http://kenanaonline.com/souha111

حينما تقبل على تنفيذ أمر الله لثقتك بعلمه، وحكمته، ورحمته يكشف لك الحكمة منه فتعود بثمرتين: ثواب الع

بسم الله الرحمن الرحيم

الأستاذ علاء :

تقديم وترحيب :

 أيها السادة المشاهدون ، أهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، يسعدنا أن نكون بمعية الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
 أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ .

الدكتور راتب :

 أهلا بكم أستاذ علاء ، جزاك الله خيراً .

الأستاذ علاء :

تذكير وتقرير :

 سيدي الكريم ، منذ أن بدأ هذا البرنامج ، واخترت له هذا العنوان الرائع والجميل ، بدأنا بالتحدث عن مسألة هامة ، وهي أن الله عز وجل اختار الإنسان المكرم للرسالة والأمانة على هذه الأرض ، في هذا الكون الفسيح ، وكلفه بهذه الرسالة ، وكلفه بهذه الأمانة ، كلفه بمطلق التكليف ، وبينت لنا مقومات التكليف ، فأعطاه هذه المقومات لكي يقدر عليها ، ولكي تكون بين يديه حصيلة ، ولكي تكون ذخيرة يأخذ منها ، ويمشي بها ، ويؤدي الأمانة التي أؤتمن عليها .
 من مقومات التكليف الكون وتحدثنا طويلاً عنه ، ثم العقل ، ثم الفطرة ، ثم الشهوة ، ثم الاختيار ، ونقف في هذه الحلقة بعد أن أشبعنا الاختيار بتفصيله الدقيق ، نقف عند الشرع ، وبقي في مقومات التكليف الشرع ، والوقت ، نقف عند الشرع ، ونقف عند هذه المسألة التي عرّفها الفقهاء كثيراً في كتب الفقه ، وفي كتب اللغة ، وفي كتب العقيدة ، نرى تعريفات الشرع الكثيرة ، لكن من خلال ما تفضلت ، تبين لنا بأن الإنسان هو أعقد آلة صنعها أو خلقها الله عز وجل ، وقلت لنا في أحاديث سابقة : إن الشرع فيه تعليل ، أو تعليمات الصانع لكي تعمل هذه الآلة بالشكل الأمثل ، والشكل الكفء ، فماذا عن الشرع ؟ وما علاقة الشرع بمقوم من مقومات التكليف ؟ أين يقع في مقومات التكليف ؟ وكيف يكون الشرع واتباع الشرع عبادة لله بعد أن نعتقد بالله وجوداً وربا .

الدكتور راتب :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

الشرع :

1 – الشرع ضمان في زمن ضلال العقل :

 أستاذ علاء ، جزاك الله خيراً ، بادئ ذي بدء : أعطانا الله عقلاً كأداة دفاع ، وأعطانا فطرة كأداة نفسية لاكتشاف الخطأ ، لكن العقل قد يضل ، والفطرة قد تنطمس ، فلذلك ضمانة ألا يضل العقل ، وألا تنطمس الفطرة ، أعطانا منهجاً نسير عليه .
 تماماً لو كلفت طالباً أن يحل مسألة ، ثم أعطيته الجواب بشكل نظري ، فإذا جاء حله وفق هذا الجواب فحله صواب ، وإذا جاءت النتائج عنده بخلاف هذا الجواب فحركته في الحل مغلوطة .
 الله أعطاك موازين ، أعطاك موازين العقل ، وأعطاك موازين الفطرة ، لكن العقل قد يُستخدم لغير ما صنع له ، قد نستخدم العقل لتبرير أخطائنا ، كالحرية والديمقراطية ، فالعقل التبريري ساقط ، قذر ، لأن هذا الجهاز العظيم ، الذي هو أعقد جهاز في الكون ، والذي منح الله الإنسان هذا الجهاز تكرمة عالية له استخدمه بخلاف ما صنع له .
 تماماً كما لو اقتنيت آلة تصوير ملونة ، هذه الآلة يمكن أن تعمل بها أعمالا رائعة جداً ، وأن تكسب منها الملايين ، استخدمتها لتزوير العملة ، فكان هذا الاستخدام سبباً للسجن ، ومع الأسف الشديد أن العقل الآن مستخدم في العالم لتغطية الجرائم والطغيان ، ونهب الثروات ، وقهر الشعوب بطروحات براقة في ظاهرها ، ككلمة الشرق الأوسط الجزئي ، هو شرق أوسط ممزق ، منهوب الثروات ، مهدور الكرامة .
 العقل التبريري قذر ، ومحتقر ، أما العقل الصريح فهو الذي أراده الله عز وجل ، فلئلا يضل العقل كانت أحكام الشريعة الضمانةَ له .

