معظمنا قد شاهد فيلم "الرجل ذو القناع الحديدي" للممثل "ليوناردو ديكابريو" والذي يحكى عن ملك فرنسا الذي سجن أخاه التوأم طيلة حياته خلف قناع حديدي في اكثر سجون فرنسا رعبا في ذلك الوقت كي يبعده عن العرش

لكن هل وراء تلك القصة حقيقة تاريخية؟

نعم بالفعل فرواية الرجل ذو القناع الحديدي من أكثر قصص التاريخ الفرنسي غموضا – إذ لم يتأكد أحد من هوية صاحب القناع

<!--<!--شخصان فقط يملكان أصل هذه القصة السجان "بينين دو فرين سان مارس"

والأخر الكاتب المشهور "فولتير"

لكن فلنخوض فالتاريخ قليلا لعلنا نجد بعض الخيوط

سنسافر عبر الزمن إلى القرن الثامن عشر الميلادي ..هناك في باريس..حيث يحكم الملك لويس الرابع عشر فرنسا
في ذلك الزمن حيث انتشرت المحاكمات الظالمة في فرنسا..سُجن المئات من الناس دون محاكمات..تم الزج بهم في أكثر السجون وحشية تحت القمع الشديد..مع إخفاء أسماءهم وهويتهم الحقيقية,كانت تمنع عنهم الزيارات والحديث مع أي أحد..حتى يموتوا في ظلمات السجون..!

في هذا الوقت كان الكاتب "فولتير" وهو من أشهر كتّاب فرنسا في هذا العصر..يكره النظام الفرنسي وأفعاله..ويتمنى إن تقوم ثورة تهدم هذه الملكية وتعلن الجمهورية الفرنسية..فراح يكتب كل ما يبيد هذا النظام ويضعفه..ولكنه سٌجن في أحد تلك السجون الفرنسية بتهمة كتابة الشعر الساخر في وصي العرش الملك"فيليب الثاني"

بعدما قضى "فولتيرا" 11 شهراً في السجن ولم يعٌطى فرصة الدفاع عن نفسه..عزم على النيل من نظام الحكم ..
فبعد ثلاثين عاماً كتب أشهر قصة أصبحت فيما بعد أعظم أسرار فرنسا!

في عام 1751 نشر فولتير تاريخ عهد الملك "لويس" تحت عنوان"عهد لويس <!--<!--الرابع عشر" وهو الذي يحتوي على أول مرجع مطبوع يتكلم عن "سجين مقنع".

 

كتب "فولتير" تفاصيل محنة السجين..وكيف قضى ذلك السجين المقنع حياته في السجن,وكيف كان ينقل من سجن لآخر.
حيث كتب أنه كان شاباً يرتدي قناعاً حديدياً أو ما شابه ذلك وهو قناع يتكون ذقنه من نوابض فولاذية تمكنه من تناول طعامه دون نزع القناع,وأصدرت الأوامر بقتله إذا ما ننزع القناع.
لقد سمحوا للسجين صاحب القامة الملكية أن يقتني ما يشاء ,وكانت قمة سعادته في ارتداء ملابس الكتان الرقيق وأشرطة الزينة, وكان جلياً أنه رجل رفيع المقام  ,وقد منعوا حتى طبيبه المشرف عليه من النظر إليه 

 

<!--<!--وكتب "فولتير" أن أحد  الضباط كان يصطحب هذا السجين وكان مؤتمنا على عدم الإفصاح عن هويته.
هذا الشخص هو ..الضابط السجان "بنيين دوفيرن دو سان مارس" وهو الشخص الآخر الذي قد يحل لغز صاحب القناع.

"
سان مارس" كان هو المسئول عن السجين المقنع..ومن كان يعرف هويته..
وكان يراسل المشرف على عمله "دي لوفوا" الذي كتب له في إحدى رسائله عام 1682م "إبقاء السجناء مجهولي الهوية,دون أي اتصال مع أي أحد ولا التكلم مع احد"

حسب ما جاء في كتابات"فولتير" فإن السجين المقنع كان في سجن جزيرة"سانت غرين" الواقعة على البحر المتوسط

ثم تم نقله بواسطة حاكم السجن"سان مارس" إلى سجن "الباستيل" في باريس وهو أحلك سجون فرنسا المخبئة تحت الأرض,بعدما قضى 11 عاما في سجن جزيرة"سانت غرين".

مع ذلك لا يوجد أي ذكر للسجين المقنع في الرسائل التي كانت بين "سان مارس" و"لوفوا
ففي البداية يبدو ذلك غير متوافق مع رواية"فولتير" ولكن فيما بعد تم العثور على سجلات من سجن "باستيل" حيث قضى السجين المقنع بقية عمره..وتلك السجلات تؤكد تماما ما قاله"فولتير

 إحدى هذه السجلات كانت لضابط في سجن "الباستيل" اسمه"أتدان دويونكا" ..وهي عبارة عن دفتر ليومياته اثناء عمله في السجن
فيذكر في صفحات يومياته أنه كان أول شاهد عيان على"السجين المقنع"!

