بقلم - محمد حمدى
فى فترة التسعينات،ونحن صِغار فى مراحل التعليم الأساسية كان الفلاحون فى الأرياف كثيرين أكثر مِن أيامنا هذه ؛حيث كان أكثر مِن ثُلث الشارع تقريبًا فى أى قرية فلاحين،والباقى مِهن أُخرى (طِب،تدريس،هندسة،مُحاماة ،سِباكة،نِجارة،حِدادة،تِجارة....)؛لأن مِهنة الفِلاحة كانت مِهنة رئيسية فى أرياف مصر توارثتها الأجيال جيل بعد جيل،والمِهن الأُخرى فمكانها الرئيسى كان المُدن !
والأن للأسف صار أكثر مِن ثلاث أرباع الشارع بالأرياف تقريبًا مِهن أُخرى؛لأن الكثير ترك مِهنة الفِلاحة التى كانت المِهنة رقم واحد،ولجأوا إلى المِهن الأخرى؛لعدم الإهتمام الكافى بالفلاح،وبحل مشاكل الفلاح !
وكُنا نسمع مِن الكِبار زمان أن مهنة الفلاحة فى الماضى كان لايخلو أى بيت فى الأرياف مِمَن يعملون فى الفلاحة؛وكُنا نسمع عن خير زمان،الذى أدركنا بعضًا مِنه،وأخذ يتناقص مع الزمن؛بسبب هِجرة الكثير مِن الفلاحين لمِهنة الفلاحة بعد الخسائر التى حققوها مؤخرًا،ولاسيما بعد تعويم الجنية المصرى !
الأمر خطير جدًا،ويجب تدارك الأمر قبل فوات الأوان؛فلقد شاهدنا زمان الفلاح ،وهو يزوج الأولاد،والبنات مِن الإيراد،والأن صار الإيراد لا يكفى مصاريف المحصول فى بعض الأحيان،كما شاهدنا الفلاح وهو يُربى البط ،والدجاج ،والأوز،والديوك الرومى...والأن أنفلونزا الطيور قضت على كُل هذا تقريبًا،ولم يبقى سِوى القليل؛إرتفعت أسعار اللحوم؛جراء هِجرة الفلاح لتربية الطيور التى كان يتغذى عليها،ويبيع الفائض فى المُدن،وزادت أسعار البيض نظرًا لنقص الإنتاج،كان تُجار البيض يلفون على منازل الفلاحين لجمع البيض،والأن لم يبقى سِوى القليل القليل مِن هذا الخير الذى كان فى الماضى البعيد قبل ميلادنا أكثرمما شاهدناه !
والخلاصة أننا فى العقود الزمنية الأخيرة نُشاهد مِهنة الفلاحة،وهى فى حالة تراجع،وتراجع مِهنة الفلاحة يُهدد الإقتصاد القومى بشكل كبير،فبعد أن كان القمح يسد الحاجة صار يتم إستيراد العجز مِن الخارج،وكذلك الحال بالنسبة لباقى المحاصيل -مهنة الفلاحة فى حالة إحتضار- !
لذا يجب :
1- أن يقوم الإعلام بالرفع مِن الروح المعنوية للفلاح،وعدم وصفه بالتخلف والجمود،كما يحدث فى بعض الأفلام والمُسلسلات،بل يجب وصف الفلاح بأجمل الأوصاف؛لكى نُشجعه على الإنتاج .
2 - المزيد مِن التسهيل فى القروض التى تخدم مشروعات الفلاح .
3- إستصلاح المزيد مِن الأراضى الصحراوية : نحن نعيش على أقل مِن10%مِن مساحة الوطن،والباقى صحراء كاحلة فى حاجة ماسة إلى مِن يُخضرها فلماذا لا يتم تشجيع الفلاحين،والمهندسين الزراعين؛لإستصلاحَ هذه الأراضى،بدلًا مِن هجرتهم إلى الخارج؛لإستصلاح أراضى الدول الأُخرى(العراق،السعودية،ليبيا....)؟! وإستصلاح الأراضى الصحراوية مِن المشاريع المُجزية،والتى تدردخل بعد فترة زمنية قصيرة !
4 - وضع حد للبيروقراطية التى تُعرقل أى تنمية .
5 -سن القوانيين،والتشريعات اللازمة لخدمة الفلاح مع سُرعة التنفيذ الفورى لها .
أود أن أؤكد على أنه لو تم إستصلاح المزيد مِن الأراضى لعاد علينا بالخيرأفضل مِن خير زمان،خير لم تُشاهده الأجداد؛لأن الأراضى الجديدة سوف تُحقق الأمن الغذائى،وبدلًا مِن إستيراد المحاصيل مِن الخارج نقوم نحن بالتصدير للخارج،الأراضى المُستصلحة سوف تعمل على زيادة الصناعات القائمة على الزراعة (الغزل والنسيج،التمور،العصائر،الأعلاف...)
وبالتوازى مع هذا يجب رعاية الفلاحين الصغار فى الأرياف؛لئلا يتركوا هذه المهنة الشريفة الإستراتيجية .
مصر بلد زراعى فى المقام الأول؛لِذا يجب وضع خِطط إستراتيجية واضحة وعاجلة لتوسع فى مهنة الزراعة؛فبإستطاعنا أن نُصدر اللحوم الحمراء والبيضاء لو توسعنا فى مزارع الطيور،والماشية بالظهيرالصحراوى لكل محافظة،وبجانب مزارع الطيور،والماشية يكون مزارع المحاصيل،وبجانب هذا وهذا المصانع التى تقوم على الزراعة،ولا ننسى طبعًا الفلاح الصغير !
مصر فى حاجة إلى إستصلاح الملايين مِن الأفدنة،وليس ثلاثة مليون ولاسيما ولدينا ملايين الهكتارات الصحراوية الصالحة للإستصلاح !
الموضوع خطير،ولو لم يتم تدارك المشكلة عاجلًا سوف تنقرض مهنة الفلاحة مع الزمن،وحينها سوف نستورد كُله مِن الخارج ! وحينها سوف نستورد كُله مِن الخارج ! وحينها سوف نستورد كُله مِن الخارج ! وحينها سوف نستورد كُله مِن الخارج !