فؤاد الشطي .. المخرج المسرحي الكويتي (الجزء الثاني)

بقلم د.سيد علي إسماعيل

ـــــــ

ورغم هذا الكم الكبير من الرجال المتقدمين، فلم تتقدم فتاة كويتية واحدة! واستغرق أمر اختيار الصالح من الرجال ثلاثة أسابيع. وفى أثناء هذه الفترة، تقدمت فتاتان كويتيتان، تعملان موظفتين فى وزارة الصحة، للالتحاق بالفرقة، هما مريم الصالح، ومريم الغضبان .. فعانق طليمات فى قدومهما الأمل فى نجاح مهمته، وآمن أن الكويت على أبواب تطور اجتماعى فى حياة المرأة، قائلاً : إن اسمى (مريم الصالح) و(مريم الغضبان) سيدخلان تاريخ المسرح الكويتى كرائدتين، وسيكونان دائماً على رأس القائمة لمن تليهما من الفتيات الكويتيات اللواتى سيؤلفن بنشاطهن الفنى نقطة انطلاق جديدة فى نشاط المرأة الكويتية ([11]).

وفى 22/11/1961، أرسل طليمات تقريراً إلى وكيل الوزارة، بشأن استكمال تشكيل الهيكل العام لفرقة المسرح العربى، أبان فيه الخطوات السابقة لاختيار أعضاء الفرقة، حتى تم اختيار 44 متقدماً، سيمثلون النواة الأولى لأعضاء الفرقة. وقد رأت اللجنة ألا يقتصر الاختيار على هذا العدد، بل يُزاد حتى تُتاح الفرصة لأكبر عدد من تعلم فنون المسرح نظرياً وعملياً، بالإضافة إلى وجود احتياطى من الممثلين ضماناً لانتظام سير العمل، وأخيراً ليكون لكل ممثل فى دوره بالمسرحية (بديل) يقوم مكانه فى حالة تخلفه.

 

 

ويختتم طليمات هذا التقرير بقوله : ‘‘ فإذا نجحت هذه التجربة النجاح النسبى الذى يتفق والحقيقة القائمة، وهى أن هذه التجربة هى الأولى من نوعها فى الكويت، إذا تم هذا أُعيد تنظيم هذه الفرقة على وجه آخر، أهم ما فيه أن ينقطع أعضاء الفرقة للعمل بالمسرح، وأن يتوفروا عليه بكل وقتهم، إذ لا يخفى أن الأعضاء المُختارين بعد الاختبار، يشغلون وظائف فى الدوائر المختلفة أو فى مرافق أخرى لكسب العيش. إذا تم هذا، أصبح فن التمثيل مرفقاً حيوياً للاحتراف، وبهذا يدخل المسرح الكويتى المرحلة الحاسمة فى سبيل تأصيله وقيامه على الوجه الصحيح. فإذا وافقتم على ما تقدم ذكره، فسنبدأ التدريبات الأولى على مسرحية (صقر قريش) بما بين أيدينا من العناصر المُختارة ’’ ([12]).

ويوافق وكيل الوزارة على ما جاء فى المذكرة. وبناءً على هذه الموافقة بدأت بروفات مسرحية (صقر قريش)، طوال ثلاثة أشهر، حتى تم عرضها فى 18/3/1962 على مسرح ثانوية الشويخ. وهى تأليف محمود تيمور، وإخراج زكى طليمات (@). وإذا كانت مسرحية (صقر قريش)، أول مسرحية تُعرض من قبل الفرقة عام 1962، فهى فى الوقت نفسه، أول إعلان رسمى عنها. ومن غير المعقول أن تمر هذه المناسبة دون الحديث عن هذه الفرقة ونشأتها وسياستها. فتحت عنوان (المسرح العربى)، قال حمد الرجيب :

 ‘‘ إنشاء (المسرح العربى) إنما هو تتويج للجهود التى بذلها الشباب الكويتى من الأدباء وهواة المسرح فى سبيل قيام صرح لفن التمثيل باللسان العربى الفصيح وباللهجة الكويتية، بعد أن شملهم إحساس عميق بأن يعبروا عما تختلج به واعيتهم من شئون الحاضر وآمال المستقبل. ولم يكن عجباً أن يجرى هذا - بل العجب ألا يجرى - وقد تفتحت نوافذ فى الكويت، بدافع من نهضته الحديثة، لاستقبال الوافدات الغربية النافعة فى أحوال المعيشة وطرائق الاجتماع فى غير مبالغة أو تهور. ومنذ أن قامت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل - وفى عنوانها ما يُنبىء عن مهامها - والمسرح يؤلف ناحية من شغلها ونشاطها .... واليوم إذ تقدم الوزارة (المسرح العربى) فإنها تضيف حلقة جديدة إلى حلقات سابقة، مستهدفة أن يصبح المسرح عاملاً من عوامل التوجيه الاجتماعى لكل بيئة وقطاع وأن يصير بحق أداة للتثقيف العام’’ ([13]).

