wacurricula&teach

موقع تربوي يقدم خدمات بحثية في مجال المناهج وطرق التدريس

أساليب التقييم الصفي

كتبه: توماس أنجيلو وباتريسا كروس

ترجمه: عمر خليفة

سعى عدد من دعاة الإصلاح التربوي في تسعينات القرن الماضي إلى الإجابة عن سؤالين أساسيين: الأول: ما مدى جودة تعلم الطلاب، والثاني: ما مدى فعالية تدريس المعلمين؟ ..

تجيب البحوث الصفية والتقييم الصفي بشكل مباشر على المخاوف التي يبديها البعض حول التعلم الأفضل للطلاب والتدريس الفاعل للمعلمين. وقد طورت البحوث الصفية لتشجع المعلمين كي يصبحوا مراقبين بشكل أكثر انتظاماً وحساسية للتعلم أثناء حدوثه كل يوم في حجرات الدرس. ولدى المعلمين فرصة استثنائية لاستخدام حجرات الدرس والمعامل لدراسة التعلم ويمكنهم من خلال هذه الدراسة تطوير فهمٍ أفضل لعملية التعلم وأثر تدريسهم عليها. إن التقييم الصفي الذي يُعدّ عنصراً رئيساً في البحوث الصفية يشرك الطلاب والمعلمين على حدٍ سواء في المراقبة المستمرة لتعلم الطلاب. فهو من ناحية يزود المعلمين بالملاحظات حول فعاليتهم كمعلمين، ومن ناحية أخرى يعطي الطلاب مقياساً لتقدمهم كمتعلمين. والأهم من ذلك كله هو أن هذه التقييمات الصفية يتم وضعها وإدارتها وتحليلها بواسطة المعلمين أنفسهم حول قضايا التدريس والتعلم التي تعتبر مهمة بالنسبة لهم، لذلك فإن احتمال تطبيق المعلمين لنتائج هذه التقييمات في تدريسهم يكون كبيراً جداً.

ومن خلال المراقبة الدقيقة للطلاب في عملية التعلم، وجمع الملاحظات المتكررة حول تعلم الطلاب، وتصميم التجارب الصفية المتواضعة يستطيع المعلمون أن يتعلموا أكثر حول كيفية تعلم الطلاب، وبشكل أكثر تحديداً كيفية استجابة الطلاب لطرق تدريسية معينة. يساعد التقييم الصفي أفراد المعلمين في الحصول على ملاحظات مفيدة حول ما يتعلمه الطلاب ومدى جودته وفعاليته. ويمكن للمعلمين عند ذلك استخدام هذه المعلومات في إعادة تركيز تدريسهم من أجل مساعدة الطلاب في جعل تعلمهم أكثر كفاءة وأكثر فعالية.

إن المعلمين، الذين يفترضون أن طلابهم يتعلمون ما يحاولون هم تدريسه لهم، يصابون دائماً بخيبة أمل عندما يضعون درجات الطلاب في الاختبار. لأنهم يجدون في كثير من الأحيان أن الطلاب لم يتعلموا كثيراً أو على النحو الذي كان متوقعاً منهم، وهناك فجوات وثغرات – كبيرة جداً في بعض الأحيان – بين ما تم تدريسه وما تم تعلمه بالفعل. وقبل أن تفطن هيئة التدريس إلى هذه الفجوات ومشاكلها في المعرفة أو الفهم يكون في الغالب قد فات الأوان لمعالجتها.

