يحيى عبد التواب .. بين الفن والأدب
د.سيد علي إسماعيل
ـــــــــ
صدر مؤخراً كتاب للدكتور يحيى عبد التواب، بعنوان (تجربتي: حسين وعزيزة .. ليبرتو باليه)، والمنشور من قبل أكاديمية الفنون بالقاهرة، ضمن سلسلة (دفاتر الأكاديمية). والكتاب المعني يحمل العدد التاسع. وينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام: الأول، يشتمل على بحث بعنوان (فن الباليه والأدب) - نُشر من قبل في مجلة فصول عام 1985 - والثاني، يشتمل على ليبرتو باليه حسين وعزيزة. والثالث، يشتمل على قصة قصيرة للطفي الخولي بعنوان (قمر في الفجر).
وقد كتب الدكتور مدكور ثابت – رئيس الأكاديمية – تصديراً لهذا الكتاب، أبان فيه أن الدكتور يحيى عبد التواب - باعتباره أحد أبناء الأكاديمية - يُعد من الرعيل الأول في مجال الباليه، بالإضافة إلى تميزه في مجال الباليه التنظيري والإبداعي. كما كتب الدكتور يحيى تمهيداً، أوضح فيه قيمة قصص لطفي الخولي القصيرة، وكيف انتبه لهذه القيمة كُتّاب روسيا، عندما لاحظوا أن بعض قصص لطفي الخولي القصيرة تصلح لأن تُعد للباليه. ومن هذا المنطلق طاف الدكتور يحيى حول محراب الأدب القصصي عند لطفي الخولي، فوقع اختياره على قصة بعنوان (قمر في الفجر)، لأن بعض مواقفها تجسدت في مخيلته على شكل مشاهد حركية، فحولها من قصة قصيرة إلى ليبرتو باليه .. أي أنه أعاد صياغة القصة أدبياً، لتصبح صياغة أدبية جديدة تحكي أحداث عرض باليه في شكله النهائي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نجح الدكتور يحيى في تحويل القصة القصيرة إلى باليه؟ وبمعنى آخر: هل كانت صياغة الليبرتو باليه أنجع أدبياً وفكرياً من صياغة القصة بالنسبة إلى القاريء؟ وهذا السؤال ربما طرحه الدكتور يحيى في كتابه بصيغة أخرى، عندما قال: من يكتب السيناريو للباليه؟ وتمثلت الإجابة في: أن من يكتب السيناريو للباليه هو الذي يملك الموهبة والمعرفة والقدرة. ومن هذا المنطلق سيتجه حديثنا، وسنبدأه بهذا السؤال: إذا كان الدكتور يحيى عبد التواب كتب سيناريو الباليه - (الليبرتو باليه) – معتمداً فيه على قصة لطفي الخولي (قمر في الفجر)، فهذا يعني أنه – أي الدكتور يحيى – يملك الموهبة .. ويملك المعرفة .. ويملك القدرة، فهل كان بالفعل الدكتور يحيى يملك كل هذا؟!
فبالنسبة إلى المعرفة، نجد أن من يمتلكها يكون عارفاً بالأمور والعلوم، ويُعتبر عالماً وعليم بها. وهذا الأمر ربما أقرّ به الدكتور مدكور ثابت عندما قال – كما مرّ بنا - إن الدكتور يحيى متميز في الجانب التنظيري للباليه. وهذا الإقرار يدل على معرفة الدكتور يحيى بأمور الباليه التنظيرية وعالماً بها. ونضيف إلى ذلك دراسته القيمة – المنشورة في الكتاب – عن فن الباليه والأدب، التي تدل على امتلاكه حصيلة معرفية تاريخية لفن الباليه وأدبه.
أما الموهبة - والتي تتضمن هبة الله للإنسان أو عطيته له، ليصبح مُعداً لأمر ما - فهي متوفرة في الدكتور يحيى – كما أزعم – على الصعيد التطبيقي، حيث رأيتها رؤية العين في عرضه المتميز (شبح الأوبرا) عندما عُرض في الكويت ومصر عام 1998، فكان حدثاً فنياً غير مسبوق في ذلك الوقت.