أما زكى طليمات، فقد كتب - فى هذه المناسبة - كلمة، قال فيها : ‘‘ ليس ترفاً ورفاهية قيام فرقة المسرح العربى، وإنما هو ضرورة ألزمها التطور العام .... بالكويت .... وبقيام هذه الفرقة التى ستقدم نفائس المسرحيات مما أخرجته الأقلام العربية والأوربية مُصاغاً فى أسلوب عربى فصيح، تنهض دلالات عدة، لكل منها مغزاها فهى تحكى، أن التطور العام أخذ يمتد إلى ما كان قائماً من مظاهر العرض التمثيلى لينقله من المحلية الكويتية الضيقة النطاق، إلى رحاب العالمية العربية وما وراءها، لاعتبار أن ما تقدمه هذه الفرقة بين المسرحيات التاريخية والمسرحيات المعاصرة، سيتجاوز مُلابسات الحياة الكويتية الخاصة، إلى تناول القيم الإنسانية العامة فى قطاعاتها الكبيرة .... وبتقديم المسرحيات التى تنشر صفحات زاهرة من التاريخ العربى وفق خطة مرسومة، تسهم الكويت فى إبراز مفاهيم العروبة الأصيلة، وفى إحياء أمجادها ومفاخرها، ابتغاء ربط الماضى المجيد، بالحاضر المتطلع إلى آفاق جديدة من مفاخر وأمجاد. وأن حقلاً جديداً سينفتح للأقلام الكويتية - إذ يمتد نشاطها بعد حين إلى كتابة المسرحية، وبهذا لن يتخلف الأدب الكويتى عن أن يكون فى المستوى الذى أستقر فيه الأدب العربى المستحدث، وقد أصبحت المسرحية مظهراً من مظاهره ’’ ([14]).

وهكذا خرجت فرقة المسرح العربى - بمسرحية صقر قريش - إلى النور. تلك الفرقة التى أدخل فيها طليمات، ولأول مرة فى الكويت، العنصر النسائى! وبسبب اختلاط الجنسين فى الأعمال المسرحية، تلقى طليمات هجوماً شرساً، تبعاً للحياة الاجتماعية فى الكويت، فى تلك الفترة. ورغم هذا الهجوم الذى كاد أن يعصف بطليمات ويعصف أيضاً بالفرقة الوليدة، إلا أن المسئولين وقفوا بجانب طليمات، مما جعله يتحمس، ويتقدم بمذكرة إلى وكيل الوزارة بها اقتراحات عامة، تستهدف تنمية النشاط المسرحى، يهمنا منها ما يخص فرقة المسرح العربى، والتى تمثلت فى :

1 - احتراف التمثيل، ويكون بأن ينقطع للعمل بالفرقة بكل الوقت والجهد، الأشخاص الذين أثبتوا جدارة واضحة بأن يكونوا نهائياً لخدمة المسرح عن طريق الاحتراف. وقد كشفت التجربة الأولى عن وجود ما لا يقل عن خمسة عشر شاباً من الممثلين الكويتيين، وهؤلاء يصح نقلهم إلى وزارة الشئون الاجتماعية بنفس الدرجات التى يكونون عليها فى الوظائف التى يشغلونها بمختلف الوزارات. فإذا كان بينهم نفر من غير الموظفين الحكوميين، فيجرى تعيينهم، أو أن تصرف لهم مكافآت مقطوعة فى كل شهر.

2 - استقرار الفرقة فى دار خاصة بها، أى أن يكون للفرقة مسرح ثابت تُعرف الفرقة به، ويُعرف المسرح بها. وفى هذا المسرح تنتظم أعمالها الفنية والإدارية، كما يتضمن المكان مخازن للملابس والأثاث والمهمات ومرسماً لعمل المناظر .. إلخ، ومن حيث إن الوزارة فى صدد إعداد مسرحى (كيفان) و(الشامية)، فإنى أقترح أن يكون مسرح (كيفان) مخصصاً لمقام (فرقة المسرح العربى).

3 - التنويع فيما تقدمه الفرقة من مسرحيات، لذلك أرى ألا يقتصر ما تقدمه الفرقة على المسرحيات التاريخية المكتوبة باللسان الفصيح، بل تقدم أيضاً المسرحيات التى تعالج شئون الحاضر فى قيمه الإنسانية العامة وفى مشاكل المجتمع العربى - والكويت من المجتمع العربى - على أن تكون مكتوبة باللهجة الكويتية، وأن يُراعى فى اختيارها الخفة فى المعالجة والمنهج، والنزعة إلى الفكاهة من غير افتعال، ومن غير أن تسف إلى تملق الجانب الهابط فى الجمهور.

وبالفعل تمت مناقشة هذه الاقتراحات والموافقة عليها - من خلال لجنة مكونة من : حمد الرجيب، محمد عبد الله الفهد، محمد همام الهاشمى، زكى طليمات ([15]) - مما جعل الفرقة تقف على أرض صلبة، وتنطلق فى مسارها الصحيح. ففى 19/6/1962، وبمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال لدولة الكويت، عرضت الفرقة مسرحيتين لتوفيق الحكيم، هما (فاتها القطار)، و(عمارة المعلم كندوز)، وتم عرضهما على مسرح سينما الأندلس.

وتتوالى بعد ذلك عروض الفرقة، ويبدأ التحضير لموسمها الثانى، بمسرحية (أنا .. ابن جلا)، تأليف محمود تيمور، وتمثيل وإخراج زكى طليمات، وعُرضت على مسرح ثانوية الشويخ فى 20/12/1962.

وبصورة غير مسبوقة، تقدم الفرقة برنامجها الثانى لموسمها الثانى بثلاث مسرحيات فى برنامج واحد، وهى (المنقذة) لمحمود تيمور، و(استأرثونى وأنا حى) لسعد الفرج، و(فاتها القطار) لتوفيق الحكيم. وتم عرض هذا البرنامج ابتداء من 19/2/1963، على مسرح مركز ضاحية الشامية (@).

