفردين .
3. التفاعل المعزز وجهاً لوجه :
يحتاج الطلاب إلى القيام بعمل حقيقي معاً ، وذلك بالاشتراك في استخدام المصادر وتقديم المساعدة والدعم والتشجيع على الجهود التي يبذلها كل واحد منهم ، فعن طريق المجموعات الصغيرة يكون الطالب وجهاً لوجه أمام زميله في داخل المجموعة الصغيرة .
فيكون التعاون إيجابيّاً فيما بينهم ، من خلال قلة أعداد المجمــوعة ، وعدم الحرج أمـام زملائه في أثناء النقاش ، وطرح التساؤلات ، والاستفادة من معلومات زملائهم داخل المجموعة نفسها ، وهنا يصبـــح الأعضــاء ملتزمين شخصّياً نحو بعضهم بعضاً ، وكذلك نحو تحقيق أهدافهم المشتركة .
4. تعليم الطلاب المهارات الجماعية والشخصية المطلوبة :
من خلال تكوين المجموعات الصغيرة داخل الفصل من أجل استخدام التعلم التعاوني يجب أن يتعلم الأعضاء مهارات القيادة ، واتخاذ القرارات ، وبنـاء الثقة والتواصل ، وإدارة الصراع بطريقة هادفة تماماً ليتعلم المهارات التعليمية ، وبما أن التعاون والصراع متلازمان ، فإن الإجراءات والمهارات اللازمة لإدارة الصراع بشكل بناء تعتبر ذات أهمية خاصة بالنسبة للنجاح الدائم للمجموعات التعليمية التعاونية .
5. معالجة عمل المجموعة :
تعتبر الخطوة الأخيرة في تقويم عمل المجموعة ، ومدى تحقق أهدافها ، ومدى محافظتها على علاقات عمل فاعلة بين أفرادها . إن المجموعات بحاجة إلى بيان تصرفات الأعضاء المفيدة وغير المفيدة لاتخاذ القرارات حول التصرفات التي يجب أن تستمر ،وتلك التي يجب أن يتم تعديلها ، إذ أن التطور المستمر لعملية التعلم ينتج عن التحليل الدقيق لطريقة عمل الأعضاء معاً ، وكيفية إثراء فاعلية عمل المجموعات .
دور المعلم في التعلم التعاوني :
يجب على المعلمين في كل حصة أن يختاروا دور الموجه لا دور الملقن ، ولهذا يلزمهم أن يتذكروا أن التحدث في التعليم ليس تغطية المادة للطلاب ، بل إنه يتمثل في الكشف عنها معهم ، ويؤكد على ذلك حجي ( 2000م ، ص291) ، وذلك باعتبار المعلم مستشاراً للمجموعة أكثر من كونه المصدر الوحيد للتعلم .
ويتحدد دور المعلم في المجموعات التعليمية التعاونية الرسمية على خمسة أجزاء ، حسب ما ورد في مدخل جونسون وزملائه للتعلم التعاوني على النحو التالي :
1. تحديد اهداف الدرس .
2. اتخاذ قرارات معينة حول وضع الطلاب في مجموعات تعليمية قبل البدء بتعليم الدرس .
3. شرح المهمة وبيان الهدف للطلاب .
4. تفقد فاعلية الطـلاب داخل المجموعات ، والتدخل لتقديم المساعدة لأداء عمل في الإجابة عن أسئلة الطلاب ، وتعلم مهارات المهمة أو تحسين مهارات الطلاب الشخصية ومهارات المجموعة الصغيرة .
5. تقييم تحصيل الطلاب ومساعدتهم في مناقشة مدى تقدمهم في تعاونهم معاً .
أدوات التعلم التعاوني :
التعاون والصراع شيئان متلازمان ، فكلما زاد اهتمام أعضاء المجموعـة بتحقيق أهداف مجموعتهم ، وزاد اهتمامهم بعضهم ببعض ، زاد احتمال أن تظهر بينهم صراعات معينة ، وذلك يتطلب حسب ما ورد عن جونسون وزملائه ( 1995م ، ص 1-11 ) ما يلي :
1. تعليم الطلاب الإجراءات والمهارات اللازمة لإدارة الصراعات الأكاديمية الفكرية الملازمة للمجموعات التعليمية
2. تعليم الطلاب الإجراءات والمهارات اللازمة للتفاوض من أجل الوصول إلى حلول بناءة لصراعاتهم ، والتوسط في الصراعات القائمة بين الزملاء في المجموعات التعليمية .
