تحتفل سيناء كل عام ,ومن العادات البدوية الحفاظ علي التراث,‏ إلا أن الاكتفاء بتكرار هذه العبارات واستمرار تجاهل حالة الفراغ السكاني في سيناء وضعف التنمية الاقتصادية وما ينشأ عنه من مشكلات بات أمرا يشكل خطورة حقيقية علي أمن مصر‏,‏ خاصة في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة‏.‏

من هنا فاننا نطرح اليوم فكرة لتحويل الاحتفال في هذا العام لخطة عمل واضحة لن تحقق فقط توسعا عمرانيا ورفعا لمعدل الكثافة السكانية في انحاء شبه جزيرة سيناء‏,‏ بل أيضا سيكون لها مردودها الاقتصادي الواضح الذي لن يقتصر علي منطقة سيناء وحدها‏,‏ سواء من حيث العائد المادي أو توفير فرص عمل لا محدودة لشباب مصر‏,‏ فضلا عن تأثيرها الايجابي ثقافيا‏,‏ سواء من خلال حفظ وتأكيد مصرية هوية التراث السيناوي وبالتالي استعادة جزء مهم من التاريخ والوعي الجمعي المصري‏,‏ أو من خلال التنشيط السياحي للمنطقة وبالتالي تسويق ثقافتها وتراثها الحضاري للعالم بأسره‏,‏ الذي يكتسب أهمية مضاعفة اليوم في ظل محاولات أكثر من طرف استلاب هذا التراث أو علي أقل تقدير تفريغه من مضمونه‏.‏

والمشروع الذي نقدم اليوم خطوطه العريضة يطرحه الباحث الأثري عبدالرحيم ريحان ـ مدير آثار منطقة دهب ـ ويتلخص في احياء الطرق التاريخية واستغلال هذه الطرق سياحيا من خلال ابراز دورها عبر العصور من خلال التعاون بين وزارة الثقافة والسياحة والبيئة ومحافظة جنوب سيناء ومستثمري جنوب سيناء لاستغلال هذه الطرق والدعاية لهذه المشروعات لجذب السائحين والمزيد من الاستثمارات واستغلال الصناعات المحلية‏.‏ يقول الباحث عبدالرحيم ريحان سيناء فيها منذ بدء التاريخ عدة طرق حربية ـ تجارية ـ دينية تخترقها من الشرق للغرب ومازال بعضها مطروقا إلي اليوم ولو تم استغلال هذه الطرق الاستغلال الأمثل لكانت سيناء هي المخرج لكل مشاكلنا الاقتصادية والمشروع القومي لمصر الذي يستوعب كل طاقات الشباب وهذه الطرق حسب التسلسل التاريخي طريق سيتي الأول الشهير بطريق حورس‏,‏

طريق خروج بني إسرائيل‏,‏ طريق العرب الأنباط‏,‏ الطريق الحربي لصلاح الدين بسيناء‏(‏ درب الشعوي‏),‏ طريق الحج المسيحي ويشمل طريق العائلة المقدسة‏,‏ درب الحج المصري القديم إلي مكة المكرمة‏.‏ وتحوي هذه الطرق كل مقومات السياحة بسيناء من سياحة ثقافية متمثلة في الآثار والتراث الشعبي السيناوي‏,‏ سياحة سفاري من جبال بأنواعها ووديان تحوي داخلها عيونا مائية ونباتات نادرة ونقوشا أثرية لكل الحضارات التي تعاقبت علي سيناء‏,‏ وسياحة علاجية من مياه كبريتية ونباتات طبية وشواطئ حيث إن العديد من محطات هذه الطرق مناطق ساحلية‏.‏

والمشروع بالصيغة التي يطرحها الباحث يقدم الثقافة باعتبارها معامل لإنماء المشروعات الاقتصادية وحل المشكلات المجتمعية وبدء عمليات تنمية حقيقية في سيناء تقوم علي ادماج المجتمع المحلي في المجتمع الكبير وربط المعامل الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة بالاقتصاد القومي وبالوضعية الثقافية وبتفهم طبيعة الثقافة التقليدية واستغلالها عند تحديد زوايا أي مشروع‏.‏