وقبل بداية الموسم الثالث، يتقدم زكى طليمات بمقترحات جديدة لوكيل الوزارة، بشأن تنظيم أعمال الفرقة فى موسمها الثالث 63/1964، تمت مناقشتها فى 19/9/1963، من خلال لجنة مكونة من : حمد الرجيب، محمد عبد الله الفهد، زكى طليمات، وقررت ما يلى :

1 - تبدأ فرقة المسرح العربى موسمها بمسرحية (أبو دلامة) لباكثير، وتشترك فى تمثيلها الممثلة نعيمة وصفى، ثم تقديم مسرحية (مريض الوهم) وتشترك فيها الممثلة سناء جميل، وأخيراً مسرحية (مأساة جميلة) وتشترك فيها الممثلة عائدة عبد الجواد. وفى هذا الاشتراك من قبل ضيفات الشرف، ما يجذب الجماهير إلى حفلات الفرقة، ويكسبها طابعاً من الحرية والنزعة إلى التجديد.

2 - إعداد مسرحيات (طارق الأندلس) لمحمود تيمور، و(الكنز) لتوفيق الحكيم، و(آدم وحواء) لفتوح نشاطى، و(عفريت مراتى) لسليمان نجيب، بعد تكويتها أى كتابتها باللهجة الكويتية. وسيقوم بهذا العمل عبد الرحمن الضويحى عضو الفرقة. لتكون هذه المسرحيات مُعدَة للتقديم إذا ما تأخر تقديم إحدى المسرحيات الثلاث الأولى، أو بسبب تعذر حضور إحدى ضيفات الشرف.

3 - الإعلان عن حاجة الفرقة إلى وجوه جديدة، ومن تختاره اللجنة يُعين فى الوزارة. وأيضاً عرض الاحتراف على من سبق أن اعتذروا عن قبوله فى العام الماضى لخوفهم من عدم استقرار المسرح العربى. هذا بالإضافة إلى ترغيب الفتيات الكويتيات فى الالتحاق بالفرقة.

4 - إسناد بعض الوظائف الفنية إلى الأعضاء من الرجال المحترفين بالفرقة. وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتى للمسرح الكويتى من أبنائه. وقد تقرر أن يتدرب كل من هؤلاء الأعضاء تدريباً نظرياً وعملياً على إحدى النواحى الفنية التى يختارها. وهذه النواحى هى : الإشراف الإدارى على مسرح كيفان (@)، والتنظيم المسرحى، والتلقين، وتخطيط الوجه. هذا ولن تسقط عن العضو المحترف صفة الممثل بقيامه بأعباء إحدى هذه النواحى، بل ستبقى له فرصة الاشتراك فى التمثيل بالمسرحيات التى تقدمها الفرقة.

5 - إنجاز مشروع المسرح المعدنى المتنقل، وذلك بإجراء تصميمات هذا المسرح بالاشتراك مع على نايف مهندس الاتصال بالوزارة، بحيث يتم إعداد خاماته قبل آخر ديسمبر 1963. والمسرح المذكور سيجرى تصميمه بحيث يُقام فى أى مكان، ويُطوى فى أقصر وقت، ثم يُحمل فى سيارات تجرى نقله. هذا مع وقائه بأهم الإمكانيات الفنية الخاصة بالإخراج المسرحى. وبهذا المسرح يمكن إقامة حفلات تمثيلية خارج دولة الكويت، فى الإمارات العربية التى لم تنشىء بعد دوراً للتمثيل ([16]).

فؤاد الشطى عضو الفرقة

فى هذه الفترة كانت أخبار فرقة المسرح العربى تجوب الآفاق، وكان فؤاد الشطى يتتبع أخبارها، ويقرأ عنها، وعن محاضرات زكى طليمات، ويشاهد عروضها، خصوصاً (صقر قريش)، فى إحدى رحلات مدرسة الصديق المتوسطة. ولشدة تعلق الشطى بطليمات وفرقته، قرر الانضمام إليها فى بداية موسمها الثالث عام 1963، عندما بدأ طليمات قبول الدفعة الثالثة (@) من أعضاء الفرقة قبل عرض مسرحية (مضحك الخليفة).

ذهب الشطى إلى وزارة الشئون بمنطقة الوطية، وقابل حمد الرجيب، وسأله عن إجراءات الالتحاق بالفرقة، فأعطاه عنوان مقر الفرقة بعمارة أنوار الصباح. ذهب الشطى إلى المقر، وأنهى إجراءات الالتحاق، مع على كاظم الفهد، والأخوين قاسم وفخرى عودة. وبعد تقديم الأوراق (@@)، تسلم كل متقدم منهم مقطوعتين، الأولى من مسرحية (مصرع كليوباترا) لأحمد شوقى، والأخرى من مسرحية (صقر قريش).

وجاء موعد الاختبار، وكان الساعة الخامسة والنصف يوم 10/10/1963 بمسرح كيفان، وتقابل الشطى مع مجموعة من الأعضاء القدامى بالفرقة، أمثال جعفر المؤمن - الذى يعرفه من قبل لصداقته بأخيه عبد الكريم - والذى عرّفه بحسن يعقوب العلى، فأخذ الشطى يتبادل مع حسن الأحاديث الشيقة، فجذبه خُلقه وتواضعه وعلمه. كما تقابل أيضاً مع مجموعة من المتقدمين الجُدد، أمثال : جوهر سالم، كنعان حمد، صالح حمد.

