((شذى اذواق متنوعة)) موقع الدكتور الحسيني الطاهر مهدي (( علمي*ديني*أدبي*متنوع))

بسم الله الرحمن الرحيم وصلاة وسلام على الهادي الأمين محمد

authentication required

الشمندي فيلسوف تأليف الحسيني الطاهر

في أسرة فقيرة للغاية نشأ بن عمي محمد عبد الرؤوف والملقب بالشمندي  والحقيقة أن لقب شمندي يرجع لأبية عبد الرؤوف أبو صغير ولكن محمد إستولى تماما على اللقب . ومنذ طفولته كان يحمل جمال الصفات ونقاوة القلب مما جعلنا نترجم في افهامنا كلمه شمندي الى الخير والسلام.

كان الشمندي بشوشا خدوما سلاما ,لقد كان مصابنا اليما حينما تناقل الى مسامعنا أنه اصيب في حادث اليم كان فيه يؤدي خدمة لاحد اصدقاءة ترتب عليها انه أصيب بكسور مضاعفة في عموده الفقري, الجميع أيقن انها نهايته. الغريب والبعيد في قريتنا الصغيرة تألم لمصاب الشمندي.الحمد لله بقي الشمندى على قيد الحياة وجميعنا تهلل بشرا حينما اطمأننا على حالته الصحية رغم انني كغيري تألمت كثيرا عندما أكد لنا أطباؤه المعالجين انه لن يستطيع ان يقف على رجليه ثانية, جميعنا حزن لهذا الشاب الفتي الجلد الذي  كان قبل أيام أمل والديه في الخروج من حالة الفقر المستعصية التي تحيط بأسرته.ومرت الأيام وأخذتنا الحياة بعيداً حتى إنني أذكر أنني كنت القاه عبر أربع سنوات مضت لقاءات خاطفة لا تغني ولا تثمن من جوع تحت عباءة لكل إمروء يومئذ شأن يغنية,ولقد من الله عليه عبر هذه السنوات بكونه أصبح يستطيع الحركة كان في المرحلة الأولى يستند على عصاة ولكنه مؤخرا إستغنى عن العصاة وكل ما أوصوه أطباءه به هو الإلتزام بالراحة التامة وعدم أخذ الجسم الى مناطق الإجهاد, لم يشفع له حصوله على دبلوم المدارس الفنية الصناعية ولا إعاقته  في الحصول على فرصة عمل , ولهذا أصبح الشمندي  على المعاش مبكرا وهو لم يبلغ الثانيةوالعشرون من عمره,تقابلت مع الشمندي منذ بضعة أيام كان لقاء واسع شامل مستفيض أبهرني الشمندي تمام الإبهار فلقد كان فنانا بمعنى الكلمة.كلماته تجعلنا نضحك لما يريدنا أن نضحك من أجله بل نتألم ونستشعر الأسى حين تميل كلماته لذلك المعنى أيضا, وربما أثناء حديثة يتأخر لبرهات يبلع فيها ريقة أو يعدل شيىء من ملابسة فترانا كلنا ننتظره حتى يفرغ من حالته تلك ليكمل لنا حديثة المشوق,الشمندى ذلك الطفل الذي يصغرني بما يزيد عن خمسة عشر عاما أصبح فيلسوفا يحلل الأمور ويفسر حولياته وربما أحاول أن أقنعه بوجهة نظري فأراه تجاوز حدود إقناعي ويردني رداً جميلا لقناعته. كررت ذلك مرة أو مرتين ثم وجدتني أقف خائبا أمام الحجج التي تنساب منه ببراعة . لم أستمر في مكابرتي وعنادي وأرخيت له بعد أذني قلبي علني أستفيد شيئا فوجدتني تحصلت على أشياءا كثيرة.

كان موضوعا مفتوحا على الصلاة وتذاكر من حولنا آيات ربنا (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)البقرة   , إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103) النساء) وذكر اخر حديث عن النبي الكريم عن أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة, فإن صلحت صلح له سائر عمله ,وان فسدت فسد سائر عمله))

 وبعدها أخذت انا ناصية الحديث وذكرت إنني تقابلت مع سائق تاكسي ليبي الجنسية اثناء إقامتي هناك وإنه سالني موجها سؤاله إلي ممتحننا إياي بقوله

-يا أستاذ  إنت ذو علم أوتدري لماذا خلقنا الله.