2 – الشرع ضمان في زمن انطماس الفطرة :

 شيء آخر ، أعطاك فطرة تكشف الخطأ ذاتياً ، ولكن الفطرة مع الانغماس في المحرمات ، والملذات ، والشهوات المنحطة تنطمس ، فجاء الشرع ليكون حكماً على الفطرة ، وجاء الشرع ليكون حَكَماً على العقل ، فلذلك الحَسن ما حسَّنه الشرع ، والقبيح ما قبَّحه الشرع .
 مثل ثالث : أنت تملك بيتًا له ثمن فلكي ، وبعته بالعملة الصعبة ، هناك احتمال أن تكون العملةُ مزوَّرة ، وفي جيبك الأيمن جهاز إلكتروني ، إن وضعت عليه هذه العملة أعطاك لونا يؤكد أنها صحيحة ، أو لونا آخر أنها مزوَّرة ، لكنك لم تستخدمه ، وفي الجيب الآخر ورقة لأرقام العملة المزورة ، هذا هو الشرع ، إما بطريقة رائعة تكشف العملة المزورة به ، أو بأرقام العملة المزورة .
 حينما يقع الإنسان في شر عمله لا يستخدم عقله ، ولا يستخدم منهج الله عز وجل ، فيبيع بيته بعملة مزورة ، فيخسر الآخرة .

الخطأ في الوزن لا يتكرَّر ، والخطأ في الميزان لا يُصحَّح :

 هناك ضوابط ، قال الله عز وجل :

﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾

( سورة الرحمن )

 هناك ميزان ، لكن هذا الميزان قد يزوّر ، لذلك أنا أقول : أفضل ألف مَرة أن نخطئ في الوزن مِن أن نخطئ في الميزان ، لأن الخطأ في الوزن لا يتكرر ، بينما الخطأ في الميزان لا يصحَّح .
 تصور ميزانا في إحدى كفتيه خمسون غراما زيادة ، لو استخدمته مليون مرة كل الموازين خطأ ، أما إذا توهمت أنه كيلو أو كيلوين فهذا يحدث مرة واحدة ثم يُصحَّح ، فالخطأ في الوزن لا يتكرر ، والخطأ في الميزان لا يصحح .

 

الأستاذ علاء :

 الخطأ في الوزن لا يتكرر ويحصل مرة واحدة ، أما الخطأ الثاني فيتكرر ، ولا يصحح .

الدكتور راتب :

أمران مهمَّان بهما سعادة الدارين يجنيهما المتَّبعُ لمنهج الله :

 فلذلك الله عز وجل رحمة بنا ، وضماناً لسلامتنا وسعادتنا أعطانا عقلاً كأعظم عطاء ، أعطانا فطرة ، ولكن العقل قد يضل ، والفطرة قد تنطمس .

1 – فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى

 ماذا قال الله عز وجل ؟ قال :

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ ﴾

 يعني الشرع :

 

﴿ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

( سورة طه )

 لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه .

 

2 – فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

 آية ثانية :

﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

( سورة البقرة )

 لا خوف عليهم مما سيكون ، ولا هم يحزنون على ما كان ، فكأن الإنسان واقف بمكان ، الآية غطت الماضي السحيق والمستقبل البعيد ، فلا خوف عليهم في المستقبل ، ولا هم يحزنون .
 لو جمعنا الآيتين :
 الآية الأولى :

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

 والآية الثانية :

﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

 أي : لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، ولا يندم على ما فات ، ولا يخشى مما هو آت ، ماذا بقي من سعادة الدنيا والآخرة ؟

 

الأستاذ علاء :

 هذا جميل ، فقد أحاط بكل الأمر ، ولذلك المشي وفق المهج ، وفق الشرع كما تفضلت ، وفق الطريق المستقيم ، كلما كان الإيقاع متسقاً مع الشرع كانت الحياة سعيدة ، وكانت الآخرة تنتظره بأجمل حلة لها .