وإذا كانت المعرفة مطلوبة للمبدع لتكون خلفية علمية له .. وإذا كانت الموهبة مطلوبة للمبدع ليكون موهوباً ومتميزاُ بين أقرانه .. فهذان العاملان لا قيمة لهما بدون القدرة. لأن القدرة تعني القوة والاقتدار على بلوغ الأمر. ومن هذا المعنى نلحظ أن المعرفة والموهبة لا قيمة لهما بالنسبة إلى المبدع، إذا لم ينجح في الاقتدار على بلوغ أمره. والسؤال الآن: هل استطاع الدكتور يحيى - بما يمتلكه من معرفة وموهبة – أن يكتسب القوة والاقتدار على تحويل القصة القصيرة إلى ليبرتو باليه؟ والإجابة على هذا السؤال تتطلب منا السير بصورة حثيثة، وراء أسلوب الدكتور يحيى في إعادة صياغة القصة القصيرة، لتصبح ليبرتو باليه.
كتب لطفي الخولي قصته القصيرة (قمر في الفجر)، وأقام بناءها الدرامي حول حلم الفتاة الفقيرة عزيزة بأن تمر السنوات، فيكبر صدرها وتصبح فاتنة تخلب عقول الشباب والرجال، خصوصاً الأفندي بتاع قهوة زينهم، حتى تسيطر عليه بدلاً من مبروكة. وهذا الحلم تتصوره وهي جالسة في خرابة – مكان مهجور منبوذ - منكمشة في إحدى ليالي الشتاء الباردة. وتخبرنا الفتاة أثناء شطحات حلمها، بأنها تعمل بائعة لأوراق اليانصيب لحساب الحاجة زبيدة. وعندما شعرت بالجوع راحت تبحث عن بقايا الطعام في برميل للقمامة، وهنا تفاجأت بوجود عينين براقتين تلمعان في الظلام، ثم ظهر رأس شاب، وقبل أن تطلق صيحة مذعورة، وضع الشاب يده على فمها، لأنه أحسّ بوجود شاويش الدورية. وهذه اللحظة يصفها لنا لطفي الخولي بقوله: "ولكن يداً استقرت في عجلة على شفتيها متدحرجة على الأرض اللزجة .. وشعرت عزيزة بجسدها ملتصقاً إلى جسد آخر .. فتى في مثل عمرها، يداه تحوطها في قوة .. أنفاسه الـ .. الحارة تدفيء إحدى وجنتيها" (ص87).
وعندما شك الشاويش في وجود حركة في الخرابة، صاح: مين هناك .. "فتبادل الفتى وعزيزة نظرات أضاءت وجهيهما بالبسمات، واحتضن كل منهما الآخر بعنف مفاجيء لا طاقة لهما على التحكم فيه. وترددت عزيزة لحظة ثم حركت شفتيها ببطء وحذر" (ص87). وبعد تبادل الحوار بين الشاويش وزميله، مرت سيارة مسرعة "وكانت عزيزة والفتى لا يزالان على التصاقهما يتسمعان بكل جسميهما، ويتبادلان الحديث بسواد النظرات وبياضها عن كل شيء في الدنيا" (ص88). ويتفنن لطفي الخولي في وصف الحوار الغريزي بين الفتي وعزيزة، تارة بالهمسات وتارة أخرى بالعيون واللمسات. ومن خلال هذا الحوار نعلم أن الفتى أراد أن يبيت في الخرابة لأنها قريبة من المصنع الجديد، الذي يأمل العمل فيه. كما تسرد عزيرة لفتاها قصة حياتها وما آلت إليه من شقاء وتعاسة، لتصبح بائعة يانصيب عند الحاجة زبيدة.