تكونت لجنة القبول من : زكى طليمات، حمد الرجيب، محمد النشمى، محمد همام الهاشمى. وأثناء الاختبار كان كل متقدم، يُراجع المقطوعتين خلف الكواليس، وجاء الدور على الشطى، وبعد أن قابله طليمات، أثنى على رنين اسمه، وشكله الأنيق، وطوله الفارع، وسنه الصغير. وبدأ الشطى فى تقديم قطعة (مصرع كليوباترا)، وما أن تفوه ببدايتها، إلا وأوقفه طليمات، وطلب منه تقديم قطعة أخرى يرتجلها، بعد تجهيزها خلف الكواليس. وبالفعل تقدم الشطى مرة أخرى وقام ببعض الحركات الارتجالية بصورة كوميدية، مع بعض الجُمل غير المنضبطة، فسأله طليمات : هل قدمت أدواراً مسرحية فى المدرسة ؟ فذكر له الشطى أدواراً عديدة، وقدم منها بعض المقاطع، التى لاقت استحسان اللجنة.

وبعد مرور شهر، استلم الشطى خطاب قبوله، موقعاً من زكى طليمات. ومن ثم، حضر أول اجتماع للفرقة فى مسرح كيفان، أثناء بروفات مسرحية (مضحك الخليفة). وكان الوصول إلى هذا المسرح يمثل معناة شديدة للشطى، حيث يتطلب منه، أن يستقل حافلتين ذهاباً وإياباً، هذا بالإضافة إلى تكلفتهما الباهظة - 100 فلس - والشطى ما يزال طالباً فى المرحلة المتوسطة.

وصل الشطى إلى المسرح، وجلس بجوار المستجدين، وأخذ طليمات يوزع نسخ وأدوار المسرحية، وكان الاجتماع عبارة عن بروفة للقراءة. وجاء الدور على الشطى، فقرأ دوره، وأبدى طليمات ملاحظة له، تمثلت فى استفادة الفرقة منه فى أدوار معينة تبعاً لهيئته وطوله. وبعد مرور أسبوع واحد على هذه البروفات، قرر الشطى الانقطاع عن الفرقة. وذلك بسبب المعاناة الشديدة فى الذهاب والإياب، بالإضافة إلى أن نشاطه فى المسرح المدرسى، والأندية الصيفية سيتأثر سلباً إذا استمر كعضو فى فرقة المسرح العربى ([17]).

ورغم انقطاع الشطى، إلا أن قافلة الفرقة سارت، وافتتحت موسمها الثالث بمسرحية (مضحك الخليفة)، تأليف على أحمد باكثير، وإخراج زكى طليمات، وعُرضت على مسرح كيفان ابتداءً من 30/11/1963 ([18]).

أما البرنامج الثانى للموسم الثالث، فقدمت فيه الفرقة مسرحيتين فى برنامج واحد، هما : (آدم وحواء) اقتباس فتوح نشاطى، و(الكنز) لتوفيق الحكيم، وقام بإخراجهما زكى طليمات، وتم عرضهما على مسرح كيفان ابتداء من يوم 4/4/1964.

 

 

المسرح العربى فرقة أهلية

فى عام 1964، بدأ زكى طليمات التفكير الجدى، فى تحويل فرقة المسرح العربى، إلى فرقة أهلية. وهذا التفكير أخذ شكله التنفيذى من خلال أمرين. الأول، إرسال أول بعثة فنية كويتية مسرحية إلى مصر (@). والثانى، تمثل فى مذكرة، تقدم بها إلى وكيل الوزارة. وهى عبارة عن تخطيط جديد على هدى تجربة المسرح العربى، يهمنا منها ما ذكره زكى طليمات عن فرقة المسرح العربى، ورغبته فى تحويلها إلى فرقة أهلية، قائلاً :

‘‘ .. إن هذه الفرقة بإمكانياتها القائمة .... وبإحجام أكثرية أعضاء الفرقة عن احتراف التمثيل والتخصيص له بكل الجهد والوقت، ثم بقلة إنتاج هذه الفرقة، لم تعد ذات موضوع فى الوقت الحاضر. إن فاعلية أية فرقة إنما تكمن فى وفرة إنتاجها .... ولكنه اتضح أنه لا سبيل إلى الزيادة فى الإنتاج .... والسبب معلوم وهو أن أعضاء الفرقة يعملون بالنهار وفى وظائف حكومية أو أهلية. والوجود الكويتى فى المسرحيات يكاد يكون معدوماً لأن الأقلام الكويتية لم تتمرس بكتابة المسرحيات على صعيد جيد، والجمهور الحديث العهد بالمسرح إنما يقبل على دور التمثيل ليرى أحداث بيئته ووجوه مجتمعه التى يعرفها، وقلما يعبأ بالقيم النفيسة العامة وبالعبر التاريخية .... إذا أخذنا كل ما تقدم بعين الاعتبار، فإننا نجد أنفسنا على مفرق طريق، وأمام حالتين. (الحالة الأولى) : أن يُعاد تشكيل فرقة المسرح العربى بشرط أن يحترف أعضاؤها ويتخصصون فيه ويتوفرون عليه بكل وقتهم .... (الحالة الأخرى) : أن يقف نشاط هذه الفرقة فى الوقت الحاضر، على أن يحل مكانها نشاط تبذله هيئات من هواة التمثيل فى الفرق الأهلية، على أن تحيطها الوزارة بالرعاية .... وفى حالة الأخذ بهذه الحالة، أرى أن تهيىء الوزارة لفرقة المسرح العربى الأسباب التى تتحول معها إلى فرقة أهلية بأن توضع لها نظاماً نموذجياً، من حيث الإدارة .... إذ فى هذه الفرقة تجتمع خلاصة هواة المسرح وقد تمرسوا بالعمل فى نطاق فنى سليم ’’ ([19]).