وإذا استعرضنا سريعا بعضا من معالم هذه الخريطة الثقافية الواعدة‏,‏ يطالعنا طريق سيتي الأول الشهير بطريق حورس الممتد في سيناء من ثارو‏(‏ القنطرة‏)‏ حتي مدينة رفح والذي استخدم منذ أيام الدول الوسطي‏(2133‏ ـ‏1786‏ ق‏.‏م‏)‏ وطول هذا الطريق‏150‏ كم وطريق خروج بني إسرائيل الذي مثل قيمة لكل الأديان حيث وردت قصة نبي الله موسي وبني إسرائيل في عدة سور بالقرآن الكريم‏,‏ كما أن له مكانة خاصة في المسيحية حيث ذكرت الوثائق التاريخية أن المباني الدينية المسيحية بسيناء كالأديرة والكنائس بنيت في محطات هذا الطريق تبركا بهذه الأماكن وأشهرها دير سانت كاترين والشجرة المقدسة‏(‏ شجرة العليقة‏)‏ التي لا توجد في أي بقعة أخري بسيناء وفشلت محاولة إنباتها في أي مكان بالعالم‏,‏ كما بني المسلمون مسجدا داخل الدير في العصر الفاطمي تبركا بهذا المكان المقدس‏.‏

أما منطقة عيون موسي‏35‏ كم جنوب شرق السويس وبها الآن أربع عيون واضحة‏,‏ حيث اختفت بقية العيون نتيجة تراكم الرمال وتحتاج إلي رفع هذه الرمال للوصول لمستوي الصخر لاكتشاف بقية العيون الإثنتي عشرة التي تفجرت لنبي الله موسي وكان عددها‏12‏ عينا بعدد أسباط بني إسرائيل‏,‏ ولقد وصف الرحالة الذين زاروا سيناء في القرن الـ‏19,18‏ م هذه العيون ومنهم ريتشارد بوكوك‏.‏

والمحطة الثانية هي منطقة معبد سرابيت الخادم‏138‏ كم جنوب شرق السويس‏.‏

واما الثالثة فهي طور سيناء‏280‏ كم جنوب السويس وهي مدينة ساحلية عبدوا فيها العجل الذي صنعه السامري وكانت هذه المنطقة تشرف علي بحر‏.‏ والمحطة الرابعة منطقة الجبل المقدس‏(‏ سانت كاترين حاليا‏)‏ وهي المنطقة الوحيدة بسيناء التي يتجمع فيها عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسي‏2242‏ م فوق مستوي سطح البحر وجبل كاترين‏2642‏ م وجبل المناجاة‏,‏ والمنطقة التي تلقي فيها نبي الله موسي ألواح الشريعة هي منطقة ذات جبال مرتفعة وبرغم تعدد الآراء في تحديد جبل الشريعة لكنها تركزت في منطقتين منطقة الجبل المقدس ومنطقة وادي فيران‏(50‏ كم شمال غرب سانت كاترين‏)‏ وبها جبل سربال‏2070‏ ك فوق مستوي سطح البحر الذي رأي البعض أنه جبل الشريعة‏.‏ والمحطة الخامسة هي منطقة حضيروت‏(‏ عين حضرة‏)70‏ كم في الطريق من سانت كاترين إلي نويبع وهي عين ماء طبيعية مشهورة بسيناء وذكرت في سفر العدد إصحاح‏3:4‏ باسم حضيروت‏.‏