ويعيش الفتى لحظات حالمة، يحلم فيها بدنيا جديدة، دنيا نظيفة يتعاون في نظافتها الجميع، ويبنون بيتاً كبيراً يسع الجميع، هذا البيت به أربع حجرات كبيرة، كل حجرة بجحم البلد. والحجرة الأولى تكون للعمل، والثانية لتخزين الطعام، والثالثة للملابس، والأخيرة تكون حجرة مسحورة يعيش فيها مع عزيزة، ويطيران بأجنحة إلى القمر. أما عزيزة فتعيش أيضاً لحظاتها الحالمة، وتتخيل بأنها جالسة وسط القمر تنثر أوراق اليانصيب على الحاجة زبيدة ومبروكة والأفندي، فتمتد يد ترفع فتاها من الأرض إلى القمر بجوارها، ليعيشا سوياً بين أشجار النور.
ويقطع هذا الحلم صوت شاويش الدورية مرة أخرى، بعد أن يضبط عزيزة في الخرابة، ويمطرها بوابل من الأسئلة: من أنت؟ وهل أنت وحدك في الخرابة؟ وماذا سرقت؟ .. إلخ. وفي هذا الوقت كان الفتى يسير خلف أحد الأشخاص، منتظراً أن يلقي عقب سيجارته، حتى يلتقطه ويدخنه. وينتهي الموقف بهرب عزيزة من الشاويش واللحاق بفتاها. وقبل أن يفترقا تواعدا على موعد آخر في الخرابة عصراً، بعد أن طبع الفتى قبلة على وجهها.
وسارت عزيزة بروح جديدة دبت في كيانها، وتوقفت قليلاً أمام مرآة لصالون حلاقة، تنظر إلى وجهها وجسدها وكأنها تنظر إليهما لأول مرة .. وسارت ترى وجه الفتى في كل مكان حولها، وفجأة تذكرت أنها لم تسأل الفتى عن اسمه! ولكن من المؤكد أن اسمه حلو قوي. واستندت عزيزة إلى جدار "وعيناها وشفتاها وأنامل يديها وكل ما فيها يبتسم إلى الضياء الذي غزا كل ركن من الميدان" (ص100). بهذه الكلمات ينهي لطفي الخولي قصته القصيرة، التي توضح حلم البسطاء في حياة كريمة، كما تكشف عن نفسية عزيزة التي طرق الحب قلبها لأول مرة، واستمتعت غريزياً بأول لمسة وقبلة من فتى مراهق مثلها.
أما الدكتور يحيى عبد التواب، فقد أعاد صياغة هذه القصة في صورة ليبرتو باليه من ثمانية مشاهد. وتبدأ الصياغة بمشهد المقدمة وفيه نجد الفتى – بعد أن أطلق عليه د.يحيى اسم – حسين يرسم في ضوء القمر صورة لفتاة رشيقة غير محددة ملامح الوجه، وكأنها فتاة أحلامه التي لم تظهر بعد ولم تُحدد ملامحها في خياله. وفي ساحة السوق وسط الباعة والمتجولين يقف حسين يرسم لوحاته، فتدخل عزيزة - فتاة الأكروبات - وتقوم بحركات بهلوانية تلفت أنظار الجميع تجاهها. وهنا يبدأ حسين في إكمال صورته بعد أن وجد الملامح المفقودة في وجه عزيزة. ولكن الشاويش يقبض على عزيزة بسبب سرقتها ثمرة من أحد الباعة المتجولين. فتتدخل زبيدة في الأمر وتنقذ عزيزة بحجة أنها أمها، وتطلب منها الذهاب معها إلى منزلها، ويرافقها حسين خوفاً عليها، لأنه يعلم أن زبيدة ليست أمها. ويتدخل التاجر الطيب ويحذر حسين وعزيزة من زبيدة، ولكنهما لم يعيرا نصيحته أي اهتمام. ويذهب الجميع إلى وكر زبيدة، لنجد الأعور السكير يحصي النقود وينكل بالأطفال ويعذبهم، ويعجب برسومات حسين ويعرض عليه أن يرسم النقود، فيهم حسين أنه يريد أن يعمل معه في التزييف، ولكن حسين يرفض. أما زبيدة فقد جعلت عزيزة ترتدي أفخر ثياب الإغراء وتتزين لتصبح جاهزة لعملها الجديد. لتكتشف عزيزة وحسين في نهاية الأمر أن زبيدة قوادة تريد أن تستغل عزيزة في أعمال منافية للآداب، وأن الأعور يريد استغلال حسين في أعمال إجرامية.