وهكذا بدأت فرقة المسرح العربى مرحلة جديدة فى حياتها، وتحديداً فى 8/6/1964، عندما عُقد الاجتماع الأول للجمعية العمومية للفرقة، برئاسة زكى طليمات، وحضور كل من : نجم عبد الكريم، حسن يعقوب العلى، مريم الصالح، عدنان حسين، سعد الفرج، بالإضافة إلى محمد رجب، محمد عبد الحليم محمد كمراقبين.

وفى هذا الاجتماع تحدث طليمات عن جهود الفرقة السابقة، التى ساهمت فى تصحيح مفاهيم المسرح وفى تكوين الممثل تكويناً فنياً وعلمياً، بحيث أصبح بعض أعضاء الفرقة يقفون على قدم المساواة مع ممثلى القاهرة، وكل هذا يبشر بأن الممثل الكويتى سينتقل يوماً من المحيط الإقليمى إلى المحيط العالمى. ثم عرج طليمات على مبدأ احتراف التمثيل، وكيف أنه لم ينجح من الهواة ؟! وبهذا لم يعد مستطاعاً أن تقدم الفرقة أكثر من ثلاثة برامج فى الموسم الواحد، وهو إنتاج صغير لا يبرر قيام فرقة تحمل اسم وزارة الشئون الاجتماعية. وزاد من ركود العمل بالفرقة وقصوره، انفراط عقد النظام بين أعضاء الفرقة، وتحللهم من تحمل مسئولية العمل الذى يقومون به مختارين. ويعنى هذا أن المسرح العربى قد (تجمد) ولم يستطع أن يخطو خطوة جديدة، مادام يخضع للنظام القائم، وأنه لابد من مواجهة مرحلة جديدة، تتمثل فى :

1- أن تصبح (فرقة المسرح العربى) (@)، فرقة أهلية من الهواة، وأن تحظى بإعانة مالية ورعاية وتوجيه من جانب الوزارة، وشأنها فى هذا شأن فرق الهواة. وعلى أن يتولى أعضاؤها قيادة أنفسهم، وتحمل مسئولية عملهم، وإحياء شرعية للنظام بينهم.

2- يكون لهذه الفرقة (موجه فنى)، له من الثقافة الفنية والأدبية ومن ممارسته فى فنون المسرح، ما يؤهله لتولى أمر توجيه هذه الفرقة وإخراج مسرحياتها.

3- إنشاء دراسات للتمثيل (معهد للتمثيل) تكون له دراسات مفيدة بشرط السن والمستوى التعليمى، ثم دراسة حرة يحضرها من يشاء ممن لا تتوافر فيهم الشروط السابقة الذكر ([20]).

وبدأت الخطوات الفعلية لإشهار فرقة المسرح العربى، كفرقة أهلية، من خلال بنود لائحة العمل (النظام الأساسى)، التى وضعها طليمات (@)، وأقرها جميع الأعضاء، فى اجتماع يوم الاثنين الموافق 15/6/1964. وأهم ما جاء فى هذه اللائحة :

أولاً : المسرح العربى، فرقة أهلية للتمثيل، ذات شخصية اعتبارية، تتألف فى الكثرة الغالبة من الشباب الكويتى.

ثانياً : رسالة الفرقة، هى العمل على إيجاد وعى أدبى ومسرحى سليم، بالمشاركة فى نشاط الحركة المسرحية نشاطاً يراعى فيه الارتقاء بفنون التمثيل ليكون للكويت الصاعد مسرح يماشى تطوره وتقدمه ويعكس حياته الاجتماعية. وتحقق الفرقة رسالتها بالوسائل الآتية :

1- تقديم مسرحيات جيدة، تقديماً يراعى فى إخراجها وفى أدائها التمسك بالقيم الفنية التى تعمل على تصحيح مفاهيم المسرح وإحياء تقاليد سليمة له.

2- تشجيع المسرحيات التى تنبع من البيئة الكويتية وتعالج مشكلاتها وتعمل على توجيه الرأى العام التوجيه المرغوب.

3- تقديم مسرحيات باللسان العربى، تتناول صفحات من التاريخ العربى، كما يعالج بعضها الآخر القيم الإنسانية والأوضاع الاجتماعية التى تكاد تكون واحدة، فى جوهرها، وذلك فى جميع الأقطار العربية.

4- إقامة محاضرات وندوات فى فنون المسرح وآدابه وإصدار نشرات فنية ([21]).

 

ومن الجدير بالذكر، إن اللائحة ضمت بنداً خطيراً، ينص على :

‘‘ لا يجوز لعضو الفرقة أن يعمل فى فرقة تمثيلية أخرى إلا بإذن مكتوب من المجلس، وعلى شريطة ألا يتعارض عمله مع عمله بالفرقة، وبشرط ألا يقوم بدور تمثيلى’’. وخطورة هذا البند تتمثل فقط فى العنصر النسائى بالفرقة، حيث إن فرقة المسرح العربى - فى ذلك الوقت - كانت الفرقة الوحيدة التى تتمتع بوجود عناصر نسائية أربعة، تستعين بها الفرق المسرحية الأخرى! ولبحث هذه الإشكالية عُقد الاجتماع الأول لمؤسسى فرقة المسرح العربى فى 17/6/1964 (@).