ويمكــن تدريب الطـلاب على استخـدام طريقـة " العصف الذهني " وقد ذكر المصري ( 1420هـ ، ص 227 ) تعريف ( كيث هوفر ) للعصف الذهـني : " بأنه مجموعة من الإجراءات تعني استخدام الدفاع في عصف مشكلة من المشكلات بجمع كل الأفكار حولها ، لإيجاد حلـول مبتكرة لها ، والعصف الفكري تقنية للإبداع والتخيل التطبيقي ، استخدم في سـوق العمل ثم انتقل إلى ميـدان التربية ، ليصبح أكثر الأسـاليب التي حظيت باهتمام الباحثين والمهتمين بتنمية الفكر الإبداعي " .
القواعد المتبعة في جلسات العصف الذهني داخل المجموعات :
وهـذا يتطـــلب تهيــئة الزمـــرة أو المجمـــوعة ، وخاصـة في الجلســات الأولى للعصف ، حيث ركـز جروان ( 1999م ، ص 117 ) على أربع قواعد يجب مراعاتها في ممارسة طريقة العصف الذهني بين الأفراد ، وهي على النحو التالي :
1. لا يجوز انتقاد الأفكار من أي عضو مهما بدت سخيفة تافهة .
2. التشجيع على إعطاء أكبر عدد ممكن من الأفكار .
3. التركيز على الكم ،بالتحفز على زيادته .
4. الأفكار المطروحة ملك الجميع ، بمعنى أنه يمكن اشتقاق أو تركيب فكرة أو حل من فكرة مطروحة سابقاً .
الخطوات المستخدمة لتطبيق جلسات العصف :
أشار جروان ( 1999م ، ص 119 ) إلى أن هناك عناصر مهمة لإنجاح عملية العصف الذهني ، باعتباره أداة من أدوات التعلم التعاوني داخل المجموعات ، وذلك في أثناء إدارة الفصل :
1. وضوح المشكلة موضوع البحث لدى المشاركين وقائد النشاط ، قبل بدء الجلسة .
2. وضوح مبادئ وقواعد العمل والتقيد بها من قبل الجميع ، بحيث يأخذ كل مشارك دوره ، وطرح الأفكار دون تعليق أو تجريح من أحد .
3. خبرة المعلم أو قائد النشاط وجديته واقتناعه بقيمة أسلوب العصف الذهني بين أدوات التعلم التعاوني ، في حفز الإبداع ورفع الإنتاجية لدى مجموعات الطلاب داخل إدارة الفصل .
ثانياً : إدارة الفصل
مفهوم إدارة الفصل :
هناك العديد من الدراسات التي أوردت المصطلحات التالية حول مفهوم ( الصف والفصل ) ، ومن هـذه الدراسـات دراسة كل من ( حمدان ، 1404هـ ، الناشف وزميله 1987م ) ، فالصف والفصل في الدراستين بمفهوم واحد ، وليس هناك اختلاف بينهما .
من هنا حدد الباحـــث في هـــذه الدراسة استخدام مصطلـح الفصـل ( Class ) حيــث عرفـــه حمــدان ( 1404هـ ، ص 100 ) على أنه " مجموعة من الاستراتيجيات التربوية التنظيمية التي تتولى تنسيق معطيات وعوامل التدريس بأساليب مختلفة ، بغرض تسهيل عملية التربية داخل الصفوف بغية إثـراء مخرجاتها " .
والإدارة الصفية الناجحة تحرص على إيجاد التفاعل مع الطلاب ، مما يؤدي إلى المشاركة الإيجابية ، ويثير في الحصة جّواً من الحيوية والنشاط ، وهو بدوره يحمل الطلاب على احترام معلمهم ويتقبلون إرشاداته بروح مرحة ونفس راضية ، فيقومون بواجباتهم التعليمية وذلك حسب الطرق السليمة ، من أجل تحقيق الأهداف التربوية
أبعاد إدارة الصف :
أشارت عدة دراسات إلى أن هناك العديد من الأبعاد التي تركز عليها إدارة الفــصل ، فقد ذكـــرت دراسة الشاكــري ( 1413هـ ، ص4 ) أن هذه الأبعاد هي :
1. تنظيم وترتيب الفصل .
2. تهيئة مناخ الفصل .
3. ضبط سلوك التلاميذ .
كما أشارت الدراسة إلى أن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية بين كل من المعلمين والمديرين والموجهين والتربويين في إدراكهم لواقـع ممارسة ضبط سلوك التلاميذ ، وهناك اختلاف من وجهة نظر المعلمين حول تهيئة مناخ الفصل الدراسي عـن كل من المديرين والموجهين ، كما أكدت الدراسة على أن المعلمين يمارسون تنظيـم وترتيب الفصـل الدراسي بدرجة ممتازة . وأن المعلمين أصحاب الخبرة الطويلة في التدريب يفوقون أقرانهم أصحاب الخبرات الأقل في تنظيم الفصل الدراسي .