وعندما ترفض عزيزة الأمر تقسو عليها زبيدة وتجبرها على الانصياع للأمر. أما حسين فقد قيده الأعور، وعاد هو إلى زجاجة الخمر. وبعد وقت يفك أحد الصبية المتمردين - على الأعور - وثاق حسين ويدله على مكان عزيزة، فيهربان سوياً لإنقاذها. وتنتقل الأحداث بعد ذلك إلى البار، لنرى زبيدة تعرض على الأفندي جمال عزيزة، الذي يبهره، فتغار عليه مبروكة خليلته، وبعد أحداث متلاحقة يقتحم البار حسين والفتى المتمرد، وتهرب عزيزة من البار. وتنقلب ساحة المسرح إلى مطاردات شتى، فحسين وزبيدة والأفندي يبحثون عن عزيزة، والشرطة تجري هنا وهناك، وزبيدة تجد الأعور فتنهال عليه ضرباً، ومبروكة تلحق بالأفندي .. وهذا يجري وراء ذاك، وذاك يبحث عن هذا .. إلخ. وفجأة يسود الهدوء لنجد حسين وعزيزة في ينظران إلى القمر ويستسلمان للنوم وللحلم الجميل.
وفي الحلم نجد حسين ينهى صورته بعد أن اكتملت ملامحها المستوحاة من وجه عزيزة، فتخرج عزيزة من برواز الصورة ويرقصان رقصة ملائكية سماوية، يتبادلان فيها نظرات الحب والحنان، وتجري عزيزة إلى شجرة التفاح وتقطف ثمرة تقدمها لحسين، فيقضم منها قضمة، فتدب فيه حيوية غريبة. فيظهر الأعور وزبيدة والأفندي محاولين اختطاف عزيزة، ولكن حسين بحيويته وقوته يهزمهم جميعاً، فيستسلمون له. ويدخل جميع الفتيان والفتيات، فيهز حسين شجرة التفاح فتتساقط ثمارها ويطلب من كل فتاة أن تلتقط ثمرة وتعطيها لفتاها، ويطلب من الفتيان قضم تفاحاتهم، فيفعلون وتدب في عروقهم نشوة الحب والحنان، ويبدأ مهرجان الحب بصعود حسين وعزيزة بجناحهما إلى القمر.
يستيقظ حسين وعزيزة بعد انتهاء الحلم، ويواجهان الواقع من خلال فحوى حلمهما، فينجح حسين في العمل بمصنع النسيج، مستخدماً موهبته في الرسم. ويساعده في ذلك التاجر العجوز، وبعض عمال المصنع. ولكن زبيدة والأعور والأفندي يعكرون صفو حياة حسين وعزيزة، وبعد عدة مواقف مثيرة، يتحقق فحوى الحلم، فيقع الأشرار في قبضة البوليس، ويسعد الجميع يخطبة حسين لعزيزة، لأن السعادة لها طعم آخر بعد طول العناء.
هذا هو فحوى الليبرتو باليه، ومن خلاله نستطيع أن نلقي بعض الضوء على خطة المعالجة، كما رسمها الدكتور يحيى. فقد أطلق اسم حسين على الفتى، وهو اسم لم يرد في قصة لطفي الخولي. كما حدد ملامحه بالأفعال لا بالأقوال، حيث جعله رساماً. ويستطيع القاريء أن يتصور حركات ذلك الرسام في الباليه، وما تعكسه من قدرة حركية تسهم في رسم الشخصية. كذلك كان الأمر مع عزيزة، عندما جعلها فتاة أكروبات لا بائعة يانصيب كما جاء في القصة. ولنا أن نتخيل حركات فتاة رشيقة أكروباتية في رسم الشخصية على المسرح، لأن الحركة في الباليه معادل موضوعي للكلمة أو الحوار في القصة.
