خليج المرايا
[يدورُ على نفسه الحقُّ،
يلبس أقنعة من حرير القلوب
ويمشي على السلك ملتبسا بالغوايات:
تنخطف الحدقات إلى شهده الدائريّ
وتصبح – في شَدّة الخيط – أوطاننا دُميةٌ]
هذه ظهيرةٌ غير شرعيةٍ:
شمسٌ مصنوعةٌ بالمعداتِ،
وأفئدة من الفلّين تطفو على الخلجان،
وبينهما حضارةٌ زعافٌ وماءٌ غيرُ شرعيٍّ.
صرخ ابنُ جاري: هواء غيرُ شرعيٍّ في أصابعي،
وحكوماتٌ تطلُّ من مشرحة أبي الريش سالمةً.
لكن الملقّن مازال يصرخ:
دمٌ غير شرعيٍّ في الملفّ والخوذة،
وريق متعدّدُ الجنسياتِ في فمي.
أنتَ الذي علّمْتَنِي أن الخُطى تصنع الطريق،
فكيف تفصل الوردةَ عن أمراضها العائليّة؟
الطُّهاةُ جاهزون وقُبلة الشّفَةِ السُّفلى محرّمةٌ،
فكيف خذل النزيفُ أمي؟
لم أقرأ "الأمير" لكنني أراه في الهندام والقبضات.
أنت تكره الكنوز في العمائم،
فلماذا لم تنتشلْ إسحاق الموصِلي من جُبّةِ؟
[يدورُ على نفسه الحقُّ،
تلمع فوق المرايا الفتوحاتُ مدهونةً بالمحبة،
والنّفسُ أمارةٌ.
كتفاكِ أم العصفُ مستترٌ في الخلايا؟
مواقيتُنا أرسلتنا إلى الذبح منتصرينَ:
يتوجنا مرمرٌ طائفيٌّ]
أخط وأمحو:
القصد والسبيل شفرتا نصل،
فمن يعيرني حنجرة لأصرخ:
ارفعوا أحذيتكم عن بابل؟
حطّ الغزاة في سريري فرفرف لقلقٌ يموت.
كتبتْ جميلة على شاهدةٍ: شرفةُ القرصانِ فخٌ.
كلّ البواغيز فاسدة، فقولي للمحزّبين:
الشعراء لا يحصلون على بلادهم هديةً من الخُطِّ.
أحتاج حلكة صافية لكي أرى صديدي،
وأحتاج أن أقرأ الفصول كلها:
من القضم حتى الاحتراب.
فكوني لساني عندما تنهض المقاصلُ في البيوت،
واسألي بغتة: هل كربلاءُ أشرفُ من مكة؟
صُنّاعُ المحارق مرهَفُونَ،
فكيف يفّرق ابن جاري بين الفرات والشبح؟
كان اجتماع السقيفةِ عامرا بالمحبينَ:
محب 1: غبارٌ وفتنةٌ،
محب 2: ثروة تهزم الثورات والرصاصُ عادلٌ،
محب 3: أطفالُ نينوى يجيئون في الحلم طائرينَ،
محب 4: الثوراتُ تقتل نفسها بصبوة الكرسيّ،
محب 5: حصن يضيعُ وأفق يضيقُ،
محب 6: وإباءُ الرّوحِ والعهدُ الوثيقُ،
محب 7: وما الحرب إلا ما علمتم،
محب 8: عيد الطفولة أم يداكِ يمر بردُهما على ناري؟
محب9: فأمزّق مظلمتي ثم أكتب فيكَ قصيدة،
محب10: زهرةُ الشّرِّ مورقةٌ.
تُعوزني زوارق مخفيّة لكي أفهم الريحَ وأحصى بلادي،
وألقطَ السؤالَ الذي دقّ باب السقيفة:
كيف أذود عن الكوفة من غير أن أنقذَ الحجاج؟
قال المرابون: اسرائيلُ طيبةٌ وكل حليفٍ شهيد.
مرت جميلةُ خلفَ مخبأ الرونيو وتركت شفرةً:
البلاغةُ فوق كل جثةٍ،
والمجرمون سواسيةٌ كأسنان المشط.
وأنا أمر على بلادي خلسةً أعيد سؤال أمي:
هل جِنينُ أبعدُ من بُخارى؟
قال ابن جاري: ماذا رأيتَ من ثقبٍ؟
فقلتُ: مدنٌ سلبيةٌ.
والمصاحف فوق تورنادو وسكود
محمد بن عبد الله دستور خصمينِ،
وقميصُ عثمان يخفقُ فوق كل دشمةِ.
ليس هذا السائل على الرمل دمي،
وهذا الذي يجري في عروقي ليس دمي،
هؤلاء الأعراب المنهارون ليسوا عشيرتي،
تكلم يا لسان الحزنِ:
عاصفة الصحراء ليست عاصفتي،
ولا أمُّ المعارك أمي.
فلماذا منحتني هذه العفونات
قائلا: إنها خير أُمَّةٍ؟
[يدور على نفسه الحق
سيدنا الزيت يصعد فوق الجماجم مؤتزرا بالإلهِ
يدس على الدم دما ويتركنا ساجدين
الرعاة استفاقوا على قارعٍ عسكري
وأهل المزارع يصحون في قبات المشانق
والسيد الزيت يخفي المحفات في سترة المشرقيّ ونفاثةٍ
سوف تمشي الجنائزُ في نجدَ والقادسية
والسيد الزيت يحنو على كل رملة
ويمسك من يغمض العين مسبحةً من
رءوس يقطفها الرعب
هذي المضاجع مهجورة من لهاث الأجنة
معمورة بالبياض المسلح
جاء المحارب يدفع خاتمه في مقايضةٍ
كي يفوز بوطن وشاحنتي سكر
وعلى النجف الأشراف السيد الزيت يعلو
يخيرني بين خبزي وقيدي
ويبني المكائد في قبلة المسجدين
يدور على نفسه الحقّ دورته المستميتة
والسيد الزيت يرقص مؤتزرا بالإله]
يطلع عليّ ضحى ملتبسٌ:
لصوص في بردة الرهبان،
أوطان تُحرّر بالأجرة
بغيّ على مئذنةٍ
ألفا طلعة جوية كلما دقت التاسعة
جماهير مسيّرة بالريموت كونترول
تجار حشيش من سلالة ابراهيم!
كيف أفرز الدرَّ من القَار في هذا الغَلس؟
وهؤلاء الذين يسوقون قلبي:
مجاهدون أم عسسْ؟
أنتِ فتحتِ كتابي وقرأتِ:
خذوا خدّي سقفا للبصرة يحميها من ليلٍ أبابيلَ
هنا الأكفانُ مرتبةٌ بالحاسبة الآليّة
فاغتسلي في المهل وحطيّ القمصان المكذوبة في النارِ
فلسطينُ ابتعدتْ كالحُبّ
ولكني لن أدخلها تحت بيارق أيلول
انتبهي ، تلك نهاية شدو القوميينَ
السافحون الصغراء
يحاجون السفاحين الكُبراءَ
وبينهما تاريخٌ يهوي في بئر سيانورٍ،
ومساحيقُ تزول.
1990