وبعد عدة اجتماعات، قدم مؤسسو الفرقة طلباً لوكيل وزارة الشئون الاجتماعية، ومن ثم إلى وكيل وزارة الداخلية، يطلبون إشهار الفرقة. وفى 15/7/1964، صدر قرار إشهار فرقة المسرح العربى كفرقة أهلية، تطبيقاً لأحكام القانون رقم 24 لسنة 1962. ([22]).

بدأ المشوار الفنى لفرقة المسرح العربى - بهذا الاتجاه الجديد مع بداية الموسم الرابع فى عمر الفرقة عموماً، ومع بداية الموسم الأول لها - كفرقة أهلية فى 20/12/1964، عندما عرضت مسرحية (عشت وشفت) على مسرح كيفان. وهى من تأليف سعد الفرج، وإخراج حسين الصالح (@).

وقد نجحت المسرحية نجاحاً كبيراً، جعل زكى طليمات يطمئن على أبنائه، مما دفعه ليكتب - فى يناير 1965، وبعد تمثيل هذه المسرحية مباشرة - مقالة تحت عنوان (نحو مسرح كويتى متكامل) ([23]). وهى عبارة عن شهادة من قبل طليمات، تحدث فيها عن إسهاماته فى هذه الفرقة، وعن دور الفرقة بصورتها الجديدة، من خلال سواعد أبنائها فى إثراء المسرح الكويتى. وفى فبراير 1965، أرسل طليمات خطاباً إلى فرقة المسرح العربى، قال فيه :

 ‘‘.. والذى لا شك فيه أن أعضاء فرقة المسرح العربى ينزلون من نفسى المكان الأدنى إلى قلبى، وذلك بحكم هذه القرابة الروحية التى تجمع بينهم وبينى، وقد وقفت منهم موقف الوالد والأستاذ مدى ثلاث سنوات متتابعة، تبادلنا أثنائها أطيب ما فى نفوسنا. والذى لا شك فيه أيضاً أن أعضاء فرقة المسرح العربى هم عماد القطاع التمثيلى القائم بالكويت من المسرح إلى التلفزيون ’’ ([24]).

واستمرت الفرقة فى طريقها كفرقة أهلية، مكتفية ذاتياً بجهود أبنائها من الكويتيين، فى معظم الأمور الأساسية لعروضها المسرحية. وقد جاء ختام الموسم الرابع فى عمرها كفرقة مسرحية، وموسمها الأول كفرقة أهلية، بمسرحية (اغنم زمانك) فى 3/7/1965، وعُرضت على مسرح كيفان. وهى من إخراج حسين الصالح، وتأليف عبد الحسين عبد الرضا (@).

ويُعلق فؤاد الشطى - على هذه المرحلة من تاريخ فرقة المسرح العربى - قائلاً : ‘‘ فى الكويت، ومع بداية زكى طليمات، الذى جاء لتأسيس فرقة المسرح العربى، تعرفت الكويت على الإخراج المسرحى كما يجب أن يكون عليه من العمل المسرحى .... فطليمات أحضر معه فرقة كاملة للفنيين الذين يشكلون أهم العناصر الفنية للعرض المسرحى. من هنا قلد بعض المخرجين مثل محمد النشمى مجموعة الوظائف التى اعتمدها زكى طليمات، الذى مارس عملية التعليم والتثقيف فى فرقة المسرح العربى. وجه الكثير من الشباب الكويتى للوظائف الفنية المحيطة بعملية العرض المسرحى، وكان طليمات يعتمد على المدرسة الكلاسيكية القديمة فى انتهاجه لتطبيق العمل المسرحى. واعتمد القواعد الثابتة فى عملية حرفية المسرحية، لذلك اكتسب الفنانون الأرضية السليمة فى فن التعامل مع المسرح ثم تجاوزوها بثبات عندما آن أوان التجاوز’’ ([25]).

الشطى وفرقة المسرح العربى

 

علمنا فيما سبق أن فؤاد الشطى، لم يستطع أن يستمر كعضو فى فرقة المسرح العربى عام 1963، رغم اشتراكه فى بروفات قراءة مسرحية (مضحك الخليفة) لمدة أسبوع. ولكن عندما التحق بمركز الدراسات المسرحية عام 1965، وجد أن أغلب الطلاب أعضاء فى الفرق المسرحية العاملة. ومن هنا قرر العودة إلى فرقة المسرح العربى مرة أخرى، خصوصاً بعد سماعه بعروضها الناجحة، بعد أن أصبحت فرقة أهلية.

ذهب فؤاد الشطى إلى سكرتير الفرقة، كمال عبد العزيز، وعندما أبدى رغبته فى العودة، قال له السكرتير: يجب أن تُقدم طلباً جديداً لإعادة قيدك مرة أخرى، على أن يكون الانضمام تبعاً لتاريخ اليوم. وبالفعل قدم الشطى الطلب، مع مجموعة من المتقدمين، منهم: عبد المجيد قاسم، حمد ناصر، سالم حمود. وتشكلت لجنة القبول من : حسين الصالح، عبد الحسين عبد الرضا، سعد الفرج، غانم الصالح، عبد الوهاب سلطان، جعفر المؤمن.

وكانت النتيجة إعادة قيد الشطى، وقبول عبد المجيد قاسم، ولم تقبل اللجنة حمد ناصر، وسالم حمود (@). وأول عمل اشترك فيه الشطى بجهوده الفنية بالنسبة للفرقة، كان مسرحية (الكويت سنة 2000) من خلال التمثيل والتنظيم المسرحى. والمسرحية من تأليف سعد الفرج، وإخراج حسين الصالح. وتم عرضها فى بداية الموسم الخامس، على مسرح كيفان فى 5/2/1966.

