المكتبة الرقمية بمجال الملابس و النسيج

موقع متخصص بالدراسات و الأبحاث العلمية بمجال الملابس و النسيج .

أخطاء بحثية وتصحيحات منهجية في

عرض النتائج وتفسيراتها العلمية

 

يعتبر عرض نتائج الدراسة معيارًا نافعًا في تحديد درجة انتماء الدراسة إلى نوع محدَّد من فروع المعرفة، وفي حالات كثيرة تعتبر أيضًا معيارًا إضافيًّا جيدًا في تحديد درجة إلمام الباحث بالموضوع الذي يكتب فيه[1].

 

ولمناقشة النتائج يَعقِد الباحث مقارنةً مباشرة بين الفروض التي طرحها سابقًا وبين نتائج تحليل البيانات، وفي ضوء تلك المقارنة يستطيع الباحثُ أن يَقبَل الفرض أو يرفضه، ثم يلي ذلك إيضاحُ إذا ما كانت النتيجة التي توصَّل إليها الباحث تتفقُ مع نتائج بحوث أخرى أم تختلف عنها، ويعطي التفسيراتِ الممكنةَ لما يوجد من اختلافات.

 

وإذا ما أمكن تقديم أكثر من تفسير واحد لحقيقة معيَّنة، كان على الباحث أن يناقش جميع التفسيرات الممكنة، لا أن يكتفي بالتفسير الذي يرفضه، وينبغي أن ترتبط الجمل العلمية بالفروض ارتباطًا وثيقًا، وتُكتب بنفس الترتيب الذي كُتبت به الفروض[2].

 

وفيما يأتي مجموعة من الأخطاء التي قد يقع فيها بعض الباحثين، والتي حرَصْتُ أن يكون هناك تنقيح وتصحيح منهجي لها وَفْقَ الأسلوب العلمي في كتابة البحوث؛ تيسيرًا للباحثين، وللتقليل من الكثير من الأخطاء التي قد تقلل من قيمة البحوث، وخاصة إن ازدادت في البحث الواحد، ناهيك عن لو ازدادت في الفصل الواحد، ومن هذه الأخطاء:

الأخطاء التي قد يقع فيها الباحث في تفسير النتائج وأسلوب عرضها:

1- بعض الباحثين لا يبدأ بخطة تتناول الترتيب الذي يعرضون به النتائج.

 

التصحيح: لا بد من وجودِ تنظيم منطقي يصفُه الباحث للقارئ، ويساعده على السير في قراءة النتائج دون عناء، ومن ذلك:

• البَدْء بمقدمة قصيرة تصفُ بناء فصل النتائج.

 

• تنظيم النتائج بطريقة محددة (جداول، أشكال..)؛ بحيث لا يجد القارئ نفسه أمام كمٍّ هائل من البيانات.

 

2- بعض الباحثين لا يربط نتائج البحث بأهدافه التي وضعها في البداية.

 

التصحيح: يجب على الباحث أن يتأكد من أن النتائج التي توصل إليها تنبع منطقيًّا من الأهداف التي ساقها.

 

3- بعض الباحثين - وخاصةً المبتدئ منهم، ومَن لا خبرة لهم - يتولَّد لديهم الشعور بعدمِ الأمان الناجم عن نقص الخبرة؛ مما يؤدِّي بهم إلى إضافة معلومات كثيرة في فصل النتائج.

 

والتصحيح: إن في معظم الرسائل العلمية يحتوي فصل النتائج على الحقائق فقط؛ مثل الجداول والأشكال، ووصف الباحث للأشياء المهمة، والتي تستحقُّ الذِّكر، كما يجب على الباحث أن يأخذ بيد القارئ أثناء عرض النتائج، ويتأكد من أن القارئ على علم بما يعنيه الباحث بالملاحظات المهمة.

 

4- من الخطأ استخدامُ الأسلوب الإحصائي كعنوانٍ فرعي، فلا يجب مثلاً وضع عنوان مثل "نتائج تحليل التباين"، والسبب في ذلك أننا نحتاج إلى أكثر من وسيلة إحصائية لتحليل فرض واحد.

