تاريخ مسرح زيزينيا بالإسكندرية (2)

الأستاذ الدكتور / سيد علي إسماعيل

كلية الآداب - جامعة حلوان

ـــــــــــــــــــ

فرقة سليمان القرداحي

في أبريل ومايو 1882 شهد تياترو زيزينيا زخماً مسرحياً أجنبياً غير مسبوق، حيث مثل جوق المسيو لاروز مجموعة أوبريتات ومسرحيات، وصل عددها إلى أكثر من عشرين عملاً فنياً، لاقت إقبالاً جماهيرياً كبيراً. وهذا النشاط الأجنبي في مسرح زيزينيا، دفع أعيان الإسكندرية من المصريين إلى الشعور بالغيرة؛ فشجعوا فرقة سليمان القرداحي لتقديم عروضها المسرحية العربية في زيزينيا - لا سيما وأن عروضها أحرزت نجاحاً كبيراً في دار الأوبرا الخديوية بالقاهرة - وبالفعل مثلت الفرقة عروضاً عربية ناجحة في تياترو زيزينيا، مثل: مسرحية (تليماك)، ومسرحية (فرسان العرب)؛ ولكن الظروف السياسية حالت دون استمرار هذا النجاح؛ بسبب رسو الأسطول الإنجليزي على شواطئ الإسكندرية، ومن ثم ضرب المدينة بالمدافع؛ إيذاناً باندلاع الثورة العرابية، التي شلت الحياة الاجتماعية في مدينة الإسكندرية. وبعد انتهاء أحداث الثورة العرابية، بدأت الحياة الفنية تدب في مسرح زيزينيا شيئاً فشيئاً، وبدأت بالعروض الأجنبية على فترات متباعدة طوال عامين تقريباً.

فرقة القباني

ولعل الاحتلال الإنجليزي - لمدينة الإسكندرية أولاً، ثم لمصر بأكملها ثانية – وجد مقاومة فنية خاصة من أهالي الإسكندرية، وتحديداً فيما يتعلق بتياترو زيزينيا، الذي يُعدّ – في هذا الوقت - رمزاً فنياً أجنبياً؛ وهذا يُفسر انتشار العروض المسرحية العربية في تياترو زيزينيا أكثر من العروض الأجنبية، وتحديداً منذ عام 1884، عندما جاءت فرقة القباني من سوريا إلى الإسكندرية، ومثلت أولاً في قهوة الدانوب، ثم انتقلت إلى تياترو زيزينيا، وقدمت عروضها الناجحة. وقد أعلنت جريدة (الأهرام) عن أول عرض للفرقة في زيزينيا، قائلة: " في مساء اليوم يحتفل فريق الروايات العربية تحت إدارة حضرة الفاضل الشيخ أبي خليل القباني بتشخيص رواية (أنس الجليس) في تياترو زيزينيا. وهي إحدى الروايات الخمس الموعودة، بل هي تلك الآية البديعة المشاهد الراوية لنا عن عهد هارون الرشيد وجعفر بن يحيى. وسيتلوها فصل مضحك من منتقيات الفصول وبدائعها. فنؤمل ممن لم يتحصلوا بعد على أوراق الدخول بالاشتراك أن يتسابقوا إلى الحصول عليها قبل فوات الفرصة، وهي تباع بمكتبة حبيب أفندي غرزوزي بسكة الضبطية، والتشخيص سيبتدأ به في الساعة التاسعة ".

وتوالت عروض فرقة القباني الناجحة في تياترو زيزينيا، ومنها: عفة المحبين، ومصباح وقوت الأرواح، والأمير محمود وزهر الرياض، وعنترة العبسي. وكان المطرب عبده الحامولي يغني أغانيه بين فصول هذه المسرحيات، أو في ختامها، مما زاد الإقبال الجماهيري عليها.

فرق عربية متنوعة

بعد نجاح فرقة القباني في زيزينيا وانتقالها إلى القاهرة، ظهرت في ديسمبر 1884 فرقة يوسف الخياط مرة أخرى في الإسكندرية، وعرضت مسرحياتها في زيزينيا، ومنها: هارون الرشيد، والظلوم، وميّ وهوراس، وعائدة. وفي يناير وفبراير 1886، ظهر يوسف الخياط مرة ثالثة من خلال رئاسته لفرقة مسرحية مشتركة مع مراد رومانو، وقدمت هذه الفرقة على مسرح زيزيتيا مسرحيتي: عائدة، وأندروماك. وفي نوفمبر 1888 عرضت فرقة سليمان القرداحي على مسرح زيزينيا بعض المسرحيات؛ ولكنها لم تكن على المستوى المأمول، هكذا أخبرتنا جريدة الأهرام!