ولتفادى مثل هذه المفاجآت غير السارة، فإن المعلمين والطلاب بحاجة إلى طرق أفضل لمراقبة التعلم طوال العام الدراسي. وعلى وجه التحديد، يكون المعلمون بحاجة إلى تدفق مستمر من المعلومات الدقيقة والصحيحة حول تعلم الطلاب. على سبيل المثال، إذا كان هدف المعلم هو مساعدة الطلاب في تعلم النقاط من 1 إلى 10 خلال العام الدراسي فإن المعلم بحاجة إلى أن يعرف إن كان جميع الطلاب قد بدءوا بالفعل من النقطة 1، ومع تقدم العام الدراسي عليه أن يتأكد كذلك إن كانوا قد وصلوا إلى النقاط الوسطى 2، 3، 4، 5 .. .. الخ. ولضمان وجود تعلم ذي جودة عالية فإنه ليس كافياً أبداً أن يختبر المعلم طلابه عندما يصل المنهج الدراسي إلى النقطة 9 و10. إن التقييم الصفي يكون مفيداً بشكل خاص للتحقق من تعلم الطلاب بشكل جيد في النقطة الأولى والنقاط الوسطى، ولتوفير معلومات عن التحسن عندما يكون تعلم الطلاب أقل من المستوى المطلوب.

ومن خلال الممارسة في التقييم الصفي يصبح المعلمون أكثر قدرة في فهم وتعزيز التعلم وفي زيادة قدراتهم في مساعدة الطلاب أنفسهم كي يصبحوا متعلمين أكثر فاعلية، وقادرين على التقييم والتوجيه الذاتيَيْن. وببساطة فإن الهدف المحوري والغرض الرئيسي من التقييم الصفي هو تمكين كلاً من المعلمين وطلابهم من تحسين جودة التعلم في حجرات الدرس.

إن التقييم الصفي عبارة عن منهج مصمم من أجل مساعدة المعلمين في معرفة ما يتعلمه الطلاب في حجرات الدرس ومدى جودة ما يتعلمونه. ولهذا المنهج المزايا والخصائص التالية:

�        التركيز على المتعلم (الطالب):

يركز التقييم الصفي الاهتمام الرئيسي للمعلمين والطلاب على مراقبة وتحسين التعلم بدلاً من مراقبة التدريس وتحسينه. ويمكن للتقييم الصفي أن يوفر المعلومات لتوجيه المعلمين والطلاب في إجراء تعديلات من أجل تحسين التعلم.

�        التوجيه بواسطة المعلم:

يحترم التقييم الصفي استقلالية المعلمين وحرياتهم الأكاديمية وأحكامهم المهنية. فالمعلم الفرد يقرر ما الذي يقيمه وكيف يقيمه وكيف يستجيب للمعلومات التي اكتسبها من خلال التقييم. كذلك فإن المعلم ليس ملزماً بمشاركة نتائج تقييمه الصفي مع أي شخص آخر خارج حجرة الدرس.

�        ذو فائدة مشتركة:

ولأن التقييم الصفي يركز على عملية التعلم باعتبارها أمراً محورياً، فإنه يتطلب مشاركة الطلاب الفاعلة والنشطة. وبالتعاون في التقييم، يعزز الطلاب قبضتهم على محتوى المنهج الدراسي ويعملون على تقوية مهاراتهم الخاصة في التقييم الذاتي. ويزداد حماسهم عندما يدركون أن معلميهم مهتمون بنجاحهم كمتعلمين ويستثمرون في ذلك. كذلك يشحذ المعلمون من تركيزهم على التدريس من خلال سؤال أنفسهم باستمرار الأسئلة الثلاثة التالية: ما هي المهارات والمعارف الأساسية التي أريد تدريسها؟ كيف يمكنني معرفة إن كان الطلاب يتعلمون تلك المهارات والمعارف؟ كيف يمكنني مساعدة الطلاب على التعلم على نحو أفضل؟. وعندما يعمل المعلمون إلى جانب الطلاب للإجابة عن هذه الأسئلة فإنهم يحسنون مهاراتهم التدريسية ويكتسبون فيها رؤى جديدة.

�        التقييم الصفي تكويني:

إن الغرض من التقييم الصفي هو تحسين جودة تعلم الطلاب وليس تقديم الأدلة لتقييم الطلاب أو منحهم درجات في الاختبار. إن التقييم لا يكون تقريباً لإعطاء الدرجات وهي تكون في الغالب مجهولة غير معروفة.