 

والتصحيح: هو تصنيف النتائج حسب الفروض إذا كانت النتائج تسمح بذلك؛ مثلاً "العلاقة بين القلق ومستوى التحصيل الدراسي"، ففي هذه الحالة اخترنا عنوانًا فرعيًّا يجمع بين مجموعة فروض في تحليل واحد[3].

 

5- بعض الباحثين قد يقع في خطأ عرضِ كميَّة كبيرة من البيانات، وزيادة البيانات زيادة كبيرة تشكل حملاً كبيرًا على الباحث وعلى القارئ.

 

ولتصحيح هذا الخطأ يجب على الباحث أن يميِّز بين النتائج غير الهامة والنتائج التي لم تؤيِّد الفروض، وهنا نطرح أربعة أنواع مختلفة من العبارات يستطيع الباحث أن ينظم فيها عرضه للبيانات؛ كالتالي:

 النوع الأول من العبارات يوجه القارئ إلى جدول أو شكل، ويصف ما يقيسه أو يعرضه.

 

• النوع الثاني من العبارات يصف النتائج الرئيسة موضَّحة في جدول أو شكل، ويقارن المتوسطات أو الانحرافات المعيارية.

 

 النوع الثالث من العبارات يعرض نتائج الاختبارات الإحصائية، كما يجب أن يذكر الباحث مستوى الدلالة بالضبط التي ظهرت من تحليل نتائجه.

 

 النوع الرابع من العبارات عبارة عن عبارات لتلخيص النتائج الرئيسية والخلاصات؛ مثال: تشير النتائج إلى أن الطلاب الذين يتعاطون المخدِّرات بكثرة كانت درجاتهم في اختبار القدرات أقل كثيرًا من الطلاب الآخرين[4].

 

6- من الأخطاء التي قد يقع فيها الباحث استعمال العبارات الدرامية؛ مثل: "لسوء الحظ لم تكن النتائج دالة إحصائية"، أو: "وكانت هذه النتيجة مثيرة للدهشة"؛ لأن هذه العبارات لا تساعد على زيادة فهم القارئ للنتائج، وقد تجعل كتابة البحث تبدو غير عِلمية[5].

 

7- من الأخطاء أيضًا عدم استبعاد الفروض عديمة القيمة، وهنا نقول: إن غياب الدليل ليس دليلاً على غيابه، فالطريقة الواضحة للتعبير عن هذا الاستنتاج في سياق إحصائي هو أن الفشل في نبذ الفروض عديمة القيمة لا يجعلها صحيحة.

 

والتصحيح: يجبُ الاقتصار على القويِّ من الأدلة، فقد يستبعد بعض الأدلة الجيدة؛ للاكتفاء بما هو أجود منها.

 

8- من الأخطاء التي قد يقع فيها الباحث أنه من النادر ما تكون نتائج البحث حاسمةً أو نهائية، فالتساؤلات التي أثارت بحثًا معينًا يندرُ أن يجاب عنها بشكل مُرْضٍ لكل فرد، ولكن الأمر المرجح هو أن نتائج البحث تعود أو تؤدي ببساطة إلى تساؤلات أخرى.

 

والتصحيح: هنا ندعو الباحث لأن يكون من أفضل العلماء الذين يحبون البحث للحقيقة، ولا يقل عزمهم عندما يجدون بابًا آخر موصدًا خلف كل باب يفتحونه، وقولنا لهذا الباحث هو قول الشاعر:

إذا غامرتَ في شرفٍ مَرُومٍ <!--<!--

فلا تَقنَعْ بما دون النجومِ <!--<!--

 

ويجب التأكيد مرة أخرى أن بعض الباحثين أكثر خطأً من غيرهم في الحصول على نتائج دالة إحصائيًّا، ولكن حتى في حالة الحصول على نتائج عالية الدلالة الإحصائية، فإنهم يجب أن يعيدوها في بحث آخر إضافي أو بحثين إضافيين.