ومما سبق، نستطيع القول بأن الفرق المسرحية العربية، استطاعت أن تتواجد بقوة على مسرح زيزينيا، ذلك التواجد الذي نافس – وبقوة – تواجد الفرق الأجنبية، وتحديداً في الفترة من تسعينيات القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين. وتُعد فرقة إسكندر فرح، وفرق الشيخ سلامة حجازي من أهم الفرق التي عرضت أعمالها في مسرح زيزينيا في هذه الفترة!

فرقة إسكندر فرح

بدأت فرقة إسكندر فرح عملها بتياترو زيزينيا في فبراير 1892، من خلال توزيع اشتراكات لعدة عروض مسرحية، منها: ميتريدات، وعائدة، وشارليمان، وملتقى الخليفتين .. بطولة المطرب الشيخ سلامة حجازي، مع طرب خاص بين الفصول للمطربة السويسية. وفي العام التالي، أعادت الفرقة الكرّة مرة أخرى، وقدمت عشرة عروض مسرحية في اشتراك واحد، كان من أهمها عرض مسرحية (أنس الجليس)، الذي أُختتم بفصل مضحك بعنوان (البخيل والسكران)، قام بتمثيله الشيخ سلامة حجازي. وفي عام 1894 أعاد إسكندر فرح الكرّة مرة ثالثة، وقدم مجموعة مسرحيات جديدة ناجحة - بطولة الشيخ سلامة – محدداً أسعار الاشتراك بـ "550 غرشاً صاغاً للبنوار و540 للوجات الدرجة الأولى و160 للوجات الدرجة الثانية و60 غرشاً للفوتيل" – كما أخبرتنا جريدة المقطم - ومن أهم المسرحيات التي قُدمت، مسرحية (الاتفاق العجيب).

أما عام 1896 فكان مختلفاً، حيث تفشى وباء الكوليرا، فقررت جمعية المنهل العذب – الخيرية – تمثيل مسرحية (صدق الإخاء) على مسرح زيزينيا، وهي من تأليف إسماعيل عاصم المحامي. كما قررت الجمعية أن تقوم فرقة إسكندر فرح بتمثيل هذه المسرحية، وسيخصص ريعها للمتضررين من تفشي الوباء. كما أخبرتنا جريدة (المقطم) في يوليو 1896 بأن الخديوي سيرعى هذا العرض، قائلة: " تفضل الجناب العالي أيده الله فوضع الليلة الخيرية التي ستحييها جمعية المنهل العذب في تياترو زيزينيا تحت رعايته. وسيمثل فيها جوق الأديب إسكندر أفندي فرح رواية صدق الإخاء. ويخصص دخلها لمساعدة معلمي المكاتب الأهلية الذين أقفلت مكاتبهم منعاً لانتشار الوباء ولإعانة غيرهم من الفقراء الذين أصيبوا بالوباء".

وبسبب تألق فرقة إسكندر فرح، وتفوقها – تقريباً – على جميع الفرق المسرحية في القاهرة، لم تسنح لها الفرصة لتقديم عروضها في زيزينيا طوال خمس سنوات، حتى وجدنا لها أخباراً – في جريدة المقطم - تقول بأنها ستقدم مجموعة مسرحيات في زيزينيا عام 1901، منها: مطامع النساء، واللص الشريف. ثم تتوقف فرقة إسكندر فرح عن العرض في زيزينيا ثلاث سنوات، وتعود للعرض عليه عام 1904 بمسرحية (روميو وجوليت)، أو (شهداء الغرام)، كما أخبرتنا جريدة المؤيد.

فرقة الشيخ سلامة حجازي

في عام 1905 انفصل الشيخ سلامة حجازي عن فرقة إسكندر فرح، وكوّن فرقة باسمه – انضم إليها أغلب أعضاء فرقة إسكندر فرح – وأصبحت فرقة الشيخ هي الفرقة الأهم والأشهر في هذا الوقت!! ومن أهم العروض التي قدمتها على مسرح زيزينيا مسرحية (روميو وجوليت) في أبريل 1905، ومسرحية (ابن الشعب) في نوفمبر 1905، ومسرحية (مغائر الجن) ومسرحية (ضحية الغواية) في أكتوبر ونوفمبر 1906.