�        ومحدد السياق:

على التقييمات الصفية أن تستجيب للاحتياجات والخصائص المعينة للمعلمين والطلاب والنظم التي يسيرون عليها، وإن ما يكون جيداً ومفيداً في صف دراسي ما قد لا يكون كذلك بالضرورة في صف دراسي آخر.

�        وعملية مستمرة:

التقييم الصفي عملية مستمرة، وباستخدام عدد من أساليب التقييم الصفية البسيطة التي تتميز بكونها سريعة وسهلة الاستخدام، يحصل المعلمون على الملاحظات من الطلاب على تعلمهم. وبعدها يكمل المعلمون تلك الملاحظات من خلال تزويد الطلاب بملاحظاتهم هم حول نتائج التقييم واقتراحاتهم لتحسين التعلم. وللتحقق من فائدة هذه الاقتراحات فإن أعضاء هيئة التدريس يستخدمون التقييم الصفي مرة أخرى ويستمرون في إبداء الملاحظات. وبينما يصبح منهج التقييم الصفي مندمجاً في الأنشطة الصفية اليومية فإن حلقة التواصل التي تربط المعلمين والطلاب – وتربط التدريس والتعلم - تصبح أكثر كفاءة وأشد فعالية.

�        ومتجذّر في الممارسة التدريسية الجيدة:

إن التقييم الصفي هو محاولة للبناء على الممارسة الجيدة الحالية من خلال جعل الملاحظات على تعلم الطلاب أكثر انتظاماً ومرونة وفاعلية. فالمعلمون يطرحون الأسئلة، ويتفاعلون مع الأسئلة التي يطرحها الطلاب، ويراقبون لغة أجسادهم وتعبيرات وجوههم ويقرءون الواجبات المنزلية والاختبارات .. الخ. والتقييم الصفي يقدم طريقة لدمج التقييم بشكل منهجي وبسلاسة في العملية الصفية التقليدية للتدريس والتعلم.

وأثناء تدريسهم، يرصد المعلمون الطلاب ويتفاعلون مع أسئلتهم وتعليقاتهم ولغة أجسادهم وتعبيرات وجوههم بطريقة تلقائية تقريباً. هذه التلقائية في تجميع المعلومات وتكوين الانطباعات تكون عملية ضمنية وتتم في اللاّوعي. ويعتمد المعلمون اعتمادا كبيراً على انطباعاتهم عن تعلم الطلاب ثم يقومون بإصدار الأحكام الهامة بناء على تلك الانطباعات، ولكنهم نادراً ما يجعلون تلك التقييمات غير الرسمية صريحة أو يتحققون منها مقابل انطباعات الطلاب أنفسهم أو مقدرتهم على الإصلاح. وطوال التدريس يفترض المعلمون قدراً كبيراً حول تعلم طلابهم ولكن معظم ما يفترضونه يظل أمراً غير مجرب.

وحتى عندما يقوم أعضاء هيئة التدريس بشكل روتيني بجمع المعلومات التي يمكن أن تكون مفيدة حول تعلم الطلاب من خلال الأسئلة والواجبات المنزلية والاختبارات فإنه يتم جمعها في كثير من الأحيان بعد فوات الأوان - على الأقل من منظور الطلاب - فلا تؤثر في تعلمهم.

يعتمد التقييم الصفي على افتراضات سبعة:

1-     ترتبط جودة تعلم الطلاب بشكل مباشر - ولكن ليس حصرياً – على جودة التدريس، لذلك فإن واحدة من أكثر الطرق الواعدة في تحسين التعلم هي تحسين التدريس.

2-     يحتاج المعلمون من أجل تحسين فعاليتهم أولاً إلى جعل أهدافهم وغاياتهم واضحة، ثم يحصلون بعد ذلك على ملاحظات محددة ومفهومة حول المدى الذي يحققون فيه تلك الغايات الأهداف.