وفى هذه المسرحية قام الشطى بتمثيل دورين، الأول كان فى رقصة غربية فى بداية المسرحية، مع على البريكى، والآخر دور فراش المدرسة، بجانب نخبة من الممثلين، هم : عبد الحسين عبد الرضا، خالد النفيسى، سعد الفرج، غانم الصالح، جوهر سالم، عائشة إبراهيم، مريم عبد الرزاق، كاظم القلاف، عبد المجيد قاسم، عادل الحلوانى، ابتسام عيسى، صالح حمد، عباس عبد الرضا، يوسف الخميس، عبد الرزاق نصيف، أحمد إسماعيل، محمد جابر، فاطمة عيسى، أنيسة الأعظمى.

وفور انضمام فؤاد الشطى لفرقة المسرح العربى، بدأ فى تشكيل مجموعة طليعية، تمثل الفكر الجديد للنهوض بالفرقة فى جانبيها الثقافى والفنى. فشرع فى مساعدة كاظم القلاف فى تأسيس مكتبة الفرقة. ونظر حوله فلم يجد حسن يعقوب العلى، ولا كنعان حمد، لانقطاعهما فترة طويلة عن الفرقة، فعمل على إقناعهما بالعودة، بعد أن أوضح لهما أهداف وأفكار تلك الجماعة، أملاً فى انضمامهما، وبالفعل نجح الشطى فى ذلك.

بدأت المجموعة نشاطها، بإصدار مجلة للحائط، يحررها الشطى، مع حسن يعقوب العلى، وكاظم القلاف، ويخط عناوينها العريضة حمد ناصر. وتوالت لقاءات هذه الجماعة، مع اتجاه الثقافة الجديد فى الكويت، فى فترة الستينات، المتمثل فى الشاعر فائق عبد الجليل، والكاتب إسماعيل فهد إسماعيل، وغيرهما. وفى هذه اللقاءات كانت تتبلور أمور الفرقة وأعضاء مجلس إدارتها، أمام أعين جماعة الطليعة، مما جعلهم ينتقدون بعض سلبياتها فى مجلتهم الحائطية، سواء الخاصة بالفرقة، أو ببعض أعضاء مجلس إدارتها، وهذا على المستوى الثقافى للجماعة.

أما على المستوى الفنى، فكانت الجماعة الطليعية، منسجمة ومتجانسة مع مجلس الإدارة، ورغم ذلك كانت تريد التنوع فى عروض الفرقة، عندما تُتاح لها الفرصة، مع عدم التقيد بصورة مطلقة بالنوع السائد، المتمثل فى العروض الشعبية الكوميدية، التى تعتمد على نجومية الفنانين الكبار، أمثال عبد الحسين عبد الرضا، سعد الفرج، خالد النفيسى، غانم الصالح، وغيرهم من النجوم.

ولكن رأى الجماعة لم يلقَ الاستحسان، حيث إن رأى الأغلبية يخالفهم. ورغم هذه المخالفة، إلا أن الجماعة كانت تُظهر رأيها بكل حب واحترام لأساتذتهم ورموز الحركة المسرحية فى مجلس إدارة الفرقة. والدليل على ذلك، أن الجماعة سارت فى اتجاهها نحو خدمة الفرقة بكل صورة ممكنة. فالشطى على سبيل المثال - فى هذه الفترة - قام بالتلقين، والتنظيم المسرحى، وإدارة المسرح، وإدارة الصالة، وهكذا فعل بقية أعضاء الجماعة، رغم نجوميتهم فى الإذاعة والتلفزيون، لإيمانهم بأن أى عمل مهما صغر أو كبر حجمه، فهو فى النهاية يخدم الفرقة، ويدفعها إلى الأمام.

بعد ذلك قام الشطى بتمثيل دور (بابو) الطباخ الهندى، فى مسرحية (24 ساعة)، التى افتتحت بها الفرقة موسمها السادس. وهى من إخراج حسين الصالح، وإعداد جعفر المؤمن، وتم عرضها على مسرح كيفان ابتداءً من 13/5/1967. كما عُرضت مرة أخرى فى 25/11/1967، بمناسبة انعقاد المؤتمر الثالث لوزراء العمل العرب فى الكويت. وقام بتمثيل هذه المسرحية كل من : عبد الحسين عبد الرضا، خالد النفيسى، سعد الفرج، عائشة إبراهيم، فؤاد الشطى، صالح حمد، أمية المصرى، عبد الجبار عبد المجيد.

وفى الموسم السابع 68/1969، أصبح فؤاد الشطى عضواً ضمن أعضاء لجنة العلاقات العامة بالفرقة، مع على البريكى، سالم حمود، جوهر سالم، أحمد الراشد، وتحت رئاسة جعفر المؤمن ([26]). وقد تم افتتاح هذا الموسم بمسرحية (حط حيلهم بينهم)، إعداد وحوار سعد الفرج، وإخراج حسين الصالح، وتم عرضها على مسرح كيفان ابتداءً من 4/6/1968.

