كنا فى جرة وطلعنا لبرة
عندما يكبت الانسان على مدى عقود وفجأة يجد الحرية ,تكون حركاته مضطربة وغير متزنة.
تماما مثل الذى يجلس فى الظلام لزمن طويل ثم فجأة يرى النور,ان ما يحدث الآن فى مصر هو تماما ذلك الشئ,الكل يتكلم فى السياسة الكل يحاور ,الكل يتخبط يمينا ويسارا.
والذى يثير استغرابى ان بعض من يطلق عليهم النخبة هم لا يمتون لواقع الشارع المصرى لا شكلا ولا موضوعا.
من يسير فى شوارع مصر يجد انه شعب طيب وبسيط ومتدين ,ومع ذلك يصر من يظهر على التلفاز من تخويف هذا الشعب من الاخوان او غيرهم من التيارات الدينية ,والتى هى بالفعل من الشعب وتعبر عنه تماما,ان الخائف الحقيقى هم القلة التى ترفض الدين وتخاف منه,وهذه القله تعلم يقينا ان الاخوان وغيرهم يريدون الخير لمصر ,ولكن ما يخافون منه حقاً هو ان الشعب لم يختارهم ولن يختارهم وان من جعلهم فى مواضعهم هو نظام سابق كان يحارب الدين ويُظهر الفساد والانحلال على انه النخب.
الذى يخافه هؤلاء حقا هو ان المجتمع سيرفع النخب الحقيقية التى تخاف الله وتحتكم اليه وستخفض من ارادوا افساد الشباب واضلاله,بغض النظر عن انهم وقفوا مع الثورة او قالوا الحق,على العين والرأس,ولكن الواقع على الارض وفى شوارع مصر هو شعب يقدس الدين ويحترم المتدين ويستمع الى كلام شيوخه.
انهم يخافون فقدان مكانتهم التى حصلوا عليها فى نظام يقصى الدين ويشوه من صورة المتدين.
انهم يخافون ظهور حجمهم الحقيقى فى الشارع,لذلك يستخدمون نفس الادوات وهى التخويف من الاخوان والمتدينيين بوجه عام.
هم يخافون ظهور نساء محجبات محترمات فى الاعلام وظهور شخصيات تعرف الله فى الاعلام ,والشعب يتوق الى نخب حقيقية تعرف دينها وليست نخب متناقضة فى اقوالها وافعالها.
ان الانسان مفطور على التدين ولن تفلح اى محاولة ان شاء الله لسلخ المجتمع المصرى عن هويته,لقد رأينا كيف كانت تمارس ادوات طمس الهوية على مدى اكثر من ستين عاما ومع ذلك اتت بنتيجة عكسية وازداد الشعب تمسكا بدينة.
بالطبع ليس كل الشعب متدين وليس كل ملتزم بالدين الشكلى متدين حقيقى ولكن الشعب يفهم ويعى مايحدث حوله.
انها حقا نكته ان يقولون لو تمت الانتخابات البرلمانيه الآن لن تكون النخب جاهزة ,وان الاخوان فقط والوطنى القادرون على خوض الانتخابات.
اولا الوطنى انتهى تماما بفضل الله وان كان عنده اى امل فى الظهور مرة اخرى فهو واهم,اما الاخوان فلا يعيبهم انهم منظمون هل يُعاب على الانسان انه متفوق ام يعاب على الفاشل انه فاشل؟؟
ان الشخصيات السياسية معروفة تماما لكل مصرى وكونه يشك ان الشعب سيختاره وسيختار الاخوان ,هذه ليست مشكلة الشعب ,اذا كنتم تريدون ديمقراطية فلماذا تريدون الحجر على ارادة الشعب والوصاية عليه؟؟
اولا الاخوان ليسوا بمثل هذا الحجم المفزع المرعب ,وانتم لستم بهذه الضآلة,ان الشعب يفهم تماما ويعى مكانه كل فرد من النخبة ,والا لا ارى اى معنى لما يحدث الا انكم ترفضون وجود مثل الاخوان تماما ,ذلك لنفس السبب وهو رفض الدين بوجه عام.
بالعكس ان وجود كل تيار بحجمة الطبيعى افضل وربما سيضر الاخوان ولن يفيدهم,لان الايام القادمة باذن الله مجرد بداية وفترة لكى يثبت كل تيار دورة فى الحياة السياسية وفى خدمة الوطن والذى سيدخل بقوة فى البداية ربما سيكون ذلك ضد مصلحته وليس معه,لان الفترة التى تلى البداية هى فترة استقرار نسبى وهى افضل لمن يريد ترتيب اوراقه,والموضوع ليس مجرد انقضاض على السلطة,فلو كنا مخلصون حقا للوطن لا يهمنا من سيكون فى المقدمة بل يهمنا من سيخدم الوطن ونكون من خلف,لقد تحول الامر الى جرى وراء مصالح واظهار ادوار وليس اتحاد لدفع عجلة الوطن والانتاج.
ان مصر مقبلة على فترة تحتاج المزيد من العمل والتحدى والمسئولية وليس وجوها تظهر فى الاعلام ,وليس سباق على من الاقوى ومن الاضعف.
ياليتنا نظل على اخلاص واخلاق الثورة حتى نرفع من مصر ونرتفع جميعا معها ,بدلا من ان يبحث كل منا على مصلحته الشخصية ويغرق الوطن بنا جميعاً.
ساحة النقاش