3-     ولتحسين تعلمهم، يحتاج الطلاب إلى تلقي ملاحظات مناسبة ومركزة مبكراً وغالباً، وهم كذلك في حاجة كي يتعلموا كيفية تقييم تعليمهم.

4-     إن نوع التقييم الذي يتم على الأرجح لتحسين التدريس والتعلم هو الذي يتم بواسطة أعضاء هيئة التدريس للإجابة عن الأسئلة التي وضعوها بأنفسهم استجابة للقضايا والمشاكل التي تصادفهم أثناء تدريسهم.

5-      يعتبر التحقق المنهجي والتحدي الفكري مصادر قوية للتحفيز والنمو والتجديد بالنسبة للمعلمين، ويمكن للتقييم الصفي أن يقدم مثل هذا التحدي.

6-     لا يتطلب التقييم الصفي تدريباً متخصصاً، بل يمكن تنفيذه من قبل معلمين من كافة التخصصات.

7-     بالتعاون مع الزملاء وبمشاركة الطلاب النشطة للطلاب في جهود التقييم الصفي يعزز المعلمون (والطلاب) رضاهم الشخصي حول التعلم.

ولكي نبدأ التقييم الصفي فإنه ينصح بتجربة أسلوب بسيط واحد - أو اثنين - فقط في حجرة الدرس الواحدة. وبهذه الطريقة فإننا نفقد القليل جداً من وقت المعلم والطلاب وطاقاتهم التي تنفق في التخطيط والتحضير. وفي أغلب الحالات يتطلب تجربة أسلوب واحد بسيط من خمس إلى عشر دقائق من وقت الصف. وبعد تجربة تقييم واحد أو اثنين، يتم اتخاذ القرار إما بأن يكون هذا النهج يستحق مزيداً من استثمار الوقت والطاقة فيه أو لا. وعملية البداية هذه تتكون من ثلاث خطوات:

الخطوة الأولى: التخطيط:

اختر حجرة واحدة من حجرات الدرس لديك (واحدة فقط) لتجربة التقييم الصفي. واختر أسلوباً واحداً للتقييم الصفي، يكون سهلاً وسريعاً.

الخطوة الثانية: التنفيذ:

تأكد من أن الطلاب يعرفون ما تقوم به وأنهم يفهمون ذلك بشكل واضح. اجمع ردود الفعل وقم بتحليلها بأسرع ما يمكن.

الخطوة الثالثة: الاستجابة:

للاستفادة من الوقت الذي يصرف في التقييم ولتحفيز الطلاب للمشاركة الفعالة أختم الملاحظات من خلال جعل الطلاب يدركون ما عرفته من التقييمات والفرق الذي ستحدثه تلك المعلومات.

وهذه خمسة اقتراحات لبداية ناجحة:

1-     إذا كان أسلوب التقييم الصفي لا يروق لبديهتك وتقديرك المهني كمعلم، فلا تقم بتجربته.

2-     لا تعتبر التقييم الصفي واجباً أو عبئاً إضافياً عليك.

3-     لا تطلب من طلابك استخدام أي أسلوب للتقييم الصفي لم تقم أنت بتجربته مسبقاً بنفسك.

4-     اسمح بمزيد من الوقت - أكثر مما تعتقد أنك بحاجة إليه – للقيام بعملية التقييم والاستجابة لنتائجها.

5-     اسمح للطلاب بأن يعرفوا ما توصلت إليه من خلال الملاحظات، وكيف يمكنك أنت والطلاب استخدام هذه المعلومات لتحسين التدريس.


نشره: عمر خليفةتاريخ النشر : 14-07-2011
seadiamond

w.s

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 1215 مشاهدة

ساحة النقاش

wacurricula&teach

seadiamond
إدارة الموقع ترحب بالسادة الزوار »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

891,482