أجبتته ببراءة

*للعبادة(الصلاة والصوم والزكاة...........)

-يا بني خلقنا الله لعمارة الأرض فقط أما الصلاة والصيام  والزكاة فهي لنا حتى نستطيع  إتمام إعمار الأرض)

ولم يخرج الرجل عن الموضوع ولكنى رأيته يلوي عجلة قيادة سيارته ناحية محطة تموين وقود سيارات, ومتوجها إلي بالحديث.

-هل الغاية من دخولى إلى محطة تموين السارات هو تزويد سيارتي بالوقود أم أن الهدف أن السيارة تسير والوقود ما هو إلا وسيلة لإستمرار سيرانها.

*الحقيقة الهدف أن السيارة تسير  والتزود بالوقود ما هو إلا وسيلة لذلك.

ضحك الرجل كمن غنم صيده في القفص:

-يا ولدي كذلك الصلاة لنا معشر البشرمثل الوقود للسيارة هي وسيلة تمكننا من الهدف الأساسي وهو إعمار الأرض.

كنت أتحدث بهذا الحديث نقلا لما دار بيني وبين السائق الليبي وسط جمع غفير من أبناء عمي بينهم الشمندي وجال في خاطري إنني أفحمته بفلسفة ذلك السائق الليبي عن الصلاة, وبالرغم من إنني لست صاحب هذه الفلسفة إلا إنني نظرت اليه نظرة المفحم والمنتصر.

الغريب أن الشمندي بادلني نظرتي بنظرة كلها حنان وعطف ورفق كما لو كان أباً رحيما ينظر إلى أبنه الصغير.

وقال لي قصة بقصة وحكى لنا إنه كان فيما مضى أيام عافيته يعمل أعمالا شاقة تعتمد على قوة البدن وإنه تصادف أن كان فردا ضمن مجموعة تعمل في أعمال البناء الشاقة ,وكانت سا عات العمل تمر بصعوبة بالغة, فالرجل فينا ما يلبث أن يصحو من نومة يتناول إفطاره ويبدأ العمل لا ينتهي إلا عند تمام الساعة الخامسة مساءا فما يلبث الإنسان ينظف جسدة ويتناول عشاءه ويستلقي بظهره ليدخل في غيبوبة النوم ولا يستفيق منه إلا في الصباح ثانية ليتناول إفطاره ويبدأ العمل وهكذا ويستطرد الشمندي قائلا نعمل في دائرة  روتين قاتل يجعل من الأيام جلمود صخر لا تكاد تتحرك أو ربما تتحرك عجلة الزمن إلى الأمام ولكنها تحمل سيناريو متكرر لايحمل في طياته إلا الألم فاليوم ليس فيه أي إختلاف عن الأمس .رائحة الأسمنت تملأ الأنوف ويغطي غبار الأسمنت أجسامنا ملابسنا ,نعيشها بكزازة حياة كئيبة لا يخرجنا منها إلإ تلكم اللحظات التي يطلق فيها صاحب العمل صافرته والتي هي إعلان عن إستراحة  لا تتعدى ربع الساعة بأي حال من الأحوال,كان صوت صافرته هو الأمل الذي تتشنف إليه أسماعنا حين نبدأ العمل لحظات صغيرة نستلقي بظهورنا فيها على الأرض يغمض كل منا عينه سارحا في أهله وأحبابه لحظات وبعدها نبدأ العمل في نشاط وحيوية مرة أخرى والحقيقة كان صاحب العمل يكررلنا ذلك كلما أحس التعب والإعياء بدأ يتسلل الينا.وإستطرد الشمندي قائلا إن ذلك المشهد كان مختزنا في ذاكرتي  إستدعيته ليال وليال اثناء وحدتي في مرضي فوجدت فيه صورة لقيمة الصلاة .جميعنا إستغرب قصته وإستغرابنا ملئته الدهشه حينما وجدناه يربط قصته بمعنى للصلاة. الحقيقة إنني أبديت إنني أتفهم مقالته وأبعادها وكان هذا على غير الواقع فلقد أخذني الكبر في ذلك أيما مأخذ.وكعادة سيئة عندي إنتظرت مستفهما غيري ,ولم يخيب ظني فلم تمر لحظات إلا ووجدت آخر من بني عمومتي يتهم الشمندي بالغباء بسبب سرده هذه القصة وربطها بموضوع هي بعيدة جداً عنه.