الدكتور راتب :

الشرع ميزان للعقل والفطرة :

 يمكن أن نقول : الشرع ميزان على ميزان العقل ، وميزان على ميزان الفطرة العقل قد يضل ، والفطرة قد تنطمس ، لكن الشرع ثابت .
 في الشام مثلاً ملايين الموازين ، لكن هناك كيلو نظامي ، وكيلو آخر مزوَّر نقيسه بالنظامي ، الشرع هو الحسن المطلق .
 لذلك فكر ، واجتهد ، وحلق ، وتأمل ، وحلل ، ودقق ، إذا انتهى بك المطاف إلى شيء بخلاف الشرع فأنت مخطئ حتماً .
 فكِّر ، ودقق ، وحلل ، ووازن ، وناقش ، إذا انتهى بك المطاف إلى موقف متطابق مع الشرع فأنت على صواب ، لأن الشرع ميزان على ميزان العقل والفطرة ، لأنه من عند خالق السماوات والأرض ، من عند الذي لا يأتي كتابَه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه ، من عند المطلق .
 الشرع هو المرجع النهائي لكل خلاف فيما بيننا .

القلب السليم هو القلب الذي لا يتناقض مع الشرع :

 مثلاً : قال الله عز وجل :

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

( سورة الشعراء )

 أكبر إنجاز للإنسان على الإطلاق أن يلقى الله بقلب سليم ، فما تعريف القلب السليم ؟ هو القلب الذي لا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله ، لا يقبل خبر بصحيفة ، بمجلة ، بفضائية يتناقض مع وحي الله .

 

الأستاذ علاء :

 هل نستطيع أن ننقل قضية القلب إلى العقل بأن العقل السليم ، لا يتناقض مع الشرع ، أو النقل الصحيح ؟

الدكتور راتب :

العقل السليم لا يتناقض مع شرع الله :

 طبعاً ، القلب مركز النفس ، نحن إذا قلنا : القلب صنوبري فهذا مضخة للدم ، أما الله عز وجل فقال :

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾

( سورة الأعراف الآية : 179 )

 قلب النفس مكان العقل :

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

 القلب السليم هو الذي لا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يحكم غير شرع الله ، ولا يعبد إلا الله ، ولا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، هذا أدق تعريف للقلب السليم ، قلب لا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، ولا يحكم إلا شرع الله ولا يعبد إلا الله :

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

الأستاذ علاء :

 

 إذاً : سيدي الكريم من خلال ما تفضلت بأن العقل بكل صراحته ، ومقوماته وباتِّقاده ، دون أن يكون يرزح تحت تأثير عامل من العوامل ، حيث يضعفه ، ويقلِّل ملكاته ، هو لا يتناقض مع شرع الله .
الدكتور راتب :

 قد يكون صاحب العقل بريئًا ، لكن معلوماته قاصرة .

العقل مرتبط بالواقع :

 أستاذ علاء العقل مرتبط بواقعك ، كيف ذلك ؟ 
 لو أتيح لي أن أوقظ إنسانًا من قبره مات قبل خمسين عامًا ، ثن أطلعه على قرص مدمج فيه 7 آلاف عنوان ، لن أقول : 7 آلاف كتاب ، لم أقل 7 آلاف مجلد ، 7 آلاف عنوان ، فالصحابة الكرام وصلوا إلى الله ، وأنت حينما تغمس في ماء البحر ، وكل خلية في جسمك تشعر بماء البحر ، وأنفك يستنشق رائحة ماء البحر ، وعينك ترى امتداد البحر ، أنت في هذه الحالة لا تحتاج إلى دليل ، أنت وصلت إلى البحر ، وانغمست فيه .

الأستاذ علاء :

 نكمل هذا إن شاء الله في الحلقة القادمة ، ولا يسعنا إلا أن نشكر فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
 شكراً سيدي الأستاذ ، نكمل إن شاء الله في حلقات قادمة .

 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركات

والحمد لله رب العالمين

المصدر: naboulsi
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 69 مشاهدة
نشرت فى 26 يناير 2015 بواسطة souha111

samir el bekkaye

souha111
أيها الأخوة الكرام, شيئان يحرص عليهما كل إنسان, حرصاً لا حدود له, أجله ورزقه, والآجال والأرزاق: لا علاقة للعباد بهما, وأي إنسان يعصي الله, من أجل أن يطول أجله, أو أن يزداد رزقه, فهو جاهل جهلاً كبيراً, لأن كلمة الحق لا تقطع رزقاً, ولا تقرب أجلاً, الأجل بيد الله, والرزق »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

93,971