إدارة الفصل لزيادة الإنتاجية :
أوضح العبود ( 1995م ، ص 81-103 ) أن الاتجاه الحديث يولي المدارس مسؤولية مساعدة الأطفال على متابعـة التعلـــيم ، والاهتمام بتشجيعهم على الإقبال على عملهم المدرسي وعلى أمور حياتهم بأساليب أكثر إبداعاً وتحرراً .
لذا وجهت الأنظار إلى أهمية بيئة الفصل في إذكاء روح الابتكار والإبداع في التلاميذ ، واستنباط إجراءات وأفكار ذاتية فردية أو جماعية ذات أثر بعيد في حياتهم ، إذ لم تعد مشكلة المدرس الأساسية في الفصل هي إظهار الصرامة ليظل التلاميذ صامتين محافظين على النظام ، بل أصبح دور المدرس هو تطوير الأجواء التقليدية بهدف تنمية الإنسان وتعهده وفق المعايير التربوية السليمة ، وبهدف زيادة الإنتاجية الداخلية التي تنطلق من ضرورة استراتيجيات أساليب إدارة الفصل ، لإعداد البيئة المناسبة لاستخدام الأساليب الحديثة لزيادة الإنتاجية داخل الفصل أو الصف المدرسي ، وأن المعلم لابد أن يكون مديراً ناجحاً لفصله ، وفي الوقت نفسه مستشاراً للمجموعة أكثر من كونه مصدراً وحيداً للتعلم .
وإدارة الفصل يجب أن تعتمد بالدرجة الأولى على فلسفة المجتمع وأهدافه ، وأن تكون ملائمة للبيئة التربوية في تنظيمها ، سواء كان الفصل مفتوحاً أو غير مفتوح أو فصلاً منضبطاً ، وإدارة الفصل تتبع الإدارة على المستوى الإجرائي داخل المدرسة .
تأثير بيئة الفصل في إدارته :
لكل فصل دراسي بيئة متميزة ، تحدد معالمها طبيعة العلاقات بين تلاميذ الفصل ، وبينهم وبين المعلم ، وطريقة تدريس المحتوى الدراسي ، إضافة إلى إدراكهم لبعض الحقائق التنظيمية للفصل ، وبيئة التعلم بالصف تختلف باختلاف المادة الدراسية . ولكل فصل سمة مميزة أو مناخ يميزه عن غيره من الفصول ، وتؤثر على فعالية التعلم داخل الفصل ، فهي بمثابة الشخصية للفرد .
وقـد تناولت دراسة الرائـقي ( 1411هـ ، ص ص 5 ، 25 ) بعض الدراسات التي حددت أن هنــاك ارتباطاً بين أداء التلاميذ ، وبيئة الصف ، وتوصلت إلى أن بيئات الصفوف تتنوع تبعاً لتنوع المواد الدراسية ، ومن ثم ينعكس ذلك علــى أداء التلاميذ ( المتغيرات المعرفية ) ، وأن هناك علاقة بيئة الصف ببعض المتغيرات غير المعرفيـة ، مثل : عدد تلاميذ الفصل ، ومعدل الغياب ، وموقع المدرسة في بيئة حضرية أو قروية ، ورضا التلاميذ عن المدرسة ، حيث أكدت نتائجها على أن زيادة عدد التلاميذ تقترن ببيئة صفية يقل فيها الترابط بين التلاميذ وتزداد فيها الرسمية . ومعدل الغياب يرتفع في الفصول التي زاد فيها التنافس بين التلاميذ ، وتحكم المعلم ، وقلة دعمه واهتمامه بالتلاميذ ، وأن بيئات الصفوف الفردية تتسم بعدم التنظيم وقوة التنافس .
في حين وجد أن رضا التلاميذ يتحسن في الفصول التي تزيد فيها مشاركتهم وإحساسهم بالانتماء والاهتمام بهم ، كما أوضحت أن أداء التلاميذ المعرفي والانفعالي يتحسن في الفصول التي تتفق بيئاتها الفعلية مع البيئات التي يفضلها التلاميذ ، ويتدنى في الفصول التي تختلف بيئاتها الفعلية عن البيئات التي يفضلها التلاميذ ، وعلى هذا فيمكن للمعلم توظيف استراتيجيات تدريسية تزيد من مشاركة التلاميذ .
الطالب وإدارة الفصل :
إن محور إدارة الفصل هو الطالب ، وتوفير الظروف والإمكانات التي تساعد على توجيه نموه العقلي ، البدني والروحي ، والتي تتطلب تحسين العملية التربوية لتحقيق هذا النمو ، إلى جانب تحقيق الأهداف الاجتماعية التي يطمح إليها المجتمع فهي مطلب مهم ، وقد أظهرت البحوث النفسية والتربوية الحديثة أهمية الطفل كفرد وأهمية الفروق الفردية ، وأن العملية التربوية عملية نمو في شخصية الطفل من جميع جوانبها .