ويُعدّ عام 1907 من أهم أعوام فرقة الشيخ سلامة حجازي، فيما يتعلق بعدد عروضها المسرحية في تياترو زيزينيا. ففي يونية من هذا العام عرضت الفرقة مسرحية (روميو وجوليت)، وخُصص دخلها لجمعية الشبيبة الوطنية الخيرية بالإسكندرية. وفي سبتمبر عرضت مسرحية (تسبا) أو (شهيدة الوفاء)، وفي أكتوبر مسرحية (غانية الأندلس). أما عام 1908، فكان آخر أعوام تمثيل فرقة الشيخ سلامة في تياترو زيزينيا، حيث عرضت فيه أربع مسرحيات: (عايدة) في يونية، و(غانية الأندلس) في سبتمبر، و(تسبا) في أكتوبر، أما مسرحية (اليتيمتين)، فقد أخبرتنا عنها جريدة (الشرق) في مارس 1908، قائلة:

" فكر جماعة من الأدباء بمساعدة بعض الأطباء الغيورين بأن ينشئوا بثغرنا عيادة طبية مجانية، يعالج فيها الفقراء على اختلاف أجناسهم وأديانهم بمزيد العناية. فانتقوا لذلك مركزاً متوسطاً في المدينة، وهو الدائرة الإلهامية (وقف راتب باشا) الكائنة بشارع نوبار نمرة 18. وقد رأوا أن يحيوا ليلة تمثيلية فوق العادة، فانتقوا رواية (اليتيمتين) ليمثلها حضرة الممثل البارع الشيخ سلامة حجازي بمرسح زيزينيا. ويخصص صافي دخلها لابتياع الأدوات الطبية، والأثاثات اللازمة للمشروع. وعين لهذه الحفلة مساء أول أبريل القادم مع بقاء أسعار الدخول على حالها مثل الليالي العادية، فأملنا من محبي الخير أن يشاركوا أصحاب هذا المشروع في خدمتهم الإنسانية ".

عروض الجمعيات

إن كان مسرح زيزينيا هو أهم مسارح الإسكندرية، التي تعرض على خشبته أكبر الفرق المسرحية، فإنه أيضاً أهم مسرح لإقامة خطب الزعماء أمثال مصطفى كامل! قالت جريدة (لسان العرب) في أبريل 1896، الآتي: " سيلقي مساء اليوم في ملعب زيزينيا حضرة الخطيب الأديب مصطفى أفندي كامل خطبة باللغة الفرنسوية، موضوعها المسألة المصرية. وقد دعا لذلك كثيرين من أصحاب الثغر ووطنيه ". وقالت في اليوم التالي: " خطب حضرة الشاب الأديب مصطفى أفندي كامل مساء أمس في مرسح زيزينيا، خطبته المُعلن عنها باللغة الفرنسوية، عن أحوال مصر وشؤون احتلالها".

وكان زيزينيا أيضاً، أهم مسرح في الإسكندرية لإقامة العروض المسرحية للجمعيات الأدبية والخيرية. فعلى سبيل المثال نجد جمعية الصدق العباسي تعرض عليه مسرحية (الصدق بالنجاة) في مارس 1894، وجمعية الترقي الأدبي تعرض مسرحية (أفنان الطرب في عجائب العجب وشجاعة العرب) في ديسمبر 1894، وجمعية محب الفقير اليونانية تعرض مسرحية (الحمامتين) في مارس 1898، وجمعية الابتهاج الأدبي تعرض مسرحية (صلاح الدين الأيوبي) في أكتوبر 1900. أما مسرحية (شهداء الوطنية)، التي عرضتها جمعية مرقاة التمثيل على مسرح زيزينيا، فقد أخبرنا عنها المحرر الفني لجريدة (مصر) في ديسمبر 1900، قائلاً:

" حضرت الليلة البارحة تمثيل رواية (شهداء الوطنية) في مرسح زيزينيا لجمعية مرقاة التمثيل. والرواية ذات معانٍ سامية، تفصل للناظرين جهاد الهولانديين في الخلاص من ظلم الأسبان قديماً، وتعيد إلى الأذهان ذكرى حوادث أخرى تكررت بعدها، ولا تزال تجري حتى الآن لتبقى برهاناً على أن الأسد الهولاندي يفدي حريته بحياته، ويأبى العيش في المذلة. والرواية مكونة من خمسة فصول معربة بقلم الأديب زكي مابرو. وقد حضرها صاحبا السعادة سابا باشا وصدقي باشا محافظ الثغر، وجمهور كبير من الموظفين والأعيان، حتى لم يبق مكان في المرسح لطالب. وأجاد ممثلوها الأدباء في التمثيل إجادة فحق لهم الشكر والثناء".

آخر عرض مسرحي

مما سبق، يتضح لنا إن تياترو زيزينيا كان أهم وأفخم مسرح في الإسكندرية – لا سيما وأنه أول بناء مسرحي في تاريخ مصر الحديث – وقد تتبعنا أنشطته المسرحية – سواء من خلال الفرق الأجنبية أو العربية أو المصرية – منذ عام 1866 حتى عام 1909، عندما أخبرتنا جريدة (المقطم) في مايو 1909 عن آخر عرض مسرحي أقيم عليه، قائلة: " يمثل جوق التمثيل العصري الجديد في الساعة التاسعة من مساء غد الأحد على مرسح زيزينيا بالإسكندرية رواية (ضحايا باريز) أو (الرجل الجهنمي). وهي ذات خمسة فصول بقلم الأديب أمين عطا الله، ويعقبها فصل هزلي. ويطرب الجمهور حضرة المطرب البارع حليم نحاس. والرواية جديدة جديرة بإقبال الجمهور عليها، ويقوم بأهم أدوارها حضرة مدير الجوق الأديب سليم عطا الله ". وقبل أن نتحدث عما آل إليه هذا المسرح العريق؛ يجب علينا أن نعود إلى الوراء، لنعرف ماذا حدث له منذ بنائه حتى عام 1909!!

بين البداية والنهاية

ذكرنا من قبل إن تياترو زيزينيا بناه الكونت زيزينيا في عهد الخديوي إسماعيل في الإسكندرية، وقد تتبعنا أخباره المسرحية منذ عام 1866. وبعد وفاة الكونت عام 1868، آلت ملكية المسرح إلى ورثته. وفي عام 1881 باع الورثة المسرح إلى بنك الأنجلو إجيبسيان، وظنت الصحف أن البنك سيهدم المسرح ويُقيم مكانه بنايات جديدة، أو أنه سيتركه على حاله، والقول الأخير كان الأصوب؛ فقد نشرت جريدة (الأهرام) في مايو 1881 تفاصيل صفقة بيع المسرح، قائلة: " ذكرنا قبلاً عن مشتري بنك أنجلو تياترو زيزينيا. والآن نمى إلينا أنه قد تم عقد المبايعة مع فسحة أراضٍ في الجوار مساحتها نحو 20 ألف ذراع بمبلغ 40 ألف ليرة. ولا خفاء أن في الأراضي المذكورة وكالة تؤجر سنوياً بقيمة 150 ليرة فتلك إذاً صفقة رابحة ".

وبعد إتمام الصفقة بأربعة أشهر، أراد المالك الجديد – بنك الأنجلو – تطوير نظام التنوير بالغاز في المسرح؛ ولكن الأمر تسبب في كارثة؛ حيث انفجر خزان الغاز أثناء تجربته، وأحدث أضراراً جسيمة بالمسرح – منها سقوط سقف القاعة - ونتج عن ذلك وفاة المهندس المسئول، ومجموعة من المصابين، كما مرّ بنا. وفي عام 1896 قرأنا في جريدة (مصر) أخباراً عن بعض الترميمات التي تجري في مسرح زيزينيا، وفي عام 1905 قرأنا – في الجريدة نفسها - عن بيع المسرح بالأراضي المحيطة به - مرة أخرى – إلى إحدى الشركات الإنجليزية بمبلغ 78 ألف جنيه. وظل المسرح يؤدي رسالته الفنية حتى عام 1909، حيث قدّم الشقيقان أمين وسليم عطا الله آخر عرض مسرحي على هذا المسرح العريق، كما مرّ بنا! ثم صمتت جميع الصحف عن ذكر اسم مسرح زيزينيا، حيث أُغلق واشتراه الأمير يوسف كمال بالأراضي المحيطه به عام 1912، وتركه مغلقاً أربع سنوات أخرى.