وعن كيفية استغلال الطريق يقترح عبدالرحيم ريحان مدير منطقة آثار دهب تطوير منطقة عيون موسي بالتعاون بين وزارة الثقافة والسياحة ومحافظة جنوب سيناء علي أن تقوم أولا هيئة علمية للاستشعار عن بعد بتحديد مواقع العيون الإثني عشرة ثم يتم رفع الرمال حول هذه العيون لكشفها وترميمها وتطويرها واستغلال منطقة سانت كاترين كأهم المحطات بعمل مشروع صوت وضوء في الوادي المقدس يحكي قصة الخروج وما تمثله من قيمة لكل الأديان وعمل شبكة تيليفريك لربط الجبال بعضها ببعض ورؤية الوادي المقدس من أعلي للإستمتاع بجمال وجلال هذه المنطقة وعمل قاعة للمؤتمرات مجهزة لاستضافة مؤتمرات عالمية سياسية وثقافية مستفيدين بقيمة الموقع وشهرته عالميا‏.‏

موقع آخر يمكن استغلاله هو سلسلة طرق الأنباط بسيناء وتم كشف آثار عديدة للأنباط بسيناء كالفرضة البحرية المكتشفة بدهب والتي ـ تشرف علي خليج العقبة وتبعد عن طابا‏140‏ كم جنوبا وكان هناك طريق للأنباط من أيلة‏(‏ مدينة العقبة الآن‏)‏ علي رأس خليج العقبة إلي ميناء دهب ومنها يتوغل داخل سيناء‏,‏ وطريق الأنباط بسيناء من البتراء يخترق صحراء النقب إلي غزة أو العريش وهناك طريق آخر من أيلة علي رأس خليج العقبة إلي ميناء دهب ومنها يتوغل داخل سيناء برا إلي وادي فيران مارا بجبل موسي ومن وادي فيران إلي وادي المكتب ـ سرابيت الخادم ـ وادي النصب ـ وادي غرندل رأس سدر ـ عيون موسي إلي ميناء القلزم‏(‏ السويس‏,‏ كما تم كشف مركز تجاري وديني للأنباط بقصرويت بشمال سيناء علي بعد‏30‏ كم جنوب شرق مدينة بيلوزيوم الأثرية‏(‏ الفرما‏)‏ والتي‏,‏

اكتشف موقعها عام‏1909‏ م وقام الأثري الفرنسي كليدا بأعمال مسح أثري لها بشكل موجز في مايو‏1911‏ م وقام بالتعريف بأهميتها كسوق تجارية للأنباط وكشفت بعثة آثار جامعة بن جوريون مواسم‏75‏ ـ‏1976‏ إبان احتلال سيناء عن مركز ديني وتجاري يحوي معبدين وسوق تجارية للأنباط بقصرويت‏,‏ ولقد وجدت بأودية سيناء مئات النقوش و

مناظر للحيوانات التي دجنوها أو التي كانوا يصطادونها وصورا لجمال وفرسان ومناظر صيد وطيورا مختلفة ومن هذه الأودية وادي طويبة‏5‏ كم من جزيرة فرعون والتي استخدمها الأنباط كمخازن للبضائع‏,‏ ووادي هوارة ووادي أم سدرة وهي التي تقع علي الطريق المار من البتراء إلي غزة أو العريش مخترقا صحراء النقب‏,‏ ووادي عرادة الذي به مجموعة من أجمل الرسومات لطيور وحيوانات مختلفة‏,‏ هضبة الدفادف ـ وادي السراة ـ الشجيراء ـ وادي سلاف ـ وادي حضرة وهي في الطريق من دهب إلي سانت كاترين ثم وادي فيران ووادي أجلة ووادي سلاف ـ وادي حضرة وهي في الطريق من دهب إلي سانت كاترين ثم وادي فيران ووادي أجلة ووادي المكتب قرب وادي فيران‏,‏ ووادي حبران ووادي إسلا في الطريق من طور سيناء إلي سانت كاترين‏.‏

ويقترح الباحث استغلال شبكة الطرق التي تربط هذا الطريق وأوديته التي تحوي نقوشا ومقابر أثرية قديمة وعيونا طبيعية وآبار مياه ونباتات طبية نادرة وقري بدوية في السياحة الثقافية والعلاجية والسفاري والتعايش مع المجتمعات البدوية علي طبيعتها‏.‏ مع الاستفادة من نظم الري عند الأنباط التي اعتمدت علي مياه الأمطار وتخزينها في خزانات خاصة تستقبل مياه السيول بدلا من أن تصبح قوة مدمرة تقضي علي الأخضر واليابس وتعيق التطور العمراني والسياحي بسيناء علاوة علي أن معظم المنشآت السياحية ستعتمد علي هذه المياه كمياه صالحة للشرب والزراعة‏.‏