تبسم الشمندي وتلملم في جلسته وأحسست أن الحديث سار على نحو هو أصلا رتب لمفرداته وهاهو يسير على ما إرتضاه له.وأستطرد قائلاً.

تأملت الحياه فوجدتها عامرة بلا سبب إلا سبب واحد هو مستحث الرزق الذي أودعه الله في عباده .فأصبح العالم من حولنا يتصارع نحو هدف إعمار الإرض رغم أنوفنا! شئنا أم أبينا.يا ساده من يعرف السبب في أن كل الناس تستيقظ من نومها تتسابق على الحياة,الطالب يسرع إلى مدرسته ,والسائق يهرع الى توصيل العمال ,والعامل يسرع الخطى نحو مصنعة ,والفلاح يسابق الطيور بكوراً إلى أرضة .....و......و الخ.فبالله من الذي يدفع بالكائنات دفعاً نحو الإقبال على الحياة والسعو والكد الذي لا ينتهي. فعلى سبيل المثال العالم يقبع في معمله ليل نهار ليوفر للبشرية مصدر طاقة او يبتكر آلة بغرض انها تستطيع أن تسرع من عملية إعمار الأرض في حين الصانع يتلقف هذه الآلة التي تسرع من عملة وتوفر عليه العمالة وتزيد الإنتاج,والكميائي يقبع في  معمله بغية أن يتوصل إلى أنواع حديثة لقتل الميكروبات وأنواع أجود من الأسمدة التي يلهث ورائها الفلاح ليستخدمها في زراعته فتعطي إنتاجا أكبر يتلقفه المستهلكون بما فيهم العالم الكميائي الذي إبتكره وهكذا الكل يجري وراء أهداف شخصية بسيطة تعني ربما شخصة أو عائلتة ولكنه دون أن يدري يجد نفسه بقصد أو بدون قصد يشارك في عجلة الحياة وإعمارها .أومأ الشمندي برأسه اليَّ قائلا: وليس كما قال السائق الليبي إن إعمار الأرض غاية في حد ذاته.

      وأثناء هذا الإعمار ياسادة الذي إن شئتم قولوا عنه أنه إعمارٌ إضطراريا سوف يشعر الإنسان بالآم والتعب يشابه في ذلك عملنا في أعمال البناء والتشييد أما  صافرة صاحب العمل فلله المثل الأعلى تشبه صلوات ربي الخمس فترات الراحة التي رزقنا الله بها على الأرض المتنفس لنا خلال رحلة الإعمار.وإن شئت قل هي لحظات يعودنا الله أن نستمتع بالقرب منه كتدريب لنا حتى نستطيع ذلك في أخرانا.

أفحم الشمندي القاصي والداني وحمدت ربي إنني منذ البداية وافقته رأيه بدون فهم لي

 

shazaazwak

سلامي اليكي يا مصر وسلامي الى اهلك فردا فردا وسلامي الى ارضك حبة حبة وسلامي الى صعيدك الطيب واهلي في صعيد مصر الغلي

  • Currently 65/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 384 مشاهدة
نشرت فى 23 سبتمبر 2010 بواسطة shazaazwak

ساحة النقاش

waelbeada

افهم من هذا ان البيوقراطية تعمل على اعمار الكون بصورة او باخرى ولكن غير مدركين

waelbeada

افهم من هذا ان البيوقراطية تعمل على اعمار الكون بصورة او باخرى ولكن غير مدركين

دكتور الحسيني الطاهر مهدي

shazaazwak
من مواليد حاضور-الرزيقات قبلي -مركز ارمنت-بكالوريوس علوم قسم فيزياء-ماجستير فيزياء الجوامد-دكتوراة فيزياء نووية-متزوج -اب لاربع اولاد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

169,998