ولتتماشى مع كل الأزمنة والأمكنة، كان لا بد من هذه التغييرات والتطويرات التي شهدتها العباءة، الا انها بقيت في معظمها تحافظ على التطريز بالخيوط الملونة. ولعل تلك ميزة تلتقي فيها مع العباءة الفلسطينية لتختلف من حيث النقوش والرسومات. فالتطريز اللبناني يعتمد على الورود والشجيرات التي تضاف اليها مواد من الجلد والمعدن. غير ان اللافت في الامر، هو ظاهرة اقبال الفتيات الصغيرات عليها في الآونة الاخيرة، لا سيما مع اطلالة رمضان. تقول ياسمين الموظفة في محل لبيع العباءات: «الطلب على العباءات لا يختلف من موسم الى آخر، ترتديها النساء طوال أيام السنة. فهي حاضرة في المناسبات الخاصة لمرحلة ما بعد الولادة أو خلال فترة النقاهة. انما يمكن القول إنه في شهر رمضان يزيد الطلب عليها نظرا لكثرة المناسبات والدعوات العائلية حيث يصبح هناك سباق على ارتداء أجملها». وتميّز ياسمين بين أذواق اللبنانيات اللواتي يفضلن كل ما هو بسيط والعربيات اللواتي يخترن الملوّن والمزخرف، ولافتة الى أن المحجبات هن أكثر من يلجأن الى هذا النوع من الأزياء طوال السنة، خصوصا إذا كانت بتصميمات فضفاضة. وتؤكد نيكول بلان صاحبة محلات «مفتاح الشرق» التي تتمتع بخبرة 12 سنة في مجال تصميم العباءات، لا يمكن الاستغناء عن الطابع التقليدي. وتشير: «الابتكار الشخصي يتجلى في التفاصيل التي أستوحيها من موضة الأزياء العالمية، وبالذات فيما يتعلق بالألوان ونوع الأقمشة، حيث أحرص على التوازن في كل المجموعات التي اصممها، فأعتمد اما الألوان الجريئة أو التصاميم الجريئة، فأنا لا أدمج الاثنين في القطعة الواحدة، كي تجد كل امرأة ما يخاطبها ويناسبها، أيا كان ذوقها أو جنسيتها». وتؤكد بلان على أهمية القماش بالذات قائلة: «يجب أن يكون قماش العباءة التي ترتديها المرأة في البيت من النوع العملي الذي لا يحتاج الى العناية الدقيقة مثل القطن، أما تلك المصممة لتلبسها في المناسبات فيجب ان تكون مصنوعة من الحرير والقماش الراقي كي لا ينعكس سلبا على مظهر العباءة وقيمتها». وفي ما يتعلّق بالعباءة التي تأتي بقطعتين واحدة كلاسيكية (مقفلة) والثانية واسعة ومفتوحة، تشير بلان الى أن القطعة الأولى تتسم عادة بالبساطة بعيدا عن التكلّف في التصميم لتأتي القطعة الثانية الخارجية مزينة ومزخرفة. تقول «هذا التصميم تفضله ذوات الجسم المائل للامتلاء، لأنه يخفي الكثير من العيوب. أما تلك التي تضيق عند الخصر فهي مناسبة أكثر لذوات الجسم النحيل، او للمرأة التي تريد ابراز رشاقة قدها». ولم تتوقف بلان في تطويرها للعباءة على التفاصيل والألوان وإدخال أقمشة جديدة، حيث ابتكرت تصميمات خاصة بالمراهقات، كالتي أطلقت عليها تسمية «الكوفية» وصممتها بطريقة تجمع بين طابع العباءة والموضة العصرية المريحة بألوانها المتعددة والواسعة من الأسفل وعند اليدين، لتأتي الكوفية، التي تجمع بين الأبيض والأسود والأحمر على شكل حزام يربط على الخصر. كما استوحت من العباءة «البلوزة» الطويلة والواسعة المصممة بطريقة بسيطة ومصنوعة من القماش نفسه الذي تصنع منه العباءات وبألوان متعددة وترتديه الفتيات كأي «بلوزة» مع بنطلون الجينز جامعة بذلك التراث مع الموضة العصرية. ولم تكتف بلان بالتصاميم المخصّصة للاستعمال التقليدي للعباءة فقد صممت عباءة على شكل فستان للعروس يجمع بين طابع العباءة وسحر ثوب العرس الأبيض من دون الاستغناء عن الطرحة. كما خصصت للاطفال بعد سن السنتين، تشكيلة واسعة تشبه عباءات الكبار . تشرح: «تفضل السيدة في كثير من الأحيان أن ترتدي هي وابنتها العباءة نفسها في المناسبات العامة وهذا ما آخذه بعين الاعتبار».
|
|