أما طريق الحج المسيحي والطريق التجاري عبر ميناء الطور في العصر المملوكي والطريق الحربي لصلاح الدين الأيوبي بسيناء الذي بني قلعة رأس سدر‏(‏ قلعة الجندي‏)‏ وقلعته بجزيرة فرعون بطابا ودرب الحج المصري القديم الذي كان أول طريق للحج المصري إلي مكة‏,‏ التي سبق وأن رصدنا تاريخها ومحطاتها وأهميتها علي هذه الصفحة من قبل فيمكن استغلالها ببناء إنشاءات سياحية جديدة في محطات هذا الطريق مستوحاة من العمارة البيزنطية خصوصا وأن خامات البناء متوافرة بسيناء من أحجار جرانيتية ورملية وجيرية والرخام متوافر في مصر ولدينا الدراسات عن طرز العمارة البيزنطية‏.‏ كذلك يمكن عمل منتجات خاصة مرتبطة بهذا الطريق ولها أصول تاريخية وتمثل قيمة دينية لرواد هذا الطريق مثل قناني الحجاج أو قناني القديس المصري مينا‏,‏الذي يوجد بالقرب من قبره بئر يأخذ الحجاج من مائها في أواني خاصة كانت تصنع من الفخار كما يمكن عمل نماذج للأدوات والملابس الخاصة المستخدمة في القداس داخل الكنائس واللوحات الفنية‏.‏

كذلك يمكن استغلال الطريق الحربي لصلاح الدين الأيوبي بسيناء ودرب الحج المصري القديم اللذين يمثلان قيمة لكل العالم الإسلامي وارتبطا قديما بنشاط تجاري كبير‏,‏ حيث كانت تقام في محطات هذا الطريق في نخل والعقبة أسواق تباع فيها الأقمشة والمأكولات من الدول العربية المختلفة بأحياء هذه المحطات كأسواق حرة يباع فيها زي الإحرام والمنتجات المختلفة وأنواع التمر والعسل وقمر الدين وغيرها من منتجات الدول العربية المختلفة وإقامة مصانع للنسيج ومنتجات غذائية وعمل رياضات الهجن والرياضات العربية المختلفة‏,‏ بالإضافة لاحياء الصناعات البدوية القديمة خاصة ان بعضها في طريقه للاندثار وعمل منتجات سيناوية يقبل علي شرائها زوار سيناء مثل ـ غزل الصوف وحياكة الأغطية والفرش وغير ذلك من لوازم الخيام والأثاث والتطريز والصباغة بمواد يتم استخراجها من بعض الأعشاب البرية‏.‏ كذلك يمكن قيام صناعات علي أساس الأنشطة المحلية مثل ـ أدوات وشباك الصيد واستخراج الفيروز‏,‏ وعمل الفحم‏:‏

الذي يصنع من خشب السيال والرتم والطرفا تعتمد عليه المطاعم بالقري السياحية بدلا من شرائه من خارج سيناء‏,‏ بالاضافة لجمع الغاب الذي يدخل في أشياء عديدة في المنشآت السياحية بسيناء‏.‏ من جانب آخر يمكن استغلال الحنظل والنباتات الطبية العديدة المتوافرة بكل سيناء والاستفادة من هذه النباتات ومن ـ العجوة ونبات المن بما له من دلالات دينية‏:‏

المصدر: النت
sini4woman

اتمني ان تستفيدوا وتستمتعوا بهذة المعلومات والصور.واي تعليق او استفسار انا في الخدمة ولكم مني كل الشكر..

  • Currently 147/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 984 مشاهدة
نشرت فى 24 نوفمبر 2009 بواسطة sini4woman

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

93,058