وبسبب صغر سن الشطى، فى ذلك الوقت، وبسبب وسامته أيضاً، كانت له صداقات عديدة، مع أقرانه من الفنانين الشباب. وكانت هذه الصداقات تُحتم على الشطى الالتصاق الدائم مع هؤلاء الرفقاء والأقرباء، لدرجة اصطحابهم إلى مقر المسرح. وهذا الاصطحاب كان مخالفاً لتعليمات مجلس إدارة الفرقة، الذى وجه إليه تنبيهاً كتابياً، قال فيه :

السيد العضو / فؤاد الشطى

بعد التحية

بناء على ما تقرر فى اجتماع مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة مساء يوم الجمعة الموافق 22/11/1968 وبناء على ما جاء بالإعلان الصادر عن مجلس الإدارة بتاريخ 3/3/1968 (لوحة الإعلانات) بخصوص عدم اصطحاب زوار بمقر المسرح أو أصدقاء غير منتمين إلى العمل الفنى الأمر الذى تسبب منه شكاوى شفهية من بعض الأعضاء. لذا يتنبه عليكم وللمصلحة العامة مراعاة ذلك والتقيد بما جاء بنظام اللائحة الداخلية للمسرح.

واقبلوا تحياتنا

مدير المسرح العربى

                                             حسين الصالح ([27])

ويأتى الموسم الثامن فى عمر فرقة المسرح العربى، ويبدأ بعرض مسرحية (من سبق لبق)، تأليف عبد الحسين عبد الرضا، وإخراج حسين الصالح. وتم عرضها على مسرح كيفان ابتداءً من 19/4/1969. وفى هذه المسرحية، لم يُشارك الشطى بأية أدوار تمثيلية. ولكن عند عرضها - مرة أخرى فى مايو 1969 - بمناسبة المهرجان الفنى العربى الأول، الذى أقامته نقابة الفنانين فى سوريا، طُبع اسم الشطى، فى برنامج المسرحية، ضمن فريق الممثلين، حيث ذُكر إنه سيمثل دور (الطباخ) (@). وبالرغم من سفر الشطى، وطبع اسمه فى البرنامج .. لم يُشارك بالتمثيل فى هذه المسرحية.

أما الموسم التاسع، فتفتتح الفرقة برنامجه الأول بمسرحية (الليلة يصل .. محقان)، إعداد محمد جابر، وإخراج حسين الصالح، وتم عرضها بمسرح كيفان ابتداءً من 10/12/1969. ولم يشارك الشطى بالتمثيل فى هذه المسرحية، بل كان عضواً بمجلس الإدارة، ورئيساً للجنة الثقافية. ونفس الشىء حدث أيضاً فى البرنامج الثانى للموسم التمثيلى التاسع، عندما عرضت الفرقة مسرحية (القاضى راضى)، إعداد محمد جابر، وإخراج حسين الصالح، وتم عرضها على مسرح كيفان ابتداءً من 24/6/1970 (@).

وإذا كان الشطى غاب عن المشاركة التمثيلية فى موسم الفرقة التاسع، إلا أنه عاد إلى هذه المشاركة فى افتتاح الموسم العاشر، عندما قام بدور (المندوب الهندى)، فى مسرحية (حط الطير .. طار الطير). وهذه المسرحية من تأليف عبد الأمير التركى، وإخراج حسين الصالح، وعُرضت على مسرح كيفان ابتداءً من 15/3/1971. وقد شارك الشطى فى تمثيل هذه المسرحية، بجانب كل من : عبد الحسين عبد الرضا، سعد الفرج، غانم الصالح، مريم الصالح، عائشة إبراهيم، جوهر سالم، محمد جابر، على البريكى، أحمد الراشد، أمية المصرى.

وفى هذه الفترة، بدأ الشطى ومجموعته الطليعية فى العمل الجدى، نحو تحقيق أهدافهم لخدمة الفرقة. ولتحقيق هذه الأهداف، كان يجب على الشطى الوصول إلى عضوية مجلس الإدارة، وخوض انتخاباتها وسط العتاة من كبار نجوم الفرقة. وبالفعل رشح الشطى نفسه، وتقاسم مع عبد الحسين عبد الرضا، أعلى الأصوات. فتارة يحتل الشطى المركز الأول، وتارة يحتله عبد الحسين، وهكذا. وكان نتيجة هذا، فوز الشطى برئاسة اللجنة الثقافة فى المواسم 69/1970، 70/1971، و71/1972. ومن خلال رئاسته لهذه اللجنة، استطاع الشطى تنشيط المواسم الثقافية، التى كانت شبه مُهملة من قبل.

وبعد هذا النشاط، يغيب اسم فؤاد الشطى، عن الساحة الفنية، وأيضاً عن أرض الوطن، فترة زمنية، بسبب بعثته إلى أمريكا، كما ذكرنا سابقاً (@). وبعد عودته وجد ظروفاً صعبة مرت على الفرقة، تمثلت فى غياب أكثر نجومها وأعمدتها، أمثال عبد الحسين عبد الرضا، سعد الفرج، محمد جابر، عائشة إبراهيم، أحمد الراشد، صالح حمد. وذلك بسبب تكوينهم لفرق مسرحية خاصة، كفرقتى المسرح الوطنى والمسرح الحر.

وتقول الوثائق عن هذا الموضوع، إن عدنان حسين سكرتير عام فرقة المسرح العربى، أرسل خطاباً فى 26/10/1974، إلى وكيل وزارة الشئون، قال فيه : ‘‘ نظراً لما درج عليه فى الآونة الأخيرة بعض الأعضاء العاملين فى الفرق المسرحية .... من إنشاء مسارح خاصة لها طابع تجارى وتحت أسماء مثل المسرح الكوم�

المصدر: جزء من كتاب كان من المفترض نشره عام 2000م، ومنشور الآن في موقع فؤاد الشطي / ورابطه http://www.fuadal-shatti.com/show_about.aspx?id=32
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

755,254