 

9- من الأخطاء الشائعة استعمال ضمير المتكلم بصيغه المختلفة؛ مثل: "أنا"، و"نحن"، ويجب محاولة التقليل من استعمال العبارات مثل: "ويرى الباحث" و"الباحث لا يميل إلى..".

 

والتصحيحالاستعاضة عنها بالصيغ: "ويبدو أنه"، و"يظهر مما سبق.."[6].

 

10- من الخطأ تجريد أحدِ الأطراف من بعض إيجابياته ونسبتها إلى الطرف الآخر عند عقد المقارنات، كما يراعى عدم تعميم السلبيات أو الإيجابيات لأي من الطرفين.

 

والتصحيح: الأصل أن يكون الباحث منصفًا وواقعيًّا[7].

 

11- من الخطأ عدمُ التركيز على عاملٍ من العوامل المتعدِّدة التي تتسبب في نتائج معينة، وإغفال العوامل الأخرى ذات الأهمية المماثلة أو الأكثر أهمية، ولا سيما عند عقد المقارنات.

 

12- أيضًا من الخطأ عند عقد مقارنة بين أمرين أو أكثر، إهمالُ واحد أو الاكتفاء بكتابة أسطر قليلة عنه، فلا يجب معالجة واحدة على حساب الأخرى.

 

والتصحيح: يفترض أنها على القدر نفسه من الأهمية، بل يجب مناقشة كل موضوع بالقدر الذي يبرز أهميته.

 

13- لا يصح استعراض نتائج كل سؤال في الاستبانة بشكل مستقل، فهذه الطريقة لا تعطي إلا تصوراتٍ جزئيةً مستقلة، لا تُسهم في ربط أجزاء الموضوع بعضه ببعض، وبهذا لا تعطي القارئَ صورةً كلية عن نتائج البحث.

 

والتصحيح: لا بد من استعراض النتائج في هيئةِ فئات متمايزة، كل فئة منها تخدم هدفًا، وتمثل جزءًا أساسيًّا في الصورة المتكاملة لنتائج البحث.

 

14- من الأخطاء أيضًا عدم ظهور شخصية الباحث العلمية، وعدم وضوح آرائه باستقلالية قائمة على أسس علمية.

 

التصحيحقد تظهر شخصية الباحث في هذا الفصل بالمقارنة والمفارقة بين المعلومات المتناقضة أو المتشابهة، أو إضافة تفصيلات لمعلومات مختصرة موجزة، أو نقض أدلة وبراهينَ بأدلة وبراهين أقوى، أو بتقوية الأدلة الواردة بأدلة وبراهين أخرى، أو قد تكون بإظهار الموافقة أو المخالفة مع بيان سبب مقبول مؤيد بالدليل.

 

15- لا يربط الباحث بين نتائجه والدراسات السابقة ذات الصلة، ولا يوضح درجة التشابه أو الاختلاف بحجج تقنع القارئ، وبحيث تظهر أصالة البحث وأهميته.

 

التصحيحإن الدراسات السابقة تُسهِم في تزويد الباحث بمنهج البحث كله، أو بأجزاءٍ منه، أو بأفكار فيه[8].

 

16- لا تشير النتائج إلى أهمية أي جوانب تطبيقية يمكن الاستفادة منها مستقبلاً، أو تطبيقها في بيئة تعليمية أخرى.

 

التصحيحإن من أهداف البحث أن يكون ذا قيمة علمية؛ بمعنى أن يضيف جديدًا، أو يكتشف مجهولاً، أو يزيل غموضًا، أو يصحِّح خطأ على أرض الواقع[9]، أو يحل مشكلة قائمة في المجتمع.

 

17- من الأخطاء التي قد يقع فيها بعض الباحثين أن المعالجات الإحصائية المستخدمة لا تتناسب وعرض النتائج.