في عام 1916 – وأثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى - بدأت الصحف تذكر هذا المسرح المغلق، بعد أن تشكلت شركة لترقية التمثيل في الإسكندرية، تكونت من: الدكتور روفر مدير البلدية، وأمين بك يحيى، ومحمود بك الديب، ومخلع باشا، وميشيل سينادينو، وجاك والنتون. وكانت مهمة هذه الشركة التفاوض مع الأمير يوسف كمال لاستئجار مسرح زيزينيا المُغلق، من أجل تطويره وتشغيله، أملاً في ترقية التمثيل المسرحي في الإسكندرية. وقد نجحت الشركة في جمع مبلغ كبير من أجل تطوير المسرح. كما أسهم مجلس بلدية الإسكندرية بإعانة سنوية للمشروع قدرها ألف جنيه. ونجح أعضاء الشركة في مقابلة الأمير والتفاوض معه بصورة مبدئية، وتمثلت شروط استئجار مسرح زيزينيا في الآتي، كما نشرتها جريدة (الأهرام):

1 - تؤجر دائرة صاحب السمو الأمير يوسف كمال دار تياترو زيزينيا لشركة ترقية التمثيل لمدة خمس سنوات تبتدئ من تاريخ صك الاتفاق

2 - تكون أجرة الدار عن هذه المدة كلها 2750 جنيهاً، وتدفع بحسب الترتيب الآتي: في السنة الأولى 200 جنيه، وفي السنة الثانية 300 جنيه، وفي الثالثة 500 جنيه، وفي الرابعة 750 جنيهاً، وفي الخامسة ألف جنيه

3 - تتعهد الشركة بدفع جميع تكاليف دار التياترو والضرائب المفروضة عليها في مدة الخمس سنوات

4 - تسلم الدائرة الدار المؤجرة للشركة كما هي الآن، وعلى الشركة ترميم ما يلزم ترميمه من البناء، وتزيين المكان، وإعداده للعمل بالطريقة التي تختارها الشركة وعلى نفقتها

5 - عند انتهاء مدة الإجازة يتفاوض الفريقان في أمر تجديدها، أو إلغائها حسب الاقتضاء.

وللأسف الشديد لم يتم توقيع العقد لاختلاف الطرفين على أحقية من منهما له وحده حق البت في استمرار العقد لمدد أخرى، أو في فسخه بعد مرور السنوات الخمس؟! كما أن المجلس البلدي تخوّف من اهتمام إيطاليا بالمشروع، لرغبتها في أن يختص المسرح بالعروض الأجنبية فقط، مقابل إصرار المجلس البلدي على اختصاص المسرح بالعروض المسرحية العربية فقط. وأمام هذا الفشل في التوافق على إنقاذ هذا المسرح، وعودته إلى الحياة المسرحية مرة أخرى، حسم الأمير يوسف كمال أمر المسرح نهائياً. وهذا الحسم نقلته إلينا جريدة (الأفكار) عام 1918، قائلة: " أمر البرنس يوسف كمال رجال دائرته بهدم مسرح زيزينيا، الكائن في شارع رشيد بالإسكندرية، وبيع أنقاضه في المزاد العلني"!!

وهكذا أُسدل الستار على أول مسرح بُني في مصر - في عصرها الحديث - وأول مسرح شهد مواسم مسرحية متصلة للفرق الأجنبية، وللجاليات الأجنبية في الإسكندرية، بعد أن ظل يعمل أكثر من نصف قرن!! هُدم البناء منذ قرن من الزمان؛ ولكنني أبقيت على تاريخه في هذه المقالة، من أجل الحفاظ على أمجاده وتفاصيل حياته وأنشطته المسرحية! فمسرح زيزينيا يعني تاريخ الإسكندرية الفني والمسرحي، وسيبقى تاريخ المسرح، ما بقيت مدينة الإسكندرية!!

 

هذا الموضوع ألقيته في قاعة المعهد العالي للسياحة بطنجة في ندوة (المسرح والمدينة)، التي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان طنجة المسرحي الدولي الرابع بالمغرب في أكتوبر 2015

المصدر: جريدة (مسرحنا) - عدد 469 - 8 أغسطس 2016
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 652 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

826,246