ومن منطلق الحركة أيضاً، نجد الدكتور يحيى يعطي مساحات واسعة لشخصيات كانت ساكنة في القصة، مثل زبيدة ومبروكة والأفندي. ومن خلال رسم حركاتهم تشكلت جوانب شخصياتهم في الليبرتو. كذلك أضاف الدكتور يحيى شخصيات لم تكن موجودة في القصة، مثل شخصية الأعور وشخصية التاجر العجوز، مما زاد الليبرتو ثراءً حركياً ودرامياً. كذلك استطاع الدكتور يحيى أن يفكك مشهدي القصة – الخرابة والشارع – إلى عدة مشاهد تدور في أماكن مختلفة مثل: الساحة والوكر والبار والحلم والمصنع .. مما زاد الليبرتو تنوعاً مكانياً وزمانياً، فزادت المساحة الدرامية والحركية بصورة تكاد أن تكون مكتملة.
ولعل فيما سبق يتضح أن الدكتور يحيى – من خلال المعرفة والموهبة – استطاع أن يُعيد صياغة قصة لطفي الخولي (قمر في الفجر)، إلى ليبرتو باليه (حسين وعزيزة) باقتدار فني. أي أنه عملياً استطاع أن يجيب على سؤاله: من يكتب السيناريو للباليه؟ فكانت إجابته عملياً .. أن الدكتور يحيى عبد التواب كتب سيناريو الباليه لأنه امتلك الموهبة والمعرفة والقدرة.
وعلى الرغم من نجاحه في ذلك، فلنا عدة ملاحظات أدبية على هذا العمل، ربما تضيء بعض جوانبه الثرية. وتتمثل هذه الملاحظات في الآتي:
1 – استطاع الدكتور يحيى أن يسمو بقيمة الحب العذري في الليبرتو بصورة أكثر شفافية ونقاءً من الغزل الصريح في قصة لطفي الخولي. حيث إن القصة قامت في بنائها على رغبة الجسد، بينما الليبرتو قام على رغبة وشفافية الروح.
2 – استطاع الدكتور يحيى أن يجسد الحلم بصورة حالمة تتناسب مع قيمة الحلم في الوجدان وعدم استحالة حدوثه في الواقع، ومن هنا يكون الحلم حلماً. أما في القصة فكان الحلم أملاً من الممكن تحقيقه، بل كان حلماً بسيطاً يتناسب مع البسطاء في توفير المأكل والملبس والمأوى. أما حلم يحيى عبد التواب فكان حلماً سامياً ملائكياً، يصعب تحقيقه ومن هذا المنطلق يظل الحلم حلماً، وهنا تكمن أهميته.
3 – كان استخدام الدكتور يحيى للرمز استخداماً موفقاً، حيث إن رموزه حملت دلالات عديدة. ومثال ذلك شجرة التفاح في الحلم وتقديم عزيزة ثمرة منها إلى حسين الذي قضم منها قضمة غيرت كيانه وحياته. وهذا الأمر يرمز إلى آدم وحواء وخروجهما من الجنة بسبب التفاحة، ولكن يحيى عبد التواب أعطى لهذا الأمر دلالة جديدة، حيث إن التفاحة عنده رمز على دخول جنة الأحلام عند عزيزة وحسين ولم تكن سبباً لخروجهما منها.
4 – نجح أيضاً الدكتور يحيى في تجسيد مشاهده بصياغة أدبية راقية، جعلت القاريء يرى الكلمات والجمل أمامه وكأنها تتحرك وترسم المشهد مجسداً في خياله. وخير مثال على ذلك قوله: "حسين يرسم في ضوء القمر صورة لفتاة رشيقة أنيقة، ولكنه غير قادر على تحديد ملامح وجهها. إنه تواق إلى الحب، ولا توجد حبيبة له بعد" (ص67) وبعد أن وجد حسين الحب، نجده في الحلم " في ملابس جميلة يضع اللمسات الأخيرة في صورة عزيزة. ينتهي من لمساته ويدعو عزيزة من برواز الصورة فتخرج إليه" (ص78).
5 – أعتقد من وجهة نظري الشخصية، أن الدكتور يحيى لم يُعِد صياغة قصة لطفي الخولي، بقدر ما قام بتأليف درامي جديد، عكس قدرته في التأليف والإبداع والابتكار.
ساحة النقاش