 

والتصحيح: هو أن يطرح الباحث على نفسه هذه الأسئلة؛ ليتأكَّد من أن هناك معالجة إحصائية لتحليل النتائج:

• هل استخدمتُ الإجراء الإحصائي الملائم للبحث؟

• هل حاولتُ إظهار مقدرة علمية واضحة في توظيف الإجراءات الإحصائية للبحث بشكل سليم؟

• هل تمكنتُ من تحليل النتائج بشكل صحيح؟

• هل التوصيات والمقترحات محددة بشكل صحيح؟

 

18- لا تتضح في بعض البحوث أصالةُ النتائج وكيفية مساهمتها في تحسين البيئة التعليمية أو الميدان التربوي بصورة عامة؛ كونها تفتقر إلى المعقولية، وصعوبة نقلها وتطبيقها في بيئة أخرى.

 

والتصحيح: أن يستند الباحث إلى أدلة علمية لتأطير نتائجه؛ بحيث يمكن ربطها بواقع ميداني بطريقة منطقية ومعقولة، كما عليه أن يقدم استنتاجات موضوعية ترتبط بنتائج البحث، وتبرز أهميتها للميدان أو البيئة التعليمية.

 

19- تفسير النتائج غير مبنيٍّ على أدلة مستمدة من النتائج وسطحي؛ بحيث لا يقود إلى قبول أو رفض فروض البحث، أو الإجابة عن الأسئلة البحثية.

 

20- أغلب الباحثين قد يكون عرضة للوقوع في الأخطاء المطبعية أو الإملائية، فكثرتها قد تقود إلى سوء الفهم، واختلاط الأمور، وعدم الوضوح، وفي بعض الأحيان إلى قلب الحقائق.

 

التصحيح: يجب مراجعة الرسالة فصلاً فصلاً قبل تقديمها، وهذا أمر ضروري رغم ما فيه من مشقة.

 


[1] سعيد صيني: قواعد أساسية في البحث العلمي، ص475، 1994م، مؤسسة الرسالة، بيروت.

[2] ردادي وآخرون: مناهج البحث في العلوم الإنسانية، ص327 - 328، 2008م، مكتبة الرشد، الرياض.

[3] رجاء أبو علام: المرشد في إعداد الرسائل الجامعية، ص 60، 2009م، دار النشر للجامعات، مصر.

[4] رجاء أبو علام: المرشد في إعداد الرسائل الجامعية، ص 61- 65، 2009م، دار النشر للجامعات، مصر.

[5] رجاء أبو علام: المرشد في إعداد الرسائل الجامعية، ص 66، 2009م، دار النشر للجامعات، مصر.

[6] بتصرفسعيد صيني: قواعد أساسية في البحث العلمي، ص480، 1994م، مؤسسة الرسالة، بيروت.

[7] بتصرفسعيد صيني: قواعد أساسية في البحث العلمي، ص481، 1994م، مؤسسة الرسالة، بيروت.

[8] بتصرف: سعيد صيني: قواعد أساسية في البحث العلمي، ص447 - 448، 1994م، مؤسسة الرسالة، بيروت.

[9] العنيزي وآخرون: مناهج البحث التربوي بين النظرية والتطبيق، ص 28، 1999م، مكتبة الفلاح، الكويت.

 

 

 

smooor

اللهم أنفعنا بما علمتنا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 298 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

304,164

ابحث

مختارات

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : " تعلمو العلم : فإن تعلمه لله خشية , وطلبه عبادة , ودراسته تسبيح , و البحث عنه جهاد , وتعليمه من لا يعلمه صدقة , ونقله إلى أهله قربة " . 
________________________ 


نقدم كل الشكر و التقدير
 لسعادة عميد كلية الاقتصاد المنزلي بجامعة المنوفية بجمهورية مصر العربية 
 الدكتور / يوسف الحسانين 
لدعمه لنا بمجهوداته العلمية المنشورة لخدمة الباحثين عبر مكتبتنا الرقمية .