مدرسة طه حسين التجريبية لغات بالمطرية

 

بداية يجب الإشارة إلى أمر هام ألا وهو أن قيام المعلم بممارسة الدروس الخصوصية ليس جريمة إذا ما قام بواجبه في الفصل على أكمل وجه وبما يرضي الله عز وجل ..

ولنتفق على مبدأ يقول : إن من حق كل إنسان أن يسعى لزيادة دخله من طريق مشروع ؛ لذا فالمحامي الذي يعمل في مؤسسة صباحا ويفتح لنفسه مكتبا خاصا مساءا لايمكن لأحد أن يلومه لأنه لا يجبر أحدا على الذهاب لمكتبه ، ونفس الأمر ينطبق على الطبيب الذي يعمل بمستشفى عام صباحا ويفتح عيادة مساءا ، والأمثلة كثيرة ..

وعليه فالمعلم ـ وسلعته هي علمه ـ لا يكون مجرما ولا آثما إذا حضر إليه ولي أمر الطالب راجيا إياه أن يشرف منزله ليقوم بالتدريس لولده أو ابنته ، والتاريخ يثبت أن الملوك وعلية القوم لم يكن أبناؤهم يذهبون للمدارس ؛ بل كان المعلمون يذهبون إليهم في قصورهم ، وكانوا يغدقون على المعلمين ويقبلون أياديهم ويعترفون بأفضالهم ..

ولكن لما جاءت عصور الفساد وحرصت الأنظمة الفاسدة التي باعت نفسها للعدو على هدم التعليم ، كان لابد من ضرب العمد الأساسية لهذا التعليم ألا وهو المعلم ، فحرصت هذه الأنظمة على تجويع المعلم ضمن سياسة التجويع العامة ، كما حرصت على إلغاء التكليف لخريجي كليات التربية ، وأدخلت في المنظومة التعليمية من ليس لها أهلا من غير المتخصصين ..

ومن هنا بدأت المشكلة التي استشرت وتفشت حتى ضربت نخاع المجتمع ، ولم يكن للدرس الخصوصي هؤلاء المنتقدين حتى تولى وزارة التربية والتعليم من ليسوا منها ؛ فحرصوا ـ ضمن المخطط الكبير لتمزيق المجتمع ـ على هدم صورة المعلم ، وأبرز هؤلاء حسين كامل بهاء الدين الذي أطلق على الدروس الخصوصية صفات تتطابق مع المخدرات مثل (تعاطي الدروس الخصوصية) ، و (أوكار الدروس الخصوصية) في إشارة منه للمراكز التي انتشرت بشكل وبائي والتي ساعد بغبائه على انتشارها أكثر وأكثر ..

وعليه فالدروس الخصوصية لم تعد خطأ المعلم ولا جريمته ؛ وإنما هي ظاهرة اجتماعية تفشت بشكل وبائي يحاسب ـ أول من يحاسب عليها ـ أولياء الأمور الذين يستجيبون لكسل أبنائهم وعدم انتظامهم في مدارسهم والغياب بحجة أنهم لا يتلقون تعليما بالمدرسة ..

ثم تحاسب وزارة التربية والتعليم لعدم استطاعتها الخروج بالتعليم من النفق المظلم الذي أدخلته فيه الأنظمة البائدة ..

وأنا على ثقة بأن المعلم مثله مثل أي إنسان على وجه الأرض لا يمكن أن يهين نفسه باللف على البيوت إذا كان دخله من عمله يكفيه ويكفي أهله وأولاده ؛ فهو يحب ـ دون شك ـ أن يجلس بين أولاده يرعى مصالحهم ويغدق عليهم من عطفه ورعايته وعلمه الذي يعطيه لأبناء الناس ويحرم منه أولاده رغم أنفه ..

أيها السادة أعيدوا النظر في المنظومة كلها ولا تلقوا باللائمة على المعلم الذي يستحق كل التقدير لأنه صانع الحضارة وباني العقول ومغذي الأرواح ..

المصدر: ** من بنات أفكار الكاتب **
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 83 مشاهدة

ساحة النقاش

طه حسين التجريبية

tahahusseinexp
مدرسة طه حسين التجريبية ت : 0222504235 0226530122 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

39,307