وأكدت الفلسفات التربوية على أن الطفل كائن إيجابي نشيط ، كما أظهرت أن دور المدرس والمدرسة في توجيهه ومساعدته في اختيار الخبرات التي تساعد على نمو شخصيته وتؤدي إلى نفعه ونفع المجتمع الذي يعيش فيه ، فركزت الاهتمام نحو إعداده لمسئولياته في حياته الحاضـرة والمقبلة في المجتمع حيث أورد الدايـل ( 1408هـ ، ص 74 ) عدداً من الجوانب التي ينبغي الاهتمام بها ، وهي :
1. النمو الجسمي : تزويد الطلاب بالمعلومات المفيدة عن كيفية الوقاية من الأمراض ، والغذاء الجيد والسليم ، ومراعاة الاعتبارات الصحية بالفصـول ، كالتهويـة والإضـاءة والجلوس الصحي .
2. النمو العقلي : بإتاحة الفرصة للطلاب لمعالجة الموضوعات والمشكلات بطريقة الأسلوب العلمي في التفكير الذي يعد المحور الأساس في كل أنواع التعليم ، وتوفير المعلومات والمصادر والمراجع والتجارب ما أمكن بالمكتبة المدرسية ، وتعويدهم على الاطلاع الخارجي في المكتبات العامة .
3. النمو الاجتماعي : تنمية أنماط السلوك المرغوب في كل موقف من المواقف التي تحدث بالفصل ، وتنمية الواجب إزاء المحيطين بهم ، وإدراك العلاقات بينهم وبين زملائهم ، ومع أفراد أسرتهم ، وواجباتهم نحوهم
دور المعلم في إدارة الفصل :
يمكن تصنيف دور المعلم في إدارة الفصل حسب ما ذكر كلثبون ( 1989م ص ص 119 – 122 ) على النحو التالي :
1. التفوق الجسماني : يعتبر شيئاً أسـاسيّاً أو مهمّاً ، وتاريخ التدريس يدل على تدخل التفوق الجسماني الذي كان باستمرار أسلوباً أساسيّاً في الضبط ، وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي كانت المدارس عراكاً بين المديرين والطلاب ، من أجل إظهار من ستكون له السلطة ، وقلت أهمية هذا الأسلوب في المدارس الحديثة ، وإن كانت الأساس في الضبط لدى بعض المعلمين والطلبة .
2. السلطة الرسمية : نظام التعليم تقيده القوانين والعادات والتنظيمات الحكومية ، وهذا التقييد أكسب المدرس ما يسمى بالسلطة الرسمية ، والتي تستخدم بصورة واسعة وأساس في الضبط والإرشاد في وضع حد للطالب والمعلم من خلال فرض عقوبات رسمية عند مجاوزتهما الحدود ، وتمثل الواجبات الرسمية وتنظيم الفصل الدراسي والجداول المدرسية واختيار الكتب وعمليات التدريس جزءاً من سلطة المعلم .
3. السلطة العاطفية : تشير إلى العلاقـة الشخصية بين المعلم وطلابه ، والتي تتسم بالإيجابية وتدفـق العاطفـة ، وتشجع على التعرف على الحالة النفسية لـه فيقبل الطالب على تقليد المعلم واتباع إرشاداته ، ويصبح المعلم مثالاً أبويّاً محبوباً ، ومثل هذا النوع من السلطة قوي جدّاً في الصف الأول وتقل درجته مع ازدياد نضوج الطفل .
4. الحالة النفسية : أرقى من العلاقة العاطفية وإن كانت تقترب منها ، فالمعلم المتعمق في فهم الطلاب ودوافعهم ومشاكلهم لديه سلطة تجريبية عظيمة ، ومثل هذه الحكمة تستخدم لمساعدة الأطفال على النمو بأحسن ما لديهم من قدرات .
5. تفوق المعرفة : عندما يكون المعلم قويّاً بمعلوماته فإنه يمنح نفسه سلطة عظيمة ، فيصبح كالخبير في مجال عمله الذي يبحث عنه للحصول على إجابات دقيقة ،فيصبح محترماً بينهم ويملك السيطرة عليهم ، والمعلم الذي لا يعلم ويخطئ في تقديم المعلومات يفقد الاحترام ويواجه مشاكل ، ولهذا لا ينبغي أن يعرف كل شيء بل أن تكون من أبرز صفاته الجهد والرضا بالبحث عن الجواب الصحيح .
6. التفوق في العمليات الفكرية : الرغبة في البحث عن الإجابة يؤدي إلى النوع السادس من السلطة ، وهو التفوق في العمليات الفكرية الذي يتميز بما فيه من قدرة على التحليل والتركيب ، وإدراك العلاقات ، وتنظيم تس