وهذا نص ما كتبه
"يوم الخميس 18 من سبتمبر..الساعة الثانية من بعد الظهر,دخل السيد "سان مارس" ومصطحباً معه في نقاله سجيناً قديماً مقنعاً,ولم يعطيني أسم هذا الشخص ولم يُسجل ف السجلات"

وفي نوفمبر عام 1703م ورد ذكر "السجين المقنع" مرة أخرى في يوميات "دويونكا" حينما وصف هذا الأخير موته وذلك كما كتب:

"حوالي الساعة العاشرة..توفى السجين المجهول المقنع"!

 

هذا السجين توفى في الباستيل,في التاسع عشر من تشرين الثاني 1703 م متأثراً بمرض أضنى جسده سريعاً,بعد أن توجب عليه قضاء 34 سنة في السجن.وقد بقيت هويته مجهولة حتى لممثل الملك "إيتيني دوجونكا" الذي كتب في يومياته "عرفت فيما بعد أنهم يدعونه"أمم.دي.مارشيل" ودفن السجين المجهول بعد يوم من وفاته باسم"مارشيولي"وعفا عليه الزمن سريعاً.

وهنا يطرح السؤال نفسه:من هو هذا السجين المقنع وما الذي اقترفه؟

 

ذهبت النظريات إلى تحديد هوية هذا السجين الغامض..ولكن لا أحد متأكد من تلك النظريات..

فأولها وهي الأقرب للتفسير..نظرية "فولتير"

-
كتب فولتير في ضربة موجهة إلى النظام الفرنسي ان الرجل خلف القناه الحديدي لم يكن غير شقيق الملك"لويس الرابع عشر"
وأن لويس الرابع عشر وُلد في وقت الظهيرة بينما وُلد أخاه التوأم في الساعة الثامنة مساءاً ولما كان والده يتناول العشاء,أخفى التوأم الأصغر لتفادي مشاكل الخلافة على العرش.



ولكن الخبراء يشكون في ذلك الرأي لأن أي ولادة ملكية كانت حدثاً عاماً في القرن السابع عشر والثامن عشر ,فالملكة تكون محاطة بعشرات الناس وحتى بعد الولادة يبقى حولها الكثير ,وبالتالي لا يمكن الاحتفاظ بسرية ولادة طفل آخر

-النظرية الأخرى..تقول أن السجين هو "ابن غير شرعي" للملك "لويس الثالث عشر
قد شاع عن الملك لويس الثالث عشر أنه كان عقيماً لا ينجب الأطفال وعلى علاقة سيئة بزوجته النمساوية"آن" التي كانت أقرب إلى وزير الملك "كاردينال مازارين" وكانا على أتم الود في السياسة ويقيناً كان عشيقها وربما تزوجته بعد وفاة الملك ..وحسب النظرية أنجبت "آن" النمساوية طفلا من  "مازلن" قبل ولادة لويس الرابع عشر,بقى أمره سراً لا يعلمه الملك.
وغدا هذا الطفل أخ "لويس الرابع عشر" الأكبر وسينافسه بعدئذ على العرش فزُج به في غياهب السجن وأخفى وجهه بقناع كي يبعد عنه شبه العائلة..

النظرية الأخيرة ..تقول أن السجين ربما كان مجرماً خطيراً أو ربما كان شخصاً يعرف سر كبير عن الملك "لويس الرابع عشر" فخاف الملك من إفشاء ذلك السر فقام بسجنه طيلة حياته..


لكن تلك النظرية تبدو واهية تماما ..حيث أنه كان من الأحرى للملك أن يعدمه ..
وأيضا..لماذا سيخبئ وجهه بقناع؟!إلا إن كان وجهة هو السر وراء كل هذا؟!

الطبيب "مايك ادواردز" جراح العظام ,يقول أنه من المستحيل أن يستطيع أحد العيش بقناع طيلة حياته,إذ أن الوجه في تلك الحالة يكون بيئة مناسبة لنمو البكتريا والفطريات,وإذ أنه لا منفذ لها خارج جلد الوجه,فإنها تخترق الجلد لتسير في مجرى الدم وتسبب"تعفن الدم" وتسبب بعد ذلك سلسلة من ردود الأفعال,حيث تتوقف أعضاء الجسم واحد تلو الآخر,بينما يقوم الدماغ بسرقة الدم منها,حتى يتوقف القلب وتكون نهاية المطاف

 

أخيراً..يبقى لغز السجين ذو القناع الحديدي ..الذي عاش في غياهب السجون طيلة حياته..لغزاً محيراً..في سجلات التاريخ

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 769 مشاهدة

الدليل الشامل للحل الكامل

shamelkamel
يتشرف موقع الدليل الشامل للحل الكامل بعرض الحلول الكاملة لمختلف انواع الالعاب الالكترونية + مواضيع وابحاث مختلفة ونرجو ان يحوز علي اعجابكم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

7,362